وراء كل ثورة، أشياء خفق النظام في تحقيقها، فعندما فشل نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، في توفير الحريات وتحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، ثار عليه الشعب فأسقطه، ليصبح عرش مصر تحت قيادة نظام جديد يتربع عليه عبدالفتاح السيسي، ولكن هل من عقبات تقف حجرة عثرة في طريق بقاء السيسي بالحكم؟.
" مستشارو الرئيس، وسياسات وزارة الداخلية تجاه المواطنين، وتزايد أعداد العاطلين، وتدهور الحالة الاقتصادية وارتفاع الأسعار، وغياب الإدارة الرشيدة، والإرهاب"، تلك هي عقبات في طريق عبدالفتاح السيسي، بحسب عدد من الخبراء السياسيين والاقتصاديين.
فمن جانبه يرى مختار الغباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن التحدي الأصعب الذي يواجه مصر في المرحلة الحالية، هو أنه ليس هناك قدرة على تلبية متطلبات واحتياجات المواطنين، سواء على المستوى الأمني والاقتصادي، مشيرًا إلى أن انعدام الرعاية الصحية التي وصلت لمرحلة أن المواطن لا يأمن على نفسه في مستشفى حكومي، تعد من أخطر التحديات التي تواجه الحكومة.
" الداخلية"، يراها الغباشي، شوكة في ظهر النظام، موضحًا أنها لا تملك الحرفية التي تستطيع أن تتعامل بها مع المواطن العادي، ولايزال الحل الأمني هو الأسهل بالنسبة لها والذي تلجأ إليه في كل حادث، وهو ما يؤثر على الوضع الاقتصادي، وينتج عنه الكثير من الأخطاء التي سئمها الشعب حتى خرج عليها في ثورة 25 يناير.
ولفت نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، في تصريح لـ"مصر العربية"، إلى أن عدم تحقيق مطالب الشعب التي خرج من أجلها في ثورة 25 يناير ، وعدم قدرة الحكومات التي أتت لحل مشاكل الناس، وما تشهده البلاد من خلل أمني، وبطلجة وإتاوات بالشارع، على حد وصفه.
غياب المسئولية السياسية وعدم وجود إدارة رشيدة تدير مؤسسات الدولة، عاقبتان يراهما عبدالله حماد، الكاتب والباحث السياسي، حجرة عثرة تقف أمام النظام الحالي، مستشهدًا بما حدث مؤخرًا في أحداث استاد الدفاع الجوي، التي راح ضحيتها من مشجعي نادي الزمالك، موضحًا أنه لو كانت هناك إدارة رشيدة لم يكن ليسقط هؤلاء الضحايا سواء في مجزرة الاستاد أو غيرها من الأحداث .
وأضاف حماد أنه كان هناك أمل في الرئيس الجديد المنتخب بإرادة شعبية، ولكن حكومته غير مترابطة مع بعضها البعض وتسير على نفس منوال الحكومات التي تعاقبت بعد الثورة، لا تقدم أية حلول، وكذلك لا يوجد من بين بطانة عبد الفتاح السيسي، من يصلح للمرحلة الحالية.
وتابع حماد وصوته يشي بشئ من الحسرة على آلت إليه أحوال البلاد قائلًا:" احنا في خيبة قوية، والبلد ضايعة، الحكومة بطيئة ومفيش حد بيتحاسب على أي تقصير، و حتى حوادث الإرهاب والعنف زي تفجيرات العريش، محدش بيتحاسب عليها، ربنا يستر على مصير البلد".
و يبقى البعد الاقتصادي من أكبر التحديات التي تواجه أي نظام، فبينما كان ارتفاع الأسعار، وسوء الأحوال الاقتصادية في البلاد، وتزايد نسبة البطالة، كانت محركًا ودافعًا رئيسيًا في ثورة يناير، فهي لاتزال صداع في رأس النظام الحالي، بحسب رؤية حمدي عبد العظيم، الخبير الاقتصادي ورئيس أكاديمية السادات الأسبق.
وأوضح عبد العظيم، أن المجتمع منشغل حاليًا بمواجهة الإرهاب واعطاء فرصة عبد الفتاح السيسي ليحقق التنمية المنشودة، ويرى سياسته في حل الأزمات التي تواجه البلاد، وإذا انتهت تلك المهلة التي أمهلها الشعب للسيسى سرعان ما يصل لمرحلة اليأس، ويثور عليه كما ثار من قبل .
ولفت عبد العظيم إلى تزايد الفجوة بين أعداد فرص العمل المطلوبة والتي تزيد عن 850 ألف في السنة، وبين ما توفره الحكومة من فرص عمل مما لا يتعدى عن 500 ألف، وهو ما يجعل الشباب في حال اختناق، يدفعه لارتكاب الجرائم والعنف، فضلًا عن تزايد ارتفاع الأسعار مقارنة بالدخل.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الحالة الاقتصادية زادت سوءًا من التي كانت عليها في العهود السابقة، حتى أن مصر أصبحت غير قادرة على تسديد ديونها الداخلية والخارجية، بعد ارتفاع سعر الدولار، وازدياد العجز في موزانة الدولة وارتفاع الدين الداخلي، ونقص الاحتياط النقدي.