تحقيق جمعة الشوال
صابر مشهور
الفلسفة العميقة التي تحكم دستور العسكر ودستور الشعب و دستور الحاكم و دستور الملك:
فيما يلي خلاصة الفسلفة العميقة للدساتير اﻷربع الشهيرة في مصر:
1- دستور العسكر الذي يجري كتابته حاليا: فيه العسكر فوق الشعب ودولته..و
السيادة للعسكر.. و يضعه العسكر من خلال لجنة تصيغ رغباتهم في هيئة
دستور..فهو عبارة عن دستور يمنحه العسكر للشعب، و باﻷدق يفرضه على الشعب.
2- دستور الشعب .. دستور 2012: فيه الشعب أعلى سلطة و لا يعلو عليها رئيس و
لا عسكر.. فيه السيادة للشعب .. ووضعه الشعب من خلال لجنة انتخبها لتصيغ
رغباته .. فهو عبارة عن دستور يمنحه الشعب لنفسه، فلا يفرضه عسكر و لا
حاكم.
3- دستور الحاكم (دستور 1971): فيه الحاكم فوق الشعب، و فيه السيادة
للحاكم..فوضعه الحاكم (الرئيس السادات) من خلال لجنة عينها لتصيغ رغباته في
شكل دستور.. فهو عبارة عن دستور منحه الحاكم للشعب، و باﻷحرى فرضه على
الشعب.
4- دستور الملك ( دستور 1923): فيه السيادة للملك.. فعين لجنة لكتابة
رغباته على هيئة دستور.. فهو دستور منحه الملك للشعب، و باﻷدق فرضه على
الشعب.
.وهذه السيادات اﻷربع ظهرت في الدساتير اﻷربع:
ففي دستور العسكر المتوقع.. خرج وزير العسكر يوم انقلاب 3 يوليو بقرار على
الشعب يعلن فيه أن العسكر قرروا كتابة دستور جديد يمنحونه للشعب، و هو يقصد
أنهم قرروا فرضه على الشعب...بل إن وزير العسكر ذهب إلى أن العسكر اﻷصل و
الشعب فرع منه.. بقوله: اﻷسد ما يكلش ولاده... و هو تعبير يعني أيضا أن
الشعب نكرة يضاف لمعرف هو العسكر.
أما في دستور الشعب 2012.. فجاء في ديباجته أن الشعب المصري يمنح نفسه هذا
الدستور، و عبر الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية عن ذلك في خطابه بمناسبة
توقيعه على الدستور بقوله: هذا دستور منحه الشعب لنفسه فليس منحة من حاكم و
لا ملك.
أما في دستور الحاكم.. فإنه و إن صمت عن ذكر الجهة المانحة، لكن نصوصه كلها
تحدثت عن المانح و هو الحاكم و سلطاته.
أما في دستور الملك ( دستور 1923).. فقد نص صراحة على أنه دستور منحه الملك
للشعب..بل كان سيحوي صراحة مادة تنص على أن السيادة للملك.. لكن رؤي من
باب تهدئة الشعب و استعفاله إلى جعلها تنص على أن اﻷمة مصدر السلطات.. مع
أن روح الدستور كله يعتبر الملك مصدر السلطات.
وترتب على هذه الفلسفة العميقة وراء كتابة الدساتير اﻷربعة أمور مهمة جدا:
1-في دستور العسكر.. سلطة العسكر فوق الشعب.. فالعسكر عينوا رئيسا للشعب (
عدلي منصور). و عينوا حكومة للشعب( حكومة الببلاوي)..فمؤسسة العسكر تعلو كل
مؤسسات الشعب المنتخبة.. و فيما بعد قد يأتي الشعب برئيس الجمهورية ( على
افتراض نزاهة الانتخابات وأن العسكر تابوا من داء تزوير الانتخابات منذ60
عاما).. والشعب لا يستطيع اﻹتيان بوزير العسكر.. و الشعب قد يأتي فيما بعد
بالبرلمان.. لكنه لا يستطيع أن يأتي بوزير العسكر.. مؤسسات العسكر تظل فوق
الشعب وركباه.
فالعسكر يخلعون مؤسسات الشعب.. و مؤسسات الشعب في مرتبة سفلى.لكن في دستور
الشعب( دستور2012).. تعلو مؤسسات الشعب.. فالسلطة للشعب فقط.. فعند أي خلاف
بين سلطة العسكر و سلطة الشعب.. يتم حسم الخلاف فورا لصالح مؤسسات الشعب،
فرئيس الشعب يعين وزير العسكر.. وبرلمان الشعب يحاسب وزير العسكر
ويقيله..لهذا قال السيسي في تسريبات رصد: ماذا سنفعل في استجوابات برلمان
الشعب.. أي أن الشعب سيحاسب العسكر ويكشف سرقاتهم و اﻷسلحة الفاسدة.. فأسرع
العسكر للقيام بانقلاب عسكري لسلب السيادة من الشعب حتى يحاسبوه و لا
يحاسبهم .. و يسألوه و لا يسألهم.بل إن رئيس الجمهورية لم يكن يملك إقالة
حكومة الشعب بعد أن يمنحها برلمان الشعب ثقته.
وفي دستور الحاكم ( دستور 1971) السيادة للحاكم، الرئيس؛ ففي يده كل
السلطات.. و كلنا عشنا و رأينا، فهو يعين الحكومة و يحل برلمان الشعب
.....الخ.
أما دستور الملك.. فالملك أعلى من الشعب .. فيحل برلمان الشعب.. و يعزل
حكومة برلمان الشعب.. في المقابل لا يملك الشعب أي سلطة تجاه الملك.
لكن هناك سر خفي مشترك بين دساتير العسكر و الحاكم و الشعب.. و هو أن
الدساتير الثلاثة تعتبر مصر شركة كبيرة يديرها و كيل لدولة أجنبية..تماما
مثل كل الشركات في مصر.. فلها وكيل للشركة العالمية.. فالملك كان وكيل
اﻹنجليز في مصر..و عبد الناصر كان وكيل اﻷمريكان ثم وكيل السوفييت..و
السادات و مبارك و العسكر تناوبوا الوكالة لﻷمريكان.
أما دستور 2012 فأعطى حق إدارة مصر حصريا للشعب المصري..و هذا محظور وقع
فيه مرسي لذا سارعت القوى الكبرى لخلعه وتكليف و كلاءها المحليين من العسكر
و غيرهم بالقيام بالمهمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق