السفير الأمريكي
بالقاهرة "ووكر" :" لم يكن من مصلحتنا بقاء نظام مرسي أما السيسي ،فهو
يحافظ علي مصلحتنا في استمرار العلاقة بين مصر وإسرائيل".
رسالة المؤامرة : اقبلوا الغاز الإسرائيلي رغم أن احتياطيكم أكبر من احتياطيهم أو تصببوا عرقاً في الصيف واقبعوا في الظلام
" وزير الطاقة الإسرائيلي السابق يوسف باتزيكي : "جيش مصر شريكنا في المنطقة ويتعامل معنا هو والاستخبارات والحكومة
محمد جمال عرفة
كشف
كل من الكاتب البريطاني "ديفيد هيرست" وتقرير استقصائي لقناة "الجزيرة"
الإنجليزية أعده "كليتون سويشر" من وحدة قناة الجزيرة الإنجليزية للتحقيقات
الصحفية مساء أمس الإثنين عن أن أحد الأسباب المهمة للانقلاب علي الرئيس
محمد مرسي هو وقوفه عقبة أمام إبرام اتفاق وصفقة غاز ضخمة مع العدو
الإسرائيلي الذي لم يكتف بنهب ثورة مصر النفطية عبر حسين سالم صديق مبارك ،
ولكنه سعى لدفع مصر لشراء الغاز الإسرائيلي المنهوب أصلا من الأراضي
الاقتصادية البحرية لمصر.
ديفيد هيرست كتب تحت عنوان ( مصر رهينة لإسرائيل) (Israel has Egypt over a barrel) 9 يونيه الجاري يقول:" إن
أكثر من عامل واحد أدى إلى الانقلاب على مرسي" ، عدد منها : فقد السيطرة
على الجيش هذا إن كان له ابتداءً أي سيطرة على الإطلاق وفقد شعبيته، وفشل
الإخوان المسلمون في الحفاظ على وحدة معسكر الثورة ، ولكنه قال :"إن صفقات
الغاز السرية – التي تسعى لها سلطة الانقلاب حاليا باستيراد الغاز من
إسرائيل ورفضها مرسي – "عاملاً حاسماً في إسقاطه ووفرت بلا شك حافزاً
مالياً ،لتغيير النظام".
وأضاف
: "كان الغاز هو عدو مرسي ، أثبت مرسي أنه كان عقبة في طريق إبرام صفقة
مغرية مع إسرائيل، والتي قد لا يستغرب أحد الآن إذا علم أنها على وشك أن
تبرم (مع سلطة الانقلاب)، والآن أزيلت العقبة من طريق إسرائيل".
دور المخابرات الأمريكية في انقلاب السيسي
ديفيد
هيرست ألمح أيضا لتورط المخابرات الأمريكية في الانقلاب في مصر، لتحقيق
مصلحة إسرائيل ، وقال في مقاله في صحيفة "ذي هافينغتون بوست" :" إن تورط
المخابرات الأمريكية في شؤون إيران مدة طويلة، ومعرفة انقلابها علي مصدق
بعد ستين عاما "قد لا يستغرق مثل هذا الوقت" ،لكي نعرف حجم تدخل الـ"سي آي
إيه" في انقلاب مصر وشؤونها
أما
"كليتون سويشر" من وحدة قناة الجزيرة ،فقد كشف في فيلمه الوثائق (مصر..
الطاقة المسلوبة) الذي بثته القناة مساء أمس الإثنين أن مصر خسرت حوالي 11
مليار دولار - إضافة إلى 20 مليار أخرى على شكل ديون وغرامات قانونية، بسبب
بيع الغاز بأسعار زهيدة جداً إلى كل من إسرائيل وإسبانيا والأردن ( أي أن
مصر خسرت 33 مليار دولار من بيع الغاز لإسرائيل وغيرها بسعر متدن).
وقال – وهو نفس ما أشار إليه هيرست أيضا –:" إن مخطط التلاعب كان بسيطاً جداً ، فشركة غاز شرق المتوسط تشتري
الغاز بدولار ونصف لكل مليون وحدة حرارية بريطانية (ثم رفع السعر فيما بعد
إلى ثلاثة دولارات) ،ثم تبيعه إلى شركة الكهرباء الإسرائيلية بسعر أربعة
دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية ، مع أنه في نفس الفترة التي كانت
ألمانيا تدفع في الوحدة الحرارية ما بين ثمانية إلى عشرة دولارات ثمناً
لمليون وحدة حرارية بريطانية واليابان تدفع 12 دولاراً
المخابرات الإسرائيلية شريكه لحسين سالم
وقال:" حسين
سالم، الذي كان ضابط مخابرات مصري في الستينيات اختار شركاء له في الصفقة
من داخل جهاز المخابرات الإسرائيلي، و كان شريك حسين سالم في شركة غاز شرق
المتوسط هو عميل المخابرات الإسرائيلي السابق يوسي ميمان ، وكان مدير
الموساد السابق شابتاي شافيت هو أحد مدراء الشركة الكبار وهو الذي أقنع
رئيس وزراء إسرائيل في ذلك الوقت إيرييل شارون بتوقيع الصفقة، حينها وصفت
صحيفة يديعوت آهارنوت حسين سالم بأنه "الرجل رقم واحد" في عملية التطبيع
بين البلدين.
