قيادي بالحرية والعدالة يكشف عن تكتيكات ثورية جديدة بعد تنصيب السفاح
07/06/2014 06:31 م
•مقاطعة انتخابات رئاسة الدم تأكيد من الشعب الأبي لاستكمال ثورة
•السيسي يضمن الحفاظ على أصحاب المصالح وقوى الفساد بالدولة العميقة
•القوى الثورية أخطأت في تقدير الموقف بعد ثورة يناير وتسلم العسكر الحكم
فجر عاطف صحصاح
أكد
حسين عبد القادر -مسئول الاتصال السياسي في حزب الحرية والعدالة- أن مقاطعة
المصريين لانتخابات رئاسة الدم كشفت حجم الرفض للانقلاب العسكري الدموي
وقادته في الشارع المصري على اختلاف منطلقاته وأيديولوجياته؛ إلا أنه في
المجمل العام أثبت رفضه للأيدي الملوثة بالدماء.
وأضاف
"عبد القادر" في حديثه لـ"الحرية والعدالة" أن تنصيب قائد الانقلاب على
كرسي الحكم ما هو إلا تحصيل حاصل كان متوقعا بالطبع، ولا يعني شيئا سوى
استمرار الثورة والحراك ضده، وهو الحراك الذي لا بد أنه سيشهد في الفترة
القادمة تغييرات وتطويرات تكتيكية ملائمة للمرحلة.
و كشف
"عبد القادر" عن حجم المؤامرة على الرئيس محمد مرسي وأنها كانت أكبر من أن
يتصورها أحد، في حين واجهها الرئيس بكل صلابة وقوة وتمسك بمبادئه ودافع عن
مطالب الثورة والشعب ببسالة، في حين أنه أخطأ في عدم إيضاح حجم المؤامرة
لجماهير الشعب المصري؛ حتى يتخذ منهم مؤازرا ومعاونا للتغلب على قوى الفساد
المستشري...وهذا نص الحوار:
كيف تصف بداية مشهد مقاطعة المصريين لانتخابات "رئاسة الدم"؟
كان
مشهدا طيبا عبّر عن طبيعة الشعب المصري؛ التي كان البعض قد شكك فيها في يوم
من الأيام؛ فمنذ الانقلاب وهناك أقاويل تدعي أن ولاء الناس للثورة سرعان
ما سيزول، وسرعان ما سيعودون لإحساسهم وشعورهم بالتبعية والذلة التي هي
سمات عصر مبارك؛ في حين أن المشهد بعد انتخابات رئاسة الدم قد أكد أن الشعب
ما زال مع ثورته وأنه غير مؤيد للانقلاب في مجمله؛ بل إن ما حدث بادعاء
وجود ظهير شعبي للانقلاب لم يكن أكثر من ضجة إعلامية مصنوعة لا أكثر.
والحقيقة الآن أنه وفي كل يوم ينضم أناس وفئات جديدة للثوار، من بينهم حتى
من شارك في تظاهرات 30 يونيو ومن كان ينقد الرئيس مرسي ويرفضه في الإعلام
وعلى الملأ. فالشعب الذي قاطع يثبت الآن أنه مع الثورة ومع المسار
الديمقراطي؛ حتى وإن كانت لديه رغبة في التغيير، فلا يكون بانقلاب دموي
•جلوس قائد الانقلاب على كرسي الحكم تحصيل حاصل لأنه "باطل" |
بائس فاشي.
