فى تحليل نفسى لشخصية السفاح .. «المهدى»: السيسى منهجه "ما أريكم إلا ما أرى"
الحرية والعدالة
وصف الدكتور محمد المهدى، أستاذ علم
النفس ، عبدالفتاح السيسى ، قائد الانقلاب الدموى ، بأنه «صاحب «أنا»
عالية ولا يحتمل المقاطعة من محدثه، ويصر على أن يوصل فكرته حتى نهايتها
بالطريقة التى يراها، ولا يحتمل المعارضة بل يعتبرها نوعاً من الشغب وتضييع
الوقت بلا فائدة».
ويرى المهدى أن السيسى «يعتد برأيه
بشكل قاطع وحاد لا يقبل التفاوض أو المساومة، فهو فى رأيه يعرف الصواب
ويتوجه إليه وليس بحاجة لرأى آخر أو مشورة، ويجب على الآخرين اتباعه لأنه
يعرف ما يصلحهم» وهى الصفة التى تحدث عنها الله تعالى عن فرعون {قَالَ
فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ
سَبِيلَ الرَّشَادِ (29)} غافر.
ويحذر المهدى من أن «هذه «الأنا
العالية» تتم تغذيتها وتضخيمها مع الوقت بالمبالغة فى امتداحه وتقديسه
ورفعه فوق مستويات البشر، وهذا ما يفعله مؤيدوه ومحبوه بشكل مبالغ فيه بما
يهدد بتكوين نواة نرجسية تتضخم مع الوقت وتتم تغذيتها والنفخ فيها حتى تصبح
خطراً على صاحبها وعلى الآخرين» وهى الفقرة التى تتضمن تحذيرا واضحا من
صناعة فرعون جديد.
ويحلل المهدى على بوابة المصرى
اليوم هدوء السيسى فى حواراته الماراثونية المتعددة حيث «كان يبدو هادئاً
ودافئاً وحنوناً طالما أن السياق يصب فى اتجاه رؤيته»، ولكن تظهر حقيقة
السيسى عند الاختلاف معه حيث يقول المهدى:«أما حين يحدث خلاف أو اختلاف أو
خروج عن السياق الذى يريده فكان يظهر له وجهٌ آخر، بحيث ينتقل وبسرعة من
النص الرومانسى الحنون إلى نص عدائى هجومى حاد».
ويكشف المهدى أن السيسى«يشير بيديه
ناحية صدره كثيراً بما يعكس الاهتمام بالأنا، كما يستخدم اليدين المشدودتين
لصنع حاجز أمامه ليرسم حدوداً بينه وبين الآخر. يتوحد مع ذاته ومع الجيش،
ويشعر بالفخر الشديد والتفرد والتميز والاستعلاء لهذا التوحد والانتماء».
ويؤكد المهدى أن «المحور الأساسى فى
شخصية قائد الانقلاب أنه يغلب عليه قانون الصراع، ويتفرع من هذا القانون
السيطرة والتحكم، والإيمان بالقوة، والرغبة فى الإنجاز وتحقيق الأهداف،
والحرص والحذر والتوجس والاستعلاء والدهاء والمراوغة والمناورة وعمل
الحسابات وتجهيز الخطط والانقضاض فى الوقت المناسب والمنافسة والندية
والحسم والحزم والشدة والقسوة والحدة والجدية والصرامة والقطع والتنفيذ».
ويضيف المهدى «ونظراً للخلفية
العسكرية والمخابراتية للمشير السيسى فإنه يخفى أكثر ما يظهر، وقد يصعب فى
وقت من الأوقات معرفة ما يدور بداخله، ولهذا من المهم فى قراءة شخصيته
الاهتمام بالقناع والظل، فهو كرجل عسكرى ورجل مخابراتى تدرب لسنوات طويلة
على أن يخفى مشاعره، وألا يسمح للآخر بالتوغل داخله ومعرفة ما يدور، لأن ما
بداخله إما سر عسكرى أو معلومة مخابراتية، ولذلك يميل للسرية والكتمان
والتحفظ».
ويتابع «القناع عند السيسى يُظهر
لغة عاطفية حنونة بنبرة صوت هادئة ومنخفضة ومتواضعة ومستعطفة ونظرات عينين
هادئة وبها مسحة حزن، أما الظل (الرابض فى الداخل ويظهر فى القرارات
والأفعال) فيعكس شخصية صارمة حادة ومتحدية وسلطوية وقيادية ومراوغة وكتومة
وحذرة وقلقة وصراعية وغير صبورة وقاطعة وقاسية حين تُستغضب ومنقضة على
الهدف».
أما عن النظارة الشمسية التى يرتديه
السيسى باستمرار فيقول المهدى «النظارة السيادية السوداء التى كثيراً ما
كان يظهر بها تشكل جزءاً من هذا القناع، فهى تخفى عن الناظرين ما يدور بعين
صاحبها وتسمح له بالتجوال البصرى منفرداً فيمن حوله، كما أنها تشكل حاجزاً
بينه وبين الآخرين يتيح له فرصة المناورة والتحكم، كما أنها تعطيه سمة
سيادية فوقية، ففيها الجزء الإخفائى التكتمى وفيها الجزء الاستعلائى».
ويشدد المهدى «يستخدم كلمة «أنا»
وضمير المتكلم بشكل لافت للنظر، بما يعكس حالة من الذاتية والأنوية
العالية، ولكنه يحاول أن يلطف ذلك بمظهر التواضع الخارجى متمثلاً فى نبرة
الصوت المنخفضة ونظرة العينين الممتزجة بمسحة حزن استعطافية».
ويكشف السيسى جانبا مهما من شخصية
السفاح «وهو حين يتحدث يبدو الآخر والآخرون فى هوامش الصورة فى حين يحتل هو
بؤرة المشهد طول الوقت، ويتعامل مع الآخرين على أنهم دائماً فى حاجة إلى
توجيهاته وتحفيزاته ورعايته وحنيته وحمايته، بمعنى علاقة الطفل القاصر
بالوالد الحامى والمسيطر».
وينفى المهدى وجود كاريزما حقيقية
عند السيسى مؤكدا أن «شخصية السيسى لا تحمل فى ذاتها عوامل الكاريزما
بالمعنى المعروف»، ولكنه اكتسب ما يسمى «كاريزما الموقف» و«كاريزما الزى
العسكرى» عند مؤيديه ومحبيه فقط الذين يرونه منقذا لهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق