لهذه الأسباب.. فشل الحصار السعودي الإماراتي لقطر حتمي
06/06/2017 11:00 م
كتب: يونس حمزاويرسمت صحف وفضائيات الانقلاب، أمس واليوم، صورة قاتمة للأوضاع في قطر، على خلفية القطيعة التي أعلنتها فجأة كل من السعودية والإمارات، ثم القاهرة والمنامة بعد ذلك.
وزعمت صحف الانقلاب أن قطر أصابها الشلل جراء قطع العلاقات من جانب هذه الدولة، مدعية توقف العمل بالمصارف والبنوك والشركات، ووجود رعب بين المستثمرين، وانتشار قوات الجيش بالشوارع، وخسائر تقترب من 30 مليار دولار، بحسب صحف وفضائيات العسكر.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل حرّضت على انقلاب ضد الأمير تميم، ورسمت 3 سيناريوهات، منها عودة الأب الشيخ حمد، أو تولي أحد أشقاء تميم، أو استعادة أسرة "أحمد بن علي" عرش الإمارة الثرية.
وتقضي القطيعة بحصار قطر اقتصاديا بقطع العلاقات التجارية مع قطر، وإغلاق المنافذ البحرية والجوية والبرية. ويرجو الحلف السعودي الإماراتي أن يسفر ذلك عن خنق الدوحة اقتصاديا، وإحداث نقص شديد في السلع الأساسية، لكن جولة داخل الأسواق والمحال التجارية والمطارات والشوارع تظهر أن الأمور تسير على طبيعتها، حيث لا يوجد زحام على السلع في الأسواق، إضافة لتوافر المنتجات المختلفة.
وبحسب الخبير الاقتصادي مصطفى عبدالسلام، فإنه إذا تصوّر أصحاب قرار الحظر الاقتصادي أنه يمكنهم بهذا الحظر المفروض على قطر أن يجوعوا شعبا بأكمله ويعاقبوه اقتصاديا وتجاريا، في ظل تجارة عالمية حرة وسماوات مفتوحة واقتصاديات متداخلة، فهذا هو الوهم بعينه.
وإذا كانت وسائل إعلام وصحف الدولتين السعودية والإماراتية تتصوّر أن نشر شائعات وافتراءات متواصلة حول الاقتصاد القطري، بهدف دفع المستثمرين القطريين والأجانب إلى سحب استثماراتهم وأموالهم، وبالتالي دفع هذا الاقتصاد نحو الانهيار، فعليها أن تراجع نفسها وحساباتها ودقة معلوماتها.
اقتصاد قوي
ويقول محللون قطريون، إن لدى البلاد بدائل كثيرة تمكنها من كسر هذا الحصار الاقتصادي والتعامل مع الحصار التجاري، وخاصة أن حجم الاقتصاد القطري قد بلغ أكثر من 170 مليار دولار، بحسب بيانات صندوق النقد الدولي.
وبحسب هؤلاء، "تمتلك قطر سيولة مالية تقترب من 400 مليار دولار، موزّعة ما بين صندوق الثروة السيادي الذي يُدير أصولا تزيد عن 335 مليار دولار، والباقي في شكل احتياطي من النقد الأجنبي، وهذه السيولة تمكنها من تمويل تجارتها الخارجية". كما أن لدى قطر واحدا من أكبر بنوك المنطقة بل والأقوى عالميا، وهذه البنوك قادرة على فتح اعتمادات مستندية لمستوردي كل السلع والخدمات من الخارج، خاصة مع امتلاكها شبكة حول العالم.
وقال تجار قطريون، إن البلاد حققت فائضا تجاريا بلغ 2.7 مليار دولار في شهر إبريل الماضي وحده، بالإضافة إلى توافر موانئ ضخمة لديها، مثل ميناء حمد الدولي، القادر على استيعاب أضخم الحاويات، وأن هذه الموانئ يمكن أن تكون بديلا عن الحدود البرية السعودية.
ويقول خبراء اقتصاد، إن قطر تمكنت خلال السنوات الماضية من تنويع اقتصادها بعيدا عن الصادرات النفطية، واحتلت المراكز الأولى في مؤشرات اقتصادية عالمية عديدة، وهو ما يمكنها من استيعاب الصدمة الحالية، ومواجهة الحصار الاقتصادي الشامل من قبل السعودية والإمارات.
وإذا كانت السعودية والإمارات تملكان أوراق ضغط اقتصادية، فقطر لديها أيضا أوراق ضغط كثيرة، فقطر ذات اقتصاد متنوّع ليس قائما على مصدر واحد هو النفط، كما الحال في دول الخليج الأخرى، وقطر ثالث أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم، وتبلغ احتياطاتها منه نحو 14%، بما يعادل 900 تريليون قدم مكعب، بإيرادات سنوية تقدر بنحو 100 مليار دولار سنويا، وغاز قطر يلبّي 30% من احتياجات الإمارات من الطاقة، كذلك تزوّد دولا خليجية أخرى بالغاز.
مخزون السلع يكفي عاما
ومن جانبه، أكد رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر، الشيخ خليفة بن جاسم بن محمد آل ثاني، أن الاقتصاد القطري قوي بما يكفي لتجاوز الأزمة الحالية، كاشفا عن امتلاك قطر مخزونا استراتيجيا من السلع الغذائية الأساسية يكفي لأكثر من 12 شهرا، وأن أكثر من 95% من هذه السلع والمواد تصل إلى قطر من خلال البحر والجو، في حين أن نسبة 5% فقط هي التي تصل عبر الحدود البرية، وهي نسبة لا تشكل أزمة لاقتصاد البلاد، مضيفا أن القطاع الخاص القطري قام بإبرام اتفاقيات وتعاقدات مع العديد من الشركات الأخرى لضمان تدفق السلع والمواد الأولية وبأسعار تنافسية.
وأكد رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر أن المتضرر من هذه المقاطعة سيكون الشركات ورجال الأعمال واقتصادات الدول الثلاث المقاطعة، حيث ستخسر السوق القطرية.
بدائل أمام الدوحة
الدوحة لديها بدائل كثيرة لتزويد أسواقها ومحالها التجارية بالسلع والمنتجات المختلفة، والقيام بعملية إحلال سريع للسلع السعودية والإماراتية.
وعلى سبيل المثال، فإن سلع تركيا التي تربطها علاقات قوية مع الدوحة يمكن أن تحلّ، وبشكل سريع، بدلاً من السلع الخليجية الأخرى، بل وهناك مزايا عدة للسلع التركية منها رخص أسعارها وجودتها المرتفعة، إضافة إلى ميزة الشحن الجوي، إذ لدى تركيا أسطول قوي من طيران الشحن الجوي، وهناك أيضاً الشحن البحري عبر السفن العملاقة، إذ تمتلك كل من تركيا والدوحة موانئ على المياه الدولية.
وهناك أيضا السودان الذي يمتلك معظم بدائل السلع السعودية والإماراتية، وهناك سلع ومنتجات يمكن جلبها من العراق وإثيوبيا ولبنان والأردن والمغرب وتونس والجزائر ومن عشرات الدول الإفريقية والآسيوية والأوروبية والأمريكية، وهناك إيران التي أبدت استعدادها اليوم لتلبية احتياجات أسواق قطر خلال فترة لا تتجاوز 12 ساعة. وبهذا تخسر السعودية حليفا قويا كقطر في الوقت الذي تسعى فيه طهران إلى كسب دعم الدوحة والوقوف إلى جانبها، ما يعكس فشل الموقف السعودي الذي يراهن على ترامب ولا شيء سواه.