السجون السرية.. سلاح العسكر والمخابرات لتصفية المعتقلين
16/06/2015 03:45 م
السجون السرية.. أعادها الانقلاب وتديرها المخابرات تمثل ظاهرة "الاختفاء القسري" التي تصاعدت حدّتها في ظل حكم العسكر أحد الظواهر الكاشفة عن المنظومة التي يديرها رجال المخابرات في الخفاء وهي منظومة "السجون السرية" التي أعاد الانقلاب العسكري إنتاجها لتصفية المعارضة بعدما فشلت كافة محاولاته في إخماد الحراك المناهض له في الشارع المصري.
ورغم السرية التي تحيطه مخابرات الانقلاب بهذه المنظومة الخبيثة، إلا أن تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان الذي صد ر في بريطانيا في مايو 2014 بعنوان "أبو غريب مصر" فضح وحشية النظام الانقلابي أمام الجميع؛ حيث تناول التقرير أحد السجون التي وصفها بالسرية وهو "سجن العزولي"، مؤكداً أن قوات الجيش تستخدمه في إخفاء المعتقلين وتعذيبهم.
وأورد التقرير تسع شهادات حية تؤكد تعرض المعتقلين "للإخفاء القسري"، وتحدث الشهود عن وسائل التعذيب البشعة كالتعليق والصعق بالكهرباء والتعرية وسكب الماء والزيت المغلي والاعتداءات الجنسية على المعتقلين، كما تحدث الشهود عن وجود حالات تعرضت للقتل خارج إطار القانون تحت وطأة التعذيب، ووردت في شهادات الضحايا بعض أسماء المختفين دون أن يستدل ذووهم على أماكنهم حتى الآن.
وأضاف التقرير "إن سلطات الانقلاب تدير سجونا سرية خارج إطار القانون مما حولها إلى أماكن تمارس فيها أبشع أنواع التعذيب تضاهي تلك الوسائل التي استخدمت في سجن أبو غريب في العراق ورغم بشاعة القصص التي يرويها الضحايا وأسرهم إلا أن أحدا في المجتمع الدولي لم يتحرك لوقف حفلات التعذيب اليومية التي يتعرض لها المعتقلون، واعتبرت سلطات الانقلاب عجز المجتمع الدولي وصمته ضوءا أخضر للاستمرار في انتهاكاتها بغية تضييق الخناق على المعارضين".
ودعت المنظمة أمين عام الأمم المتحدة إلى التحرك سريعا وإرسال لجان تقصي حقائق لوقف الانتهاكات وإغلاق هذه السجون التي باتت تشكل خطرا على حياة المعتقلين.
وفي السياق نفسه كشف بيان صدر عن منظمة "العفو الدولية" في الرابع والعشرين من مايو الماضي، أنها حصلت على أدلة "صادمة"، تكشف تعرض عشرات المدنيين للإخفاء "القسري"، واحتجازهم عدة أشهر في معتقل سري بمعسكر للجيش.
ونجحت "العفو الدولية" في الحصول على بيانات 30 محتجزا في سجن "العازولي" السري داخل معسكر الجلاء للقوات المسلحة بمحافظة الإسماعيلية، مؤكدة أن بالسجن 400 آخرين غير معلومين.
السراديب
لم يكن سجن العزولي هو السجن السري الوحيد الذي تم الكشف عنه، ولكن رجح حقوقيون أن المفقودين الأحياء من أحداث فض رابعة، لا سيما المصابين منهم، تم نقلهم إلى مستشفى سجن "عجرود" العسكري، والذي يطلق عليه سجن "السرداب"، وذلك استناداً إلى ما أكده جندي سابق خدم في قيادة الجيش الثالث العسكري، ولكنه رفض الإفصاح عن هويته تجنبا للمساءلة.
يُشار إلى أن صحيفة"التايمز" البريطانية كانت قد نشرت تقريرًا حول وجود سجون سرية لوزارة الداخلية بحكومة الانقلاب تستخدم كمقر احتجاز لأطفال أقل من 18 عاما، واستندت فيه لتقرير حقوقي أعده المحامي "حليم حنيش" بمركز النديم، جاء فيه: إن السلطات المصرية تحتجز المئات من الأطفال في سجون سرية في مدينة بنها دون الحصول على المياه النظيفة، وأشعة الشمس أو الرعاية الطبية، وعددهم نحو 600 طفل تتراوح أعمارهم بين 14 و17 سنة - واعتبرت الصحيفة أن شبكة السجون السرية التي يحتجز فيها الآلاف من النشطاء السياسيين بعد الانقلاب العسكري في "مصر" تخلق نوعا جديدا من الإرهاب.
وبدورها علقت "منى سيف الدولة " الناشطة الحقوقية بمركز النديم لتأهيل ضحايا التعذيب وقالت حتى الآن تم حصر أكثر من 50 مذبحة بشرية تمت منذ 30 يونيو، وأوضحت الناشطة الحقوقية في تصريحات صحفية للجزيرة، أنه تم رصد مئات السجون السرية التي يتم احتجاز المواطنين بها، ولا نعلم عنها شيئا.
لافتة إلى أن جرائم التعذيب التي يتم إعلانها للرأي العام لا تمثل أكثر من 1% من جرائم التعذيب التي تحدث الآن في مصر، وأشارت إلى أنه لا يوجد إحصاء دقيق للتعذيب لأن جميع القنوات التي من الممكن أن نرصد بها حالات التعذيب مغلقة، ولا مجال لوقف التعذيب إلا بحل وزارة الداخلية وإعادة هيكلتها من جديد.
وأضافت" سيف الدولة" أن هناك 42 سجنًا معلن عنها، ولكن الواقع مختلف تماماً، وهذا الرقم غير حقيقي، لأن هناك مئات السجون السرية في مصر.