تابع حزب الوسط النقاش الذي جرى أخيرًا حول التعديلات الدستورية، وخاصة بعد تقدُم أكثر من ثلث أعضاء مجلس النواب بطلب يتضمن تعديلات لمواد دستورية وإضافة مواد جديدة، وتمرير هذا الطلب في اللجنة العامة لمجلس النواب، وقرَّر إصدار هذا البيان بموافقة هيئته العليا.
• مقدمة لابد منها:
قبل مناقشة مضمون هذه التعديلات والإضافات، لابد أن نؤكّد على ما سبق وأن قلناه بأنَّ حزب الوسط كحزب شرعي وقانوني لابد وأن يعترف بالدستور القائم والقوانين المنظمة لشأن الوطن، بالرغم من الخلاف الدائر على مدى شرعية صياغة هذا الدستور وتلك القوانين، لأنَّ عدم الاعتراف بشرعية الدستور والقانون يفتح بابًا للفوضى، لعدم وجود قواعد للعمل الديموقراطي والسياسي، وهو نفس موقفنا قبل الموافقة على تأسيس الحزب طوال 15 عامًا من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، حيث كان دستور 1971م هو الإطار الحاكم للعملية السياسية، وقد تمَّ إصداره بشكل فوقي وغير ديموقراطي، وكنا برغم هذا معترفين به وملتزمين بأحكامه، ومن هذا المنطلق نناقش تلك التعديلات والإضافات الدستورية للدستور القائم.
• الملاحظات على التعديلات المقدمة:
1- إنَّ كثيرًا من أساتذة القانون أكدوا على عدم جواز إضافة مواد جديدة للدستور من خلال طلب التعديل، وأنَّ التعديلات يجب إذا قُدِّمَتْ أن تكون على نصوص قائمة وهو ما لم يتم الالتزام به في هذا المشروع، حيث هناك مواد جديدة مقترحة وليس تعديلات فقط.
2- إنَّ أخطر ما ورد في هذه الإضافات هو جعل القوات المسلحة هي التي تصون الدستور والديموقراطية وتحافظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيَّتها، وهذا أمر مستحدث لم يحدث من قبل، ويُخرج القوات المسلحة عن دورها المنوط بها في حماية الوطن والدفاع عن أراضيه، وهي تجربة خاضتها بعض الدول وأتت بنتائج وخيمة على التجربة الديموقراطية في تلك البلاد حتى ألغتها، وتجعل لأحد أجهزة الدولة نوع وصاية على المجتمع وما يموج به من أفكار وتفاعلات، وتجعل له فقط حق تقييم هذه الأفكار وتقرير التصرُّف بشأنها.
3- إنَّ النصوص المقدمة لتعديل مدد رئاسة الجمهورية واستثناء الرئيس الحالي من شرط عدم ترشحه بعد انتهاء الدورتين الحاليتين (8 سنوات) والسماح له بالترشح دورتين جديدتين مدتهما (12 عامًا) هو مخالفة صريحة لنص المادة 226 التي تحظر تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، وهذا التعديل يصيب تجربة التداول السلمي للسلطة في مقتل.
4- إنَّ النصوص المتعلقة بالسلطة القضائية بكل درجاتها بدءًا من المحكمة الدستورية وحتى تعيين النائب العام هي أيضًا مخالفة لقواعد توزيع وتوازن العلاقة بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، وتفرض هيمنة للسلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية على السلطة القضائية بكل أنواعها.
• إنَّ رؤية حزب الوسط بشأن الدستور تقوم بشكل أساسي على صياغة الدستور بالتوافق العام بين مختلف فئات المجتمع وقواه واتجاهاته المتنوعة، وتقرير الدستور بشكل واضح لقواعد العدالة والمساواة والحريات العامة، وتمكين المجتمع من ممارسة دوره وتحقيق إرادته، والتوازان في العلاقات بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، بحيث لا تطغى سلطة على أخرى وتهيمن عليها، وبحيث تكون الدولة وأجهزتها خاضعة لإرادة المجتمع ووسيلة لتحقيق هذه الإرادة.
• وبما أنَّ هذه التعديلات والإضافات المقترحة تُخِلُّ بهذه الرؤية الحاكمة لفكرة الدستور كما نؤمن بها وكما تقرَّرت في قواعد صياغتها؛ فإنَّ حزب الوسط يرفض هذه التعديلات والإضافات الدستورية جملةً وتفصيلًا، وهذا البيان لله ثم للتاريخ والوطن..
والله من وراء القصد
حزب الوسط
القاهرة في 13 فبراير 2019