بالفيديو.. "دراج" يكشف مراحل كسر الانقلاب ومفاجآت عظيمة في 25 يناير تحقيق جمعة الشوال
19/12/2014 11:02 م
وزير التخطيط والتعاون الدولي الشرعي في حوار كاشف لـ"فضائية الشرق":-
أشتون كشفت الدور البطولي للرئيس مرسي.. وموقفه الصامد سيسجله التاريخ
-المنطقة العربية تشهد حركة تحرر شاملة من سيطرة الاستعمار والاستبداد
-مخططات إجهاض الربيع العربي بدأت مع اللحظات الأولى للثورة التونسية
-محور قناة السويس مشروع قومي لحكومة قنديل.. وليس «كارتة» انقلابية
-"تونس غير" لأن مؤسستها العسكرية لا تملك نفس تطلعات نظيرتها المصرية
-الانقلابات التي نجحت الشعوب في إسقاطها تحتاج إلى 3 سنوات على الأقل
-الانقلاب مؤسسة ناشئة بشكل خاطئ تحمل داخلها كل مؤهلات السقوط
-الانقلاب لا يقوم ذاتيا ولكنه قائم على حبل سري يمتد إليه قوى إقليمية ودولية
عند
الحديث عن سيناريو الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر
وما سبقه من أحداث وما واكبه من تفصيلات وما تلاه من حراك ومفاوضات
وفعاليات، لا بد هنا من الإنصات بإمعان إلى حديث شاهد على تلك المرحلة
الحرجة، لتكشف حقيقة ما يدور في مصر وكيف نجحت الدولة العميقة لعلاقتها
المتشابكة مع الغرب في إجهاض الثورة المصرية والقضاء على مكتسباتها.
الدكتور
عمرو دراج رجل واكب كل الأحداث التي مرت بها البلاد مع اللحظات الأولى
للثورة وكان عنصرا فاعلا فيها جميعا، بمراحلها الثورية ومسارها الديمقراطي
والمشاركة في صناعة القرار بتسلم حقيبة وزارة في حكومة د. هشام قنديل
ليقترب من وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي، ثم بعدها أحد قادة الحراك
الثوري في أعقاب الانقلاب ورئيس المكتب السياسي في المجلس الثوري.
هذا
التلاحم مع الأحداث جعل حديث دكتور دراج –وزير التخطيط في حكومة قنديل- لـ
فضائية الشرق- كاشف في تفصيلاته التي كشفت كواليس الانقلاب ودور الغرب في
التخطيط والتمهيد له، ثرى في التأكيد على نجاعة الحراك الثوري وثباته
وصموده في مواجهة العسكر واستنزافه ضمن ثلاث مراحل استراتيجية لاسقاط
الانقلاب، وشاهدا للتاريخ على صلابة دكتور مرسي في وجه التحديديات
والتهديدات التي تعرض لها.
-تزامنا
مع شرارة الثورة التونسية التي قادت قاطرة الثورات العربية، ما بين ثورتين
"التونسية" التي حققت نجاحات وكانت كلفتها بسيطة وقليلة.. و"مصرية" تجلل
بالإخفاقات والكلفة عالية.. ما تقيمك للمشهد الثورى في الدولتين؟
•دراج:
هذا السؤال ربما يبدو بسيطا في ظاهرة، إلا أن إجابته بطبيعة الحال تحتاج
إلى تفاصيل كثيرة، فلا يمكن تفسير أو فهم الثورتين "المصرية والتونسية إلا
في سياق أشمل وأعم، وهو سياق الربيع العربي إجمالا، فالربيع العربي مد ثوري
حدث في امتداد العالم العربي بأكمله من المحيط إلى الخليج، كانت تونس فيه
صاحبة السبق في انطلاقة الشرارة الأولى إلا أنها امتدت إلى مصر وليبيا
وسوريا واليمن، لينتشر بشكل كبير، وعند تقييم نجاح أو فشل هذا المد الثورى
لابد من قراءته وفقا لتلك الرؤى.
وللحق
فإن الربيع العربى صنع حالة من الإزعاج الشديد جدا لجهات مترامية الأطراف
في العالم كله، حيث إن المنطقة العربية إعتادت أن تكون تقليدية خاضعة لنفوذ
استعمارى يسيطر عليه منذ زمن طويل، إلا أن هذا الاستعمار عندما قرر الرحيل
سلمها إلى وكلاء يقومون بنفس الأدوار ويحققون نفس الأهداف التي تضمن مصالح
هذا الاستعمار، هذا التحالف الاستعمارى الاستبدادى كان صعب عليه ولم
يستوعب انطلاق ثورات الربيع العربى بهذا الشكل، وبالتالى بدأ يضح المخططات
من أجل إجهاض هذا الربيع والتي شرعت فيها فعليا مع اللحظات الأولى لانطلاق
الربيع العربي.
-الربيع العربي صنع حالة من الإزعاج الشديد لدول كثيرة في العالم |
لذلك
عند تقييم نجاح تجربة ثورية هنا أو هناك لابد أن نحرر تلك المصطلحات
ونحللها في إطار هذا السياق، فالأمر في مصر مثلا أكبر من مجرد تجسيد المشهد
في صورة انقلاب عسكري على السلطة –رغم أن تلك الصورة عظيمة وكبيرة ونعيش
فيها ونقدم في سبيل مناهضتها التضحيات- إلا أنه جزء صغير لابد من فهمه من
خلال السياق كاملا لأن الأمر ليس بسيطا على الإطلاق لأنك تحاول أن تخرج من
سيطرة ممتدة لعشرات السنين ويمكن أبعد من ذلك، قد تصل إلى مائتى سنة كما هو
الحال في الجزائر.
ما يبدو
ظاهريا للناس أن تونس نجحت في تحقيق مكاسب لم تصل إليها أى من الثورات
الأخرى، ونجحت في تفادى الصدام في مرحلة ما، إلا أنها للأسف –وأرجو أن أكون
مخطأ في هذا الطرح- الأمور لازالت معقدة وليس كما يبدو، وهو ما يبدو واضحا
عن تبادل الحديث مع كثير من الأطراف في تونس، والذي يؤكد أن الأمر لازال
يُشتّم فيه الخطورة والتهديد، وللأسف فالقوى التي نجحت في تحقيق الأكثرية
في البرلمان التونسى هى المتحالفة والمرتبطة بالنظام السابق.
-لكن القوى الثورية جاءت في المركز الثاني.. ولم تشهد الثورة إراقة دماء كثيرة ولم يحدث صدام، ولازال الحكم للصندوق؟
•دراج: أتمنى أن يستمر المشهد على هذا المنوال.
-لماذا لم يحدث هذا السيناريو في مصر؟
•دراج:
المقولة التي تم تداولها حتى قبل قيام الثورة المصرية "تونس غير مصر" تبدو
صحيحة، بالتأكيد مصر غير تونس بل وطبيعة كل دولة تختلف عم الأخرى، فالمؤسسة
العسكرية في تونس لا تملك نفس التطلعات المسيطرة على نظيرتها في مصر،
والتي تشعر بأنها صاحبة البلد وأن وقع الأمر في نظرها أن الدكتور محمد مرسي
هو من عمل انقلاب على العسكر وليس والعكس، لأنها المسيطرة والمسيرة للبلاد
منذ حقبة محمد على.
-لكن من المعروف أن عسكر شمال إفريقيا -والجزائر مثال- ربما أكثر قسوة من العسكر في مصر؟
•الجزائر وضع مختلف لذلك لم يصل إليها مد الربيع العربى، فالجزائر بها نظام مستقر بحكم مدنى يديره العسكر من وراء الستار.
-لماذا ترى أن عسكر مصر يختلف عن عسكر تونس، ولا ترى سياسيو تونس يختلفون عن مصر؟
•إذا
نظرنا للأمر بمنظور ضيق وأن ما حدث في مصر انقلاب على حكومة أخطأت، ولو لم
تقع في تلك الأخطاء، لما حدث كذا أو كذا، هو في الحقيقة سياق خاطئ، ولا
مانع أن نحلل الأمر فيما بعد بشئ من التفصيل بما يثبت أن هذا الطرح خاطئ،
لكن الصورة الحقيقة أنه مخطط اجهاض لثورات الربيع العربي، وله مقدمات تسبق
انتخاب د. مرسي أو وجود د. هشام قنديل، ويمكن أن نعدد محاولات الانقلاب على
الثورة والتي لم يلتفت إليها الشعب، ويمكن أن أحصر لك 6 أو 7 محاولات
انقلابية بأشكال مختلفة، بدء من وثيقة السلمي والتي تضمن وضع متميز للعسكر،
إلى أحداث محمد محمود، إلى الدفع بشفيق –مرشح الثورة المضادة- في
الانتخابات، كما يحدث الآن في تونس بالمناسبة، إلى الإعلان الدستورى
المكمل، وكلها محاولات انقلابية.
-من
خلال خبراتك السياسية.. عام ونصف مر على الانقلاب العسكرى ولازال الناس
تتحدث عن أن الانقلاب يترنح، ولا توجد نتائج إيجابية بالمعنى الصحيح، ما هى
رؤية عمرو دراج أو خططه لإسقاط الانقلاب يمكن صياغتها في خطوات محددة،
ولماذا عجزت المرحلة السابقة عن إسقاطه طول كل هذه المدة؟
•على
المستوى الشخصى لم أقل يوما أن الانقلاب يترنح، ولا أذكر لأى من القيادات
أن قال إن الانقلاب يترنح، ولكنها بالأساس مقولة إعلامية كان يتناولها
البعض بسعادة، لكنى قلت أنه عند دراسة الانقلابات التي تمت على مدار الـ100
سنة الماضية، نجد أن الانقلابات التي نجح الشعب في إسقاطها تحتاج إلى فترة
زمنية تتراوح من سنة إلى 3 سنوات، باشتراط أن يظل الحراك متناميا في
الشارع أكثر من 6 أشهر، وهذا الشرط بالفعل استوفيناه، ونحن الآن في المرحلة
ما بين سنه إلى 3 سنوات، وهذا لا يعنى أننا لابد في أقل من 3 سنوات أن
نسقطه، ولكن ما يجب أن أؤكد عليه أنه لا أحد قال أو يعتقد أن الانقلاب
سيسقط بسهولة، لأنه كما قلت ليس مجرد انقلاب وفقط، وسقوط هذا الانقلاب –إن
شاء الله- سيكون بمثابة المرحلة الأولى من صراع أكبر وأشد وأكثر امتدادا
وهو واقع لابد أن نفهمه.
وعند
الحديث عن آليات إسقاط هذه المنظومة، أولا لا يمكن الحديث عن قدرة الإخوان
في إسقاط الانقلاب أو عمرو أو هيثم أو فصيل بعينه، وإنما الحديث عن إسقاطه
يكون بتضافر جهود الجميع، كل المصريين، ولا أقصد هنا القوى الثورية فقط أو
القوى السياسية أو الجامعات، ولكنى أعنى المصريين جميعا، وعندما تترسخ تلك
القناعة عن كل المصريين أن هذا الوضع سيئ ومدمر للبلد، وثانيا يكون عندهم
الرغبة في التضحية من أجل إسقاط هذا الانقلاب وقتها فقط يسقط الانقلاب، لكل
قبل ذلك لا يمكن الحديث عن رحيل العسكر ولازال الناس تأخذ مقعد المتفرج.
-معنى هذا أن على مدار عام ونصف سقط هذا العدد الكبير من الشهداء، ولم يتحقق بعد هذا الشرط؟
•نحن
نتحدث عن مراحل لهذا العمل، المرحلة الأولى والأساسية هى مرحلة الصمود
والمواجهة، ويمكن التشبيه مع الفارق بهزيمة 67، بعد النكسة كان هناك مرحلة
صمود واستنزاف للعدو، مع التخطيط إلى أن حدث النصر في 73، وهو نفس
السيناريو الذى يحدث الآن، هناك مجموعة تمثل نواة صلبة قررت أن تصمد وتواجه
الانقلاب، هذه النواة لا تشكل أغلبية الشعب المصرى ولا حتى الأكثرية،
ولكنها نواة كبيرة مقتنعة أن الانقلاب وجب العمل ضده وبالتالي قررت أن تبقى
في الشوارع والميادين من أول يوم ومن قبل حتى الانقلاب، لأنها تنبأت بذلك
قبلها بأيام وقررت أن تبقى في الشوارع ولازالت باقية، وكل الشواهد تؤكد أنه
لا توجد قوة في الأرض يمكنها أن تثنى هذه النواة الصلبة عن مواصلة الحراك
وأن يتركوا أماكنهم، لأنها الخطوة الأولى الصلبة التي صمدت وتتحمل التضحيات
وتبذل الدماء وتصبر على ارتقاء الشهداء وتزايد المعتقلين، لأنه في النهاية
عندما تتهيأ ظروف معينة عندها يتجمع الشعب كله حول تلك النواة ليقوم
بالثورة الكبرى.
ولكن
السؤال.. ما الذى يجب عمله؟ العمل ينبغى أن يتم على 3 محاور أولها الصمود
والذى يجب أن يتواصل ويبقى ويستمر، ليس هذا وفقط وإنما يستنزف الانقلاب
بشكل يومى ويمثل إزعاجا يوميا له، وقد نجح في ذلك لأنه لو لم يكن مزعج لما
تعرض الناس لهذا الكم من الاعتقالات والقتل، ولو كان الأمر بسيط لتركوه،
ولكن ما الذى يجبرهم على تحمل هذا الكم من الانتقادات من منظمات حقوق
الإنسان، وكل يوم تسمع انتقادات و"غسيل من فوق لتحت" بسبب تلك الممارسات،
إذا لماذا يقومون به لأنه أمر مزعج جدا ويعرفون جيدا هذه المراحل.
المرحلة
الثانية: الانقلاب نفسه كمؤسسة في الأصل ناشئة بشكل خاطئ، تحمل داخلها كل
مؤهلات السقوط، نحن لدينا مؤسسة فاسدة قمعية استبدادية لا تقوم على رضا
الناس ولكن تقوم على قمعهم وقتلهم وسحلهم وهى مؤسسة ظالمة مستبدة، ثانيا هى
مؤسسة عسكرية لا تعرف كيف تدير دولة مدنية وبالتالى هى تدير البلد كمعسكرن
وهو الأمر الذى لا يمكن أن يتحمله حد، فالعسكريين بطبيعة الحال يتحملون
هذا النمط لأنه طبيعة عملهم، لكن الشعب لا يمكن أن يتحمل هذا الأمر إلى
الأبد، الأمر الثالث أنهم فئة غير محترفة في إدارة شئون الاقتصاد والأمن
والشئون الاجتماعية وكل ما يقيم البلد من شئون، وواضح بالطبع الفشل
المتتالى للانقلاب.
رابعا
هذا الانقلاب لا يقوم ذاتيا ولكنه قائم على حبل سري يمتد إليه خارجيا من
قوى إقليمية وآخرى دولية، ولا يخفى أن التمويل لم ينقطع منذ اليوم الأول
للانقلاب وحتى الأن بأرقام مذهلة، نحن نتحدث عن قرابة 30 مليار دولار دعم
مستمر ومع ذلك الاحتياطي الموجود في البنك المركزي تجده أقل بكثير من الوضع
وقت وقوع الانقلاب، لأنه أموال يتم ضخها في "بالوعة" وبالتالي لا يترتب
عليها أى شئ.
عند
ترتيب تلك الأمور بالإضافة إلى ما يتكشف يوميا من فضائح وتسريبات وتزوير
يفضح للجميع كيف يدير هؤلاء الدولة، وهنا يأتى دور الثورة في كشف هذه
المصائب للناس وتظهره، وتعمل على زيادته، وتعمل على مزيد من الافشال، وهذا
يمثل المحور الثانى من سياسة إسقاط الانقلاب.
المحور
الثالث هو الاستفادة من كل هذا عندما يستعيد الناس وعيهم، لأن الأمر معركة
وعى ولا يمكن أن ننكر وجود عدد كبير من المغيبين نظرا لوجود إعلام مضلل أو
حتى من المستائين من فترة ولاية الإخوان أو دكتور مرسي أو لأسباب أخرى، مع
وجود حالة انقسام مجتمعى حاد أو شريحة ترضى عن الانقلاب خاصة في بداياته أو
سلبية ليس لها أى دور، استخدام هذه الأمور لاستعادة وعى الناس بكشف الظلم
والاضطهاد في أهليهم وذويهم وعدم وجود تحسن في الاقتصاد أو تحسن في الأمن،
يتم بالتدريج تجمع مزيد من الناس حول تلك النواة، ومن المفترض أن هذا الأمر
يصاحبه تحرك القوى السياسية معا من أجل الوصول إلى حالة من الاصطفاف على
الحد الأدنى من المطالب، وهذا الاصطفاف لا تعنى التماهى في المطالب، وفى
النهاية يتجمع حول هذه النواة فصائل متعددة من الشعب، ما تلبث أن تتحول إلى
الكتلة الحرجة التي تجبر الشعب على التحرك لاسقاط هذا النظام.
وفى
المقابل العوامل الذاتية للانقلاب تتهاوى، حيث تجد مثلا التمويل يقل
بالتدريج، كما تحدث عوامل مؤثرة تغير من هذا الواقع كما حدث مع تهاوى أسعار
البترول على سبيل المثال وتأثيره على الدول المانحة، إذن المشهد يتكون من
نواة صلبة وانقلاب فاشل وتجمع قوى ثورية وتجييش الشعب وهو ما يقود إلى
الكتلة الحركة التي ستسقط الانقلاب.
-الحديث
عن تلك المحاور ربما يبدو حالما حيث إن العسكر فطن إلى المظاهرات بعدما
استوعب درس 25 يناير، كما أن الحديث على وجود عوامل ذاتية للفشل ولم تستغل
طوال 18 شهرا أمر مستغرب، فضلا عن أن عامل الوعى في ظل هذا الكم من التغيبت
في ظل إعلام مسيطر يقابله إعلام مناهض يحبو، مع مراعاة أن 18 شهرا في عمر
الشعوب في ظل حكم عسكرى هو كلفة عالية، يجعل من هذا الطرح أو المخطط غير
واقعى ويؤكد أنها تحتاج إلى مراجعة، خاصة أن أمريكا والخليج لن يسمح باسقاط
الانقلاب؟
•لابد
من الاتفاق وأن يدرك الناس في المقام الأول أن المعركة طويلة وممتدة وصعبة
وليست سهلة، وأن التضحيات كبيرة وستستمر تلك التضحيات في التصاعد والتزايد
لآن الجائزة كبيرة، وعلى الناس أن يتدركوا طبيعة المرحلة فالأمر ليس ثورة
أسقط مبارك ثم انقلاب يسعى لتقويض الثورة، ولكن واقع الأمر أننا جزء من
حركة تحرر شاملة تحدث في المنطقة العربية من سيطرة الاستعمار والاستبداد،
وعلى الشعب أن يدرك هذا الأمر حتى يستقر لديه أن الأمر ليس بسيطا، تغير أمر
مستقر من 200 سنة يحتاج بالتأكيد إلى مزيد من الجهد.
-رجل
الشارع البسيط لا يحتمل طرح أطروحات أو مراحل أو إلزامه أن يفعل بعض
الأمور، وإنما يحتاج جدول زمنى لإسقاط الانقلاب، هل تملك طرح جدول زمنى
لاسقاط الانقلاب؟
•دراج:
لا يمكن طرح جدول زمنى لأننا لسنا أمام مشروع هندسي، وبالتالى كما قلت
الحديث عن أن التظاهر وحده يمكن أن يغير المعادلة أمر غير حقيقي، ولكنها
تمثل النواة الصلبة التي تستمر في الحراك وستستمر –إن شاء الله- وفى
المقابل أو بالتوازى أن تدرس عوامل ضعف الانقلاب وتعمل عليها، فالحديث عن
استعادة الوعى على سبيل المثال لا يعنى أنه "زرار" يتم الضغط عليه لتوعية
الناس، وإنما جهد مستمر ومتواصل.
-ولكن كما تعلم التظاهر كلفته سقوط مزيد من الدماء.. فهل هناك بديل لتجنب هذه الكلفة العالية؟
•دراج:
البديل المتاح أن يظن الناس أن الثورة إذا انحرفت للمسار العنيف أو المسلح
يمكن أن يقصر المسافة لإسقاط الانقلاب، وهذا تحديدا يمكن أن نقيسه على
المثل الدارج "لو مستعجل سوق على مهلك" لأنك إن سلكت هذا الطريق على أمل
أنه الأقصر للوصول في النهاية هو نفسه المسار الذى سيجهض الثورة، لأنك
وقتها تكون دخلت ملعب خصمك الذى يجيد اللعب فيه، فليس هناك أفضل من الجيش
للتعامل بالسلاح ولا يمكن مجاراته مهما كان من التعامل أو التدريب لأنه
مضماره الذى يجيد فيه، وبذلك تكون قد قدمت الثورة على طبق من ذهب لكى تنحر،
وتكال الاتهامات بالعنف والإرهاب، ويحرمك من المحور الثالث بالتفاف الشعب
حول النواة الصلبة لأنه وقتها لن يلتحم معك وهو يرى الأمر ينحصر في العنف
والسلاح، ولكننا نرغب أن ينزل الشعب عن قناعة راسخة بضرورة اسقاط الانقلاب
كمرحلة أولى يتلوها التطهير جيدا بما يضمن عدم تكرار هذا الأمر مرة آخرى
بعد كسر الانقلاب وعدم تكرار نفس الخطأ مرتين.
-لماذا
ينحصر الحراك بين "سليمتنا أقوى من الرصاص" أو العنف، لماذا لا يوجد تخطيط
محدد بجدول زمنى كما فعل الانقلاب في 30 يونيو من أجل انهاء حكم العسكر،
بمعنى أن يتم تحديد يوم بعينه لحشد الناس في ثورة كبرى؟
•دراج:
مبدئيا 25 يناير المقبل ستحدث فيه أشياء عظيمة، لكن هل يعقل أن يعد أحد
بكسر الانقلاب في 25 يناير لأنه وقتها يضحك على عقول الناس، ومع ذلك قد
يكسر الانقلاب في 25 يناير أو قبلها، ولكنها في النهاية مجموعة من الظروف
من شأنها أن تُجعل بإسقاط حكم العسكر، وقد يحدث أمر بسيط يحث الناس على
النزول كما حدث في 25 يناير.
-ربما لا يريد الشعب يوم بعينه، بقدر ما يبحث عن خطة محددة وفعالة لإسقاط الانقلاب؟
•دراج:
الخطة واضحة ومراحلها محددة، وما يمكن أن افصله منها هى مرحلة استنزاف لقوى
الانقلاب، ومرحلة استهداف للانقلاب في كل مواطن قوته وتجريده منها، ومرحلة
تجميع الناس وتجيشهم، بالطبع هناك تفاصيل كثيرة بين سطور هذا الكلام،
وهناك شواهد يتم القياس من خلالها لمعرفة سير المخطط وهو ما يتم استقاءه من
سير الأحداث ولا يمكن استطلاعه من الجرائد.
-هل يمكن أن يأتى الوقت لنقول لـ د. عمرو دراج أو الإخوان أو التحالف أو المجلس الثورى أنتم أخفقتم، من فضلكم سلموا الراية؟
•دراج: لمن؟ عندك أحد يستلم الراية.
-الشباب؟
-ما يحدث في التحالف الوطني لدعم الشرعية تجديد دماء وليس تفككا |
• وهل
العمل على اسقاط الانقلاب يستلزم أن يتنازل أحد عن الراية لكى يستلمها طرف
أخر، والحديث عن أن الشباب لم يُمكن له حتى الآن أو يترك له حرية إدارة
المرحلة، هو من صميم ما تم الحديث عنه في مراحل إسقاط الانقلاب، لآنه لا
يمكن أن يتحمل الإخوان بمفردهم و يلقى على عاتقهم وحدهم مهمة كسر الانقلاب،
هم في النهاية جزء من هذا الشعب، وإن كنا لا ننكر أن قدرهم أنهم القوى
السياسية والاجتماعية الأكبر في الشارع وبالتالى نصيبهم من المسئولية أكبر،
ولذلك هم تحملوا هذا العبأ، وللحق إذا تحدثت كمحايد فلا أملك إلا أن أرفع
القبعة للإخوان لوصولنا إلى تلك المرحلة التي صمدوا فيها والتي تمكننا من
أن نرى بأعيننا بدايات كسر الانقلاب، إما إذا لم يقوم الإخوان بهذا الدور،
ما هو السيناريو الذى تتخيله وقتها، أن الأمر لن تمر عليه سوى أسبوعين أو
ثلاثة وتعود الناس إلى بيوتهم خاصة وأن المتعارف عليه أن الإخوان جماعية
إصلاحية ومن الممكن عقد صفقة تعود بالبلاد إلى عهد مبارك، ولكن الإخوان
تخيروا الطريق الثورى، وقد يكون هذا من قبيل معالجة بعض الخطأ الذى وقعنا
فيه، بظننا أن الطريق الإصلاحى فقط بمفرده قادر على إصلاح مسار الثورة أو
يستكمل الثورة.
ولكن
الإخوان ومن حولهم ومن تحالف معهم ومن وقف إلى جوارهم من الشعب في التحالف
الوطنى لدعم الشرعية تمكن من حماية الثورة وتجهيزها لكي ينضم إليها باقى
الشعب، لأنه من أجل استكمال الثورة لابد للشعب أن ينضم إليها لا أن أحاسب
وحدى ما الذى قمت به، لأنها في النهاية ثورة الشعب، وعندما تنجح سيكون
النجاح للعشب لا للإخوان وحدهم.
-لكن
هناك وقت لا بد من تقييم المرحلة، وقد نعلن أننا أخفقنا ونقول للشباب تسلم
الراية خاصة أنه يرى التحالف يتفكك ويخرج منه قوى مهمة ولم يتمكن الإخوان
من الحفاظ على وحده
•دراج:
أنا أرى أن ما يحدث في التحالف فرصة وليس تفكك، وهنا دعنى أتحدث عن دور
الإخوان أولا ومن ثم التحالف في الحفاظ على المحاور التي تحدثنا عنها وتلك
المرحلة المهمة التي وصلنا إليها، وثانيا التجديد المستمر في الأساليب
والوسائل وحتى القيادات، والجميع يعلم أن الجماعة التي يربو عمرها على 86
عاما لا يمكن لها أن تبقى كل هذا الوقت دون أن تملك في داخلها آليات
التجديد لأنها لو كانت جامدة لكانت اندثرت من زمن طويل، لكن آليات التجديد
متوفرة ولذلك يمكن أن نرى طبقا لهذه الآلية الموجود تجديدا مع الوقت وهذا
يحدث فعليا على الآرض، ويمكن أن تراه من سير الأحداث أو بسؤال الناس في
الشارع، حيث يتولى الشباب بالفعل القيادة كما أن معظم تشكيلات الإخوان الآن
يتولى فيها الشباب موقع المسئولية.
-لكن القيادات لم تتغير، وهناك نفى دائم لخروج بعض القيادات
•دراج:
المجال لا يتسع للحديث عن أشخاص بعينهم، ولا يمكن القياس على شخوص متواجدة
خارج مصر الآن، ولكن دعنا نتحدث عن من يقود الحراك في الداخل، ولذلك لابد
أن نضع عنوان عريض أن القيادة الرئيسية للثورة متواجدة داخل مصر، وقيادة
الثورة في مصر تجددت تجديدا كاملا ووجهتها شبابية بإمتياز، ويتم الرجوع
للشباب في كل شئ من الفعاليات إلى التنسق، ويمكنك أن ترصد أن من أنجح
التنسيقات التي تتم هى تلك التي تحدث على مستوى الطلاب، حيث تجد تنسيق بين
شباب الإخوان و6 إبريل ومصر القوية وغيرها، لأنهم يتحركون بحرية أكبر وبدون
قيود وبلا مركزية مما يمكنها من عقد تحالفات وتربيطات وتنسيقات على الأرض.
-ولكن
الشارع يسأل، لماذا لا توجد جدية في لم الشمل الثورى، خاصة وأنه على مدار
18 شهرا خرج التحالف الوطنى ووثيقة بروكسل وبيان القاهرة والمجلس الثورى
وجميعها أخفقت؟
•دراج:
أولا هناك جدية في لم الشمل الثورى، وهذه الفعاليات لم تخفق ولكن هناك
مراحل لابد أن تستكمل وهنا يمكننا أن نسميه عدم نجاح في تحقيق الهدف وليس
اخفاق لأنه إذا كنت تنتظر تحقيق الهدف بنسبة 80% ويتحقق بنسبة 30 % إذن
عليك الانتظار حتى يتزايد من 40% إلى 50 % إلى 70 % وهكذا، وإلا لو نظرت
للأمر على أنه اخفاق كان علينا من اليوم الأول نعود إلى بيوتنا، ولكن ما
يجب أن نؤكد عليه أنها مراحل لابد أن نمر بها، لأن من يواجهك ليس فقط
العسكر والدولة العميقة فقط وإنما هناك أيضا قوى أقليمية وإسرائيل وأمريكا.
-أليس هذا سبب أدعى لأن نتحرك بصورة أكثر فاعلية من تلك الأريحية؟
•لا
يوجد أريحية على الإطلاق، والحديث عن 18 شهرا مرت كمن يعير مهندس بأنه
احتاج إلى 20 عاما للحصول على شهادة الهندسة، ولكنها مراحل وجب المرور بها،
وبالمناسبة لست كأخوان أو مجلس ثورى معنيا بأن أضع خطة ثورية شاملة تنوب
عن الجميع، ولكن ما قمنا به كإخوان وكتحالف وأظن أننا نجحنا فيه بدرجة
كبيرة هو الصمود والاستنزاف والشروع في مشروع إعادة الوعى، ونحن الآن نفتح
أيدينا من أجل أن ينضم إلينا الناس، ولا نقصد هنا فقط التجمعات السياسية أو
الثورية أو الشبابية وهو بالطبع مطلوب ومهم، ولكن نتحدث عن جموع الشعب،
لأن هذه القناعة لو لم تكن متوفرة لن يحدث شئ، ولك أن تتخيل لو تجمع
الإخوان مع القوى الشبابية ولم ينضم إليهم الشعب ماذا يمكن أن يحدث.
-لكن
وحضرتك كنت وزير تخطيط علمتنا أن الخطط لابد أن يكون لها مسارات ومحاور
وأهداف وجدول زمنى، فهل يمكن مثلا أن تقول للشعب أن الانقلاب سيسقط في
2030؟
•الانقلابات
لا يتم التعامل معها يهذه القواعد وإنما وفقا لمراحل وكل مرحلة ما الذى
يمكن أن يحدث فيها وعندما تستكمل يمكن قياس النتائج وبعدها يتم الدخول إلى
المرحلة الثانية فإن اكتملت يتم الدخول في المرحلة الثالثة، وهكذا.
ولابد من التأكيد هنا على أن المرحلة الأولى هى الأطول، وهذا الكلام ليس اعتباطا وإنما عن دراسة قرابة 100 انقلاب.
-وفى أى مرحلة نحن الآن؟
•يمكن
أن نقول أننا على مشارف عبور المرحلة الآولى وهى الصمود والاستنزاف،
وتقديرى الشخصى أن المراحل القادمة أسهل كثيرا، تماما مثل قيادة السيارة
التي تبدأ ببطئ حتى تأخذ سرعتها فاتنطلق بعد ذلك، ونحن الآن وضعنا أقدامنا
على هذا الطريق، ونحن نلمس الآن ومن خلال تواصلنا مع القوى السياسية
والثورية أنه من الخطأ التأخر في التلاحم معا من أجل اسقاط الانقلاب.
-ولكنه في هذا الوقت يشرع في بناء مؤسساته ويستكمل بناء انقلابه ويحقق نجاحات؟
•لا يعنى أى شئ، فنظام مبارك كان مكتملا وشرعيا ومعترف به وفى النهاية سقط.
-البعض
يتحدث عن أن عودة د. مرسي تعنى بالتبعية عودة دستور 2012 الذى يمنح
صلاحيات واسعة للعسكر مع عودة مجلس الشورى الذى انتخبه فقط 7 % من المصريين
وبقاء حزب النور عراب الانقلاب في المشهد، لماذا لا يتم التخلى عن مطلب
عودة مرسي مع احترام الشرعية والعودة إلى حدود 11 فبراير "عيش وحرية وعدالة
اجتماعية"؟
•كيف
لا يعود مرسي وفى نفس الوقت مع كامل الاحترام للشرعية، أين الشرعية التي
نحترمها إن لم يعود الرئيس المنتخب، هنا لابد من التأكيد على أمر هام يجب
أن يعيه الناس جيدا، وهو أن مطلب عودة مرسي ليس مطلب الإخوان فقط ولا
الحرية والعدالة أو التحالف، وإنما مطلب قطاع كبير من الشعب، هذا القطاع
يؤمن أن عودة الشرعية هو المحك الحقيقى لكسر الانقلاب، لأن الرئيس مرسي هو
المنتخب من الشعب، لأنك تطالب بعودة مكتسبات ثورة 25 يناير، وتطالب باحترام
رغبة 32 مليون شخص أدلوا بأصواتهم في الانتخابات، وإلا وقتها نكفر
بالديموقراطية.
-هناك مقوله تقول "لن تنجح ثورة يتصدرها الإخوان وستفشل أى ثورة بعيدا عن الإخوان"، ما رأيك؟
•أتفق معها تماما
-ولكن عودة مرسي يتبناها فقط الإخوان؟
•دراج:
لا، هذا غير صحيح، لآن عودة مرسي ليس لأنه إخوان ولكن لأن هذا هو الصحيح
بعودة رئيس منتخب، وبعد أن يعود دعنا وقتها نرى الثورة والإرادة الشعبية
تسير في أى مسار، لكن ما هى علامة كسر الانقلاب إذا تنازلت عن هذا المطلب،
خاصة واسقاطه يساوي بينك وبين الانقلاب، ولكنك في تعود إلى مكتسب ثورى،
وهنا أدعوا الناس أن تقرأ كتابات د. رفيق حبيب الأخيرة، لأن الانقلاب أدرك
أنه لن يتمكن من ضرب الثورة بالقاضية، لذلك لجأ إلى أن يخرج من داخلها
أصوات تناقض من الأساس مطالب الثورة، لأنه إذا تم إهدار المكتسب الرئيسى من
الثورة وهو الانتخابات الرئاسية، وقتها لن توجد ضمانة لتكرار هذا الأمر من
جديد مستقبلا.
-إذن ما هى رؤية حضرتك للتعامل الدولة العميقة بعد كسر الانقلاب؟
•الأمر
لا يخضع لرؤيتى وحدى، ولكن هذه مرحلة لكى تنجح لابد أن تبنى على تشاور
القوى الثورية فيما بينها، وهى مرحلة بدأنا فيها وتعمل بالفعل، وكانت
نواتها في بروكسل، لآنها تحوى 10 مبادئ توافقت عليها القوى السياسية جميعا
وهو ما يعد إنجازا حقيقيا، بعدها نعمل على بعض التفاصيل التي تمنح رؤية
لشكل الدولة بعد كسر الانقلاب، وكيف يمكن ضمانة عدم تكرار الأمر في
المستقبل، وهذه التفصيلات نسير فيها بالتوازى مع كسر الانقلاب نفسه.
-ولكن ما هى الرؤية للتعامل مع تلك المؤسسات، هل هى تفكيك أم تطهير غير ذلك؟
• هناك
مبادئ عامة وهناك شق تخصصى، المبادئ العامة أنه لا مجال للحديث عن المسار
الإصلاحى وهذا عن تجربة واقعية، فأنا تحملت عبأ حقيبة وزارية قرابة شهرين
ووجدت أن التدخل في تلك المؤسسات الفاسدة بإصلاحها وتعديل مسارها أمر غير
مجدى على الإطلاق، وبالتالى سيكون هناك قدر كبير جدا من التطهير، ولكنه
التطهير المبصر وليس الانتقامى الذى يطيح العاطل مع الباطل، وهناك رؤوس
للفساد يجب أن تجتث وهناك آليات للفساد ينبغى أن تبتر.
-بعد ما حدث في الانقلاب.. هل ترى التطهير مجديا مع الدولة العميقة، أم الهدم وإعادة البناء؟
•دراج:
لا يوجد شئ أسمه الهدم وإعادة البناء، وهو ما يسوقنا إلى الحديث عن الشق
المتخصص، ولكن مثلا مؤسسة مثل القضاء تحتاج إلى تطهير وإصلاح جذري، ولكن
كيف يتم هذا، هناك في المجلس الثورى وغيره مجموعة كبيرة من القضاة
المحترمين وبعضهم داخل مصر ويمتلكون تصورا كاملا لتطهير مؤسسة القضاء، وهو
موجد بالفعل لتطهير المؤسسة التي تتضمن القضاء والنيابة، وهكذا بالتبعية في
كل مؤسسة.
-بما
أنك كنت عضو في حكومة د. قنديل.. البعض يتساءل أن السيسي وحكومته نجح في
اطلاق مشروع قومى كبير مثل قناة السويس الجديدة أو هكذا يزعم، بينما لم
تفلح حومة د. قنديل في تقديم مشورع قومى؟
•دراج: أولا مشروع قناة السويس بالأساس هو مشروع حكومة د. قنديل وأنا شخصيا كنت عضو في اللجنة الخاصة به.
-ولكنهم بدأوا التنفيذ بالفعل.. لماذا إذن بقى مشروعا على الورق في حكومة قنديل؟
•دراج:
بالعكس تم تدشين المشروع، ولكن ما الذي يقوم به الأن هو حفر قناة جديدة،
وبالمناسبة كان المشروع أكبر وأعمق وأشمل وليس مجرد جمع فلوس من الشعب لحفر
وتكريك قناة قد تفيد بالفعل مستقبلا وهى جزء من مشروع حكومة قنديل، ولكن
الرؤية لم تكن هكذا بل تحتاج إلى حلقة منفصلة وكاملة، لأنها تتضمن تفصيلات
كبيرة حول بناء مناطق لوجيستية كاملة متكاملة تستطيع أن تحول القناة من
مجرد "كارتة" لتحصيل الرسوم إلى منطقة تمنح دخل 100 مليار سنويا، ولكن ما
يحدث الآن قناة موازية ستزيد العائد أينعم، ولكن تبقة بمفهوم "الكارتة"
وتحصيل الرسوم، ولكن عند الحديث عن مشروع تنمية حقيقى هو بالطبع ما يجلب
سنويا 100 مليار وهو ما بدأناه.
-الحديث
يأخذنا إلى المفاوضات التي تمت مع كاترين أشتون خاصة وأنك جلست معها في
أكثر من مناسبة مع بدأ الانقلاب وقبيل مذبحة المنصة، وفى النهاية لم تجلب
المفاوضات سوى مزيد من المذابح وتعمق بقاء السيسي دوليا، كيف ترى مستقبل
المفاوضات؟
•دراج:
دور أشتون المفوضة السامية للشؤون الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي، في
الانقلاب العسكرى سبق مرحلة المفاوضات التي واكبت وتلت بيان العسكر في 3
يوليو 2013 وهو الأمر الذى يعلمه الكثير من الناس.
فى شهر
إبريل 2013 إلتقت أشتون الرئيس الشرعى محمد مرسي، وطالبته باختيار د. محمد
البرادعى رئيسا للوزراء، وهو التدخل الصارخ في الشأن المصرى الذى لم يقبله
الرئيس.
ويأتى
البرادعى بنفسه فيما بعد –والكل يعلم دوره في الانقلاب- ليكشف دور الغرب في
التمهيد للانقلاب على الرئيس الشرعى، عندما كشف عن قيامه بجولات مكوكية
على مدار شهور سبقت الانقلاب لإقناع الغرب بضرورة رحيل النظام المنتخب
والإخوان حتى ولو استدعى الأمر تدخل الجيش، ثم تستدعى مطالب أشتون في إبريل
هذا الأمر يضع علامة استفهام كبيرة حول دور الغرب حقيقة في التخطيط
والتمهيد لهذا الانقلاب.
-هل يمكن أن نصف البرادعى بأنه رجل الغرب في الانقلاب؟
-البرادعي لعب دور عرّاب الانقلاب وذراع الغرب لإسقاط الثورة
|
•دراج:
لم أذكر الواقعة للإسقاط على البرادعى، خاصة أن دوره في الانقلاب معروف
وواضح للجميع، لأنه لم ينكر أن شريك في الانقلاب وأنه نسق مع الغرب في هذا
الشأن، ولكن ما يعنينا هنا أنه قال بنفسه أنه أمضى شهور قبل الانقلاب يقنع
الغرب ثم تأتى أشتون قبل شهرين لتطرح أسمه على الرئيس، هو الأمر الذى يضع
علامة استفهام كبيرة.
-وماذا كان رد د. مرسي؟
•دراج:
ما عرفناه فيما بعد من د. مرسي، خاصة وأنها أعلنت أنها زيارة ودية، أنها
حاولت أن تقنع الرئيس بالتخلى عن منصبه في زيارتها له بعد الاعتقال، إلا أن
للرئيس دور بطولى في هذا الشأن سيذكره التاريخ، ورغم أنى قابلتها في اليوم
الثانى إلا أنها لم تخبرنى عما دار في الجلسة واكتفت بالحديث عن توافر
أطعمة وجودة مياه الاستحمام، وطمأنت عائلة الرئيس على صحته، ولكنها طالبت
مرسي التسليم زاعمة أن المظاهرات لا يوجد بها سوى 50 ألف مواطن، وجاء رد
الرئيس لو كان هذا العدد وفقط لما حضرت أنت الآن، وهنا ينكشف دور أشتون
والاتحاد الأوروبى كمؤسسة في تكريس هذا الانقلاب.
-ولماذا إذن نجلس معهم الآن بعد أن تكشف دورهم في الانقلاب؟
•الأمر
في البداية لم يكن مفاوضات رغم المطالب المرفوضة، ولكن كان محاولة لتجنب
مذبحة خاصة وأنها نقلت أن المجلس العسكرى جاد في تنفيذ مذابح وفض تلك
الاعتصامات بمذبحة، وكان الحديث الذى يدور وقتها من أجل تجنب هذا وما يسمى
بإجراءات بناء الثقة التي تمهد الطريق لمحادثات بين السياسيين وليس بين
السياسيين والعسكر.
-لاحق
حكم العسكر العديد من الفضائح مؤخرا مثل التسريبات والتعذيب بالوكالة،
لماذا لم يتم استغلال تلك الفضائح بالشكل الأمثل لإظهار الوجه الحقيقى لتلك
العصابة التي تحكم البلاد؟
•دراج:
هذا جزء من مرحلة الوعى، خاصة وأن هذا الكلام ظهر في الوسائل الإعلامية،
وفى كل لقاءتنا ومقابلاتنا نوضح الأمر، فالفضحية ليست تسلية بسماع تسريبات
أو فضح شخص تحدث بكلام سوقى، ولكننا نتحدث عن الطريقة التي يدير بها هؤلاء
الدولة، وفضح تلك العصابة التي يخرج أفرادها للحديث عن "تزوير على ودنه"
والتلاعب في التاريخ، وهو ما أتى ثماره مع قطاع كبير من الشعب، إذن هذا
مهمته الأساسية استعادة وعى الناس، ويمكن بعدها استغلاله قانونيا برفع
قضايا تكشف كيف تواطئت النيابة والنائب العام وكيف تلفق القضايا، وهو ما
يمكن ملاحقتهم به دوليا، ولكن هذا الأمر بالأساس يأتى ضمن مرحلة الوعى.
وفى
النهاية أحب أن أوضح للناس –ثقة في الله- أن هذا الانقلاب إلى زوال، لكن
لكى يحدث هذا لابد للجهود أن تضافر وللجميع أن يشارك، ولابد للشعب أن تنتقل
من مرحلة الاقتناع بأن هذا النظام سئ إلى مرحلة التضحية وبذل الجهد والوقت
والمال والنفس للتخلص منه، وهى الجائزة الكبرى، ولابد من التأكيد على أن
من استشهد لم يخسر بل على العكس هو من فاز، والخاسر الحقيقى هو من عايش
ورضى بالذل، فالجائزة كبيرة وتستحق التضحية.
د. عمرو دراج في سطور
المهندس
عمرو دراج هو وزير التخطيط والتعاون الدولى في حكومة د. هشام قنديل ورئيس
المكتب السياسي في المجلس الثورى، تخرج في كلية الهندسة جامعة القاهرة
ومنها حصل على درجة الماجستير، حصل على الدكتوراة من جامعة بوردو
الأمريكية.
شغل
منصب أستاذ ميكانيكا التربة والأساسات جامعة القاهرة، كما أنتخب نائبا
لرئيس نادى أعضاء هيئة التدريس من عام 2002 حتى 2009، وهو مؤسس حركة
جامعيون من أجل الإصلاح عاما 2002، وعضو مجلس إدارة ومؤسس بيت الخبرة
"إيجيك" للاستشارات الهندسية
سياسيا،
شغل دراج منصب أمين عام حزب الحرية والعدالة بالجيزة، ومسئول العلاقات
الخارجية بالحزب، كما أختير عضو الجمعية التأسيسية لوضع دستور 2012.