لم تصرح الجماعة في بيانها عن موقفها في الإتنخابات ، ولكن الأحداث المتزامنة مع البيان توضح الصورة أكثر ، فتحالف دعم ” الشرعية ” الذي تكون للدفاع عن ” شرعية مرسي ” قام بالتوقيع على ” وثيقة بروكسل ” والتي لم تتضمن ” عودة مرسي للحكم ”
وبالرغم من إعتراض بعض “أنصار” جماعة الإخوان على التوقيع على هذه الوثيقة التي أكدت بعض القيادات بالتحالف أنها تمت برعاية ” أمريكية ” ، إلا أن ” رموز ” المشهد قد رحبوا به وخاصة ” الهاربين ” منهم والذين استقروا بقطر والولايات المتحدة وأوروبا .
” إن جماعة الإخوان المسلمين تسعى إلى تصحيح الأوضاع المنقلبة، بأن يعود الشعب هو السيد وهو مالك الدولة ومؤسساتها، وهو الذى يحكم نفسه بنفسه عن طريق نوابه، ويختار حاكمه وبرلمانه بحرية ونزاهة كاملة ” عبرت تلك الكلمات البسيطة من بيان الجماعة عن تغير جزري في خططها ، فبعد الرفض نهائياً لكل المسارات الديمقراطية التي لا تبدأ بعودة مرسي تصبح الوجهة هي الإشتراك في العملية ” الديمقراطية ” ، وهو الشئ الذي أحدث زلزال داخل التحالف الاسلامي وجعل بعد الدوائر القريبة من الإخوان تنتقد الإخوان وتهاجمهم وتراجع تاريخهم الطويل من التحالفات مع الأنظمة المستبدة .
فسارعت قيادات الإخوان بإخراج “بياناً توضيحاً ” ، للتأكيد على أنها ملتزمة بقرار تحالف دعم الشرعية بمقاطعة الإنتخابات الرئاسية ، كي لا تخسر ورقة هامة على طاولة التفاوض .
وكعادة الإخوان فإن لكل طرف من الأطراف خطابه ، فكما للشركاء من التيار الإسلامي خطاب ” للتبرير ” هناك أيضاً خطاب مختلف لأفراد الجماعة ، وكان أول تلك التبريرات هو ما تناقلته وسائل الإعلام عن الجماعة بخطورة نجاح حمدين صباحي على “التيار الإسلامي” وبأنه أخطر من السيسي نفسه ، كمفتاح لفتح باب التبريرات القادمة لتمرير الصفقة بين الأفراد بنجاح الذين لم يتعودوا على السؤال أو الإستفسار عن أي من تلك التبريرات .
ولكن هذا التغير المفاجئ لموقف جماعة الإخوان لا يقف بمعزلٍ عن تغير الموقف الأمريكي تجاه سلطة ما بعد 30 يونيو ، والذي بات جلياً في تغير لهجة الإدارة الأمريكية ، والذي كان أوضحها الطلب المقدم منها للكونجرس بإعادة إرسال المساعدات العسكرية لمصر .
وكما هو حال النظام الأمريكي ” لا يعطي شيكاً على بياض ” فقد تمسك بوقف المساعدات العسكرية حتى إتمام ” الصفقة ” أو ما يمكن تسميته فوق الطاولة ب ” المسار الديمقراطي ” بجانب الحفاظ على التأكيد بأن ” الشيك لا يزال موجوداً بالفعل ” والذي عبر عنه وزير الخارجة جون كيري في لقائه بوزير الخارجية المصري بأن ” مصر ومنذ فترة طويلة، شريك استراتيجي مهم لواشنطن، ونحن نتشارك بمصالح مشتركة وخصوصاً استقرار المنطقة ومكافحة الإرهاب والسلام مع اسرائيل ومسائل أخرى ” .
وعلى الجانب الآخر ، فقد تغيرت لهجة ” السيسي ” تجاه الحكومة الأمريكية تغير جزري ، فبعد أن كانت اللغة المتبعة من الجنرال المقبل على تولي عرش مصر هي لغة التنديد والتهديد وعلو النبرة الناصرية المعادية للهيمنة الأمريكية ، التي استطاع أن يصنع بها جزء كبير من شعبيته ، تغيرت لتصبح لغة الود والتقرب والإعتراف بالجميل.
وسرعان ما أصبح السيسي لا يترك فرصة حتى يبرر موقف الولايات المتحدة تجاه ما حدث في 30 يونيو
وكما تغيرت اللهجة تجاه الإدارة الأمريكية ستتغير تجاه الإخوان ، وإن بدا بعض من ملامحها الآن إلا أنها ستبدو جلياً في القريب العاجل .
وكما انتهت اسطورة السيسي عدو الولايات المتحدة اللدود الذي استطاع أن يخرج من العباءة الأمريكية ومحقق الاستقلال الوطني ، انتهت أيضاً مسرحية “السيسي قاهر الإخوان والإخوان أعداء الإنقلاب ” ، ليعود المشهد إلى حدود 24 يناير 2011 طرفي القتال على السلطة فوق الطاولة وشريكيّ الحكم و المصالح من تحتها .
وليبقى سؤال آخير ، ألا وهو ” من يدفع ثمن هذه الصفقات ” والذي قد تجد إجابته هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق