تناول الكاتب الصحفي، أحمد منصور، من خلال مقال له بـصحيفة "الوطن القطرية"، الحكم "الهزلي" الذي أصدرته إحدى المحاكم المصرية، بإعدام ستة، منهم أربعة إعلاميين، فيما يعرف إعلاميا بقضية "التخابر مع قطر" ، مستنكرا أن يتم الحكم في قضايا ، لا يمكن للعقل أن يتصورها ، فضلا أن تعقد لها قضايا.
ونوه الكاتب إلى أن هذا لم يحدث مع عدو الأمة، والتي ستظل عدوها، وهي إسرائيل، بل على العكس، يتم تسريب المعلومات لها بكل انسيابية وأرياحية ، خاصة في ظل نظام السيسي، وأن مبارك وعمر سليمان "الكنز الاستراتيجي لإسرائيل" رغم ما قدماه لإسرائيل، يعتبر أمر صغيرا، بالنسبة لما يقدمه قائد الانقلاب العسكرى عبد الفتاح السيسي لها.
وأكد "منصور" في نهاية مقاله، أن الشعب سيهب ليقضى على نظام السيسى كما سحق نظام القذافي وابن علي ومبارك.
وإليكم نص المقال:
كانت قضايا التخابر في مصر طوال العقود الماضية هي قضايا تخابر لصالح إسرائيل التي هي عدوة للأمة العربية كلها منذ زرعها في قلب فلسطين عام 1948، وبقيت ولا زالت إسرائيل في العقل العربي هي العدو، وضدها ومعها خاض العرب ما يقرب من عشر حروب متضمنة حروب لبنان وغزة، ولازالت هي التي تخرب وتمزق وتفرق بين العرب، لكن منذ قام النظام الانقلابي في مصر أخذنا نفاجأ بأمرين:
الأول: هو الولاء التام لدولة إسرائيل وتقديم الخدمات التي لم تكن تحلم بها، و الافراج عن كل جواسيسها، بل وتجاوز ذلك إلى تقديم المعلومات والخدمات الاستخباراتية التي جعلت ملفات المخابرات العامة المصرية والأجهزة الأمنية مفتوحة أمام الضباط الإسرائيليين يأخذون منها ما يشاؤون ويوجهون ما يريدون حتى أن حسني مبارك وعمر سليمان اللذين وصفا من قبل الإسرائيليين بأن كلا منها يعتبر "كنزا استراتيجيا" بالنسبة لإسرائيل أصبح كل منهما جنديا صغيرا إلى جوار ما يقدمه الجنرال السيسي من خدمات تفوق ما كانت تحلم به إسرائيل منذ قيامها وحتى الآن .
الأمر الثاني أن النظام المصري أصبح يعتبر كلا من حركة حماس ودولة قطر عدوين موقعهما بالنسبة له يوازي موقع إسرائيل حينما كانت العدو الأول للنظام المصري، وبعد الانقلاب ظهرت قضية اتهم فيها رئيس الدولة المنتخب بأنه كان خلال فترة حكمه يتجسس لصالح حركة حماس التي هي المحارب الأول للعدو الصهيوني، واعتقد كثيرون أن الأمر مزحة في البداية، لكن سرعان ما تم فبركة قضية، وقدمت للقضاء الهزيل والقضاة الفاسدين فتداولوها وأصدروا أحكاما أشبه ما تكون بمسرحية هزلية .
ثم فوجئ الجميع بقضية أخرى تنظر أيضا أمام القضاء تسمى "التخابر لصالح قطر" والاسم والمعنى ودلالاته للقضية لا يدخل في إطار السريالية الخرافية بقدر ما يدخل في إطار مستنقع الفساد والجنون الذي يقود إليه النظام الانقلابي مصر وتاريخها وحضارتها وشعبها إلى مستقبل مجهول، فالسيسي تجاوز القذافي في شطحات جنونه وصنع كذبة وصدقها ويريد من الناس أن يصدقوها، وسرعان ما تم تداول القضية مثل الأولى وفوجئ الجميع يوم السبت الماضي بصدور أحكام بالاعدام على ستة من المتهمين بينهم زميلان يعملان في قناة الجزيرة، ويبدو أن هذا المشهد لا يمثل ذروة الفضيحة الجديدة للنظام المصري فالممثلون الجالسون على كراسي القضاة لم ينهوا هذا الفصل المسرحي بعد، بل أجلوا بعض المشاهد لجلسات قادمة ليتابع الناس ما يستجد من مسرحيات يقوم بها النظام الفاشل على مسرح السياسة ومسرح القضاء وسوف يستمر العرض حتى يهب الشعب ويسحق هذا النظام كما سحق القذافي ومبارك وبن علي وصالح إنها سنن الله في الكون "وارتقبوا إنا مرتقبون".