وفي
مقابلة أجراها فريق الجزيرة مع السفير الأمريكي السابق في مصر إدوارد
وولكر، حيث كان واضحا حول الفساد أن الاتفاق كان نوعا من تعزيز معاهدة
السلام "ولهذا كنا إيجابيين حوله بدون أن نعرف الجزء المتعلق بالفساد".
مصر باتت أسيرة لإسرائيل
ويشرح
ديفيد هيرست سر الانقلاب علي مرسي انطلاقا من ملف الغاز والطاقة ، قائلا:"
إنه كان أمام مرسي خيار أفضل حينما وصل إلى السلطة لحل مشكلة الطاقة ، فقد
وافقت قطر على تزويد زبائن شركتي تسييل الغاز (الإسبانية والإيطالية) في
دمياط ،واللتان كانتا تصدران الغاز من مصر ، بما بين 18 إلى 24 شحنة من
الغاز الطبيعي المسال ؛لأن مصر لم تكن لديها القدرة على تحويل الغاز
الطبيعي المسال إلي غاز".
ولذا
تقرر إقامة مرفق عائم للقيام بذلك (تبنيه قطر)، ومقابل ذلك تقوم الشركات
التي تدير معملي تسييل الغاز الطبيعي بتوريد 500 متر مكعب إضافية من الغاز
المنتج محلياً إلى السوق المصري ، ووافقت قطر على تزويد الشحنات الخمس
الأولى مجاناً مما يعطي مصر فرصة هي بأمس الحاجة إليها لتستعيد أنفاسها،
ومما يسهم أيضاً في تخفيض سعر عبوات الغاز المخصصة للاستخدام المنزلي داخل
البلاد.
و"لكن
بعد الانقلاب العسكري، ادعى المسؤولون المصريون إنهم لم يتمكنوا من التوصل
مع القطريين إلى سعر ، ثم عمد المسؤولون الانقلابيون إلى إلغاء عقد إنشاء
معمل لتحويل الغاز الطبيعي المسال إلى غاز (مع قطر) بما يمكن مصر من
الاستفادة مما يمكن أن تستورده من غاز طبيعي مسال ، وهو قرار سياسي بحت
علقت عليه الواشنطن بوست قائلة :"إن القطيعة مع قطر سوف تؤدي إلى صيف حارق
وسوف يندم عليها النظام فيما بعد".
أما
خلاصة كل هذا – كما يقول "هيرست" – " اقبلوا الغاز القادم من إسرائيل، رغم
أن احتياطيكم أكبر من احتياطيهم مرات عديدة أو تصببوا عرقاً واقبعوا في
الظلام ، واقبلوا أيضاً بأن دولتكم الآن عالة وتابعة، واقبلوا أنه نتيجة
لهذه الصفقات سوف يثقل كاهل مصر بديون الغاز المستحقة للشركات الأجنبية
التي تدير معملي تسييل الغاز الطبيعي ، فشركة "أن يونيون فينوزا " تدين مصر
بمبلغ 6 مليار دولار، وهو ما يعادل قيمة نصف احتياطييها من العملة
الأجنبية ومجلة الإيكونوميست إن مجموعة بريتيش غاز قد تمضي قدماً هي الأخرى
وتقاضي مصر".
أيضا
خلاصة هذه المؤامرة التي كان جزءا منها التخلص من الرئيس مرسي ،لجعل مصر
رهينة لإسرائيل والغاز الإسرائيلي هو : "اقبلوا أيضاً بأن الغاز الإسرائيلي
سوف يستورد من خلال هذه الشركات الخاصة التي باتت مصر رهينة لها ، وهو ما
يفسر لماذا وقعت شركة يونيون فينوزا اتفاقية نوايا الشهر الماضي مع اسرائيل
لشراء 2.5 تريليون قدم مكعب من حقل تامار على مدى خمسة عشر عاماً فلا عجب
إذن أن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية مسرورتان بالانقلاب على مرسي"! "
وهذا
ما عبر عنه صراحة يوسف باريتزكي، وزير الطاقة الإسرائيلي السابق، ساخرا ،
عندما قال : "بانقلاب السيسي وعودة النظام (يقصد القديم) أظن أننا الآن نرى
(الربيع العربي)، حقاً نراه" ، وليذهب المصريين الذين سيعانون في شهر
يوليو من انقطاع الكهرباء في حرارة الصيف الخانقة بسبب شح الغاز إلي الجحيم
؟
السفير الأمريكي : نحن مع الانقلاب لصالح إسرائيل!
الأكثر
خطورة في تحقيق الجزيرة الوثائق أن "كليتون سويشر" من وحدة قناة الجزيرة
للتحقيقات حصل على مقابلتين في غاية الصراحة، كانت إحداها مع إدوارد ووكر،
السفير الأمريكي السابق في مصر، الذي يقول جهاراً نهاراً ما لا يجرؤ سوى
عدد قليل جداً من زملائه السابقين في الخارجية الأمريكية الاعتراف به اليوم
حيث قال في التقرير : "للإخوان المسلمين سمعة راسخة جداً بأنهم ليسوا على
درجة كبيرة من التعاطف مع الغرب، وبشكل خاص مع الولايات المتحدة الأمريكية،
ولذلك، لم يكن في الحقيقة من مصلحتنا أن نراهم ينجحون".
ويضيف
السفير "ووكر" شارحا لماذا يعتبر عبد الفتاح السيسي "جذاباً جداً" لهم؟!
قائلا : "السيسي جذاب لأنه ليس مرسي … فجل همنا هو أن نبقي العلاقة بين مصر
وإسرائيل ونحافظ عليها".
واعترف
السفير الأمريكي السابق في مصر إدوارد وولكر، "أن الاتفاق كان نوعا من
تعزيز معاهدة السلام ولهذا كنا إيجابيين حوله بدون أن نعرف الجزء المتعلق
بالفساد".
مرسي كان عقبة أمام تصدير غاز إسرائيل من قناة السويس
أما
المقابلة الثانية ،فهي مع (سايمون هندرسون) من معهد واشنطن لشؤون الشرق
الأدنى، الذي يقول:" إن تغيير الحكومة في مصر (الانقلاب) يعني أنه بات
بإمكان إسرائيل إعادة النظر في خيار تحويل بعض غازها إلى غاز طبيعي مسال"
،ففي ظل حكم مرسي لم تكن هناك ثقة بأن مصر ستسمح بتصدير شحنات الغاز
(الإسرائيلي )عبر قناة السويس ، أما بعد مرسي فهذا وارد.
ويقول
(سايمون هندرسون) وهو باحث صهيوني ، بخبث واضح وتهديد للمصريين ، خلال
المقابلة إنهم – بعد إفشال الانقلابيين لصفقة مرسي وقطر – عليهم الاعتماد
الآن علي الغاز الإسرائيلي أو يعيشوا في الظلام ، قائلا : "بإمكان
الشعب المصري أن يقرر بنفسه ما إذا كان يفضل أن ينعم بالكهرباء على مدى 24
ساعة في اليوم نتيجة للتعامل مع إسرائيل واستيراد الغاز منها أو أن يبقى
في الظلام عدة ساعات كل يوم ثمناً للالتزام بالمبادئ؟!".
ويوجد
ما يقرب من 26 تريليون قدم مكعب من الغاز في حقل ليفياثان وعشرة تريليونات
أخرى في حقل تامار، وهناك خطة إسرائيلية قديمة عرضت علي الرئيس مرسي
،ورفضها بحسب سايمون هندرسون هي : الاستفادة من معامل تسييل الغاز الموجودة
في مصر، لتسييل الغاز الإسرائيلي ثم تصديره عبر قناة السويس التي تضمن
وصوله إلى الأسواق الأسيوية المربحة.
حيث
شكل مرسي عقبة ليس فقط في طريق استيراد الغاز الإسرائيلي لمصر وإنما أيضاً
في طريق الاستفادة من معامل تسييل الغاز المصرية وفي طريق تسخير قناة
السويس وسيلة لتصدير الغاز الإسرائيلي من بعد إلي الأسواق العالمية ، ولهذا
كان لابد من التخلص منه.
وسبق
لسايمون هندرسون مدير برنامج سياسة الخليج والطاقة في (معهد واشنطن لسياسة
الشرق الأدنى)، الذي تموله منظمة إيباك الصهيونية أن ذكر في دراسة نشرها
العام الماضي أن تل ابيب تخطط لتصدير الغاز لمصر من خلال عكس مسار خط الغاز
الحالي الممتد من العريش إلى عسقلان والذي كان نظام مبارك يصدر منه الغاز
المصري لإسرائيل بأقل من سعر استخراجه (1.5 دولار بينما الاستخراج يكلف 2.1
دولار وسعر السوق 8 دولار).
وكشفت
الدراسة أن تل أبيب كانت تخطط لاستخدام منشآت قدرات إسالة الغاز المصرية
الفائضة في إسالة الغاز الإسرائيلي المكتشف الجديد في حقل تمارا وليفيثيان
(680 بليون م³ ) ،بهدف تصديره إلي أوروبا وأمريكا وأن حكومة إسرائيل حاولت
إقناع حكومة مصر خلال حكم الرئيس محمد مرسي بهذا العرض ،ولكنها فشلت ، وأن
حكومة الانقلاب وافقت علي المشروع الذي رفضه الرئيس مرسي .