للأسف
مبروك ... عجزت بدرى!!-----------------------------
هذه هى الصورة التى نشرتها صحيفة "الأهرام" بالحجم الكبير على صفحتها الأولى اليوم فى إطار تحقيق عن مشروع "تفريعة" قناة السويس المسمى إعلامياً وسياسياً بمشروع "قناة السويس الجديدة" ... الصورة جاءت مصحوبة بتعليق يقول "فرحة أحد العاملين بظهور المياه"، والمقصود طبعاً هو ظهور المياه الجوفية فى كل مواقع المشروع ... ـ
الأكثر عجباً - مما يحزن أمثالى بقدر ما يصدم وعينا بالواقع - هو العنوان الذى اختارته "الأهرام" بالخط العريض أعلى الصورة، إذ يقول: "ظهور المياه بأرض المشروع يختصر زمن الحفر الجاف"!!! ... "يختصر زمن الحفر الجاف"؟! وكأن الحفر الجاف كان هو المشكلة، فأنجزنا باختصار زمنه والانتقال السريع للمرحلة المرتجاة وهى الحفر بالكراكات!!! هل تعرفون ماذا يشبه هذا التدليس؟ إنه يشبه أن تقول لشخص أعطيناه دواءً قلنا عنه إنه أكسير الحياة، فلما ظهرت على المسكين أعراض الشيخوخة المبكرة قال له الطبيب: "مبروك، لقد اختصرنا زمن الشباب"!!!!!!! ـ
لا أدرى بالفعل ما هى المشكلة فى أن يعرف المصريون أن مشروع التفريعة لا يستهدف البحث عن المياه الجوفية؟! ما هو العيب فى أن نصارح المصريين بأن ظهور المياه الجوفية لا يختصر زمن الحفر الجاف، وإنما هو يزيد من زمن ومن تكلفة ومن جهد الحفر بالكراكات؟! ما هى الأزمة فى أن نصارح المصريين بأننا نواجه تحديات ومعوقات ظهرت مبكراً، وأن العاملين فى المشروع يتحملون فوق طاقتهم فى سباق مع الزمن سقناهم إليه دون معنى؟!! ما هى المشكلة فى أن نراجع الأخطاء، وفى أن نعترف بها، وفى أن نصححها؟!
إجابة كل هذه الأسئلة المشروعة سنجدها أعلى الصفحة الأولى لنفس الصحيفة التى نحرص عليها كحرص أهلها وربما أكثر ... ففى العناوين الرئيسية للصفحة وبالبنط العريض جداً، نقلت الصخيفة عن الرئيس السيسى قوله بالأمس: "نريد مدرسة إعلامية مصرية متفردة بالدقة والموضوعية وعدم الإساءة"!! ... لو كانت هذه هى المدرسة الإعلامية التى يريدها الرئيس
"متفردة" بالدقة والموضوعية وعدم الإساءة - وليتها لا تكون - فلا أريد أن أسمع لها جرساً يعلن بدء الدراسة فيها!! .... فليس هناك ما يهدر الدقة والموضوعية مثل التحايل على خبر اكتشاف السم بكوب الماء ولا أكثر من هذا الترويج الإعلامى "المتفرد" لخبر أن 99.999% من الكوب ملئ بالمياه النقية!! ـ
هل هناك ما يسئ للوعى العام لشعب بأكمله أكثر من تحويل خبر سرعة ظهور المعوقات إلى إنجاز يستحق الاحتفال؟!! ... كان الله فى عون العقل فى هذه الأيام التى لا يستهان فيها بشئ مثلما يستهان به، وكأن "مصر" يمكن أن "تحيا" بغيره، أو بتحويل أصحابه إلى عنبر "الخطرين" الذين يملؤهم "الحقد" ولا يريدون للشعب أن يفرح بحياة جديدة علامتها الشيخوخة المبكرة!! ... فظهور الشيخوخة المبكرة أكبر دليل على نجاحنا فى "اختصار" فترة الشباب اللى ما لهاش لزوم!!! ... هيا بنا نفرح، وياريت نبطل حقد على الدقة والموضوعية، وياريت كمان نحرص على عدم الإساءة ... ممكن نسئ للحقيقة، لكن بلاش نسئ لعبقريات آخر الزمان!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق