عام على ثورة مصر.. هل طنطاوي هو مبارك؟
القاهرة، مصر(CNN)-- رغم مرور عام على ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، التي أطاحت بنظام الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، بعدما أمضى قرابة 30 عاماً في الحكم، فإن قطاع عريض من المصريين ما زالوا يشعرون بعدم وجود أي تغيير، كما يشككون في جدية "العسكر"، الذين يقودون البلاد منذ 60 عاماً،، في تسليم السلطة إلى إدارة مدنية.
بل إن العديد ممن شاركوا في الثورة، التي أسقطت سلميا واحداً من "أعتى" أنظمة الحكم في الدول العربية في 18 يوماً فقط، يصفون المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي تسلم السلطة بعد إعلان تنحية مبارك، في 11 فبراير/ شباط الماضي، بـ"الكاذب"، إذ قالوا لموقع CNN بالعربية، إن المجلس العسكري "لم يتخذ إجراءات حقيقة في القصاص لشهداء الثورة."
كما أشار "الثوار" إلى تعهدات سابقة للمجلس العسكري بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية خلال ستة أشهر، فضلاً عن استمرار حبس المدنيين والنشطاء السياسيين، تقديمهم للمحاكمة أمام القضاء العسكري، إضافة إلى تورطه فيما وصفوه بـ"أعمال عنف" ضد المتظاهرين، فيما يعرف بأحداث "مجلس الوزراء"، و"محمد محمود"، و"ماسبيرو"، وكذلك أحداث "التحرير."
وفي الذكرى الأولى للثورة، اكتست الميادين الرئيسية بمختلف محافظات مصر، بالأعلام المصرية، حيث رفع المتظاهرون مطالب واحدة تتلخص في تسليم السلطة للمدنيين. كما شهدت التظاهرات هتافات جميعها تنصب ضد المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري "الحاكم"، كما شبهت الأخير بمبارك، الذي اختاره لتولى شؤون البلاد.
كما رفع بعض المتظاهرين
لافتة ضخمة تحمل صور الرئيس السابق، ووزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلي، بالإضافة إلى طنطاوي، وقد التف حبل المشنقة حول رقابهم، وكتب تحتها عبارة "حكم الشعب"، في خطوة ربما تعكس رغبة عدد من متظاهري التحرير بتقديم رئيس المجلس العسكري، إلى المحاكمة هو الآخر، إلى جانب مبارك والعادلي.
كما يمكن النظر إلى الصورة باعتبارها تعكس حالة "الغضب" التي تنتاب العديد من أهالي ضحايا الثورة تجاه المشير، الذي أنكر في شهادته أمام محكمة جنايات القاهرة، التي يمثل أمامها مبارك ونجليه، إضافة إلى العادلي و6 من كبار مساعديه، بتهمة "قتل الثوار"، أن يكون الرئيس السابق قد أصدر أي أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين السلميين.
وعبر شادي إبراهيم، أحد شباب الثورة، عما يشعر به العديد من الشبان غيره، بقوله، إنه لم يشعر بأي تغيير سوى خلع مبارك، وتقديم عدد من رجال نظامه إلى المحاكمة، وقال: "مازال المجلس العسكري يتعنت في محاسبة الفاسدين، ولم يقتص لدم الشهداء حتى الآن"، بحسب قوله.
وتابع في تصريحاته لـCNN بالعربية قائلاً، إن "طنطاوي زي مبارك.. مفيش فرق بينهم.. ووجود المجلس في السلطة يثبت عدم سقوط النظام، فهو من اختارهم لتولي شؤون البلاد، والدليل على ذلك أن المخلوع لم يدخل السجن، ويجلس في جناح رئاسي بالمركز الطبي العالمي."
أما أسامة علي، مهندس كمبيوتر، فقد أكد على عدم وجود دليل على تغيير النظام، لافتاً إلى "أن رجال مبارك مازالوا في السلطة، ويقفون ضد إرادة الشعب والثوار.. لم يتحركوا للقصاص للشهداء.. فضلاً عن عدم جمع المستندات والأدلة الكافية لإدانة المتهمين بقتل المتظاهرين."
وطالب المهندس الشاب المجلس العسكري بتسليم السلطة قبل إعداد الدستور، خاصةً وأنه سبق وأن أكد أنه سيترك السلطة بعد ستة أشهر منذ توليه شؤون البلاد، ولم يتحقق ذلك، كما كشف عن نواياه بالحصول على "وضع خاص" في الدستور، مما يثير الشكوك حول نيته التخلي عن السلطة.
وقالت ميرفت عبد اللطيف، موظفة على المعاش، إنها لم تشعر بالتغيير، واعتبرت أن المجلس العسكري لا يتعامل فقط بنفس منطق نظام مبارك، بل "أسوأ منه"، بحسب قولها، مشيرةً إلى "استمرار محاكمة الناشطين أمام القضاء العسكري، وتوريط عناصر من الجيش في أحداث مجلس الوزراء وماسبيرو والتحرير، وعدم الاقتصاص للشهداء، وازدياد الفقر، وتفاقم الأزمات الاقتصادية، مثل أزمة البنزين والبوتاغاز."
من جانبها، اتهمت عليا أبو شنب، المجلس العسكري بـ"الغش، والكذب، والتعامل بأسلوب ساذج مع المواطنين منذ توليه السلطة."
وقالت الناشطة في حملة "البرادعي رئيساً"، إن "ثوار التحرير هم من أعطوا السلطة للمجلس، ويجب أن يتركها فوراً."
وطالبت "بضرورة عقد الانتخابات الرئاسية قبل وضع الدستور للبلاد"، وتابعت أنها لا تثق بإعداد دستور في ظل ما وصفته بـ"سلطة كاذبة."
إلا أن بعض الخبراء اختلفوا مع آراء المواطنين فيما يتعلق بنقل السلطة قبل إعداد الدستور، لاسيما وأن وضعها بيد رئيس مجلس الشعب، سيثير القلق حول الجمع بين السلطة التنفيذية والتشريعية معاً.
وقال المحلل الاقتصادي محسن عادل، إن "الشرعية الثورية أصبح لها من يمثلها في البرلمان، ومن الأفضل للبلاد نقل السلطة بشكل سلمي، مع وجود مجلس شعب منتخب."
وذكر عادل أنه "آن الأوان لبناء مؤسسات الدولة، وإعادة صياغة المطالب الثورية، وفقاً لإستراتيجية محددة."
وأشار عادل إلى أن الاقتصاد ليس بمعزل عن الأحداث السياسية حالياً، لافتاً إلى أن ما يثار عن عدم الثقة بنقل السلطة، هو أمر مؤقت، حيث لوحظ عودة النشاط الاستثماري في العديد من المجالات، وهي مؤشرات تؤكد جدية نقل السلطة، وإن كان يحتاج إلى صياغة منظومة اقتصادية، وإعادة بناء الدولة بما يضمن مكتسبات الثورة.
من جانبه، قال الباحث في مركز الأخبار للدراسات، محمود عطية، إن "مطالب الثوار شرعية وقانونية، ولكنها تحتاج وقتاً للتغيير، حيث تختلف المطالب الثورية عن الشعبية"، على حد تعبيره.
وأشار عطية إلى أن المطالب الثورية تتلخص في "تغيير جذري"، بينما الأمور بطبيعتها تحتاج للوقت.