صفقة "عباس وإسرائيل وأمريكا".. طوق نجاة الصهاينة من محكمة جرائم الحرب
26/07/2014 01:43 م
خاص
كان رد الفعل الإسرائيلي الصادر عن مجلس
الوزراء الصهيوني علي القرار الذي اتخذه مجلس حقوق الإنسان الدولي التابع
للأمم المتحدة الأربعاء الماضي، الخاص بإقامة لجنة تحقيق لتقصي وقائع
العملية العسكرية التي يقوم الجيش الإسرائيلي بشنّها في قطاع غزة والتأكّد
مما إذا كانت تخللّتها انتهاكات للقانون الدولي، وأيّدته 29 دولة من 47
عضواً في المجلس، هو القول ضمنا للمجلس "بلوا القرار وأشربوا مياهه!".
بل إن بيان مجلس الوزراء الإسرائيلي أشار
إلي أن مصير التحقيق الجديد عام 2014 لن يختلف عن مصير نتائج التحقيق
السابق الذي جرى بعد مجازر 2008 -2009 في غزة أيضا، ونتج عنه (تقرير
غولدستون)، والذي رغم إدانته للدولة العبرية واتهامها بارتكاب جرائم حرب،
فقد جمد في نهاية المطاف في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ولم
يحاكم أي قائد إسرائيلي رغم استخدام أسلحة محرمة دوليا وارتكاب جرائم حر.
بل إن السلطة الفلسطينية طلبت تأجيل نشر هذا
التقرير، كما حاولت عرقلة التحقيقات في وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات
بحجة عدم إثارة غضب رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل شارون، ثم جمدت السلطة
الفلسطينية طلب التقدم بالتقرير -بعد إعلانه- لمجلس الأمن والجمعية العامة
للأمم المتحدة ما أثار تساؤلات حول الهدف من هذه القرارات التي تحاول حماية
إسرائيل بدل إدانتها!!
صفقة بين عباس وإسرائيل وأمريكا!
وبينما يستمر الاحتلال في قتل مزيد من
الأبرياء والأطفال والنساء في غزة ويرتكب جرائم حرب، تكشفت فضيحة جديدة
للسلطة الفلسطينية في حق أبناء غزة تتمثل في عقد صفقة مع أمريكا وإسرائيل
مقابل عضوية الأمم المتحدة.
فقد كان هناك اتفاق بين إسرائيل والسلطة
الفلسطينية وأمريكا على الإفراج عن 104 أسرى فلسطينيين معتقلين منذ ما قبل
اتفاق أوسلو على أربع دفعات، مقابل عدم طلب الجانب الفلسطيني عضوية مؤسسات
الأمم المتحدة، ولا سيما محكمة العدل الدولية في لاهاي، بعد أن حصلت فلسطين
في نوفمبر 2012 على صفة (دولة مراقب غير عضو) في المنظمة الدولية، وبالفعل
أفرجت إسرائيل عن ثلاث من هذه الدفعات، وبقيت الدفعة الرابعة من الأسرى
القدامى (30 أسيراً فلسطينياً منهم 14 من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام
1948 داخل إسرائيل).
عقب رفض إسرائيل الإفراج عن هذه الدفعة من
الأسرى، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس: إن القيادة الفلسطينية (اللجنة
المركزية لحركة فتح، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير)، وافقت بالإجماع
على الانضمام إلى 15 معاهدة ومنظمة دولية، أما الأكثر غرابة فهو أن رئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التزام الصمت إزاء توقيع الرئيس
الفلسطيني محمود عباس على طلبات الانضمام إلى 15 معاهدة دولية، على الرغم
من أنه ظل يهدد ويهدد لو أقدمت السلطة على ذلك.. لماذا؟!.
مصادر قانونية في الجامعة العربية كشفت عن
أن السلطة الفلسطينية عقدت صفقة على ما يبدو مع إسرائيل وأمريكا تتغاضى
بموجبها عن اللجوء لمحكمة الجنايات الدولية لملاحقة جرائم الحرب والجرائم
ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل في غزة، بعدما حصلت على عضوية غير كاملة
في الأمم المتحدة، مقابل تراجع السلطة عن سعيها للانضمام للمحكمة الجنائية
التي كانت بندا أساسيا في ملفها للعضوية في الأمم المتحدة.
وقالت المصادر إنه رغم إعلان الرئيس عباس
الانضمام لـ 15 معاهدة ومنظمة دولية، فقد عزز الشكوك حول عقده هذه الصفقة
مع إسرائيل وأمريكا عندما تجنَّب توقيع طلب الانضمام إلى الجهة الأكثر
أهمية، وهي محكمة الجنايات الدولية التي من شأنها أن تعرض مسئولين
إسرائيليين إلى الملاحقة القضائية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ
الإنسانية، بينما معظم المعاهدات والاتفاقات التي وقعتها السلطة، لا تثير
قلقا لدى إسرائيل، وهي تتعلق بحقوق الإنسان، والقانون الإنساني الدولي،
والبروتوكول الدبلوماسي!؟.
ولهذا يدور سؤال في الشارع الفلسطيني في ظل
المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، متى ستنضم
فلسطين لكافة المعاهدات والمواثيق الدولية؟ وفي مقدمة ذلك محكمة روما، التي
تمهد الطريق لانضمامها إلى محكمة الجنايات الدولية، لمساءلة ومحاسبة
المسئولين الإسرائيليين؟!.
محاكمة السلطة دوليا بسبب صواريخ المقاومة !
مصادر فلسطينية رسمية موالية للرئيس عباس
قالت بالمقابل إنه لا توجد صفقة، ولكن مخاوف السلطة من العقوبات والمقاطعة
الاقتصادية والسياسية الأمريكية والصهيونية بل العربية أيضا، ووقف ضخ
الأموال الفلسطينية التي تجبيها وزارة المالية الصهيونية للخزينة
الفلسطينية، واحتمالات توقف صرف رواتب موظفي القطاع الحكومي الفلسطيني
المدني والعسكري.. كل هذا يشكل عوامل ضغط علي السلطة وابتزاز.
وقالت أيضا إنه ليس هناك جدوى قانونية على
أرض الواقع من التوقيع على هذه المعاهدة، وطلب محاكمة إسرائيل على جرائم
الحرب كون الولايات المتحدة عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، وتستطيع
استخدام حق النقض (الفيتو) ضد أي قرار أممي.
الأغرب أن المندوب الفلسطيني في مجلس حقوق
الإنسان إبراهيم خرايشي صرح للتلفزيون الفلسطيني هذا الشهر؛ بأن انضمام
الفلسطينيين لمحكمة الجنايات الدولية قد يضعهم في دائرة ملاحقة المحكمة،
زاعما أنه يمكن ملاحقة السلطة عن الصواريخ التي تطلقها الفصائل الفلسطينية
على إسرائيل بدعوي أنها بدورها جرائم حرب ضد المدنيين الإسرائيليين، وذلك
في سياق رده على الانتقادات حول عدم توجه السلطة لمحكمة الجنايات الدولية
حتى الآن.
وزعم مندوب عباس: "إن أي صاروخ يطلق على الأراضي الإسرائيلية هو بمثابة جريمة ضد الإنسانية، سواء أصاب أو لم يصب!!".
"تهاون" الحكومات العربية
وقد اتهم خبراء قانون دولي مصريين الحكومات
العربية بالتهاون ومنع محاكمة الصهاينة، وقالوا إن هناك أدلة قانونية قوية
تسمح بمحاكمة القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، بل ضباطهم وجنودهم
أمام المحاكم المحلية العربية أو الدولية أو الأمريكية والأوروبية، وأن
هذه المحاكمة ممكنة، ولكن "تهاون" الحكومات العربية وعدم توافر "الإرادة"
يمنع ويعرقل هذه المحاكمة عن جرائم الحرب الصهيونية المختلفة وآخرها ما
يجري في غزة.
وقال الخبراء إنه لو توافرت هذه الرغبة
الحكومية العربية لأمكن محاكمة الصهاينة أمام أكثر من محكمة محلية ودولية،
ولأحال هذا حياة القادة الصهاينة إلي جحيم وجعل مذكرات الاعتقال في
انتظارهم في مطارات دول العالم منوهين لسبق إصدار محكمة بلجيكية قرارات
بمحاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق شارون، والرئيس الأمريكي بوش
ونائبه تشيني ووزير دفاعه رامسفيلد عام 2002، وإصدار محكمة بريطانية أمراً
بإلقاء القبض على الجنرال دورون ألموغ القائد السابق للمنطقة الجنوبية في
الجيش الإسرائيلي ضده لارتكابه جرائم حرب ضد الفلسطينيين في غزة عام 2002
أيضا.
ويؤكد د. عبد الله الأشعل -الخبير وأستاذ
القانون الدولي- أن أركان جرائم الحرب -كما يوصفها نظام روما واتفاقية
إبادة الجنس واتفاقيات جنيف الأربعة- متوافرة في القادة الصهاينة من قتل
متعمد لأطفال ونساء وضرب منشات مدنية في غزة عمدا من قبل الطائرات
الإسرائيلية مثل سيارات الإسعاف والطواقم الطبية والمساجد ومخازن الطعام
والأدوية والوقود وكل موارد الحياة ، وكل هذه امور محمية بالقانون الدولي
الإنساني وتشكل أعمال بمثابة جرائم حرب.
ونوه "الأشعل" لأن الحكومات العربية كثيرا
ما تعرقل هذه الدعاوي أمام محاكمها المحلية التي وصفها بأنها غير مستقلة
تماما وخاضعة لسيطرة الحكومات ، وذلك عبر الدفع بعدم الاختصاص أو بتجاهل
نتائج هذه الدعاوي وحفظها وعدم التحرك للمطالبة بمثول الصهاينة أمامها أو
المطالبة بتسليمهم للمحاكمة أو القبض عليهم بعد الحكم عليهم.
وكانت محكمة الأمور المستعجلة في مصر قد قضت
مؤخرا باعتبار (حماس) جماعة إرهابية ومنع دخول أعضاءها مصر ، بينما رفضت
ابعة قضية تطالب باعتبار اسرائيل إرهابية ومحاكمة قادتها علي جرائم الحرب
بدعوي "عدم الاختصاص"!.
وحدد "الأشعل" الجهات التي يمكن تقديم
مذكرات محاكمة واعتقال عن جرائم الحرب الإسرائيلية أمامها في ثلاث جهات هي :
المحاكم المحلية العربية ، والمحكمة الجنائية الدولية بناء علي شكاوي
عربية ، ولكنه قال أن مشكلة المحكمة الجنائية أن إسرائيل ليست طرفا في نظام
روما المنشئ لها ، كما أنها منحازة.
ويقول الدكتور "السيد مصطفى أحمد أبو الخير"
-الخبير في القانون الدولي والمنظمات والعلاقات الدولية، والذي أعد دراسة
موثقة عن (محاكمة إسرائيل وقادتها في القانون الدولي)-: إن المسئولية
الدولية لإسرائيل وفقا للقانون الدولي متوافرة في حقها، ويمكن محاكمتها
وقادتها والجرائم الدولية في القانون الجنائي الدولي تتوافر فيما تفعله في
غزة وكل فلسطين.
ومنه: جريمة الإبادة الجماعية (قتل الأفراد
وإهلاك الجنس الفلسطيني كليا أو جزئيا)، والجرائم ضد الإنسانية (القتل
الجماعي علي نطاق واسع)، وجرائم الحرب (استخدام أسلحة ممنوعة دولياً
كالقنابل الأرتجاجية والعنقودية وضرب المستشفيات والتدمير المتعمد للمدن أو
البلدات)، وجريمة العدوان (استعمال القوة المسلحة وغيرها).
ويقول: إن "عدم توقيع إسرائيل علي اتفاقية
المحكمة الجنائية الدولية لا يسقط عنها مسئولية هذه الأعمال الجنائية لأنها
أفعال مجرمة في ضوء بنود الاتفاقيات الدولية والقانون والعرف الدوليين وهو
ما يعرف دوليا بمصطلح الاتفاق التعاهدي، خاصة أن مثل هذه الجرائم الدولية
لا تسقط بالتقادم.. ويظل مقترفو هذه الجرائم أو من يمثلهم مطلوب محاكمتهم
وفقا لقواعد القانون الدولي مهما طال الزمن، بل يحق لأي دولة معاقبتهم متي
وجدوا علي أرضها، بغض النظر عن مكان ارتكاب هذه الجرائم أو جنسية من قاموا
بها أو ضحاياها".
ويلفت د. أبو الخير النظر لأن إسرائيل
استندت إلي ذلك عندما اختطفت القائد الألماني "أيخمن" وقدمته للمحاكمة
وحكمت عليه بالإعدام عام 1962م، وقررت محكمتها في ذلك الوقت أن تحت يدها
التبرير الكامل لوصف ما قام به المتهم والنظام الذي كان يعمل لخدمته لفترة
محددة من جرائم ضد الإنسانية خاصة ما يوصف بأنه إبادة وتشريد للمدنيين من
اليهود الأبرياء".
ويؤكد د. "السيد مصطفي أحمد أبو الخير " أن
هناك عدة أسباب تعرقل محاكمة هؤلاء الصهاينة عن جرائم الحرب التي يقومون
بها أبرزها : عدم توافر الرغبة والإرادة الحقيقية فيمن يملكون استخدام هذا
الحق قانونا ، والتواطؤ العالمي والإقليمي والمحلي علي عدم استعمال هذا
الحق من الدول والمنظمات الدولية وعلي رأسها الأمم المتحدة ، والضغوط
الدولية علي من يملكون هذا الحق التي وصلت للتهديد العسكري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق