الثلاثاء, 17 يونيو 2014 - 10:10 pm
عدد الزيارات: 2175 | طباعة
الولايات
المتحدة الأمريكية عسكريّاً ومخابراتيّاً واقتصاديّاً لم تغادر العراق
الذي احتلته لكي تعود اليه من جديد أصلاً( وكتبنا تحليلات عديدة حول ذلك
وبأكثر من لغة، ويمكن العودة الى الجنرال غوغل وصفحتنا على النت)، فهي تملك
أكبر سفارة في الشرق الأوسط والعالم فيه، ولها قواعد عسكرية ذات حواضن في
الجغرافيا والديمغرافيا العراقية، وهي عملت على هندسة وجودها الشامل فيه
عبر الاتفاقية الأمنية الموقعة في العام 2008 م. أمريكا صنعت الارهاب
وأحياناً تحاربه تكتيكيّاً وأحياناً كثيرة تتحالف معه وتوظفه وتولفه خدمةً
لمصالحها ورؤيتها، صنعت القاعدة بالتعاون مع السعودية في أفغانستان وفيما
بعد حاربتها ثم تحالفت معها وما زالت في الحدث السوري، وصنعت داعش وأحسنت
وتحسن توظيفه في الداخل العراقي وبالتنسيق والتعاون مع الاستخبارات
السعودية والقطرية والتركية، انطلاقاً من استغلال الساحة العراقية للضغط
ومزيد من الضغط على ايران لتقديم تنازلات في موضوعة تفاوضها المباشر الآن
مع واشنطن، ثم لاستخدامه لاحقاً لأستنزاف ايران نفسها عسكريّاً، وكذلك
لإضعاف تركيا لاحقاً والأتراك شعروا الآن أنهم تورطوا بالتحالف مع جبهة
النصرة وداعش وفتحوا لهم معسكرات تدريب في الداخل التركي في استهدافاتهم
لسورية، وتحدثت يوم الخميس الماضي وبشكل مكثّف عن ذلك وبالمعلومات، حيث
شاركني بالرأي الآخر الزميل الدكتور سليمان الطراونة وعلى قناة جوسات
الأردنية، كيف استطاعت القاعدة وداعش من اختراق جهاز الاستخبارت التركي
والمخابرات التركية عبر الضبّاط الذين أفرزوا للتعامل والتنسيق مع جبهة
النصرة وداعش في الحدث السوري، وتحدثت عن تقرير المخابرات الايرانية الى
المخابرات التركية وقبل زيارة روحاني الأخيرة بشهر الى ايران ومفاده: أنّ
جبهة النصرة وداعش صارتا تشكلان خلايا نائمة في الداخل التركي وتخترقان
الأجهزة الأمنية التركية نتيجة التنسيق الأمني المشرّع معهما عبر الحكومة
التركية أرودوغان ومنذ بل قبل بداية الحدث السوري بعام. كما قامت الولايات
المتحدة الأمريكية بارسال وفد أمني عالي المستوى معه مسؤولين من الأف بي
أي الى تركيا، وطلبت واشنطن من أنقرة وقف التنسيق مع جبهة النصرة وداعش،
فقامت تركيا وقبل عشرة أيام بوضعهما على قوائم الأرهاب الأممي والأقليمي
وقبيل التحركات الأخيرة.
وكنت قد تحدثت عن الأمراض التي تعاني منها
المؤسسات الأمنية والمدنية في العراق ومؤسسة الجيش العراقي وجهاز مكافحة
الأرهاب، وعن الفساد في المؤسسات الأمنية وعن المال القطري والسعودي ودفع
الرشى لتسهيلات مهمات داعش، وكيف فعل فعله المال في تقدم داعش ، وعن
تساوقات السياسة الخارجية السعودية مع واشنطن ازاء المنطقة، حيث خلاصة
السياسة السعودية هي: سورية فلنخرّبها، وبغداد فلنفجّرها، لبنان فلنعطّلها،
واليمن فلنصفعه)..
لذلك ما يجري في العراق هو عمليات كر
وفر استخباراتية دولية واقليمية بأدوات عراقية محلية نتيجةّ لفعل
استخباراتي قذر وقذر على الأرض، سرّعت من خلاله واشنطن من تفعيل وجودها في
الداخل العراقي وتهيئته لفعل قادم ازاء ايران وازاء سورية ولاحقاً ازاء
الدور التركي والسعودية نفسها.
