وصل قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، إلى سنغافورة الأحد، في مستهل جولة آسيوية تستغرق أسبوعا، يزور خلالها الصين وإندونيسيا، واصطحب فيها لأول مرة رئيس هيئة قناة السويس، الفريق مهاب مميش.
وعلى عكس ما يروج له الإعلام المؤيد للانقلاب، متحدثا عن حفاوة غير مسبوقة بالسيسي في سنغافورة، فإن الرجل عندما وصل إلى مطار "شانغي" لم يجد في استقباله إلا وزير المواصلات، ومدير المراسم في وزارة الخارجية.
والملفت أيضا أن زيارة السيسي تدوم ليومين كاملين في سنغافورة، قبل أن تقام له مراسم الاستقبال الرسمية في قصر الرئاسة، في سابقة دبلوماسية تعكس عدم الاهتمام الرسمي من المسؤولين السنغافوريين بقائد الانقلاب الذي يقوم بأول زيارة لرئيس مصري لسنغافورة، بحسب ما رآه ناشطون.
ويستغرب هذا الاستقبال "غير اللائق" للسيسي، الذي قرر الإقامة في البلد الآسيوي الصغير لمدة ثلاثة أيام، على الرغم من أنه بات من المعروف أن الزيارات التي تستغرق أيام عدة لا تكون إلا للبلدان المؤثرة سياسيا واقتصاديا، مثل الولايات المتحدة أو روسيا أو ألمانيا.
زيارة لمحطة مياه وحديقة نباتات
وبدأ السيسي نشاطه في سنغافورة الأحد، بزيارة "مركز الوئام الديني"، الذي تم افتتاحه عام 2006 بمبادرة من مجلس الشؤون الإسلامية لتعزيز التفاهم بين مختلف الأديان في سنغافورة، والتقى مفتي المسلمين في سنغافورة، والمبعوث الخاص للرئيس إلى الشرق الأوسط.
من جهتها، صرحت سفيرة مصر لدى سنغافورة، فاطمة جلال، أن الهدف من تلك الزيارة هو تدعيم العلاقات مع المسلمين في سنغافورة.
أما ثاني الأماكن التي زارها السيسي، فكانت محطة لتحلية المياه وتوليد الكهرباء، حيث عقد مباحثات مع رئيس الشركة وكبار مسؤوليها للاطلاع على خبرة سنغافورة في هذا المجال، والاستفادة منها، واستمع من القائمين على المحطة على شرح لخطوات معالجة المياه والاستفادة من اندفاعها في توليد الكهرباء، دون كلمة في سجل الزيارات في المحطة.
وخلال الزيارة، تم توقيع مذكرة تفاهم بين مصر وسنغافورة لإنشاء ثلاث محطات للتحلية والتوليد، تكون الأولى في مدينة العين السخنة في السويس، ووقعها عن الجانب المصري الفريق مهاب مميش، وليس أحد الوزراء الثلاثة المرافقين للسيسي.
وأثار اصطحاب السيسي لمميش في هذه الزيارة تساؤلات عديدة، حيث يقول مراقبون إن السيسي سيعتمد عليه أكثر فأكثر في الفترة المقبلة، وبدا واضحا تفضيل السيسي له على الوزراء المرافقين، وهم وزير الخارجية سامح شكري، ووزير الري حسام المغازي، ووزير الاستثمار أشرف سلمان.
وقال مميش إن مصر تسعى للاستفادة من الخبرة السنغافورية في هذا المجال، عبر الاتفاق مع شركة "هاي فلاكس" التي تُعد الشركة الأولى على مستوى العالم في مجال تحلية المياه، وتقوم بإمداد سنغافورة بنحو 40 في المئة من احتياجاتها من المياه العذبة المعالجة.
وأكد وزير الخارجية سامح شكري، أن زيارة السيسي لسنغافورة "تستهدف الاستفادة من تجربتها في مجالات المياه، والتدريب، ونقل الحاويات، والخدمات اللوجستية".
وفي اليوم الثاني لزيارته، يتوجه السيسي إلى حديقة النباتات "بوتانيك جاردن" في العاصمة السنغافورية، لحضور "مراسم تسمية زهرة أوركيدا خاصة على اسمه، ووضعها في ركن كبار الشخصيات في الحديقة".
واحتفت وسائل الإعلام المصرية بهذه الواقعة، وقالت إن إطلاق اسم السيسي على إحدى الزهور المهجنة، يعد "تقليدا رفيعا" تقوم به سنغافورة، تقديرا فقط للملوك والرؤساء "المميزين لديها".
مراسم رسمية متأخرة
بعد ذلك، تجري الاثنين مراسم الاستقبال الرسمية للسيسي في قصر الرئاسة، ثم تعقد جلسة مباحثات مع الرئيس السنغافوري "توني تان"، تعقبها جلسة مباحثات موسعة بحضور وفود البلدين، لبحث تعزيز العلاقات الثنائية.
وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، السفير علاء يوسف، إن السيسي سيلتقي أيضا مع رئيس وزراء سنغافورة، لي هسيين لونج، لمناقشة عدد من الملفات الاقتصادية والسياسية.
بعدها، يعقد قائد الانقلاب لقاء مع عدد من المستثمرين السنغافوريين على مأدبة غداء في مقر إقامته، لتعريفهم بفرص الاستثمار في محور قناة السويس ومصر بشكل عام.
والغريب أن السيسي الذي يحل ضيفا على سنغافورة، هو الذي سيقيم مأدبة الغداء في مقر إقامته لرجال الأعمال السنغافوريين، بدلا من أن يقوموا هم بدعوته.
ومن المقرر أن يدلى السيسي بحديث تليفزيوني لقناة "نيوز آشيا"، ثم يتوجه مرة ثانية إلى قصر الرئاسة السنغافوري لحضور مأدبة عشاء يقيمها الرئيس تكريما له.
وفي اليوم الثالث للزيارة، يزور السيسي ميناء سنغافورة العملاق، قبل أن يغادر البلاد متوجها إلى العاصمة الصينية بكين، محطته الآسيوية الثانية.