بالفيديو.. "عزمي بشارة": ثورات الشعوب العربية شكّلت نقيضًا للتدخل الأجنبي
منذ 12 ساعة
عدد القراءات: 4935
قال
"د. عزمي بشارة" المدير العامّ للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات
المفكر ، إن «ثورات الشعوب العربية شكّلت نقيضًا لكلٍّ من التدخل الأجنبي
والإرهاب»، مشيرا إلى أن "إفشال الثورات أعاد الإرهاب والتدخل".
وأضاف
بشارة في محاضرة ألقاها في افتتاح أعمال مؤتمر «من ثورات الشعوب إلى ساحة
للتنافس الإقليمي والدولي: المنطقة العربية بين صعود تنظيم الدولة
والانخراط الأميركي المتجدِّد»: أنّ "ما وصلت إليه الأمور في المنطقة
العربية والمشرق العربي تحديدًا خلال عام 2014 يقيم الدليل على أنّ ثورات
الشعوب العربية شكّلت نقيضًا لكلٍّ من التدخل الأجنبي والإرهاب".
ورأى
بشارة أنّ حركة الشعوب العربية من أجل الحرية والكرامة ضد الأنظمة
المستبدة هي أهمّ حراك سياسي عرفته المنطقة في القرن الأخير، وأنها قد نجحت
في الحد من التدخل الأجنبي الانتقائي الذي غالبًا ما موَّه مصالحه
الإستراتيجية والسياسية بشعارات نشْر الديمقراطية، إضافةً إلى أنها جعلت
الإرهاب يلوذ بالصمت مدةً تجاوزت أكثر من عامٍ. وخلص إلى القول: "إن إفشال
الثورة هو ما أعاد فسح المجال أمام الإرهاب والتدخل الأجنبي، وليس العكس
كما تدّعيه الثورات المضادة".
وأشار بشارة إلى أنّ وعد الديمقراطية
الذي حملته الثورات العربية كان فرصة الدول العربية الوحيدة لتتحول من
كيانات سياسية إلى دول فعلًا.
وأوضح أنّ الثورات العربية كُسِر
مسارها لأنها جاءت من دون تصوُّر حزبي سياسي للمرحلة المقبلة؛ فلا هي أتت
بنظام شمولي بدل النظام السلطوي كما في حالتي الثورتين البلشفية
والإيرانية، ولا هي نجحت في تحقيق هدفها بإقامة نظام ديمقراطي.
ولكن
لم يكن عدم وضوح رؤية القوى الثورية لصَوْغ مستقبل البلاد - بحسب بشارة -
هو السبب الجوهري لانكسار مسار الثورات، بل العنف غير المسبوق الذي تعاملت
به الأنظمة الاستبدادية مع شعوبها الثائرة.
وحتى في الحالة المصرية،
فإنّ نظام الثورة المضادة يجب أن يعترف بفضل النظامين السوري والليبي في
تغيير المسار من خلال تجرُّئهما على استخدام مستوًى غير مسبوق من العنف في
مواجهة الشعب؛ فلقد كان هذا الاستخدام نقطة تحوُّل مبكرة ساهمت في تخويف
فئات واسعة، خارج ليبيا وسورية، من الثورات ومن ثمنها الباهظ.
وعاد
الدكتور عزمي بشارة إلى مسار تمدُّد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سياق
التساهل البراغماتي للنظام السوري وحلفائه مع التنظيم؛ بالنظر إلى دخوله
في اشتباكات مع فصائل المقاومة السورية، وإلى أنّ توسعه كان على حسابها،
وهو ما أثار اشتباه الشعب السوري وقواه السياسية في أنّ التنظيم مدعوم من
إيران.
وتساءل: لماذا لم تستجب الولايات المتحدة الأميركية لاستغاثات
الشعب السوري من قصف النظام ومقتل مئات الآلاف من المدنيين، ولا لاستغاثته
من ممارسات تنظيم "داعش"؟ وفي الإجابة عن هذا السؤال رأى بشارة أنّ معاناة
الشعوب من ممارسات النظامين السوري والعراقي ومن إرهاب تنظيم الدولة نفسه
"تقزّمت" أمام فيديو إعدام أميركيين وبريطاني.