لماذا أينما وجد النفوذ الأمريكي
ونفوذ حلفائه الغربيين وجدت القاعدة ومشتقاتها ؟ من الذي جعل القاعدة
وعائلتها في سورية والعراق أخطر وأعمق اللاعبين في المنطقة؟ من المنتج
والأب الروحي لها؟ لماذا تقدّم العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي المجهود
الحربي والمجهود الاستخباري كدعم لمحاربة القاعدة وداعش في العراق ولا
تقدمها للحكومة السورية ضد داعش؟
ولماذا تفتح خزائن السلاح الأمريكي
للعراق في محاربته للقاعدة وداعش ولا تفعل ذلك مع سوريا؟ ولماذا تقدّم صور
الأقمار الصناعية التجسسية الأمريكية للعراق، كنوع مساند للدعم اللوجستي
لأماكن تواجد القاعدة وداعش ولا تقدّم لسورية الرسمية ؟ لماذا يدفع بتمنهج
مجتمع المخابرات الأمريكي داعش بالتوجه إلى الشمال اللبناني تحديداً الآن
وبعض المخيمات الفلسطينية وكذلك نقل داعش الى الداخل الأردني عبر ما يجري
في العراق؟
هل صارت طرابلس لبنان حواضن اجتماعية للقاعدة حيث لا
سلطة قانون فيها وتعاني من عنف؟ وهل هي كذلك مخيمات اللجوء الفلسطيني في
الشتات غدت حواضن للقاعدة ومشتقاتها؟ هل يدفع ذات المجتمع الاستخباري
الأمريكي داعش وإخوانه والقاعدة وأبناء عمومتها بالتوجه والتغلغل في الداخل
الأردني، وعبر تنشيط بعض الحواضن الجاهزة لاستقبال القاعدة لخلق المشاكل
واللعب بورقة الديمغرافيا السكّانية، مع انطلاق مفاوضات التقريب على المسار
الفلسطيني – الإسرائيلي كجزئية مهمة من جلّ الصراع العربي الإسرائيلي،
وتمّ اختزال الأخير فيه كمسار ثنائي ومسألة ثانوية بحته تحل فقط بين رام
الله وتل أبيب؟
الموقف الأمريكي في ظاهره مرتبك ومتناقض
بشكل واضح وصريح وعميق، وحسب منطق البيت الأبيض الأعوج والمعوّج أنّ
القاعدة خطر كبير في العراق يجب إسقاطه، بينما في سورية الخطر ليس القاعدة
؟! لا بل تبلورت تلك الصفاقة والوقاحة للولايات المتحدة الأمريكية في أنّها
تسلح الطرفين في العراق القاعدة ومشتقاتها وداعش ومشتقاته وكذلك حكومة
الرئيس المالكي.
من الزاوية الأمريكية الصرفة، مسألة تسليح القاعدة
وجلّ أفراد عائلتها من جهة والحكومة وجيشها من جهة أخرى في العراق لا يعتبر
تناقض ؟! بل هو وكما أسلفنا صفاقة وبمثابة هبة حقيرة لصناعة الأسلحة
الأمريكية وعبر المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي.
فالبنتاغون والسي
أي إيه ووكالة الأمن القومي الأمريكي يضعون تصوراتهم على الورق بعد تلقيهم
التعليمات من إدارة المجمّع الصناعي الحربي، حيث تعليمات الأخير من
البلدربيرغ وقلبه المعتم(جمعية الجمجمة والعظمتين)، ثم ينفذونها على أرض
الميدان وعبر أدواتهم المحلية والإقليمية فيخلقون مشكلة إرهابية، ثم يقومون
وعبر كونغرسهم الديمقراطي بتشريع تشريعات تسمح للحكومة الأمريكية بتزويد
السلاح لكل الأطراف المتصارعة، للتعامل مع ذلك المشكل الإرهابي وهذا يعني
الربح السريع وبدون خسارة.
ولأنّ القاعدة ومشتقاتها(عائلة الأطفال
الأمريكية المدللة) تخدم كإطار أيديولوجي متلون متحوّل كالحرباة، ومستعد
للتدخل الأمريكي الإمبريالي في الشرق الأوسط وما وراء الشرق الأوسط، وقد
مرّت وتمر تلك العائلة الإرهابية الأمريكية بعمليات استنباط وتحولات كثيرة،
مع تغيرات مخادعة وماكرة إن لجهة الاسم وان لجهة الطريقة، وهي في الحقيقة
صنيعة واشنطن وبعض مشيخاتها العربية، وتتقلّب بين كونها عدواً لما هو ملائم
لمصالح البلدربيرغ وقلبه المعتم (جمعية الجمجمة والعظمتين) في بعض الدول،
ووكيلاً لا يرحم لذات البلدربيرغ وقلبه المعتم في دول أخرى، من أجل القيام
بتفجير الأنسقة السياسية القائمة من الداخل( سورية مثال)، ليصار لتغييرها
والتي لا تتلائم مع مصالح محور واشنطن –تل أبيب ومن ارتبط به من بعض
العربان والعرب.
ولأنّ مشروع الطاقة الأمريكي الضخم( ترياق
البلدربيرغ الأمريكي وقلبه المعتم جمعية الجمجمة والعظمتين) على سواحل
سورية ولبنان وفلسطين المحتلة، قد تعرض للعرقلة، فانّ الولايات المتحدة
الأمريكية أصابها التكويع السياسي وعلاقاته بالطاقة وعجلة الاقتصاد، فانّ
العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي بدأت (تتكوكب) من جديد، حول القاعدة
ومشتقاتها وداعش ودواعشه وتدفع بعائلتها الإرهابية هذه نحو لبنان والأردن
وفلسطين المحتلة، لذلك سارعت أمس بعض وسائل الميديا الأسرائيلية الصهيونية
للقول: أنّ ما يجري في العراق سينتقل الى الأردن وهذا يؤكد وجهة نظر حكومة
دولة "اسرائيل" على اصرارها على التواجد العسكري في غور الأردن، كذلك قالوا
إنّ خوف المخابرات الإسرائيلية والإستخبارات العسكرية أنّ المستوطنيين
الثلاث قد يكون تم نقلهم الى الأردن.
والآن سيصار الى استخدامات
قديمة جديدة في الداخل العراقي والداخل التركي والسعودي لاحقاً، ضمن رؤية
واشنطن الجديدة لاستنزاف ايران وتركيا والسعودية ومزيد من استنزاف سورية.
*الكاتب : عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية