شاهد.. "أحداث الاتحادية".. انقلاب فاشل ومخطط اغتيال الرئيس
05/12/2015 12:51 م
كتب - هيثم العابدمحطة فارقة في المسار الثوري.. وسيناريو عسكري بامتياز ظاهرة قوى مدنية وأباطرة دولة مبارك العميقة وفي باطنه يتخفّي في كواليس المشهد الجنرالات القابعين في أروقة الشئون المعنوية ودهاليز المخابرات الحربية من أجل استعادة السيطرة على مقاليد الحكم، هذا هو التوصيف الذي استقر عليه المراقبون حول أحداث "الاتحادية" بعد مرور 36 شهرا على محاولات إسقاط السلطة المنتخبة عبر تحركات مدفوعة الأجر، والتي أجبرت العسكر على التدخل المباشر بعد 6 أشهر فقط من أجل إنقاذ الانقلاب الذي فشل فيه عبر الوسطاء.
"تدخل الجيش، أو اندلاع ثورة جياع، أو قيام حرب أهلية"، ثلاثة سيناريوهات فاضحة طرحها رجل الثورة المثير للجدل محمد البرادعي بنبرة لا تخلو من الاستقواء بالخارج مع تصاعد الاشتباكات في محيط القصر الرئاسي في مثل هذا اليوم قبل 3 سنوات، من أجل التعامل مع الشارع المتوتر في مواجهة السلطة المنتخبة ديمقراطيا، جميعها تعكس إزدواجية الرجل الذي طالما تغني بالديمقراطية عندما كان أحد أطراف المعادلة وكفر بها بعد أن خذلته الصناديق.
* السيسي شق الصف الثوري.. والاتحادية الاشتباك الأول بين رفقاء الميدان * العسكر رسم مخطط الانقلاب بأوراق مدنية.. والسيناريو تأخر 6 أشهر * الشامخ تجاهل شهداء الإخوان.. و"استعراض القوة" تهمة رئيس الجمهورية |
مطالب البرادعي الذي قاد –ما سمي- بجبهة الإنقاذ آنذاك، كانت تتمحور في ظاهرها حول إسقاط الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس الشرعي محمد مرسي من أجل احتواء الشارع الثوري وتنفيذ العديد من المطالب التي نادي بها الميدان وعلى رأسها استكمال مؤسسات الدولة التي كانت تحول دونها مؤسسات دولة مبارك وإقالة النائب العام الذي أفسد كافة أوراق إدانة المخلوع وعصابته.
وعلى وقع تأليب الشارع ضد السلطة المنتخبة وافتعال الأزمات من أجل إسقاط النظام الشرعي، والتي بدأت مع الذكري الثانية لأحداث محمد محمود، ضمن مخطط تصاعد وتيرة العنف في الشارع حتي ينتهي الحدث على عتبات الاتحادية باقتحام القصر الجمهوري والإعلان عن اسقاط النظام، بدأ المخطط الذي فطنت إليه السلطة مع انسحاب داخلية محمد جمال الدين من محيط القصر وتهاون الحرس الجمهوي في الدفاع عن القصر الذي اشتعلت النيران في أبوابه وانطلقت الأوناش لتنهش أسواره، حتى تدخل أنصار الرئيس للحيلولة دون تفاقم الأحداث.
إلا أن ذريعة جبهة الإنقاذ لإسقاط الشرعية عبر رفض الإعلان الدستوري، لم تكن سوى حجة وهمية ومدخل لحشد الشارع، حيث إن المخطط بدأ قبل هذا التاريخ بهدف التحرك على نحو متسارع من أجل إجبار العسكر على التدخل على وقع فزاعات الحرب الأهلية، حتى قبل أن يصدر الإعلان الدستوري من الرئاسة.
حقائق تتكشفتلك الحقيقة التي كشف عنها د. محمد محسوب –وزير الدولة للشئون النيابية في حكومة هشام قنديل- والذي كشف تصاعد سيناريو العنف قبل صدور الإعلان الدستوري، مشيرا إلى أنه تمت دعوته إلى عشاء مرشح خاسر في انتخابات الرئاسة، يوم الخميس 15 نوفمبر 2012، لمناقشة تحركات الإزاحة بالرئيس مرسي خلال ذكرى محمد محمود، قبل إصدار "الإعلان الدستوري".
وأوضح محسوب –فى شهادته للتاريخ وإنعاش ذاكرة السمك التي تسيطر على الشعب- أنه حذر من عواقب ذلك؛ حيث تقسم الثورة وتفتح الباب للدولة العميقة، غير أنه في يوم الاثنين 19 نوفمبر، بدأ المخطط مع أحداث محمد محمود الثانية بنصب خيمة مستشفى ميداني -ولم يكن قد صدر الإعلان الدستوري-، وفى اليوم التالي ضُربت الجمعية التأسيسية بالمولوتوف، في مشهد كاشف لبوادر الانقلاب في غياب دوافع حقيقية، وفي 21 نوفمبر، حوصرت التأسيسية وضُرب مكتبه بوزارة الشئون البرلمانية -ولم يكن الإعلان الدستوري قد صدر.
الذكرى الثالثة
اليوم 5 ديسمبر، تمر الذكري الثالثة لأحداث قصر الاتحادية والتي خلفت دماء على أستار الثورة، في أول اشتباك صريح بين مكونات ميدان التحرير والتي أطاحت بالمخلوع مبارك في مشهد ملحمي، سقط خلالها 11 شهيدا، 9 من أنصار الرئيس الشرعي سقطوا من ذاكرة دولة العسكر وباتوا نسيا منسيا في أروقة شامخ الانقلاب، واثنين من قوى المعارضة سخرت دولة العسكر كافة سلطاتها وأمكاناتها لإلصاق دماءهم برقبة السلطة.
ومن بين 11 شهيدا، اكتفت القضاء الشامخ بالدفاع عن اثنين فقط متجاهلا السؤال عن دور الشرطة في السيطرة على الاشتباكات أو تهاون الحرس الجمهوري في الدفاع عن أهم المؤسسات الحيوية، وراح يطلق الأحكام بسخاء، بمعاقبة الرئيس محمد مرسى، ومحمد البلتاجي، عصام العريان، أسعد الشيخة نائب رئيس ديوان رئيس الجمهورية، وأحمد عبدالعاطى مدير مكتب الرئيس، وأيمن هدهد سكرتير الرئيس، و9 آخرين بالسجن المشدد 20 سنة ووضعهم تحت مراقبة الشرطة لمدة 5 سنوات بتهمة استعراض القوة.
تلك المآلات التي خلصت إليها أحداث الاتحادية، تفضح الآن مخطط العسكر لاستعادة السلطة بعد أن سلبتها الثورة إياها، فكانت البداية بمحاولة دق إسفين بين مكونات الثورة في أحداث محمد محمود، إلا أن المحاولة التي أتت ثمارها بوقع التيار الإسلامي والمدني وجها لوجه أمام أسوار الاتحادية ليصبح العسكر هو الفائر الوحيد من تلك المعادلة الصفرية.
وتمثل أحداث الاتحادية أول محاولة انقلاب على السلطة، حيث شهد اقتحام القصر من قبل 6 أفراد –بحسب رواية ممدوح حمزة- من أجل الاعتداء على الرئيس الشرعي، وبالرغم من تحالف العسكر والشرطة ضد الرئيس إلا أن وزير العدل الشرعي المستشار أحمد مكي أكد أن الرئيس كان يتحدث عن ضرورة حماية الأرواح مرددا "إﻻ الدم إﻻ الدم مش عاوز قتلى".
* الجوهري كشف مخطط اغتيال مرسي.. والشرطة سربت مسار الموكب * مكي: الرئيس كان يردد "إلا الدم".. والمتظاهرون اقتحموا القصر |
وكشف العميد الراحل طارق الجوهري –أحد أفراد حرس تأمين الرئيس- أن ليلة 5 ديسمبر شهدت التخطيط لمحاولة اغتيال مرسي سواء بعد اقتحام القصر الجمهوري، أو عبر عناصر من الشرطة المكلفة بحراسة منزل مرسي بعد أن حشدوا أشخاصا في الفيلات المجاورة لمنزل الرئيس على أن يبلغوهم بتحرك الموكب ويتركوهم يهجمون على الرئيس ويُغتال في الطريق إلى بيته.
أحداث الاتحادية كانت رقما في دفتر أحوال العسكر من أجل استعادة السلطة، وسحق مكتسبات ثورة 25 يناير، غير أن مخطط جنرالات المخابرات الذي فشل في أوائل ديسمبر نجح بذات الوجوه في 3 يوليو 2013، قبل أن يتخلص الانقلاب تباعا من تلك الأوراق المستهلكة ليسيطر بمفرده على الحكم، ويبرهن على أن الاشتباكات التي ضربت محيط القصر قبل ثلاث سنوات كانت تشير مع أول رصاصة استباحت دماء المصريين أن العسكر هو المتهم الأول، وأن الاتحادية لم تكن سوي محطة في جرائم مليشيات السيسي في مجلس الوزراء وماسبيرو ومحمد محمود والعباسية واستاد بورسعيد، ولازالت متواصلة.