فبدأت الولايات المتحدة بعد ذلك تطلب من الجميع، بما في ذلك الشعبين السوري والعراقي، التجنُّد معها لمحاربة "داعش".
وأعرب
عن أسفه من ضياع تطلعات حركة الشعوب العربية بين التدخل الأجنبي من جهة
والإرهاب من جهة أخرى. مضيفا أنه "فنتيجة لذلك حلَّت الرهانات
الجيوستراتيجية محلَّ النقاشات الداخلية بشأن العدالة والحرية والتنمية،
وأصبح الأمر متعلِّقًا بمصالح الدول وحساباتها في الربح والخسارة. وشدّد
على أنّ الدول الغربية لا تبدو قادرةً على طرح إستراتيجية تحالفية مع
الشعوب للتخلص من "داعش" والاستبدا"د.
النظام الإقليمي رهينةً لتقلبات النظام الدولي
ويستمر المؤتمر لمدة يومين ويتضمن عدة جلسات ومحاور بمشاركة نخبة من
الباحثين المختصين في العلوم السياسية والاجتماعية من المنطقة العربية ومن
خارجها.
د. برهان غليون تحدث في الجلسة الأولى للمؤتمر، وحاول في الجلسة التي خصصت
لفحص "المشهد السياسي في دول الهلال الخصيب"، الإجابة عن السؤال "كيف وصل
الوضع في إقليم المشرق إلى حالة الفوضى والنزاع الشامل الذي نشهده اليوم؟".
وفي سياق تحليله لعناصر الإجابة، أكَّد المحاضر أنّ المشرق العربي لم يعرف
نشوء أيِّ نظام إقليمي بالمعنى الحقيقي للكلمة، وأنّ ما كان قائمًا من
استقرار نسبيٍّ في العقود الماضية لم يحصل على أساس تفاهمات واتفاقات تنشأ
عنها التزامات الدول تجاه بعضها، وإنما نتج من تفاهمات من خارج الإقليم بين
الدول الكبرى. وهذا ما يجعل تسمية "النظام الإقليمي شبه الاستعماري"،
الأكثر تعبيرًا عن الوضع؛ لأنّ توازن هذا النظام واستقراره تابعان لتوازنات
من خارجه، لا من داخله. ويكفي أن تهتز هذه التوازنات الخارجية حتى يفقد
الإقليم استقراره وتندلع فيه حروب السيطرة من داخل الإقليم التي تقودها
عادةً الدول الأقوى لبسط سيطرتها على الدول الأضعف أو إلحاقها بها.
ورأى غليون أنّ المنطقة، مع تقدُّم الثورة المضادة، ومحاولات إجهاض ثورات
الربيع الديمقراطية، دخلت في فوضى عارمة تجمع بين الفوضى السياسية التي
يجسدها انهيار الدولة، والفوضى الإقليمية التي يشير إليها انهيار الاستقرار
والتوازن لمصلحة الحرب، وانتشار النزاعات الداخلية والخارجية وتداخلها على
نحوٍ لم يحصل في أيِّ حقبة سابقة.
واتفق تحليل الدكتور مروان قبلان في ورقة عن "الهلال الخصيب: صراع داخلي أم
تنافس إقليمي ودولي؟" مع ما ذهب إليه برهان غليون، مؤكدًا أنّ ارتباط
النظام الإقليمي في المنطقة بالنظام الدولي هو أحد أبرز عوامل الفوضى التي
تعيشها المنطقة، غير أنّ سوء الإدارة وغياب نُخب قادرة على ابتداع
إستراتيجيات لإدارة الموارد أيضًا عوامل تتسبب في تحويل الموقع الإستراتيجي
لدول مثل سورية والعراق إلى ساحة صراع وفوضى. ورأى أنّ أهمية الصراع على
سورية أو معها تزداد في منطقة لا تزال الواقعية الكلاسيكية وموازين القوى
والمعادلات الصفرية تشكِّل الوعي السياسي للنخب الحاكمة فيها، ولا تزال
الدول فيها تنشد الأمن بطريقة فردية وتسعى نحو الهيمنة وتعظيم مصادر قوّتها
على حساب الآخرين.
وتحدث الدكتور فالح عبد الجبار عن الوضع في العراق في مرحلة ما بعد
الانتخابات البرلمانية عام 2014، مشددًا على أنّ سياسات نوري المالكي
الهجومية منذ عام 2010 على الخصوص، وهي التي استهدفت إضعاف جميع منافسيه
وخصومه وتفتيتهم، كانت وبالًا على العراق. وأتبع ذلك بقوله إنّ المالكي كان
واثقًا من النجاح في الانتخابات بعد أن تمَّ له تفتيت القوى المعارضة
ومطاردة رموزها، إلَّا أن استيلاء تنظيم "داعش" على الموصل وأجزاء واسعة من
البلاد عجَّل من أمْر تخلِّي حلفائه الأجانب عنه، ولم تمكّن نتيجته
الانتخابية التي جاءت دون تطلعاته من فرض نفسه. وأمَّا انتخاب حيدر العبادي
رئيسًا للوزراء، فقد كان حلًّا توافقيًّا داخليًّا وخارجيًّا، ولكنه يحمل
أوزار إرث المالكي السياسية والأمنية والاقتصادية. وأشار الباحث إلى أنّ
العبادي يواجه تحدييْن، أولهما التصدي لداعش في ظل التفكك الأمني الذي
خلَّفه المالكي، وثانيهما يتعلق بالمؤسسات، وإعادة تنظيمها ووضع قواعد
جديدة لعملها.
جلسات نقاشات
شمل برنامج المؤتمر في يومه الأول جلستين أخرييْن، أُولاهما "انهيار الدولة
وصعود دور الفاعلين من غير الدولة في دول الهلال الخصيب". أمَّا ثانيتهما،
فقد استعرضت مواقف اللاعبين الإقليميين من التطورات في دول الهلال الخصيب.
ويواصل المؤتمر في يومه الثاني (الأحد 19 تشرين الأول / أكتوبر 2014) عقْد
جلستين اثنتين بشأن "سياسات دول الخليج العربي تجاه المتغيرات السياسية في
دول الهلال الخصيب" و"تداعيات عودة التدخل الأميركي في المنطقة بعد صعود
تنظيم الدولة"، ويختتم بحلقة نقاشية عامّة. وينتظر أن يصدر عن المؤتمر
تقرير يلخص نقاشات الجلسات ليكون وثيقةً يمكن أن يستفيد منها صانع القرار
في المنطقة.
وأوضح الدكتور مروان قبلان منسق وحدة تحليل السياسات في المركز العربي خلال
الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أنّ الهدف من تنظيم المؤتمر هو محاولة فهم
التحوّلات التي تشهدها المنطقة على خلفية صعود تنظيم الدولة الإسلامية في
العراق والشام، وتنامي حضوره في صراعاتها، والاستنفار الإقليمي والدولي
للتصدي له، وتأثير ذلك في مجمل العلاقات الإقليمية والمواقف الدولية،
والنقاش بشأن تأثير عودة الولايات المتحدة إلى التدخل العسكري المباشر في
المنطقة. وأشار إلى أنّ هذا المؤتمر يدخل أيضًا في إطار متابعة المركز
العربي المستمرة للتطورات الإقليمية والدولية؛ إذ عقد أكثر من ندوة ومؤتمر
خلال الفترة الأخيرة عن الاتفاق النووي بين إيران والغرب والأزمة
الأوكرانية، ومؤتمرًا عن العرب والولايات المتحدة.
<iframe width="641" height="360" src="//www.youtube.com/embed/aSmL5ucxzqY" frameborder="0" allowfullscreen></iframe>http://www.youtube.com/watch?v=aSmL5ucxzqY