حقوقيون: قضية "الاستقامة" ضغط لإصدار تقرير يوافق هوى الانقلاب
08/08/2014 07:09 ص
* عمرو عليّ الدين: الهدف إعلامي وربما في الكواليس أمور سياسية لا نعلمها
* حسين فاروق: سابقة ومخالفة لشغل الرأي العام وإلهائه عن القضايا الكبرى
* هدى عبد المنعم: أحراز القضية كلها للتبرئة وليس للإدانة والشاهد الوحيد هو "مذكرة تحريات الأمن الوطني"
فجر عاطف صحصاح
في
سابقة قضائية جديدة تضاف إلى سجل مفاجآت قضاء الانقلاب؛ قررت محكمة جنايات
الجيزة، في جلستها المنعقدة أمس الخميس 7 أغسطس 2014 إعادة أوراق القضية
المعروفة إعلاميا بأحداث "مسجد الاستقامة"، إلى المفتي للمرة الثانية رغم
ورود تقرير المفتي الذي أكد عدم صحة الحكم بالإعدام.
وكانت
المحكمة قد قضت بإحالة أوراق المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين و13
آخرين إلى المفتي -مرة ثانية- لاستطلاع رأيه في الحكم بالإعدام، وقد كانت
المحكمة نفسها قد أحالت فى 16 يونيو الماضي الأوراق إلى المفتي أيضا، والذي
أرسل من جانبه تقريره الذي نص على أنه: "بمطالعة أوراق القضية، وجد أنها
قد خلت من دليل إلا أقوال ضابط الأمن الوطني، التي لم تؤيد بدليل آخر سوى
ترديد البعض لأقوال مرسلة أن من أطلق النار هم جماعة من أنصار الإخوان وهو
ما لا يمكن الاعتماد عليه فى إنزال عقوبة الإعدام على المتهمين".
ومن
الجدير ذكره أنه من بين الاتهامات الملفقة في تلك القضية قتل 10 مواطنين،
وإصابة 20 آخرين، والتحريض على العنف، وتضم القضية الحكم على 6 أشخاص
غيابيا والباقي حضوريا بينهم د. محمد البلتاجي، د. صفوت حجازي، د. باسم
عودة، وحددت المحكمة جلسة 30 أغسطس المقبل للنطق بالحكم.
لفت الانتباه الإعلامي
من
جانبه أكد عمرو عليّ الدين –منسق جبهة استقلال القضاء- أن الهدف من تلك
السابقة التي تسجل للمرة الأولى في التاريخ ليس أكثر من لفت القاضي
الانتباه إلى نفسه ومحاولة منه لتسليط الضوء الإعلامي على شخصه. خاصة أن
رأي المفتي في القانون رأي استشاري غير ملزم تماما، فحتى وإن تأخر رأي
المفتي عن شهر؛ فللمحكمة أن تحكم بما ترى، وأيضا يجوز للقاضي مخالفة تقرير
المفتي والحكم بعكسه، وهو ما يؤكد أن الهدف من تلك السابقة هو لفت الانتباه
الإعلامي فقط. خاصة أن معظم المحكوم عليه وبينهم المرشد العام لجماعة
الإخوان قد سبق وحُكم عليه بالإعدام أيضا في أكثر من قضية، أي أن تلك
القضية ليست إلا تحصيل حاصل لا أكثر.
ويشير
"علي الدين" إلى أن القضاء المصري الآن لم يعد يتعامل بأي قانون أو قواعد
وإنما بمنطق غريب وغير مبرر؛ وذلك مثلما رأينا في قضية صحفي الجزيرة وكيف
أن الحد الأقصى الذي ينص عليه القانون هو سبع سنوات فقط؛ في حين حكم القاضي
بعشر سنوات. مؤكدا "أن هذا المضمون كله ليس بعيدا عن السياسية خاصة أن
محمد مجدي شحاتة -القاضي الذي أصدر الحكم- من المعروف أنه من يمثل أحد
دوائر الإرهاب، والتي لا تعنى إلا بالعمل السياسي البعيد كل البعد عن
المنطق والقانون والعدالة؛ وإنما الأحكام تأتي عبارة عن إملاءات أو تعليمات
وقرارات من جهات أخرى.
ويلفت
"عليّ الدين" الانتباه إلى أن تقرير المفتي الذي أرسله بالفعل للمحكمة قد
أكد أن أقوال شخص واحد لا تكفي للحكم بالإعدام، وهو ما يعني أن تلك الأقوال
لا تكفي أساسا للحكم بالإدانة؛ أي أن الواجب إذن على القاضي الحكم
بالبراءة وليس حتى تخفيف الحكم.
ومن
جانبه أشار حسين فاروق -المحامي وعضو اللجنة القانونية لحزب الحرية
والعدالة- إلى أن قرار المحكمة خاطئ بكافة المعايير؛ ولا تفسير له سوى شغل
الرأي العام، خاصة في تلك الأيام الحرجة مع كثرة المشكلات الاجتماعية
والسياسية وحلول ذكرى مذبحة رابعة والنهضة، ولذا فهي محاولة لشغل الناس
بقضايا هامشية وفرعية.
ويتوقع
"فاروق" أن يكون الحكم الذي كُتب في 3 أغسطس -الموعد الذي تم تحديده للنطق
بالحكم- يبدو أنه لا يرضي القائمين على دفة الأمور والمحركين لها، ولذا
طلبوا أي شيء يعطل إصداره حتى تتم كتابته بصورة أخرى. ولا يستبعد "فاروق"
أي ألاعيب سياسية خلف الكواليس تجري بهذا الشأن ولا يعلمها أحد، فيقول: "كل
شيء وارد ومتوقع في ظل الظروف التي نحياها الآن".
وترى
هدى عبد المنعم -المحامية بالنقض- أن إعادة الأوراق للمفتي تعني الضغط عليه
كي يغير رأيه ويأتي لهم برأي مفصل لما يريدونه؛ حتى تتم تغطية جرائمهم
بسياج ديني سياسي متكامل ويتم ترويج ذلك وتقديمه للمجتمع وكأن هناك إجماعا
وموافقة من الجميع، وفي هذا وضوح شديد لتأثير التوجهات السياسية التي تلوي
عنق الأحكام لصالحها.
وعلى
سبيل المثال فمن القواعد القانونية الثابتة أن المحكمة لا بد أن تبحث عن أي
بارقة أمل أو شك لتلمس البراءة للمتهم وهو ما جاء في تلك القضية بتقرير
المفتي الذي يوجب عدم الإدانة؛ في حين أن ما يحدث هنا هو البحث عن كافة
الثغرات والتلفيقات التي تدين الجميع وتوقع عليهم أقصي العقوبات.
ومن واقع
ما رأته كمحامية وحضرت في تلك القضية تؤكد "عبد المنعم" أن فيديوهات
الأحراز في جميعها لمسيرات سلمية يظهر فيها هتاف "سلمية...سلمية" بصورة
واضحة، وكذلك فيديو الدكتور "بديع" وهو يقول:"سلميتنا أقوى من الرصاص" أي
أنها جميعا فيديوهات وأحراز لنفي التهم وليس إثباتها، ولا وجود لحرز واحد
للإدانة. وحتى الشاهد الواحد الذي تم الحديث عنه فهو ليس أكثر من مذكرة
تحريات ضابط الأمن الوطني، أي أنه ليس شاهد عيان على شيء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق