في حي بيبك بإسطنبول حيث شهد هذا الحي الراقي على اختفاء جمال خاشقجي يتوّجه الإعلامي السعودي، المعروف بانتقاداته للأوضاع في السعودية، إلى مقر القنصلية السعودية لإنهاء بعض الأوراق الرسمية ظهر الثلاثاء 2 أكتوبر، لكنه لم يعُد!
خطيبته التي كانت ترافقه، لم يُسمح لها بالدخول معه إلى مقر القنصلية، ولكنه لم يخرج، وحينما سألت عنه العاملين بالقنصليّة أخبروها بأنه غادر، وفي الوقت نفسه يُصرح الإنتربول السعودي بأنه قد استرد مطلوباً بقضايا احتيالية بشيكات دون رصيد، وهو ما جعل متابعي قصة خاشقجي يربطون بين اختفائه من تركيا وإعلان الإنتربول.
خاشقجي عمل سابقاً رئيساً لتحرير صحيفة الوطن السعودية اليومية، كما عمل مستشاراً للأمير تركي الفيصل السفير السعودي السابق في واشنطن، وقد غادر خاشقجي السعودية وبدأ في انتقاد الأوضاع بها، بعدما أصبح الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد.
7 مطلوبين سعوديين على قائمة الإنتربول.. وليس بينهم خاشقجي
بعد البحث في موقع الإنتربول الرسمي، تبيَّن أن المطلوبين السعوديين 7 أشخاص، ليس من بينهم جمال خاشقجي.
وفقاً لموقع الإنتربول interpol على الإنترنت، هناك ستة من بينهم مطلوبون في أميركا، أما المطلوب المُتبقي فهو مطلوب من قِبل روسيا.
تتجاوز أعمار بعضهم الخمسين عاماً، ويصل عمر واحد منهم إلى الثانية والسبعين عاماً، وبعضهم ما زال في العشرينيات، أما التُّهم الموجَّهة إليهم، فهي بحسب الإنتربول تتراوح بين تهم مُتعلقة بالاعتداء الجنسي، وأخرى مُتعلقة بالإرهاب وترويع المواطنين ومحاولة قتلهم وتدمير المنشآت.
المطلوبون السبعة:
إحدى السيارات التابعة للإنتربول
نصر علي السليم: وهو مطلوب من الولايات المتحدة الأميركية، لا يتجاوز عمره 27 عاماً، أمّا التهم المطلوب لأجلها فهو متهم بجريمة اعتداء جنسي، وجريمتي سطو من الدرجة الأولى.
علي حسين الحمود: مطلوب من قِبل أميركا.
وُلد في الدمام، وهي مدينة سعودية تقع على ساحل الخليج العربي، لا يتجاوز عمره 25 عاماً، وهو مطلوب لاتهامه بارتكاب بعض الجرائم الجنسية.
أمير خطاب: وهو مطلوب من روسيا، أردني وسعودي الجنسية، من مواليد عام 1963 م، ويتحدث اللغتين الروسية والإنكليزية إلى جانب العربية، أما التهم المنسوبة إلى أمير خطاب والمطلوب بشأنها فهي الإرهاب وقطع الطرق، ومحاولة قتل أحد أعضاء وكالة إنفاذ القانون.
علي سعيد بن علي الحوري: وهو مطلوب من أميركا، مواليد 1965م، بمدينة القطيف التي تقع في المنطقة الشرقية من السعودية، ويُقال إنه أحد أبناء تنظيم حزب الله الحجاز.
أما التهم الموجهة له فهي التآمر على قتل مواطنين أميركيين، والتآمر على قتل موظفين بالحكومة الأميركية، والتآمر لاستخدام أسلحة الدمار الشامل ضد مواطني الولايات المتحدة، ومحاولة قتل موظفين بالاتحاد الفيدرالي والنجاح في قتل بعضهم بالفعل، والتآمر لتدمير مُنشآت أميركية، والاشتراك في مؤامرة لتدمير مباني الدفاع الوطني الأميركية.
عبدالكريم حسين محمد النصر: وهو مطلوب من أميركا. من مواليد مدينة الأحساء بالسعودية عام 1946 م، أي أن عمره الآن يتجاوز 72 عاماً، يتحدث عبدالكريم اللغتين الفارسية والعربية، أما التهم الموجهة إليه فهي ذاتها التهم التي وُجّهت للحوري من التآمر على قتل مواطنين أميركيين وموظفين بالحكومة الأميركية، ومحاولة تدمير مُنشآت أميركية وغيرها.
أحمد إبراهيم المغسل: مطلوب من أميركا، والذي يُقال إنه زعيم الجناح العسكري لحزب الله بالحجاز، وهو من مواليد مدينة القطيف بالسعودية عام 1967م، أي أنه قد تجاوز 50 عاماً. يتحدث المغسل اللغتين الفارسية والعربية، والتهم المُوجهة إليه مثل سابقيه.
تشمل التآمر على قتل مواطنين أميركيين وموظفين بالحكومة الأميركية، ومحاولة تدمير منشآت أميركية، والاشتراك في مؤامرة لتدمير مباني الدفاع الوطني الأميركية.
إبراهيم صالح محمد اليعقوب: وهو مطلوب من أميركا، من مواليد القطيف بالسعودية عام 1966م، والتهم الموجهة إليه ذاتها هي نفس تهم الحوري وعبدالكريم والمغسل.
وفقاً لجريدة الشرق الأوسط فإن المغسل اشترك في العديد من العمليات الإرهابية، ومنها حادثة أبراج الخبر بمدينة الخبر بالسعودية، فقد اتُّهم المغسل بالتخطيط لتنفيذ الانفجار الكبير بصهريج مفخخ في 25 يونيو/حزيران 1996.
قد استهدف المغسل ومن معه مجمعاً سكنياً كان يوجد فيه عسكريون أميركيون من أفراد سلاح الجو الأميركي، ونتج عن العملية مقتل 19 عسكرياً أميركياً، وجرح 372 آخرين، كما أصيب العشرات من جنسيات متعددة، بالإضافة إلى انهيار جزئي للمبنى السكني.
ويُتردد أنه منذ حادثة الخبر والمغسل محل مطاردة، وأنه كان خلال العشرين عاماً الماضية في إيران حيث قام بالتدبير لعمليات أخرى وتدريب عناصر مسلحة جديدة، وحينما غادر المغسل إيران إلى لبنان قُبض عليه هناك، وتم تسليمه إلى السعودية.
ووفقاً لصحيفة سبق السعودية الإلكترونية، فإن اليعقوب والمغسل والحوري وعبدالكريم تم توجيه قائمة الاتهامات السابقة لهم من قِبَل المحكمة الفيدرالية الأميركية لإقليم شرق ولاية فرجينيا، وأن لائحة الاتهام في حق المذكورين هي بتهمة تورطهم في عملية تفجير المجمع السكني أبراج الخُبر في الظهران، بالسعودية.
هل كل المطلوبين يتم إعلان أسمائهم؟
لا يشترط أن تعلن جميع الأسماء المطلوبة أو تدرج في الموقع الخاص بالإنتربول. ويعود ذلك لرغبة الدولة المعنية.
وبناء على هذه الرغبة يُصدر الإنتربول مُذكرة توقيف، ويمكن للبلد العضو أن يطلب من الأمانة العامة للإنتربول إصدار نشرة حمراء استناداً إلى مُذكرة التوقيف، والنشرة الحمراء هذه تنبيه دولي بشأن الشخص المطلوب.
إذا طلبت دولة ما هذا فإن المعلومات الواردة في استمارة توقيف الشخص يتم تعميمها على جميع البُلدان الأعضاء، كذلك يمكن للبلدان الأعضاء أن تختار نشر صيغة مُختصرة من النشرة الحمراء على موقع الإنتربول عبر شبكة الإنترنت.
وقد لا تطلب الدولة تعميم المعلومات الواردة في استمارة التوقيف إلا على أجهزة إنفاذ القانون فقط، فتبقى أسماء الأشخاص والتهم الموجهة إليهم سرية خاصة بأجهزة الشرطة فقط.
أيضاً لا تُرسل الأمانة العامة للإنتربول موظفيها إلى البلدان لتوقيف الأفراد وإلقاء القبض عليهم، فالكيفية التي يتم بها إلقاء القبض على شخصٍ مُحدد، تتم من خلال الشرطة الوطنية في كل بلد من البلدان المُشتركة في المُنظمة.
يوجد في كل بلد من الأعضاء مكتب مركزي وطني للإنتربول يضم موظفين تم تدريبهم لتحقيق مهمّة إنفاذ القانون.
هذه المكاتب المركزية الوطنية تؤدي دور حلقة الوصل بين الأمانة العامة للإنتربول والبلدان الأعضاء، ويتم تنسيق التحقيقات الدولية عن طريق هذه المكاتب، فتجري التحقيقات وتُنسق الاعتقالات بما ينسجم مع القوانين السائدة لدى كل دولة من الدول الأعضاء.
عن هذه المكاتب يقول الموقع الرسمي للإنتربول: «هذه المكاتب هي العنصر الأساسي للإنتربول، إذ إنها تسهم في إثراء قواعد بياناتنا الجنائية وتتعاون فيما بينها لإجراء التحقيقات وتنفيذ العمليات عبر الحدود وتوقيف الجناة». فيتم إلقاء القبض على الشخص المطلوب عبر هذه المكاتب وترحيله إلى البلد الذي يطلبه.
ما هو الإنتربول؟ وما هي بدايته؟
ربما يعود التأريخ الأول للإنتربول لعام 1914 حيث انعقاد المؤتمر الأول للشرطة الجنائية الدولية في موناكو. خلال هذا المؤتمر اجتمع مجموعة من ضباط الشرطة ورجال القانون وقضاة من 24 بلداً، لأجل التباحث بشأن إجراءات التوقيف، وأساليب التبيّن، والسجلات المركزية للمجرمين الدوليين، وإجراءات التسليم.
كان السبب وراء هذا المؤتمر يعود إلى انتشار الأحداث الإجرامية عالمياً، وارتكاب شخصٌ ما جريمة في بلد ثم هروبه إلى بلدٍ آخر بعيداً عن سلطات أجهزة الشرطة وقدراتهم على التتبع في البلد الذي ارتكب فيه جريمته، فظهرت الحاجة إلى منظمة دولية، تنظم العمل بين الشرطة الجنائية على مستوى العالم، فكان الإنتربول.
تأسَّس الجهاز ثمرة لجهود المؤتمر الأول، واختيرت فيينا مقراً للمنظمة بدعمٍ ماليٍّ من الدول الأعضاء، هذا الدعم الذي أصبح فيما بعد في صورة اشتراكاتٍ سنوية هي البذرة الأساسية المُكوِّنة لميزانية المُنظمة.
ووفقاً لموقع الإنتربول على شبكة الإنترنت فتمويل المُنظمة «تُشكل المساهمات النظامية السنوية التي يسددها كل من البلدان الأعضاء في المنظمة المصدر الرئيسي لتمويل الإنتربول. ويمكن لهذه البلدان أيضاً تقديم مساهمات إضافية على أساس طوعي، قد تكون نقدية أو عينية، وهذه المساهمات إلى جانب إيرادات أخرى متفرقة تشكل ما يُدعى بالميزانية العادية للمنظمة».
ومنذ مؤتمر عام 1914 ظلّ الإنتربول خاضعاً لعمليةٍ دائمةٍ ومستمرة من التطوير والتوسع إلى أن وصل إلى وضعه الحالي، وأصبح يضم الآن نحو 192 دولة، ويهدف الإنتربول إلى تسهيل التعاون الدولي بين أجهزة الشرطة في هذه الدول حتى في غياب العلاقات الدبلوماسية بين بلدان محددة، فهو يحاول أن يمدّ أجهزة الشرطة في أرجاء العالم بكافة الأدوات والخدمات اللازمة لها لتحقيق المهام المنوطة بها.
تركيا من بين الدول 192 الأعضاء بالإنتربول، والمكتب المركزي الوطني للإنتربول بتركيا هو جزءٌ من المديرية المركزية، وهو موجود في مقر الشرطة في أنقرة، ويقوم إنتربول أنقرة بالتعاون مع وزارة العدل التركية ووكالات إنفاذ القانون الشريكة في تركيا، بتنفيذ جميع التحقيقات التركية ذات الصلة الدولية.
وفي يوليو/تموز عام 2017 بحسب خبر تم نشره على موقع الإنتربول interpol التقى الأمين العام للإنتربول يورغن شتوك مع وزير الداخلية التركي سليمان سويو لتحديد مجالات التعاون المتزايد في مجال مكافحة الإرهاب.
ما هي الجرائم التي يُطلب مرتكبوها عبر الإنتربول؟
أمّا عن الجرائم التي من المُفترض أن يتمَّ تسليم مُرتكبيها عبر الإنتربول، فلا تشمل حرية الرأي ولا معارضة الأنظمة.
من المُفترض أن تكون الجرائم محلّ المُطاردة هي سرقة الممتلكات الثقافية للبلدان من أعمالٍ فنية، أو الإرهاب والجرائم المالية مثل النصب والاحتيال، والاتجار بالسلع غير المشروعة، والاتجار بالبشر، والاتجار بالأسلحة والمُخدرات، وكذلك الجرائم المُرتكبة ضد الأطفال.
وهو ما يُمكن ربطه بالتهم التي قالت السعودية إنّ الإنتربول ساعدها في تسليم مرتكِبها «شيكات دون رصيد»، إذا صحّت التخمينات.
اقتراح تصحيح