تتوالى المفاجآت، وكأن دماء الشهداء فى ميدانى رابعة والنهضة تأبى ألا يُحاسب فعاليها ويهربون من المسائله، وذلك بعدما فجر المستشار حسن فريد رئيس محكمة فض الاعتصام، مفاجئتة الكبرى، بإن المستشار هشام بركات، النائب العام الأسبق والذى توفى اثر انفجار استهدف موكبة، لم يصدر أمرا بفض الاعتصام، وإنما قرارا بضبط الجرائم التي ترتكب هناك، ليقلب موازين القضايا المنظورة ضد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي.
وفي 14 أغسطس 2013، قامت قوات الشرطة والجيش بفض اعتصامات المعارضين لانقلاب 3 يوليو 2013 في ميدان رابعة العدوية والنهضة، بالقوة، ما خلف مئات القتلى والجرحى.
اجرام العسكر أصبح بلا شرعية
المستشار وليد شرابي، نائب رئيس المجلس الثوري المصري يقول: "يجب أن نوضح أن هشام بركات لم يكن يمثل سلطة شرعية، فهو معين بقرار من عدلي منصور أو رئيس جمهورية في سلطة الانقلاب، وبالتالي فقراره بفض رابعة أو عدم فضها لن يعطي مشروعية للجرائم التي تمت".
وأضاف شرابي قائلا: "بفرض أن قرار الفض صادر من نائب عام في سلطة شرعية ممثلة للشعب فإن هذا أيضا ليس سببا من أسباب الإباحة، فتمنح المشروعية للقتل والقنص والحرق".
وتابع "لو أن هشام بركات كان قد أصدر هذا القرار فهو شريك في الجريمة، ولو لم يصدر هذا القرار فهو أيضاً شريك في الجريمة، وذلك لامتناعه عن اتخاذ أي إجراء قانوني قبل الجناة الذين ارتكبوا هذه الجرائم فسعى بذلك إلى مساعدتهم للإفلات من العقاب".
وحول احتمال اغتيال بركات لإخفاء حقيقة ملف رابعة، أكد المستشار شرابي "لا أتفق مع هذا الرأي، فهناك شخصيات في سلطة الانقلاب لا يختلف أحد على مسؤوليتهم عن جرائم القتل في رابعة وغيرها، وأرى أن التحقيقات لو تم مباشرتها بحيادية وعدل فستكشف عن كل من تلوثت أياديه بدماء الأبرياء".
وقال "شرابى" حسب ما نشره موقع عربى 21: "قمنا بطرق أبواب المحاكم الدولية فور ارتكاب المجازر، وتم تقديم العديد من الدعاوى المنظورة أمام جهات التحقيق، ولكن نظام السيسي مازال يحظى بإرادة سياسية دولية ترغب في حماية الجناة".
من جانبه، أكد المحامي محمد الدماطي، أن تصريح المستشار حسن فريد، يعتبر تطورا خطيرا يدين من قام بمجزرة الفض، ويؤكد أن ما تم ما هو إلا جريمة بدون قرار قضائي، وأن "ما نفذته وزارة الداخلية جريمة خارجة عن إطار القانون".
دس القرار
الدماطي، عضو فريق الدفاع عن الرئيس محمد مرسي، أعلن عن تخوفه من قيام سلطات الانقلاب بدس ورقة تحمل القرار مرة أخرى بين أوراق القضية التي تشمل على آلاف الصفحات.
وأشار الدماطي إلى أن إعلان رئيس جنايات القاهرة يعني وجود تضارب بين الأجهزة القضائية، " وكان يمكنه الرجوع للنيابة في ذات الجلسة لتأكيد وجود قرار النائب العام، ولكن رده بعدم وجود قرار قد يكون مقصودا لإحراج الأجهزة القضائية الأخرى".
وقال الدماطي "إن صح كلام حسن فريد، فإن الأمور ستنقلب في جميع القضايا وليس في قضية فض رابعة، لأن هذا الكلام يعتبر عنوان لعدم مصداقية النيابة والجهات القضائية الأخرى".
وحول محاكمة مرتكبي جريمة الفض وعلى رأسهم قائد الانقلاب، أكد الدماطي أنه "يجب إقامة دعاوي قضائية في مصر أولا ومحاكمة كل من تورط في جريمة قتل المئات بدون سند قانوني".
غسل يد القضاء والنيابة
المحامي مختار العشري، قال إن "معتمد القرار كان بضبط الجرائم الموجودة بالاعتصام إن وجدت حسب ما صرح به رئيس المحكمة، وهذا لا يعني فض الاعتصام بالقوة كما حدث بالفعل، ولكن يعني القبض على من يثبت بحقه جريمة موجودة بالاعتصام كحيازة أسلحة بدون ترخيص، أو وجود خطف لبعض الأفراد بالقوة على غير رغبتهم أو غيرها مما كان يشاع في وقتها".
وفي حديثه لذات الموقع أكد العشري، المحكم الدولي، "تصريح القاضي حسن فريد يعد تخلي وغسل يد القضاء والنيابة من جريمة القرن؛ بقتل آلاف المعتصمين السلميين ووضعها في رقبة آخذ القرار الحقيقي قائد الجيش ومسؤول الشرطة".
ويرى العشري أن التخلص من هشام بركات حقق لمرتكب جريمة فض رابعة أكثر من هدف؛ الأول إيجاد مبرر لإعدام الرئيس وتمرير قانون الإرهاب. والثاني هو التخلص من شركاء الجريمة. وأضاف "ربما تكشف الأيام عن خلافات حول الكعكة كان أحد أبطالها هشام بركات".
شهادة إدانة
الأمين العام المساعد السابق للمجلس الأعلى للصحافة، قطب العربي، أكد أن كلام رئيس المحكمة هو شهادة إدانة بحد ذاته لسلطة الانقلاب التي فضت الاعتصام وسفكت دماء آلاف الشهداء دون أي سند قانوني؛ ويكشف كذب وزارة الداخلية التي أعلنت أن الفض يتم بناء على قرار النيابة العامة.
أضاف المعارض المصري أن فض اعتصام رابعة وما شهده من مذبحة بشعة هي ا?كبر في تاريخ مصر كان جريمة لا تغتفر ولن تسقط بالتقادم سواء تمت بقرار نيابة أو بدونه.
صمت النيابة
وقال العربي: "صمت النيابة العامة على كلام رئيس المحكمة حتى الآن يعني صحته، وكان أمام ممثلها فرصة للرد في المحكمة أو عبر بيان رسمي؛ وبالتالي فإن هذا يزيد الهواجس حول مقتل النائب العام هشام بركات، واحتمال أن يكون بهدف التخلص منه قبل أن يفشي السر، ولست متأكدا تماما من هذا الكلام".
وختم العربي بقوله "حتى الآن نحن أمامنا اعتراف من جهة رسمية قضائية ذات صلة تؤكد عدم وجود قرار من النائب العام بالفض وقد تم نشر كلام رئيس المحكمة في الصحف المصرية المحلية ولم تنفه النيابة العامة، كما لم يصدر رئيس المحكمة نفيا لكلامه أو توضيحا له".
وأشار "من المحتمل أن يكون كلام رئيس المحكمة هو نوع من غسل يد الهيئة القضائية والنيابة جزء منها من قرار الفض وتحميل المسؤولية للجيش والشرطة لكنني أظن هذا احتمالا ضعيفا".
وختم حديثه بالقول "سواء صدر قرار بفض الاعتصام أو لم يصدر فهو جريمة ضد الإنسانية، وهناك دعاوى جنائية دولية بالفعل ضد بعض المسؤولين عنه، وسيكون اعتراف رئيس المحكمة هو دليل جديد لإدانة سلطة الانقلاب".
***