أكد الدكتور سامح نجيب، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأميركية، والناشط في حركة الاشتراكيين الثوريين، أن النظام المصري الحالي في ورطة كبيرة بسبب الأزمات المتتالية، وأنه لم يعد متماسكًا كما في السابق؛ بسبب صراع الأجهزة الداخلية.
وقال "نجيب"، في مقال نشرته صحيفة "رد فلاج" الأسترالية: إن هناك أمورًا مهمة جدًا حدثت خلال الشهور القليلة الماضية وتزايدت وتيرة التغيير في مصر التي لديها نظام مريع بقيادة عبدالفتاح السيسي فهناك المئات من حالات الإخفاء، والآلاف من السجناء السياسيين، والقتل والتعذيب، فالنظام يواجه مشاكل كبيرة.
وأضاف "أولى هذه المشاكل هي المشكلة الاقتصادية غير المسبوقة؛ حيث توقفت السعودية ودول الخليج التي دفعت في الماضي ما يزيد على 21 مليار دولار لدعم نظام السيسي عن تقديم المعونة المالية؛ بسبب الانخفاض في أسعار النفط، وعدم القدرة على الاستمرار في دفع المبالغ التي دفعتها في السابق، كما يكافح نظام السيسي لكي يدفع فوائد القروض التي منحتها له هذه الدول.
وثانيًا فإن سياسات النظام المصري نيوليبرالية بشكل متطرف فأنفقت الحكومة كثيرًا من المال في محاولة منها لتنشيط الاقتصاد، لكن ذلك يتم مع نظام متوازٍ للتقشف، ومع تخفيض شديد من مبالغ الدعم والإنفاق العام، كما أنها تحاول تخفيض العمالة، التي بها ستة ملايين موظف خدمة مدنية، والسيسي يقول صراحة "نحن بحاجة فقط إلى مليون عامل فقط من هؤلاء الستة"، وهو ما يمثل تهديدًا بشكل أساسي للخمسة ملايين عامل الآخرين.
وأوضح الكاتب أن البنك المركزي فقد السيطرة على سعر الجنيه المصري، كما أن الاحتياطي النقدي ينفد، وخلال ثورة 2011 كان الاحتياطي النقدي 25 مليار دولار، والآن أقل من 10 مليارات دولار.
وتابع: مصر هي ثاني أكبر مستورد للقمح على مستوى العالم، وهي بحاجة إلى الأموال لدفع ثمن القمح بشكل شهري، والاحتياطي النقدي الحالي لا يكفي لاستيراد السلع الأساسية لثلاثة أشهر بما في ذلك زيت الطعام، والقمح، وهناك بالفعل نقص حاد في السلع الرئيسية الأساسية، وبسبب الأزمة الاقتصادية هناك انقسام حاد بين نظام السيسي، وطبقة رجال الأعمال التي تدعمه ماليًا داخل مصر؛ فعائلات المليارديرات التي اكتسبت الأموال خلال حقبة الرئيس المخلوع مبارك أسهمت بشكل رئيسي في تمويل الانقلاب العسكري في 2013، وما زالت تدعم الحكومة حتى الآن، وهم الآن لديهم مشاكل حادة في توفير النقد الأجنبي لشراء المواد الخام الضرورية لمصانعهم، وبدأت في إظهار المعارضة للنظام.
ويرى أستاذ علم الاجتماع، أن المؤسسات الأمنية المختلفة، والتي عادة ما يوازن الرئيس فيما بينها، بدأت في التنافس فيما بينها، وباتت هناك شروخ من الصعب إصلاحها، ومن الصعب جدًا إحداث التوازن بين هذه المؤسسات، وتحول أعضاء البرلمان إلى ممثلين لهذه المؤسسات التي قامت بتحديد أعضائه، وأصبح الناس يرون هؤلاء الذين في القمة ليسوا بدرجة الصلابة التي كانت في السابق.
وأشار إلى الاحتجاجات التي شهدتها البلاد، فخلال 2015 كانت هناك مظاهرات كبيرة من قبل موظفي الخدمة المدنية، وذلك بالرغم من قانون التظاهر، وأيضًا كان هناك اجتماع ضخم لنقابة الأطباء، ومظاهرات الحاصلين على الماجستير والدكتوراه على بعد 500 متر من ميدان التحرير، وكان للألتراس مظاهرتين كبيرتين للمرة الأولى منذ 2013.
وتابع الكاتب: "كل هذه الأمثلة كانت لأناس يحتلون الأماكن العامة، ويكسرون قانون التظاهر، ولم يكن بإمكان الشرطة أن توقفهم، وكانت ثورة 2011 عبارة عن احتلال الناس للأماكن العامة، والآن يقوم الناس بفعل ذلك مجددًا، وبدأ هذا في خلق نوع من الحماسة التي رأيناها قبل ذلك أثناء الثورة، والشهور التي قبلها، وهو ما له دلالة كبيرة؛ إذ تبدو إمكانية التغيير في تزايد، وبدأ الناس في التحرك، وكل مرة يحتل الناس مكانًا عامًا تزداد ثقتهم.
وختم الكاتب: هناك فرصة كبيرة لتيار اليسار للانتشار في ظل فشل النظام الحالي، لكن ذلك يواجه بصعوبات تنظيمية، مطالبًا جميع التيارات بما فيها الإسلاميون والإخوان بالتوحد في وجه الديكتاتورية العسكرية، وفي حال حدوث ذلك فإننا نكون قد بنينا البديل العلماني، وسنكون قادرين على استخدام هذه الحركة في التجهيز للثورة القادمة.