الاثنين، 3 مارس 2014

الصدام الروسي الأمريكي في أوكرانيا .. نذر حرب عالمية ثالثة تحقيق جمعة الشوال

الصدام الروسي الأمريكي في أوكرانيا .. نذر حرب عالمية ثالثة

مب

بوتين وأوباما
في مارس عام 1997 اندلعت حرب إقليم كوسوفو، بسبب صراع عرقي ديني بين المسلمين الذين يشكلون 89%من مجموع السكان و المسيحيين الأرثوذوكس الذين يشكلون 8% فقط.

من هم الجنود المصريون الذين حاربوا روسيا في «القرم» عام 1853وماذا حدث لهم؟

في 2008 حدث نفس المشهد في جورجيا وواشنطن هددت.. لكن موسكو فعلت ما أرادت

كان المسيحيون مدعومين من صربيا برئاسة (سلوبودان ميلوسوفيتش) في حين كان المسلمون مدعومين من ألبانيا، وبغض النظر عن تفاصيل السنتين و المجازر التي ارتكبها الصرب بحق المسلمين، لكن في النهاية وضعت الحرب أوزارها، في يونيو من عام1999، بعد تدخل المجتمع الدولي بانحياز روسيا لصالح صربيا، بينما الولايات المتحدة و معها الأوروبيون، انحازوا على مضض، لصالح الكوسوفيين وألبانيا.
المشهد الختامي كان على شفا أن يتحول لكارثه فبعد قبول الأطراف المتصارعه لوقف إطلاق النار ،ذهبت قوات من حلف شمال الأطلنطي (الناتو) لتأمين مطار (برشتينا) المطار الرئيسي في كوسوفو، وكان عددها 45 ألف جندي بقيادة الجنرال الإنجليزي مايك جاكسون الذي فوجئ بقوات صاعقه روسيه سبقته واحتلت المطار بالفعل، فاتصل بالقيادة المركزية، ورد عليه القائد العام الجنرال الأمريكي ويسلي كلارك وأصدر إليه أمراً مباشراً بالاشتباك مع القوات الروسية و طربقة المطار فوق رؤوسهم إن لزم الأمر، فرد عليه جاكسون بحسم: أسف لن أنفذ الأمر، فلست مستعداً لأن أكون سببا في نشوب حرب عالمية ثالثه، وأغلق الخط في وجه محدثه، ثم حدث أن تم التوافق مع الروس على ترك قوات متعددة الجنسيات في المطار منعاً للصدام، وأحيل الجنرال العاقل مايك جاكسون للتقاعد.
وحتى لا نذهب بعيداً، فإن ما يحدث في أوكرانيا حالياً يتشابه مع ما حدث في جورجيا عام 2008، حيث أبدى رئيسها (ميخائيل ساكشفيلي) الموالي للغرب، عداءً لسكان إقليمي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية المنحدر أغلبهم من أصول روسية، فما كان من الدبابات الروسية إلا أن اجتاحت الإقليمين رغم كل التهديدات الأمريكية بأن ما تفعله موسكو في جورجيا لن يمر دون عقاب وفشلت كل المساعي الأوروبية في وقف إطلاق النار ولم تنه موسكو الحرب إلا حينما أرادت.
تفاصيل مشهدي (سربرنيتشا) و(جورجيا) عادا إلى الذاكرة عقب موافقة مجلس الشيوخ الروسي على الطلب الذي تقدم به الرئيس (فلاديمير بوتين) على استخدام القوة العسكرية في شبه جزيرة القرم الواقعة جنوب أوكرانيا، من أجل إرساء الأمن والاستقرار، وهنا يتبادر للذهن السؤال التالي: لماذا القرم تحديداً وما هي أهميتها؟.
منذ عزل الرئيس الأوكراني (فيكتور يانكوفيتش)، في الثاني عشر من فبراير الماضي، توجهت كل الأنظار لذلك الإقليم البالغ تعداد سكانه 2 مليون نسمة متعددي القوميات والأعراق، وإن كان أغلبهم من أصول روسية ويتكلمون لغة موسكو ويحملون جوازات سفرها، لذا لم يكن غريباً أن تجتاح قوات من حرس الحدود الروسي الإقليم، وأن تفرض حصاراً على ميناء مدينة سيفاستوبول، كما فرضت سيطرتها على مدرج مطار المدينة العسكري، وأوقفت حركة إقلاع الطائرات وهبوطها، وفي الوقت نفسه أقام مسلحون بزي عسكري روسي حواجز تفتيش أمام مطار (سيمافاروبول) عاصمة الإقليم، فيما سيطر مسلحون على مبنى البرلمان ورفعوا عليه العلم الروسي.
يتمتع إقليم القرم بحكم ذاتي منذ استقلال أوكرانيا عقب انهيار الكتلة السوفيتية عام 1991، وإذا كان البرلمان لا يملك سلطة إصدار قوانين دون الرجوع للحكومة المركزية في كييف، فإن الإقليم يملك ميزانية مستقلة ودستوراً خاصاً، علماً بأن عمدة المدينة لا يُنتخب وإنما يتم تعيينه من قبل الحكومة في كييف ،ولكن للمدينة طابع ثقافي روسي في المقام الأول ويعتمد جزء كبير من اقتصادها على وجود قاعدة عسكرية روسية في ميناء مدينة سيفاستوبول.
إمبراطوريات محتلة
لم تلتحق القرم بأوكرانيا سوى من ستين عاماً فقط، وعاشت شبه الجزيرة الواقعة على البحر الأسود في ظل عدة امبراطوريات محتلة، منها الإمبراطورية العثمانية، والاحتلال اليوناني والاحتلال التتاري واحتلال جمهوريتي جنوا وبولندا (جمهورية جنوا تأسست في القرن الحادي عشر وهي حالياً جزء من إيطاليا)، وفي عام1783 غزت روسيا القيصرية، بقيادة الإمبراطورة كاترينا الثانية، إقليم القرم واتخذت منه قاعدة لتوسيع نفوذها ورقعة أراضيها، لا سيما وأن القرم تطل على البحر الأسود وهو ما يوفر لها منفذاً على البحر الأبيض من خلال مضيق البوسفور، وفي عام 1853 شعر الإمبراطور العثماني عبد الحميد الثالث بأن قيصر روسيا نيقولا الأول يستعد للانقضاض على ملكه فتحالف مع إنجلترا وفرنسا لإجهاض أحلام روسيا الاستعمارية، من خلال المبادرة بمهاجمة إقليم القرم ، ودارت بين الطرفين معركة حامية الوطيس استمرت ثلاث سنوات كان أبرز ما فيها حصار ميناء (سيفاستوبول) وسقوط 750000 جندي من الجانبين معظمهم من الروس ورغم خسارة روسيا الحرب فإنها لم تفقد السيطرة على الإقليم.
مشاركة مصرية
ولما رأى السلطان عبد المجيد أن شبح الحرب يتهدد سلامة الدولة طلب من عباس باشا الأول والي مصر أن يرسل نجدة من الجنود المصرية. فامتثل الوالي وأمر بتعبئة أسطول مكون من اثنتي عشر سفينة مزودة بـ 642 مدفعا و6850 جنديا بحريا بقيادة أمير البحر المصري حسن باشا الإسكندراني، وتعبئة جيش بري عدده حوالي 20 ألفا و72 مدفعا بقيادة الفريق سليم فتحي باشا، إضافة إلى النجدات اللاحقة والتي شملت عددا كبيرا من الجنود والسفن أيضا، وتبرع والي مصر عباس باشا وابنه بمبلغ كبير من المال إضافة إلى التبرعات من الموظفين وأهالي مصر.
وبحسب ما ذكره الأمير عمر طوسون في كتابه الجيش المصري في الحرب الروسية المعروفة بحرب القرم 1853 - 1855م ، المطبوع في القاهرة والمنشور في جريدة الأهرام سنة 1932م،فإن الأسطول المصري وصل إلى الآستانة بعد ثلاث أسابيع من مغادرته ميناء الإسكندرية في 14 أغسطس سنة 1853م، وقام السلطان عبد المجيد بزيارة الجيش المصري وتكريم قادته.
وبعد استراحة الجيش لعدة أيام تم تقسيمه إلى 3 ألوية، ووزعها على مناطق القتال على نهر الدانوب، وقام كل لواء من الألوية الثلاث بدوره في هذه الحرب وأبلى أحسن البلاء في جميع معاركها.
وهكذا أعلنت الدولة العثمانية الحرب على روسيا رسميا في 4 أكتوبر سنة 1853م، وفي 27 مارس سنة 1854م انضمت فرنسا وانجلترا إلى تركيا في الحرب ضد روسيا (ويذكر هنا أن الجيش الفرنسي المشارك في حرب القرم ومعركة سفاستوبل كان يضم ثلاث كتائب جزائرية).
ثم انتقلت الحرب إلى شبه جزيرة القرم، ويقول الأمير عمر طوسون: بدأ حصار سباستبول في 20 سبتمبر 1854م واستمر عاماً، لأن الاستيلاء عليها تم في 8 سبتمبر سنة 1855م، وتم هزيمة الجيش الروسي بقيادة الجنرال منتشيكوف من قبل جنود الحلفاء (فرنسا وإنجلترا) وجنود الجيش المصري، وذلك في معركة نهير (ألما) في القرم، وبعد هذا النصر وفي طريق عودة الأسطول المصري من القرم إلى الآستانة في شهر أكتوبر من نفس العام غرقت بارجتان مصريتان في البحر الأسود وفقدت البحرية المصرية 1920 بحاراً، ونجى 130 رجل فقط، وورد نبأ هذه الفاجعة الأليمة في جريدة ذي اللستريتد لندن نيوز بعددها الصادر بتاريخ 2 ديسمبر 1854م وجاء فيه: وقد وقعت حوادث أخرى مريعة غرق فيها كثير من السفن، ولكن ليس بينها ما هو أفظع من حادثة البارجتين المصريتين العائدتين من القرم.
التتار
يشكل التتار 12% من سكان شبه جزيرة القرم، يتمركزون فيها منذ القرن الثامن عشر وهم من أصول مغولية -عثمانية مشتركة، ويدينون بالإسلام وكانوا في مقدمة الجيش الذي هُزم من الإمبراطورة الروسية كاترينا الثانية، وفي عهد الرئيس جوزيف ستالين(1941-1953)، كان التتار متهمون بتحدي السلطة الشيوعية المركزية في موسكو ومساعدة ألمانيا النازية وبموجب هذه التهم تم نفي الكثير منهم لسيبريا، ولم يتم السماح لهم بالعودة إلى ديارهم إلا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وهم من أشد المعارضين للتواجد الروسي في القرم، وكانوا مؤيدين للثورة البرتقالية التي أطاحت بالرئيس (فيكتور يوتشينكو) الذي كان موالياً لموسكو، ولكنهم أصيبوا بخيبة الأمل حيث لم تعترف السلطة الأوكرانية الجديدة بلغتهم وقوميتهم كجزء من نسيج الإقليم.
في منتصف القرن التاسع عشر، ومع إطلالتها على البحر ومناخها المعتدل تحولت القرم لمنتجع يقصده الأرستوقراطيون الروس، وفي عام 1954 تنازل الرئيس الروسي (نيكيتا خروتشوف) (المنحدر من أصول أوكرانية) عن القرم لأوكرانيا، احتفالاً بمرور 300 عام على توقيع اتفاقية (بيريسلاف) التي أعلنت بموجبها قومية (القوازق)، العرق الغالب على التركيبة السكانية الأوكرانية في هذا التوقيت، الولاء لروسيا، ومع تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991 وضعف روسيا الاتحادية سياسياً واقتصادياً كان من السهل على أوكرانيا أن تفرض وصايتها على شبه جزيرة القرم.
أهمية تاريخية
في ميناء سيباستوبول يتمركز أسطول روسي، منذ أواخر القرن الثامن عشر، قوامه 25 بارجة مقاتلة و13ألف جندي، ومنذ تفكك الاتحاد السوفيتي يمثل هذا الأسطول مسمار جحا الروسي في الأراضي الأوكرانية ، وكان من المفترض أن يظل الأسطول الروسي في سياستوبول حتى عام 2017 بموجب اتفاقية تحصل من خلالها أوكرانيا على الغاز الطبيعي الروسي بخصومات خاصة، غير أن اتفاقية أخرى توصلت لها موسكو مع أوكرانيا في عهد الرئيس المعزول فيكتور يانكوفيتش سيظل بموجبها الأسطول الروسي في سيباستوبول حتى عام2042.
ورغم أن القرم لم تعد بالأهمية الاستراتيجية على الصعيد العسكري بالنسبة لروسيا، لأن البحر الأسود نفسه لم يعد كذلك، حيث نقلت موسكو أهم قطعها البحرية لبحر الشمال والمحيط الهادي، هذا فضلاً عن القيود الإدارية التي تفرضها أوكرانيا على تحركات الأسطول الروسي في سيباستوبول، وهو ما دفع موسكو لاستثمار ملايين الدولارات في ميناء (نوفوروسيسك) لاستخدامه كبديل، ولكن هذا لا يعني أن روسيا ستتخلى عن (سيباستوبول) بسهولة نظراً لأهميته التاريخية حتى لو كان الثمن صدام عسكري دموي مع الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأى موقع مبتدا، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط
إقرأ أيضاً

مبتدا - فريد إدوار | منذ ساعة

«بولوتيكو»: تطالب أوباما بمعاقبة روسيا من خلال 8 خطوات

تناولت مجلة "بوليتيكو" انزعاج الولايات المتحدة إزاء تدخل روسيا عسكريا في شبه جزيرة القرم، مشيرة إلي أن هذا التدخل لا يقوم على أي أساس قانوني وينتهك تعهدات روسيا بحماية استقلال وسيادة أوكرانيا وسلامتها الإقليمية، مطالبة الرئيس الأمريكي...

وكالات | منذ ساعة

«روسيا» تطالب سفينتين حربيتين أوكرانيتين بالاستسلام

قالت أوكرانيا إن القوات الروسية التي تسيطر على منطقة القرم الإستراتيجية، تطالب طاقمي سفينتين حربيتين أوكرانيتين بوجوب الاستسلام.

أ ش أ | منذ ساعتين

نيويورك تايمز: الأزمة الأوكرانية تتحول إلى مواجهة بين القوى الكبرى

ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، اليوم الاثنين، أن ما بدأ في أوكرانيا قبل 3 أشهر احتجاجا على حكومة الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش تحول الآن إلى مواجهة بين القوى الكبرى، الأمر الذي من شأنه أن يعيد لأذهاننا الحرب الباردة والتحدي...

أ ش أ | منذ 4 ساعات

حزب الله: أمريكا وإسرائيل يبعدان النظر عن قضية فلسطين بإحداث الفوضى

اعتبر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، أن إسرائيل تحاول ومن خلفها أمريكا إحداث الفوضى والفتن في البلدان العربية المختلفة، لتصرفها عن قضية فلسطين المركزية وعن الصهيونية بؤرة التوتر والمخاطر في المنطقة العربية.

مبتدا - كريمة الدهان | منذ 5 ساعات

لافروف: التدخل العسكري الروسي بأوكرانيا‬ يهدف لحماية حقوق الإنسان

دافع وزير الخارجية الروسي، "سيرجي لافروف"، عن قرار البرلمان الروسي منح صلاحية للحكومة لإرسال قوات عسكرية إلى أوكرانيا، قائلاً إنه يهدف لحماية حقوق الإنسان.

أ ش أ | منذ 5 ساعات

ميدفيديف: أوكرانيا لا تزال شريكا مهما لروسيا

أكد رئيس الوزراء الروسي ديمترى ميدفيديف، اليوم الاثنين، أن أوكرانيا لا تزال شريكا مهما لروسيا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عاجل | إذاعة الجيش الإسرائيلي: صفارات الإنذار دوت تحذيرا من صواريخ باليستية أطلقت من لبنان على منطقة تل أبيب

عاجل | إذاعة الجيش الإسرائيلي: صفارات الإنذار دوت تحذيرا من صواريخ باليستية أطلقت من لبنان على منطقة تل أبيب 14/10/2024|آخر تحديث: 14/10/20...