بعد ثناء "اسرائيل" علي نشاط الجيش بسيناء ومباركة الدم .. هل تعديل المعاهدة في صالح مصر؟
"تعديل كامب ديفيد سراً".. انتصار للسيسي أم مصلحة للاحتلال؟
"تعديل سري لمعاهدة كامب ديفيد بدون إعلان
ذلك للشعبين المصري والصهيوني ليصبح هذا التعديل أمرا واقعا فرضته الظروف
الجديدة في الحياة بعد انقلاب 3 يوليو 2013"، تسريبات من إعلاميين ومحللين
وسياسيين مصريين وصهاينة تؤكد أن أمرا واقعا جديدا تم فرضه على الشعبين في
صمت وبشكل سري.. غير أنه في الوقت الذي ردد فيه موالون للانقلاب أن هذا
التعديل يعد انتصارا مؤزرا لقائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي؛ فإن
المحللون الصهاينة كشفوا أن تلك التعديلات أتت جميعها لمصلحة الاحتلال
الصهيوني.
وبعد الترحيب الصهيوني بالتزام مصر
الانقلاب بمعاهدة السلام، خرج إعلاميون موالون الانقلاب العسكري لتثني علي
نجاح قائد الانقلاب -والمرشح لانتخابات لرئاسة التي دعا لها الانقلاب- في
تعديل الاتفاقية التي عجز عن تعديلها كل الحكومات والرؤساء السابقين وأنه
قام بذلك في صمت.
غير أن كتّابا صهاينة كشفوا سر هذا الصمت
الذي ساد بعد قرار التعديل لأنه كان في صالحها بكل ما فيه وأنها لم تفعل
ذلك إلا عدما أيقنت أن قادة الانقلاب هم الأكثر تنفيذا لمصالحها على
الإطلاق.
ترحيب وثناء صهيوني
وأعلنت مصادر رسمية في الكيان الصهيوني
رفيعة المستوى، صباح اليوم ترحيبها بتأكيد مرشح الرئاسة قائد الانقلاب
المشير عبد الفتاح السيسي التزامه بمعاهدة السلام معها.
ونقلت "الإذاعة الإسرائيلية العامة" عن هذه
المصادر، التي لم تحدد هويتها، أنها "أثنت على النشاط المصري ضد العناصر
الإرهابية وعمليات تهريب الأسلحة من شبه جزيرة سيناء إلى قطاع غزة، فضلاً
عن هدم أنفاق التهريب".
وقالت الإذاعة: "أعربت هذه المصادر عن
أملها في توسيع رقعة معاهدة السلام في حال انتخاب السيسي، لتشمل مجالات
اقتصادية ومدنية أيضًا".
بكري: نجاح للسيسي
فيما قال مصطفى بكري، الاعلامي المشارك في
حملة قائد الانقلاب السيسي إن ما فعله المشير عبد الفتاح السيسي، لم يستطع
أن يفعله أحد من قبل، لافتًا إلى أن السيسي نجح في تعديل اتفاقية السلام،
لتسمح بتواجد القوات المصرية في مناطق كان ممنوعًا أن تتواجد فيها بحكم
الاتفاقية، وأن هذا يعتبر إنجازًا كبيرا مضيفا في لقاء تلفزيوني أن السيسي
نجح في إتمام ذلك، في صمت دون إعلان!.
وكعادتها لم تعلن سلطة الانقلاب عن تعديل
المعاهدة ولكن في فبراير الماضي تداول النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي
فيديو لباحث صهيوني يتحدث فيه عن تعديل المعاهدة وإلى أي مدى كان هذا في
صالح الاحتلال.
تعديل سري.. وحميمية غير مسبوقة
وقال "إيهود يعاري" المحلل السياسي اليهودي
بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى الموالي للوبي الصهيوني (ايباك) أنه تم
تعديل معاهدة "كامب ديفيد" سرا، بدون إعلان ذلك للشعبين، واعتبر هذا أمرا
واقعا فرضته الظروف الجديدة في الحياة بعد انقلاب 3 يوليو 2013.
وقال –في كلمة مسجلة له بمقطع فيديو تداوله
نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تم تسجيله في "مجلس العلاقات
الأسترالية الإسرائيلية" والشئون اليهودية بتاريخ 23 فبراير 2014-: "لدينا
تعاون غير مسبوق في النطاق والكثافة، وإن جاز لي أن أقول، الحميمية بين
سلطات الاحتلال والجيش المصري وأجهزة المخابرات، وهذا التعاون لم نحظ به لا
في عهد مبارك ولا حتى في عهد السادات".
ووصف التعاون بين الكيان الصهيوني وسلطة
الانقلاب الحالية في مصر بأنه: "الأفضل على الإطلاق، ولم يصل أبدا إلى هذا
المستوى"، مشيرا إلى أن هناك "تعاونا مستمرا ويوميا مع الحكومة المصرية
(المعينة من قبل الانقلاب)"، مؤكدا أن "إسرائيل مع حكومة مصر الجديدة
والجنرال السيسي، ومن يدعمه، وكل داعمي رئاسة السيسي".
كامب ديفيد
ووقعت مصر والاحتلال الصهيوني معاهدة سلام
في واشنطن، في 26 مارس 1979، والتي شملت اعتراف كل دولة بالأخرى، وإيقاف
حالة الحرب الممتدة بينهما، والانسحاب الكامل للقوات الصهيونية ومعداتها
والمستوطنين الصهاينة من شبه جزيرة سيناء التي احتلتها في حرب الأيام الستة
عام 1967.
ويقول خبراء عسكريون أن تعديل الاتفاقية
قصد به السماح للقوات المصرية بالانتشار بصورة أكبر في المنطقة (ج) وادخال
طائرات مروحية ودبابات لمواجهة الحركات الجهادية المسلحة التي كانت تستهدف
المناطق التي يسيطر عليها الاحتلال وأطلقت صواريخ على مطار ايلات، وأن سماح
تل ابيب بهذا جاء لتحقيق مصلحة لها عبر ضرب هذه الجماعات الجهادية من جهة
وتضييق الخناق على غزة من جهة ثانية وهدم الانفاق.
أمريكا مع السيسي
وقال الصحفي روبرت فيسك، مراسل صحيفة
"اندبندنت" البريطانية، في الشرق الأوسط:" إن الولايات المتحدة ليس لديها
مشكلة في ترشح عبد الفتاح السيسي لرئاسة الجمهورية في مصر، مادام لا يخالف
مصالح الصهاينة، ويحمي المعبر مع غزة".
وربط "فيسك"، في حديث لوكالة الأناضول، في
إسطنبول، الصمت الأمريكي تجاه الأحداث في مصر، بتفضيلها الإدارة العسكرية
في هذا البلد، قائلا: "بالنسبة للولايات المتحدة، من الأسهل التفاهم مع
العسكر والجنرالات، وعقد صفقات من قبيل بيع الأسلحة، فضلا عن أنه لن يبقى
هناك حاجة ليذهبوا، ويحتلوا تلك البلاد بأنفسهم، فالإدارة العسكرية تتولى
الأمر".
الصهاينة: أفضل من عهد مرسي
في لقاء تليفزيون رد باحث صهيوني في "معهد
دراسات الأمن القومي الإسرائيلي" د. «إفرايم كام» على سؤال: "من أفضل
للاحتلال، السيسي أم مبارك أم حتى مرسى؟ فأجاب السيسي أفضل من مرسى،
وبالنسبة إلى مبارك لا أستطيع أن أقارنه به، لأنه ليس حاكم مصر، ويجب أن
ننتظر لنرى كيفية سلوكه، لكن لا يوجد شك أن السيسي أفضل من مرسى بكثير جدا
جدا".
وعدد الباحث الصهيوني أسباب تفضيله السيسي
على مرسى بعدة أسباب منها: «أولا لأن مرسى كان بشكل ما يكره إسرائيل؛ لم
يتحدث إلى الإسرائيليين ولم ينو التحدث إليهم، ولكن السيسي سيتحدث يوما ما
بشكل مباشر أو غير مباشر معنا، كما أعتقد أن التعاون بين الجيشين
الإسرائيلي والمصري أفضل بكثير مما كان عليه تحت حكم الإخوان المسلمين..
إنه مختلف وهناك الكثير من التعاون خاصة بالنسبة إلى سيناء وبالنسبة إلى
العمليات داخلها»، على حد وصفه.
وسأله التلفزيون الصهيوني: «ما حجم التعاون
بين مصر وإسرائيل فيما يخص المقاطعة (يعنى سيناء)؟ قال إنه لا يعلم تمام
العمليات، لأن كلا الطرفين لا يتحدثان عنها، مشيرا إلى أنه بحسب فهمه قد
سمحوا للجيش المصري بإدخال وإنزال المزيد والمزيد من القوات داخل سيناء
بقدر ما يريدون من أجل احتواء البدو والجهاديين والإرهابيين في داخل سيناء،
وأفترض منطقيا أن هناك تبادلا في المعلومات الاستخباراتية بخصوص أولئك
الناشطين في سيناء، وربما هناك جوانب أخرى من التعاون ولذلك أعتقد أنه
اليوم أفضل بكثير مما كان عليه تحت حكم مرسى».
تعريب الصراع
ومن جانبه، قال طلعت مسلم الخبير
الاستراتيجي في لقاء له علي فضائية الجزيرة وكان الحديث عن إلغاء كامب
ديفيد أو تعديلها، وكان لافتا للنظر أن الكيان الصهيوني قد أعلن على لسان
رئيس وزرائه استعداده لمناقشة تعديل المعاهدة، بينما كان يعارض في السابق
إجراء أي تعديل على المعاهدة، وحينما احتاجت إلى زيادة عدد القوات في
المنطقة الملاصقة لقطاع غزة، فإنها أصرت على أن تعطى موافقة منفصلة على
الزيادة وألا يكون ذلك بتعديل للمعاهدة ولا لملاحقها وخاصة ملحقها الأول
المعروف بـ"بروتوكول خاص بانسحاب قوات الاحتلال والترتيبات الأمنية".
ورجح الباحث موافقة الصهاينة لعدة أسباب
هي أولا هي امتصاص الغضب الشعبي المصري الذي يطالب أصلا بإلغاء المعاهدة
كما أن المفاوضات يمكن أن تستمر لفترة طويلة يمكن استغلالها لتخفيف الضغط
على السلطة الحاكمة في مصر، بينما لن يقبل الصهاينة بما لا يحقق مصلحتهم،
وحينئذ فإن توقف المفاوضات يمكن أن يكون مقبولا.
كما رجح مسلم أن موافقة الاحتلال على تعديل
المعاهدة قد يكون لمساعدة السلطات المصرية على السيطرة على سيناء بحيث
تستطيع أن تمنع التهريب من خلال الأنفاق من سيناء إلى غزة، كما أنها تستطيع
أن تسيطر على الحدود بحيث تمنع التسلل عبر الحدود المصرية بواسطة عناصر
مصرية أو فلسطينية إلى الأراضي التي يسيطر عليها الاحتلال.
يذكر أنه منذ تولي سلطة الانقلاب تم تدمير
عدد كبير من منازل المصريين المقيمين في رفح بحجة أنها تمثل مخرج للأنفاق
بين مصر وقطاع غزة، كما تم تدمير عدد كبير من الأنفاق بين مصر وغزة.
كما تتعنت سلطات الانقلاب مع الفلسطينيين
الراغبين في السفر عبر معبر رفح بين مصر وقطاع غزة وهو المنفذ الحيد
لفلسطيني القطاع ولكن سلطة الانقلاب تفعل كما فعل المخلوع وهو إغلاق المعبر
بشكل مستمر وفتحه في حالات استثنائية فقط وه ما يزيد معاناة فلسطيني
القطاع!
وختم الباحث الاستراتيجي حديثه بالقول إن
الموافقة على زيادة القوات المصرية في شبه جزيرة سيناء يمكن أن تحول الصراع
من أنه قائم بين عناصر مصرية وأخرى صهيونية إلى صراع بين عناصر مصرية
والسلطات المصرية، أو بين عناصر فلسطينية وعناصر قوات مصرية، أي أن
الصهاينة -من خلال الموافقة على زيادة محسوبة للقوات المصرية في شبه جزيرة
سيناء- تستطيع تعريب الصراع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق