الثورات المضادة تعيد محور "الاعتدال العربي" المتحالف مع الصهاينة
23/07/2014 04:26 م
خاص - الحرية والعدالة
من أخطر ما ترتب علي الانقلاب العسكري في مصر في 3 يوليو 2013 أنه لم يكتف بتوجيه ضربة قاسية لـ "الإسلاميين"، ولا تعطيل إلغاء كامب ديفيد، ولا تشديد الحصار على غزة وتشويه المقاومة، ولكنه بعث الحياة فيما يسمى محور "الاعتدال العربي"، الذي يضم الدول العربية المتعاونة والمتحالفة مع أمريكا وإسرائيل، وهو ما لم يكن ليتحقق إلا بعد هذه الموجة الارتدادية الخطيرة في وجه "الربيع العربي".
ولهذا لم تكن مفاجأة على الإطلاق أن يقول
رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الأسبق أهارون زئيفي "فركش" -في مقابلة
أجرتها معه الإذاعة الإسرائيلية اليوم الأربعاء- إن ما أسماه "المحور السني
المعتدل" منح "إسرائيل" هامش مرونة كبيرا لمواصلة الحرب على حركة حماس،
ووصفه ما يحدث بـ "الزلزال، حيث لا تتردد دول عربية في التعاون مع إسرائيل
في حربها على الإسلاميين المتطرفين"، على حد تعبيره !!.
"زيفي" كان يتحدث وهو غير مصدق نفسه قائلا :
"من كان يصدق أنه سيأتي اليوم الذي تدافع فيه مصر عن المصالح الإسرائيلية
على هذا النحو من الوضوح والثبات كما يحدث في الحراك الهادف للتوصل لوقف
إطلاق نار".
واعتبر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية
الأسبق أن تراجع الميل نحو الديمقراطية الواضح في العالم العربي يخدم مصالح
"إسرائيل"، قائلاً: "الجنرال السيسي يقول ببساطة "أنا لست معنياً
بالديمقراطية، بل بالحرب على الإسلاميين الذين يمثلون خطراً على مصر
واستقرارها"، وهذا ما تتبناه دول عربية أخرى".
وأضاف: "الدول العربية المعتدلة تشعر أنها
في نفس القارب مع إسرائيل وهي ترى أن هناك توافق مصالح غير مسبوق بينها
وبين تل أبيب، وهذا ما يحسن من قدرة إسرائيل على مواجهة حماس".
إحياء محور الاعتدال
وقد أظهر تقدير استراتيجي لمركز "الزيتونة"
للدراسات الإستراتيجية يرصد ردود أفعال مؤسسات البحث الإستراتيجية
الصهيونية حول (مستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية في ضوء الانقلاب)،
وكذا دراسات لمعهد الأمن القومي الصهيوني ، أن محافل التقدير الاستراتيجي
في تل أبيب تؤكد أن الانقلاب في مصر قد حسَّن بشكل كبير من البيئة
الإستراتيجية لـ"إسرائيل" عبر الإسهامات التالية :
أولاً:
ضَمِن الانقلاب مواصلة مصر احترام اتفاقية "كامب ديفيد"، التي تُعدُّ أحد
أعمدة "الأمن القومي" الإسرائيلي، نظراً لأنها ضمنت خروج مصر من دائرة
العداء مع "إسرائيل"؛ فقد كان الكثير من الأوساط السياسية والإستراتيجية في
"إسرائيل" ينطلق من افتراض مفاده أن تفجر ثورة 25 يناير، وانتخاب مرسي
للرئاسة، وصعود "الإسلام السياسي" يُسهم في بلورة ظروف تقود إلى إلغاء
"كامب ديفيد".
ثانياً:
سماح قادة الانقلاب باستعادة مظاهر الشراكة الإستراتيجية التي كانت قائمة
في ظل نظام مبارك، وقد تجلت أهم هذه المظاهر في تشديد الحصار على قطاع غزة،
ومحاولات نزع الشرعية عن المقاومة الفلسطينية، بعدما خفف حكم مرسي من ظروف
الحصار وحَسَّن من شروط.
ثالثاً:
أدى الانقلاب إلى تخفيف الضغوط والتكاليف المتزايدة التي تُثقل الاقتصاد
الإسرائيلي، فقد أدى إلى درجة أعلى من الاطمئنان، حيث سمحت بتخفيف
الإجراءات التي وضعها الجيش الإسرائيلي بعد ثورة 25 يناير وبعد انتخاب
مرسي؛ والتي نصت على إعداد المزيد من الفرق والألوية العسكرية، والزج بها
على الحدود مع مصر أو بالقرب منها، علاوة على إقامة مطارات ومنشآت حربية
جديدة، وهذه المشاريع كانت ستكلف الخزانة العامة مليارات الدولارات.
رابعاً:
بعث الانقلاب الحياة في "محور الاعتدال العربي"، الذي كان مهدداً
بالاندثار؛ وهذا يسمح بتوفير البيئة العربية الداعمة لمسار التسوية
السلمية، وبناء علاقات سياسية وتطبيعية محتملة مع "إسرائيل"؛ وإيجاد بيئة
صديقة للولايات المتحدة، والتي هي الحليف والشريك الأساسي لـ"إسرائيل"، وقد
لاحظنا تقاربا خليجيا صهيونيا غير عادي وصل لكتابة مدير المخابرات
السعودية السابق مقالا في صحيفة هأرتس يدعوهم لزيارته في بيته بالرياض
ويزورهم في القدس ، فضلا عن لقاءات سرية اشتكي من كثرتها وزير الخارجية
الصهيونية ودعا لأن تكون علنية بعدما انتصرت الثورات المضادة في العالم
العربي.
خامساً:
إن الانقلاب في مصر شكل ضربة قاسية للثورات والتغيرات في العالم العربي،
كما شكل ضربة قاسية لـ "لإسلام السياسي"؛ وهو ما عدَّته "إسرائيل" مكسباً،
حيث كانت دوائر صناعة القرار الإسرائيلي تخشى من تَغيُّر البيئة
الإستراتيجية المحيطة بـ "إسرائيل"، من خلال نشوء أنظمة معادية، تعبر عن
الإرادة الحرة للإنسان العربي، وتسعى لاستكمال عناصر القوة وبناء حالة
نهضوية تؤدي إلى تغيُّر الموازين لصالح الجانب العربي المسلم.
أي انهم باختصار أدركوا في "إسرائيل" الدور
الذي يلعبه الانقلاب في تحسين بيئتهم الإستراتيجية، ما دفع صناع القرار في
تل ابيب إلى التحرك بشكل فاعل للمساعدة في تثبيت أركان الانقلاب، من خلال
دعم عملية تأمين شرعية دولية له، عبر تحرك دبلوماسي ودعائي نشط في أوروبا
والولايات المتحدة، والمحافل الدولية .
بل والسعي لتوفير دعم اقتصادي له، حيث برز
تحرك إسرائيلي لدى كل من الإدارة والكونغرس والنخبة الإعلامية الأمريكية،
لإقناعها بعدم قطع المساعدات للجيش؛ علاوة على طرح الإسرائيليين أفكاراً
حول هذه القضية، مثل خطط على غرار خطة "مارشال"، التي أقدم عليها الغرب
لإنهاض ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية .
أين محور المقاومة؟!
والمشكلة الكبري في حرب غزة الحالية أنه
بينما يعود محور الاعتدال العربي (الخليج + الأردن + المغرب) المتحالف مع
الصهاينة، يبدو (محور المقاومة) المضاد الذي كان يقف مع غزة في حرب 2008
متضعضا أو مفككا أو معاديا للمقاومة في غزة بسبب تداعيات الثورة ثم الحرب
في سوريا .
ففي حرب غزة 2008 كانت هناك حالة من
الانقسام بين الأنظمة والشعوب بصورة غير عادية من جهة ، وانقسام أخر أخطر
بين الحكومات وبعضها البعض بين محوري "الممانعة" و"الاعتدال" ، وأصعب ما في
هذا الانقسام بين الأنظمة كان سعي دول الاعتدال لعقاب حركة حماس وتمرير
أجندة الأعمار عبر السلطة الفلسطينية لإجبار حماس علي الدخول في مصالحة مع
فتح وإجراء انتخابات فلسطينية جديدة يأملون فيها هزيمة حماس .
ولكن الان نجح الإعلام المتصهين في الدول
التي طالتها ثورات مضادة (انقلابات) من غسيل مخ العديد من الشعوب حتي بتنا
نري مواطنين واعلاميين وصحفيين عرب يدعمون العدوان الصهيوني علي غزة ، وكان
الخطر الاخر الاهم هو عداء أبرز دولتين في محور المقاومة (ايران وسوريا)
للمقاومة بعدما وقفت حماس ضد نظام بشار الدموي في سوريا ما أغضب ايران وحزب
الله المتحالفين مع بشار الأسد .
ومع أن اتصالات عادت بين خالد مشعل والشيخ
حسن نصر الله ، كما أتصل 3 مسئولين ايرانيين بقادة حماس وابدوا دعمهم
للمقاومة ، بما أعاد أمال إعادة إحياء محور المقاومة العربي ، فلا تزال
المشكلة أن هذه الأجندة العربية لدول الاعتدال التي تتوسع وتلقي دعما
أمريكيا ودوليا، أنها متوافقة ضمنا مع الأهداف الصهيونية التي تسعي لتفريغ
انتصار حماس في غزة من محتواه ، وبالتالي التركيز علي قضايا أخري مثل تهريب
السلاح ونزع سلاح حماس بأكثر مما تركز علي قضايا "جرائم الحرب الصهيونية
في غزة"، وقضية 11 ألف أسير فلسطيني في السجون الصهيونية بينهم وزراء ونواب
برلمان لحماس ، بل وقضية خطف أكثر من 700 مدني من غزة والضفة خلال العدوان
علي غزة من قبل الجيش الصهيوني لا أحد يتكلم عنهم !؟ المقاومة في مواجهة
"إسرائيل" من خلال مواقفه الإيجابية في أثناء الحملة العسكرية التي شنها
الجيش الإسرائيلي على القطاع في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، حيث لعبت
الديبلوماسية المصرية النشطة دوراً مهماً في وقف العدوان الإسرائيلي، وفي
الموافقة الإسرائيلية على فك الحصار عن القطاع ، بعكس ما يجري حاليا في حرب
2014.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق