الإذاعة الألمانية: "شرعية" مرسي عقبة في طريق السيسي فشل في تجاوزها
30/05/2014 03:37 ص
قالت الإذاعة الألمانية، إن مصر دخلت مرحلة
جديدة غير واضحة المعالم، مع انتخاب المشير عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع
السابق رئيسًا للبلاد، مشيرة إلى أنه على الرغم من أن صناديق الاقتراع شهدت
إقبالاً ضعيفًا، لكنه نجح في الحصول على "شرعية". بعثة المراقبين
الأوربيين وصفت الانتخابات الرئاسية المصرية بالديمقراطية والسلمية والحرة،
حسب رئيس البعثة وعضو البرلمان الأوروبي روبرت جوبلز.
لكن تقرير المراقبين لم يسلم من انتقادات وجهت
للجنة العليا للانتخابات التي قررت في آخر لحظة تمديد فترة الانتخابات ليوم
واحد ثالث. خطوة وإن لم تكن مخالفة لقوانين الانتخابات، إلا أنها تسببت في
"اضطرابات غير ضرورية" في سير العملية الانتخابية حسب تقرير البعثة
الأوربية. خطوة اللجنة العليا هذه تم اتخاذها رغم اعتراض المرشحين
عبدالفتاح السيسي وحمدين صباحي عليها،
وجاءت بعد الإقبال الضئيل على صناديق الاقتراع
خلال اليومين الأولين، حيث أشارت أولى الأرقام إلى نسبة مشاركة لم تتعد 37
بالمائة. وهو ما شكل مفاجئة كبيرة في صفوف مؤيدي المشير عبد الفتاح السيسي
والذي كان يعد نجاحه مؤكدا. السيسي وعد في الخطاب الذي أعلن فيه نيته
الترشح لتقلد أعلى منصب في مصر، أن الانتخابات ستكون نزيهة وحرة. كما أنه
برر خطوته في الترشح بكونه يستجيب لمطالب الشعب المصري الذي خرجت جموعا
غفيرة منه إلى الشوارع لمطالبته بقيادة البلاد.
هذه هي الصور التي كانت تظهرها أغلب وسائل
الإعلام المصرية الأسابيع التي سبقت الانتخابات الرئاسية المصرية. الحديث
كان يدور دائما حول تفويض قام به الشعب المصري للمشير عبد الفتاح السيسي أن
يصبح رئيسا للبلاد. بعض الإعلاميين أظهروا أن السيسي لا بديل له في هذه
المرحلة. ربما تكون هذه الحملة الإعلامية والثقة العالية بالنفس هي التي
أصبحت في النهاية الفخ الذي وقع فيه أنصار السيسي عندما لاحظوا الإقبال
الضعيف على صناديق الاقتراع. المشير عبد الفتاح السيسي خلال حملته
الانتخابية لم ينزل ولو مرة واحدة لمقابلة مناصريه واكتفى عوضا عن ذلك
بمخاطبتهم عبر وسائل الإعلام. اللقاءات التي عقدها كانت مع شخصيات تم
اختيارها مسبقا، ومعروف عنها ولاءها له. كما أنه لم يقدم برنامجا انتخابيا
إلا قبل أيام قليلة من بدء الاستحقاق الرئاسي. الإعلاميون والصحفيون
المؤيدون للسيسي برروا ذلك أن الأخير لا يحتاج لبرنامج انتخابي، ليجعلوا
منه، مرة أخرى، المرشح الذي لا بديل له.
هذه التصرفات أيقظت لدى الكثيرين، حتى من كانوا
يبدون تعاطفا مع المشير السيسي، ذكريات تعود لحقبة ظنوا أنهم انتهوا منها
مع ثورة الخامس والعشرين من يناير، ما جعلهم يعكفون عن التوجه إلى صناديق
الاقتراع. انعدام النزاهة في الانتخابات قبل أسابيع من موعد الانتخابات بدا
الفائز فيها واضحا للجميع. تكرار المفاجأة التي حققها المرشح حمدين صباحي
في الانتخابات السابقة، لم يعد يؤمن بها سوى مؤيدو هذا الأخير وأعضاء حملته
الانتخابية. أما الباقون، وإن كانوا متعاطفين معه قليلا، أو إن كانوا لا
يرون في السيسي المرشح المناسب، فقد اختاروا الاعتكاف، لاعتقادهم أن صوتهم
لن يغير من مسار الأمور شيئا. حظوظ السيسي في النجاح لم تكن راجعة فقط
لأعماله أو أقواله. فمؤيدوه يملكون طاقات كبيرة مكنتهم من دعم حملته سياسيا
وماديا. أغلب اللافتات التي تظهر صور السيسي في شوارع المدن المصرية، قام
رجال أعمال أو تجار بنصبها. إضافة إلى الآلة الإعلامية التي أعطت مساحات
كبيرة للدعاية للسيسي. في حين اضطر صباحي إلى التجول في مدن مصر ومطالبة
المواطنين بمنحه الثقة. الدعاية للسيسي امتدت أيضا لتشمل فترة الاستحقاق،
حيث كان هناك في العديد من المؤيدين يغنون ويهتفون له أمام مراكز الاقتراع،
وهو ما اعتبره المراقبون خرقا للصمت الانتخابي. تراجع عن شعارات 25 يناير
دعوات المقاطعة للانتخابات جاءت من قبل جماعة الإخوان المسلمين الذين
لازالوا يعيشون في مرحلة ما قبل الثلاثين من يونيو 2013 ومازالوا متشبثين
برئيسهم المعزول محمد مرسي.
لكن شباب الثورة اعترضوا، وإن بعزوف عن
المشاركة في الانتخابات الرئاسية. المشير عبد الفتاح السيسي تحدث في
لقاءاته التلفزيونية المسجلة عن تحقيق الأمن والاستقرار دون أن يعد بمنظومة
حقوق تحترم الحريات العامة، من أهمها حرية الرأي والتعبير والحق في
التظاهر، كما دافع عن قانون التظاهر الجديد والذي أصدرته الحكومة المصرية
نهاية العام الماضي.
وهذا ما اعتبره الكثيرون تراجعا للسيسي، الذي
يعتبره البعض قائدا لثورة الثلاثين من يونيو ضد الإخوان المسلمين، عن أهم
شعارات ثورة 25 يناير المتمثل في الحرية. من الناحية الاقتصادية يعتمد
مشروع الرئيس القادم عبدالفتاح السيسي على سياسة تقشف تمس الفقراء من الشعب
المصري، حسب انتقادات معارضيه.
وهو ما يعتبره العديدون تراجعا عن شعار آخر
لثورة 25 يناير وهو تحقيق العدالة الاجتماعية. هل حصل السيسي على الشرعية
المطلوبة؟ كل هذه العوامل تسببت في الإقبال الضعيف على صناديق الاقتراع في
الاستحقاق الذي كان يرغب مؤيدو السيسي أن يكون امتدادا لحراك الثلاثين من
يونيو.
كما أنهم كانوا يرغبون في تخطي حاجز الخمسين
بالمائة، وإعطاء السيسي شرعية داخل الشارع المصري ودوليا تفوق "شرعية"
الرئيس السابق محمد مرسي. الانتخابات الحالية كانت لتكون إذا آخر طلقة ضد
جماعة الإخوان المسلمين.
لكن الإقبال جاء من دون المتوقع. فالشارع المصري
ليس مكونا من مؤيدي النظام والإخوان المسلمين فقط. وإنما من تيارات
معارضة، أغلبها لا يملك الفرصة أو الرغبة في إيصال رأيه للآخرين عبر
الكلام، لكن من خلال تفاعله مع الصندوق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق