لم تكن زيارة المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، التى كان لها فى السابق مواقف جيدة للغاية تجاه اللاجئين العرب والمسلمين، الذين تسبب الغرب فى تهجيرهم من بلادهم، بعد نشوب حروب قوية، كانوا هم الفاعل الرئيسى فيها، من أجل إضافة شرعية للعسكر، أو مساعدة مصر، هؤلاء القادة الغربيون لا يفكرون بتلك الطريقة أبدًا، بل هناك ما هو أسوأ، حيث ان عمليات توطين اللاجئين فى مصر وأفريقيا هو الهدف الأساسى، بعد فشلهم فى تطويع تركيا.
وهذا ما تم الحديث عنه والتفاوض عليه بين العسكر، وميركل، خلال الزيارة الأخيرة لها بالقاهرة، لكن ظهور تقرير للمفوضية، تسبب فى صفعة قوية لـ"السيسى" بسبب الأرقام التى يطلقها بطريقة عشوائية عن اللاجئين، وكذلك فضح ازدواجية المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وتآمرها الجديد فى الأراضى الأفريقية.
أحرجت الأرقام الصادرة عن المفوضية المصرية لشئون اللاجئين، بعدما أظهرت تقديرات المنظمة أعداد اللاجئين في البلاد بنحو 186 ألف لاجئ، بينهم حوالي 131 ألف سوري.
وناطحت المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، عبدالفتاح السيسي عندما قالت إن مصر استقبلت "500" ألف لاجئ من سوريا والسودان ودول أخرى، في تضارب واضح لأقوال السيسي الذي تحدث عن استقبال بلاده لـ"5″ ملايين لاجئ!
غير أن ميركل لم توضح أن غالبية تلك الأعداد من اللاجئين وغالبيتهم من السوريين كانوا في عهد الرئيس د.محمد مرسي.
وأضافت "ميركل" -خلال مؤتمر صحفي مشترك، عقد الخميس الماضى، مع السيسي- أن بلادها تقدم دعما ماديا لمصر من أجل تحسين أوضاع اللاجئين.
وقالت المفوضية عبر موقعها، إنه "نتج عن الأزمة الجارية في سوريا منذ عام 2011 وصول أعداد كبيرة من السوريين إلى مصر. فمع نهاية شهر سبتمبر 2013، سجلت المفوضية ما يزيد عن 120,000 سوري يقطنون في المناطق الحضرية في أنحاء مصر".
وتوقعت في التقرير ذاتها الصادر في يونيو 2013، أن يصل عدد السوريين المحتاجين إلى المساعدات إلى 180,000 شخص بنهاية عام 2013.
كما قدرت أعداد النازحين من سوريا إلى مصر حتى يونيو 2013، بنحو 2000 لاجئ يوميا.
ومررت الخارجية الأمريكية عبر وسائطها الإعلامية العربية مثل شبكة "راديو سوا" الأمريكية، أن أعداد اللاجئين السوريين، الذين تستوعبهم مصر حيث قدرت بـ132 ألف لاجئ لا يعيش أي منهم داخل مخيمات، كما هو الحال في بعض الدول.
غير أن السوريين عانوا من تضييق كبير بعد الانقلاب، واضطروا إلى الهجرات لأوروبا عبر البحر، وغرقت الكثير من المراكب لعائلات سورية كاملة ولم يحرك الانقلابيون ساكنا، بل أيدوا إبعادهم.
وشهدت أوروبا تدفق نحو 1.3 مليون مهاجر ولاجئ انطلقوا من دول مختلفة عام 2015 أغلبهم فروا من الحروب وشظف العيش والاضطهاد السياسي في الشرق الأوسط وإفريقيا.
وكانت أزمة اللاجئين في أوروبا عامة وألمانيا تحديدا محور مباحثات المستشارة "ميركل" مع "السيسي".
وحثت الحكومة الألمانية برئاسة ميركل حكومات دول المغرب العربي ومصر على تكثيف الرقابة على الحدود وتسريع عمليات إعادة المهاجرين الذين رفضت طلبات لجوئهم، ولهذا فمن المقرر أن تقصد ميركل تونس وتلتقي بباجي السبسي لمناقشة نفس الملف.
وفى الوقت ذاته أشار مراقبون إلى أن زيارة المستشارة الالمانية انجيلا ميركل إلى القاهرة كانت غريبة ومفاجأة، وأن السبب وراء الحفاوة البالغة التي قوبلت بها هو إبداء قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي استعداده لقبول المطلب الالماني، بتوطين 500 ألف لاجئ موجودون حاليا بألمانيا إلى مصر.
ووفقا لموقع صحيفة "تسايتونج" الألمانية، فإن "ميركل في مهمة حساسة بمصر"، مضيفا أن "الاتحاد الأوروبي يسعى حاليا لدعم مصر من خلال برامج محددة كشفت عنها وثيقة عمل غير رسمية للاتحاد الأوروبي، تم تسريبها لمهنيي وسائل الإعلام، وتظهر مزيدا من التعاون بعيد المدى بين الجانبين في ملف توطين اللاجئين".
مفردات "ميركل" في مؤتمرها مع "السيسي" لم يخل جزء منه من كلمة "اللاجئين"، ولذلك حدد "تسايتونج" أهداف الزيارة بأنها "تتعلق بالحلول الممكنة لأزمة اللاجئين"، والوضع غير المستقر في ليبيا التي تشهد حرب أهلية فضلا عن موضوعات في غاية الاهمية على التعاون الاقتصادي بين مصر وألمانيا، وفقا لموقع صحيفة "تسايتونج" الألماني.
وأضاف الموقع الالماني أن ميركل تسعى تسعى لتعاون أوثق بشأن سياسة الهجرة مع مصر وانتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا.
وفى محاولة لتصدير أزمة اللاجئين، اقترح وزير ألمانى ينتمى للحزب الحاكم إنشاء مركز لإعادة توطين اللاجئين فى مصر.
وطرح وزير داخلية ولاية بادن فورتمبيرج، توماس ستروبل، عضو الحزب الديمقراطى المسيحى -الذي تنتمي له ميركل- الحاكم فى ألمانيا، فى مقال نشرته إحدى الصحف الألمانية، اقتراحه لإعادة توطين 500 ألف لاجئ فى مصر بعد ترحيلهم من ألمانيا.
وقال ستروبل فى مقاله الذى نقلت صحيفة ديلى اكسبرس البريطانية مقاطع منه في نوفمبر الماضي، إنه من الممكن إنشاء مركز لإعادة توطين اللاجئين فى مصر، يتم تدشينه بعد الاتفاق مع الحكومة المصرية ليس فقط لاستضافة اللاجئين الذين تتحطم سفنهم فى البحر المتوسط، بل أيضاً من يتم رفض طلباتهم فى حق اللجوء إلى ألمانيا.
وأضاف الوزير الألمانى فى مقاله : "هناك فرصة جديدة لعقد مثل هذا الاتفاق مع مصر"، مشيراً إلى أنه سيكون مكان لمن يعملون على طمس هويتهم وجنسيتهم ومن لم تستقبلهم بلادهم.
وفي تعبير عن حسن النوايا الألمانية، لوحت بملايين أوراق اليورو أمام عيون السيسي فسال لعابه، وأعلنت سحر نصر، "وزيرة" الاستثمار في حكومة الانقلاب إنها بحثت مع جونتر نوك، الممثل الشخصي للمستشارة الألمانية، انجيلا ميركل، تمويل مشروعات في مصر بقيمة 203.5 ملايين يورو.
وكشفت "الوزارة" أن قيمة الاستثمارات الألمانية في مصر 619.2 مليون دولار سجلت بنهاية يناير الماضي، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 5.5 مليارات يورو خلال العام الماضي.
ومن بين الأثمان ما كشفت عنه صحيفة التايمز البريطانية، عن مصادر دبلوماسية ألمانية، أن الوفد ناقش مع المسؤولين المصريين خطة لإعادة المهاجرين غير الشرعيين أو المرفوض طلباتهم لجوئهم، بالإضافة إلى وقف عمليات التهريب عبر القوارب وإعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، مقابل صفقات تجارية ومساعدات مالية وتعاون مع أوروبا.
كما أوضحت الصحيفة أن المسؤولين المصريين طلبوا، إضافة لذلك، مساعدة ألمانيا والاتحاد الأوروبي في مفاوضات القاهرة مع صندوق النقد الدولي للتوصل إلى شروط أفضل بشأن قرض الصندوق لمصر، ليعلن بعدها بيومين السفير الألماني في القاهرة، جيورج يوليوس لوي، رغبة “ميركل” في زيارة مصر، كدليل على الاتفاق المبدئي.
وعلى خلفية زيارة ميركل للسيسي، عبَّر مراقبون ألمان عن مخاوف من ذهاب أموال أي تعاون ألماني مع مصر إلى جيوب العسكر السلطويين وليس إلى الاستثمارات والطبقة المتوسطة المصرية، مشيرين إلى آلاف المعتقلين السياسيين. وحثت "العفو الدولية" ميركل على مطالبة السيسي برفع القيود عن النشطاء الحقوقيين، وحذرتها من دعم نظام السيسي السلطوي العسكري.