ولكن
قد يكون غير صحيح إطلاق حكم أن جميع من قاطعوا رئاسة الدم هم من مؤيدي
الشرعية؛ فمن المؤكد أن هناك أسباب أخرى؛ فما هي من وجهة نظرك؟
من
المؤكد أن جزءا منها متعلق بأداء حكومتي الانقلاب على مدار عام كامل تقريبا
في حين لم يشعر المصريون بأي تغيير في الأمور المعيشية التي ادعي الانقلاب
أن المصريين ثاروا من أجلها؛ كذلك قاطعت شريحة أخرى من أجل رفضها لحالة
التفلت والتسيب الأمني الموجود في الشارع، والذي جاء نتيجة انشغال المؤسسات
الشرطية باللهث وراء التظاهرات والقمع والكبت للحريات؛ في حين تحررت بشكل
كبير من مهماتها الرئيسة في ملاحقة اللصوص وتجار المخدرات وغيرهم من أصحاب
الجرائم الحقيقية، أيضا يجب ملاحظة أن هناك مسلمات كثيرة كانت في أذهان
الشعب وفجأة ومع الانقلاب تغيرت وسقطت منها مثلا أن القضاء كليا نزيه وعادل
ولا غبار عليه، وأيضا من بينها نزاهة قادة الجيش والمجلس العسكري
وانحيازهم التام لثورة 25 يناير، كل هذه المفاهيم نجح الانقلاب في إسقاطها
ومن ثم أثرت بشدة على قناعة الناس بالمؤازرة أو المشاركة في أية ممارسات
سياسية حالية.
وكيف تري المشهد التالي لتلك المقاطعة بعد ادّعاء نزول الجماهير، ومن ثم إعلان فوزر ساحق لقائد الانقلاب؟
الحقيقة
أن هذا لم يكن أكثر من تحصيل حاصل؛ فمنذ أن طلب قائد الانقلاب التفويض من
الناس، ومن قبلها ومنذ أن تصدر المشهد الانقلابي؛ لم يكن من المنتظر أنه
سوف يقدم هذا كله على طبق من فضة لشخص آخر، فالطمع في السلطة كان باديا وما
تم فقط هو التخطيط للوصول إليه. فالمسار الانقلابي منذ اليوم الأول كان
شديد الوضوح لمن أراد أن يفقه، ولم يكن من المتوقع مسار آخر لأنها معادلة
صفرية فالسيسي وأعوانه وأصحاب المصالح وقيادات الفساد لم يكن عندها بديل
آخر لاستمرار الأوضاع في يدها.
هل
تتوقع أن انقضاض السيسي على مقعد الرئاسة فاجأ بعض المؤازرين له ممن ظنوا
أنه سيعاونهم في إحداث انقلاب ناعم، تتصدره قوى مدنية عادية؛ ثم فوجئوا
بانقلاب دموي وسيطرة وجوه عسكرية؟
في ظني
الأمر عبارة عن ثلاث شرائح بناء على اختلاف الأهداف والمنطلقات؛ فالأولى
بالفعل قوى ثورية ولكن تم استدراجها لمجرد رفضها للفكرة الإسلامية ولرئيس
يحكم من خلفية مرجعية إسلامية حركية وهؤلاء لم يجدوا بعد الانقلاب سوى
الإقصاء والمنع وتكميم الأفواه والمصادرة والمنع من الكتابة وحتى الاعتقال
والملاحقة، وهناك تيار آخر معروف عنه أنه يتبع عالم المصالح فقط ويجيد
اللعب على كل الحبال؛ حتى وإن اضطر إلى التظاهر بالسمت الإسلامي لدعم
مصالحه، والحديث عن تيار المصالح كبير ومتشابك؛ فقد تسلم الرئيس مرسي
الدولة وهي تقريبا تحت الصفر، بما في ذلك الجهات السيادية.
•تصدر السيسي للمشهد يُعجل بنهايته وإسقاطه وفضح جرائمه في حق الشعب |
وللأسف
أصحاب المصالح وقوى الفساد كانت تحارب أية فرصة للتقدم، كما أن الفساد لم
يكن بعيدا أيضا عن مؤسسة الجيش بما فيها من شركات اقتصادية تمثل 45% من
اقتصاد البلاد، كذلك هناك وفي جهات أخرى موظفون لهم مصالح في شركات تتبع
مؤسسات تجارة عالمية من جانبها لها مصالح أيضا مثل مجال الأسمنت والحديد؛
وخلاصة ذلك أن تلك القوى متضافرة حتى وإن كانت قد خططت أن يكون انقلابها
بعد فترة طويلة بعض الشيء إلا أنهم سارعوا في الانقضاض على الحكم بعد أعلن
الرئيس مرسي أن مشروعه سيؤهل البلاد في الغذاء والدواء والسلاح، وهي
الملفات الشائكة التي يدندن حولها أصحاب المصالح وينتفعون من عدم بقائها في
أيدي الوطنيين المخلصين. أما التيار الثالث وهو فصيل كبير من الشعب المصري
والذي اتخذ منه الانقلاب ظهيرا، وهي فئة لا يعنيها مَن يأتي؛ إسلامي أو
غير إسلامي؛ كل ما في الأمر أن تلك الفئة لبساطتها الشديدة تأثرت بالإعلام
ومن ثم ساندت الانقلاب في البداية في حين أنها عادت ورفضت الدم والتدمير
الذي ظهر عليه الانقلاب وقادته؛ خاصة بعد أن عاد بالبلاد عقودا للوراء ولم
يقم بأي تغير إيجابي في الأمور المعيشية المباشرة التي ساندوه من أجلها.
وهذا التقسيم على درجة كبيرة من الأهمية لأنه قد يعني أن من يقف الآن وما
زال مع الانقلاب هم في أكثرهم أصحاب المصالح فقط، أي ما يمثلون ثلث مؤيديه
من قبل، أما الثلثان الآخران فقد أظهرت المقاطعة الحاشدة تخليهم عنه،
وأوبتهم إلى الصف الوطني من جديد.
نفهم أن يفرح المؤيدون للانقلاب بترشح السيسي ومن ثم بإعلان فوزه المزعوم طبعا؛ ولكن لماذا اعتبر مؤيدو الشرعية ذلك بداية انتصار؟
الحقيقة
أن هذا التفاؤل من وجهة نظري لا بد أن يكون حذرا؛ فهناك مخاوف من أن يكون
الحديث عن أن تنصيب السيسي بداية النهاية مجرد خدعة أو شائعة لتفريغ مؤيدي
الشرعية من حماسهم المضاد لهذا التنصيب؛ وذلك مثل الكثير من الشائعات التي
كان يروج لها سابقا، ويندفع خلفها الكثيرون بلا ترقب.
فهناك
من يعول مثلا في التفاؤل على التركة الاقتصادية المتعثرة التي سوف يتصدر
لها قائد الانقلاب؛ في حين أن ظني أن الدول المتحالفة معه لن تألوا جهدا
خاصة في الفترة القادمة من أن تدعمه بمليارات أخرى لإظهار بعض التحسن في
بعض الخدمات، أو على الأقل للاستمرار وعدم
إسقاط الدولة.
ومع ذلك
فقد يأتي التفاؤل من تصدر السيسي المشهد الآن بشكل مباشر وليس من خلف ستار
كما كان يضع "عدلي منصور" من قبل، وهنا يبدأ الشعب الذي بدأ يفيق بالفعل
في الآونة الأخيرة، يبدأ في تبيّن أخطاء وجرائم هذا الرجل خاصة في ملف
إدارته الواضح للدولة والتي يُدخلها في تحالفات اقتصادية مع دول هي من
الأساس معروف أنها تناصبنا العداء.
•الاصطفاف الوطني أهم عوامل كسر الانقلاب وإعادة البلاد للمسار الديمقراطي |
كذلك
بأقل مقارنة سوف يعرف اللائمون لحكومة الرئيس مرسي ورجاله، أنه ولو أنهم قد
أخطئوا بالفعل أو لم يحققوا للشعب ما يريد بسرعة؛ إلا أنهم على الأقل
كانوا على درجة من الإخلاص والتجرد والوطنية مقارنة بهؤلاء الانقلابيين
الذين لا هم لهم سوى اكتناز الأموال وتحقيق المصالح الشخصية.
وعلى جانب آخر؛ هل يحقق تنصيب السيسي استقرارا وشرعنة كما كان يخطط له الانقلاب؟
في
النهاية فما بني على باطل فهو باطل، والوضع لن يختلف كثيرا؛ ولن يتحقق أبدا
استقرار كُتب بدماء وجثامين الشعب، وبدأ عهده بتكميم الأفواه ومصادرة حرية
الإعلام، ومراقبة مواقع التواصل الاجتماعي. فالقاعدة والسنة الكونية تقول
إن "العدل" هو قوام بناء أية دولة ومن ثم استمرارها؛ فإذا ما تم تقويض هذا
الأساس؛ فكيف نظن أن دولة "اللا-عدل" من الممكن أن تستمر.
ولكن ألا تخشون من ثبات واستقرار الحالة الثورية المستمرة في الشارع؛ بحيث تصبح مألوفة وبالتالي لا تحقق أثرا أكثر مما حققت؟
بالفعل
هذه نقطة مهمة؛ وهي أن الاستمرار في وضع معين لفترة طويلة قد يفقده كفاءته
وتأثيره، مثل المضادات الحيوية في الأدوية من الممكن أن ينسجم معها الجسم
إذا بقيت مدة طويلة وبالتالي لا تؤتي ثمارها؛ ولذا فلا بد من التأكيد من
فترة إلى أخرى على تغيير الآليات والأساليب. وأظن أن هذا ما سيحدث بإذن
الله في الفترة القادمة، وسيفاجئ الانقلابيين ويربك خططهم. ولكن هذا مع
ملاحظة أن كلمة "تطوير" تعني استمرار ما هو قائم ثم تحسينه ودفعه إلى
الأمام، وليس نقضه أو الإجهاز عليه، وذلك حتى لا يتم تثبيط همة من ينزلون
ويشاركون في الفعاليات بشكل يومي؛ فهؤلاء هم الركيزة الأساسية والهامة التي
شكلت بصمودها وتضحياتها حائطا صلبا ضد استقرار الوضع الانقلابي.
ومن
ناحية أخرى ففي هذا السياق نلحظ أن الحراك الثوري حتى وإن كان يحتاج إلى
تغيير أسلوبي، فهو إلى حد كبير قد تغير من ناحية الشرائح المتضامنة فيه،
وذلك من خلال غباء الانقلابيين أنفسهم حيث أسهموا في تكثير الرافضين لهم من
كافة الفئات؛ فعلى سبيل المثال سيطر الانقلاب الآن على كافة النقابات
المهنية تقريبا، وهذه شريحة ضخمة من المنتظر أن تكون من الغد في الشارع
وبين الصفوف الثائرة، كذلك شرائح من تم تعيينهم أو حصولهم على علاوات في
العام من حكم الرئيس مرسي، ثم ألغي الانقلاب هذه الميزات جميعها، وغير ذلك
من الفئات الكثير.
"المندس"
نذهب
إلى ملف فيلم "المندس" فقد أصبح قضية بما أثاره من معلومات لتحالفات
الشرطة والبلطجة، وكذلك ادعى ضعف مؤسسة الرئاسة في اتخاذ إجراءات حاسمة.
فكيف استقبلت هذا الفيلم؟
الحقيقة
أن هذا الموضوع قد أخذ جدلا ومناقشة أكثر مما يستحق، كما أن التحليلات
تفاوتت من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، من الاتهام للفيلم وتوقيت إذاعته،
ومن الإعجاب الشديد به، في حين أني لا أظن سوى أنه حادث إعلامي أو "سبق"
بلغة الصحافة؛ ومع ذلك فكل حادثة من هذا النوع لا بد أن يكون لها عدد من
الاحتمالات ولا يمكننا الجزم بأن شيئا منها صحيحا مطلقا، ومن تلك
الاحتمالات مثلا أنه قد يكون فيلم تم إعداده ولم يجد فرصة للظهور من قبل
لسبب أو لآخر، أو قد يكون بالفعل مقصودا لشغل الرأي العام قليلا عن حراكه
الثوري بموضوع يأخذه ويشد انتباهه وتكثر البلبلة والأقاويل حوله.
ولكن في
النهاية فالخلاصة من هذا الفيلم أن حجم المؤامرة كانت كبيرة للغاية، وأن
هناك جهات خفية عميقة كانت تعمل ضد الرئيس وتخطط لإفشاله حتى من قبل أن
يفوز بالرئاسة، أما ما أثاره الفيلم من معلومات فهي لم تضف لنا جديدا فنحن
كنا على علم بأكثر منها، ولكنه فقط تم وضعه في إطار جيد من التوثيق
والترتيب. الأمر المهم هنا أننا لا يجب أن نعطي هذا الفيلم أكثر من حجمه؛
لأن الملاحظ أن هناك منذ بدء الثورة حتى الآن هناك صوارف كثيرة تأتي فتأخذ
الناس في مسارات جانبية.
ولكن هذا لا يمنع من مناقشة الناحية الموضوعية للفيلم، خاصة ما تحدث عنه من ثورة مضادة، كيف رصدتم تلك الثورة؟
للأسف
جميعنا كقوى ثورية انطلقنا من مسلمات لم نفطن إلى أنها كانت تشكل خطرا
كبيرا علينا، ومن ذلك الظن بأن قيادات الجيش أو المجلس العسكري كان في جانب
الثورة أو حمى الثوار، وأظن أنه وإبان أحداث محمد محمود وحين قال "طنطاوي"
إن هناك: "لهوا خفيا لا نعلمه وراء تلك الأحدث"، حينها كتبت مقالا أرد فيه
عليه وأتساءل كيف يكون من يملك المخابرات والجيش والشرطة كل هذه السنوات
لا يعلم من يقف وراء تلك الأحداث؟!.
ومن
المسلمات أيضا التي سرنا وراءها بعد الثورة أن جهاز أمن الدولة قد ذهب إلى
غير رجعة، وهي الكذبة التي أدت إلى الكثير من المشكلات بعد ذلك؛ حتى أنه
وفي العام من حكم الرئيس مرسي لم يستطع أحد الاقتراب من بطن أو أحشاء دولة
"الشرطة" العميقة التي ظلت تعمل في الخفاء، خاصة بعد ما تبين أيضا أن الأمر
لم يتوقف على أمن الدولة بل كان هناك تحالف جلي أنشأه حبيب العدلي مع
البلطجية قوامه 300 ألف بلطجي، وهم من كانوا يعبثون في الدولة وما زالوا
وهذا يعني أن "بلطجية" الداخلية هي التي عليها أن تواجه "بلطجية" الشارع،
وهو ما لم يحدث بالطبع. كذلك وبشكل عام فعند محاولات التغيير لم تكن هناك
كفاءات محترمة أو مضمون ولاؤها للوطن ولمؤسسة الرئاسة. وبالتالي ظل عائد
التغيير داخل تلك المؤسسة ضعيفا جدا، كذلك لم يكن يسمح بأية تغييرات حقيقة
في قيادات وزارة الدفاع.
أما
الحديث عن ضعف الرئيس وما شابه فهذا مردود عليه بما ثبت للجميع من أن دولة
الفساد العميقة المستشرية كانت أعمق وأكثر انتشارا وتغلغلا في مؤسسات
الدولة، ما كانت تحتاج معه إلى فترة أطول للاجتثاث، في ظل توافق وطني
وثوري، وهذا ما لم يحدث للأسف. مع الاعتراف أن الأمر أيضا كان يحتاج حسما
وقوة أكبر وأيضا وضوحا أكثر مع الجماهير حتى تتبنى قضية التغيير ومساندة
الرئيس بقوة، فإذا علمنا مثلا أن الكثير من قيادات الوزارات السيادية كان
يغلب عليها الفساد وعدم الولاء للوطن، فماذا كان سيكون رد الفعل لدى الناس
في ظل تأليب الإعلام المستمر إذا اتخذ الرئيس مرسي قرارا بإقالة كل تلك
القيادات مرة واحدة، بالطبع كان من المنتظر هجوم شديد واتهام بالأخونة وما
شابه من ادعاءات؛ ولذا فقد كان اختيار الرئيس دائما التغيير المرحلي
والجزئي، في حين لم يمهله الفسدة. ومع ذلك فمما لا شك فيه فقد وقف الرئيس
مرسي بقوة شديدة أمام كل تلك المصاعب، وظني أن غيره لو كان في مكانه كان
سيغيّر مبادئه ويداهن وينافق ليستمر وفقط، أو كان سيقفز من السفينة تاركا
إياها بعد شهر على الأكثر؛ وكما يُقال أن كل من هو خارج الملعب، لاعب جيد؛
ولذا فيقيني أن جزءا كبيرا مما حدث للرئيس مرسي كان لتمسكه بقيمه ومبادئ
الثورة وإرادة الجماهير، وفي هذا وجب التأكيد على أن إنجازات الرئيس مرسي
بخلاف بدء سيطرته على الفساد في أماكن كثيرة، وجلبه لاستثمارات حقيقية
ومشروعات قومية ضخمة؛ إلا أن أهم الإنجازات كان هو شعور الجميع المعارض قبل
المؤيد بالحرية الحقيقة وبأن كل مواطن مصري مهما كانت وجهة نظره أو رؤيته
السياسية فهو مقدر ومحل احترام وله الحقوق والحريات كاملة، الأمر الذي
تهاوى تماما بعد الانقلاب.
بعد
الكثير من البيانات والمحاولات الدائرة حاليا لإعادة التآلف والتوافق بين
قوى ثورة 25 يناير، ما الذي تحمله يد حزب الحرية والعدالة أو جماعة الإخوان
من أجل هذا الاصطفاف الوطني؟
جماعة
الإخوان وحزب الحرية والعدالة يرحبان بكافة محاولات لم الشمل، وإعادة
اللحمة للقوى الثورية، في حين أنه بالطبع لا يخفى على أحد أن جماعة الإخوان
طيلة الفترة الماضية تقدم ليس فقط أياديها للوطن، وإنما أجسادها كاملة
وأرواح أبنائها ونسائها وقياداتها وهذا ليس منّة منا على أحد، وإنما قدمناه
لله عز وجل أولا ثم للوطن.
•جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة يرحبان بكافة محاولات لم شمل الثوار |
وهي
التضحيات التي ستستمر وتستمر حاليا حتى تحقيق كامل الحرية للبلاد. الأمر
الثاني أن كافة أفراد الجماعة أو الحزب بما يملكون من خبرة وفكر وعلم
وتجارب هم تحت تصرف الوطن في أي وقت وفي أي إجراء أو تحالف سوف يدعم مسيرة
الثورة والشرعية.
وما الذي تنتظرونه من القوى الثورية التي تريد العودة الآن إلى الصف الثوري، والتي قد تبدو متأخرة كثيرا؟
نقول إن
من كان به خيرا فسوف يلحق حتما بالصف الثوري من جديد، فقط ندعو إلى
المسارعة الآن إلى هذا الاصطفاف؛ لأنه من أهم عوامل كسر الانقلاب وإعادة
البلاد لمسارها الديمقراطي، خاصة أننا على يقين أن التنوع داخل الصف الثوري
هو مما يفيد الثورة ويحقق مآرب كافة فئات الشعب.
كتبت
على صفحتك على موقع التواصل الاجتماعي حول مصنع أسمنت في العريش تابع
للجيش المصري ويذهب بمنتجه إلى مستعمرة "بيت أيل" الصهيونية في حين يتم
الادعاء أن الأسمنت هذا يذهب إلى غزة.
•انكشفت أسباب الانقلاب على الرئيس مرسي لأنه أراد النهوض بالدولة المصرية |
هذا أمر
تم نقله ممن يشهد على تلك الواقعة بنفسه ويدعو الجميع للذهاب إلى هناك لمن
أراد التثبت، وهذا ليس بجديد فمعروف من ذي قبل أن الجدار العازل الصهيوني
يتم بناؤه بحديد وأسمنت من مصر، أيضا معروف أن المبيدات المسرطنة والفساد
الذي لاحقنا في زراعتنا مبعثه أيضا التعاون والاستيراد من الكيان الصهيوني،
فهذه كلها قضايا ليست بجديدة ومعروفة من ذي قبل. كذلك أيهما أكثر صدمة لنا
ذهاب الأسمنت ومواد البناء، أم التخلي عن الغاز الطبيعي المصري للصهاينة
بثمن بخس ثم إعادة استيراده!
في
الحديث عن التوافق وتلاقي وجهات نظر الثوار على هم وطني مشترك؛ ألم يكن
هذا هو دور الاتصال السياسي بصفتك مسئول عنه في حزب الحرية والعدالة؟
كان
المقصود بالاتصال السياسي في الحزب القيام بالتنسيق مع القوى الثورية من
أجل تحقيق أهداف الثورة، وهذا بالفعل تم بشكل جيد بعد الثورة مباشرة وظهرت
آثاره في تحالفات سياسية معينة لتنظيم الاستحقاقات الانتخابية إبان
انتخابات مجلس الشعب، واستمر هذا التنسيق في الكثير من الفعاليات الثورية
في تلك الفترة، في حين أن البعض يفهم التنسيق بشكل خطأ؛ خاصة عندما يُظن أن
الأمر عبارة عن تنازل عن مقاعد أو حصد ميزات ما في البرلمان، في حين أن ما
كان يعنينا هو توحيد المفاهيم والمواقف والاتفاق على آليات عمل، وذلك حتى
نضمن حدا أدنى من توحيد الصف في أي عمل أو مهمة وطنية. الأمر الذي حدث بشكل
جيد في تلك الفترة إلى حد كبير. وقد استمر دور الاتصال السياسي بعد فوز
الرئيس مرسي ولكن في جلسات الحوار الوطني ومناقشات القوى الوطنية وفي تكوين
ورش عمل تجميعية للنهوض؛ حيث كان يتم اكتشاف المهارات والقدرات وترشيح
أفضل الكفاءات في المواقع المناسبة، وبالفعل كادت تلك الجلسات أن تؤتي
ثمارها وأن تضع أطرا للعمل الوطني المشترك، لولا أن يد الانقلاب سبقت
وأهالت التراب على كافة الجهود، وقد كانت تلك اليد الانقلابية تعمل في
الخفاء وتمارس ضغوطا على الكثير من أعضاء تأسيسية الدستور ومستشاري الرئيس
الذين أسرّ لنا البعض منهم صراحة أنه سيضطر للانسحاب نظرا لضغوط معينة
مورست عليه.
ما الذي يعنيه توحيد المفاهيم، وكيف يصنع توافقا أو اتحادا سياسيا؟
كنا
نحاول الوصول إلى دلالات واضحة لمفهم نائب برلماني، أو مجلس نيابي أو
محافظ، وغيرها من المفاهيم، وهذا يعني على سبيل المثال أن نتفق أن عضو
البرلمان يجب أن يكون أمينا شريفا يسعى لمصالح وطن، وذلك حتى نستبعد أية
شخصية عليها ملاحظات من هذا النوع، وهذا هو ما يصنع توافقا واصطفافا وطنيا.
•لن يتحقق أبدا استقرار كُتب بدماء الشهداء وقمع واعقتال المعارضين |
لكن
المشكلة أننا للأسف كنا نجد آخرين يريدون منا أن ندعم شخصيات من هذا النوع
الذي عليه ملاحظات، وعندما نرفض تكون هناك الاتهامات المعروفة، ومن هنا
كانت أهمية توحيد المفاهيم. والحقيقة أن ما حدث من تناحر بين القوى الثورية
في كثير من الأحيان كان سببه هذا الاختلال في المفاهيم والمعايير. بدءا من
مفهوم الثورة نفسه مرورا بمفاهيم النقد وحرية التعبير.
هل من الممكن مواصلة تلك الجهود في التوحيد والتوافق الآن؟
بالفعل
نحاول الدفع في هذا السبيل، وقد بدأنا بشكل أولي في تجميع مجموعة من
المبادئ والقيم المتفق عليها (ما يقرب من 30) تم اقتراحها وهى باكورة توحيد
مفاهيم واصطفاف ثوري قادم، وهي بالطبع قابلة للزيادة والتطوير طالما يدفع
الجميع في اتجاه إعادة اللحمة وتحقيق مطالب الوطن والثورة. خاصة أننا حين
كنا نعمل في العام من حكم الرئيس مرسي كنا في فترة بناء، وكانت لدينا
مشروعات متعددة نتجمع حولها للنهضة بالبلاد؛ أما الآن فالهدف مختلف حيث يقع
إزاحة الانقلاب كهدف أولي ورئيس يجب الالتفاف والتعاون من أجل تحقيقه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق