حينما بدأ الإخوة الأعداء يتقاسمون ميراث السيناريو المصطنع الذي يسمونه زورا ثورة 30 يونيه بدأ مسلسل التصفية لرفقاء الأمس من قبل السلطة الانقلابية التي صعدت لمنصة التتويج وحدها, وقام العسكر بطرد بعض من كانوا يلتصقون بهم لكي يصدروهم إلي الشارع علي أنهم ليسوا طامعين في السلطة, وسوف يزيحون الإخوان فقط ثم يسلمونها لرئيس مدني آخر من غير التيار الإسلامي, وأخرج جميع المتآمرين الشعب من حساباته، إلا أن الجميع قد فوجيء بالعسكر يبرهن لهم أنهم لم يكونوا سوي أداة للوصول إلي السلطة.. يعني مجرد ركوبة للوصول إلي المحطة المطلوبة.
وظن هؤلاء أن ميراث الخيانة سوف يتم تقسيمه علي جميع المشاركين في المؤامرة, منذ حشد الجماهير ضد الإخوان لكي يتم الانقلاب بغطاء شعبي ولو كان رمزيا.. إلا أن ما حدث كان أشبه بغرام الأفاعي, فالسيسي الذي صدروه للناس بأنه حبيب القلب صار يخرجهم من اللعبة واحدا تلو الآخر, بل وذهب البعض منهم للسجون أمثال ماهر ودومة وغيرهم.
ويبدو أن الدور في اللدغ جاء علي توفيق عكاشة الإعلامي الذي يري أنه أهم من استعان بهم الانقلاب للتمهيد لانقلابه, ويري أنه لولاه ما خرج أحد في 30-6, ويقول أنه لا تمرد ولا غيرها فعلت أي شيء بجواره في خدمة العسكر.
عكاشة مخبرا:
قدم عكاشة حلقة الأمس من برنامجه اليومي علي قناة الفراعين وهو في غاية الكآبة لما سماه طناش القيادة السياسية له, وقال أنه طلب لقاء السيسي عدة مرات دون أن يعيره أحد أي اهتمام وتركوه (يهاتي) علي حد قوله!!
وفي لمحة تؤكد أن توفيق تأتيه أخبار البعض من أجهزة ما بالدولة قال مستعرضا بعض معلوماته التي أراد أن يوحي بها أنه أعلم بأمور كثيرة من قادة الانقلاب أنفسهم بما فيهم السيسي ووزير الداخلية قال عكاشة بالنص:
الدولة مش عارفة إن محمد عمران رئيس البورصة ده إخوان, قام بالتجديد له لأربع سنوات حازم الببلاوي أحد أعضاء الطابور الخامس, وإن محمد عمران ذهب من يومين لزيارة مسجون من اسكندرية اسمه محمد صلاح, وده أحد أخطر العناصر الإرهابية, وهو أمير أخطر خلية إرهابية بالاسكندرية.
وقال زاعقا وغاضبا: قابله وأعطاه خمسمائة جنيه, قابله في قسم الرمل في مكتب المأمور يا محمد يا إبراهيم يا وزير الداخلية.. قابله في المكتب!!
وتفاخر عكاشة بما لديه من معلومات, واستعرض بها علي قادة الانقلاب, وفجأة كشف أن لديه من المعلومات الكثير جدا دون أن يصرح بفحواها, غير أنه عاد لينتقص من قرار عدم مقابلته من قبل السيسي وإغلاق الباب في وجهه تماما رغم محاولاته المتكررة.
عكاشة يهدد السيسي بالمخابرات:
وعلي الرغم منى أن عكاشة لم يكشف عن جميع أوراقه التي يملكها في مواجهة الانقلابيين لو أنهم أخرجوه تماما من اللعبة, إلا أنه أراد أن يرسل رسالة تهديد مفادها أنه علي علاقة بالمخابرات العامة, ويعرف الكثير مما لا يتوقعه أحد من الانقلابيين, وعلي رأسهم قائد الانقلاب, وقال عكاشة:
أنا طلبت مقابلة محمد التهامي رئيس المخابرات قبل كده, وعلي الفور وبعد إنهاء الحلقة مباشرة تلقيت ستة اتصالات بي لكي يتم تحديد موعد معي, وبالفعل قابلت رئيس المخابرات (سكت توفيق قليلا بعد كلامه هذا لتلقيه تحذيرا علي ما يبدو من الإعداد لكي يسكت ولا يقول أنه قد قابل التهامي), فقد قال بعد وقفته الساكتة.. لأ هأقول.. أيوة قابلته.
عكاشة يترك كرسيه ليقدم الحلقة بدلا منه:
وبعد أن أظهر عكاشة غيظه وغضبه من انقلاب الانقلاب عليه, وطناش السيسي له ورفضه لمقابلته قال وهو في قمة اليأس: الظاهر أنه زي ما سعد زغلول باشا قال: مفيش فايدة .. ثم ألقي بالمايك المعلق في الجاكيت أمام مكتبه وقطع البرنامج وقال سلامو عليكو, وقام منصرفا من الاستديو, وظلت الكاميرا مصوبة علي الكرسي, واقتربت بالزوم منه لعدة دقائق, علي ما يبدو أن الإعداد كان يتفاهم مع عكاشة للعودة, ولكنه رفض, فتم إنزال التتر.
وفي إشارة أخري تحمل نفس الرسالة المراد توجيهها للسيسي ظلت قناة الفراعين بعد قطع برنامج عكاشة تعرض لقطات من المظاهرات الجماهيرية التي كان يحشدها عكاشة ضد الرئيس محمد مرسي, وظهوره وهو محمول علي الأعناق في التظاهرات التي تنادي بتدخل الجيش ليقول أنه هو الذي مهد لاستدعاء الجيش وليست تمرد, الذي كان الابراشي يستضيف البعض منهم في نفس توقيت إذاعة برنامج العكش, ويبدو أنه كان يشاهده في الفواصل ورأي كيف يحتفي النظام الانقلابي بتمرد ويسمح لهم بتكوين حزب ودخول البرلمان القادم - إن جاء برلمان يعني – بينما هو لم يصبه الدور في أداء الخدمة العسكرية بالقصر الجمهوري.