عبادة أمريكا هي الشرك المعاصر.. حلقة (2)
بقلم: مجدى حسين
منذ 3 ساعة
عدد القراءات: 328
الحملة على أمة الاسلام ليست عسكرية فحسب فلا توجد حملة عسكرية بدون أهداف سياسية. الحملة تستهدف وأد البديل الحضاري الوحيد لحضارة الغرب المادية التي تتشح بوشاح المسيحية- اليهودية.
لاحظوا أن أمريكا تكتسب صداقة شعوب شرق اوروبا بسهولة لأنهم تحت نفس المظلة العقائدية، فيهربون من التبعية لروسيا إلى أمريكا، وإذا نجح النموذج الروسي التنموي فستعود هذه الشعوب إلى أحضان روسيا بدون حرب أو دبابات أو احتلال، حيث تجمعهم المسيحية الأرثوذكسية أو السلافية كثقافة ولغة أو القرب الجغرافي.
ولاشك أن الاستراتيجية الأمريكية قائمة على فكرة الاستيلاء على كل الكرة الأرضية وهي فكرة تجمع بين البروتستانت الانجيليين واليهود، ولكن في إطار هذه الاسترتيجية فإن أمة الاسلام هي العدو والعقبة رقم واحد في هذا السبيل. وقد شرحت أسباب ذلك بالتفصيل في دراسة (أمريكا طاغوت العصر) وأقول باختصار:
(1)لأن المشروع الحضاري الاسلامي هو مشروع عالمي ويطرح بديل متكامل لرؤية الغرب ويستهدف بدوره الكرة الأرضية كلها!! ولكن بالدعوة والحسنى وليس بالغزو والاكراه والأساطيل والصواريخ، كما نرى الآن الاسلام ينتشر في كل أركان الأرض وفي عقر دارالغرب بدون أي خطة مركزية أو تخطيط، بل في ظل حالة من خبل حكام المسلمين أو معظمهم. أما الحضارات الكونفوشيوسية والهندوكية والبوذية واللاتينية فهي مشروعات محلية غير قابلة بحكم تركيبتها للتصدير، بل تتعرض هذه الحضارات لموجات مؤثرة من الفكر الغربي تعيد صياغتها بصورة مقبولة وغير عدائية مع المشروع الغربي، على الأقل في المدى المنظور لذلك ليس من قبيل الصدفة أن تعين الادارة الأمريكية برنارد لويس اليهودي الصهيوني مستشاراً لوزير الدفاع الأمريكي "البنتاجون"، وأن يبحث الكونجرس الأمريكي دراساته المعادية للاسلام والمسلمين.. ويتردد أنه يقرها سراً، ومن أقواله المنشورة: (إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون لايمكن تحضيرهم وإذا تركوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمر الحضارات وتقوض المجتمعات ولذلك فإن الحل السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والاسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود أفعالهم ويجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك: إما أن نضعهم تحت سيادتنا أو ندعهم ليدمروا حضارتنا، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية. وخلال هذا الاستعمار تقوم أمريكا بالضغط على قيادتهم الاسلامية دون مجاملة ولا لين ولا هوادة ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الاسلامية الفاسدة.(حديث صحفي في 20/5/2005) وقد كتب برنارد لويس خطة تقسيم الدول العربية وهي التي يجري تنفيذها الآن على أرض الواقع وسنعود إليها.
(2)السبب الثاني لهذا العداء المميت ضد الاسلام: الموقع الاستراتيجي لما يسمى الشرق الأوسط. والذي يتعين على أي قوة عظمى تريد السيطرة على العالم أن تسيطر عليه بحكم موقعه المتوسط، وهي المنطقة الممتدة من مصر إلى أفغانستان ومن تركيا إلى اليمن والصومال، و95% من سكان هذه المنطقة مسلمون.
(3)الموقع الاستراتيجي الديني حيث توجد المقدسات الدينية الأساسية في هذه المنطقة : الجزيرة العربية وفلسطين. وبشكل أخص القدس، فهي العاصمة الروحية للامبراطورية العظمى في العالم دائماً. فأمريكا واليهود يقولون أن القدس هي عاصمة الحضارة اليهودية المسيحية، ونحن نقول إنها العاصمة الروحية للمسلمين بعد مكة والمدينة.
(4)جَد في القرن العشرين سبب رابع وهو ظهور أكبر مخزون احتياطي للنفط في هذه المنطقة الاسلامية المتوسطة بالاضافة للثروات الأخرى، وبالتالي أصبحت السيطرة على هذه المنطقة ضرورية للقوة العظمى المهيمنة.
ماذا يجري في مصر؟!
نحن نركز في هذه الورقة على مصر لأنها محور المنطقة، ولأنها بلدنا الذي نعيش فيه ونحبه وسنسأل عنه يوم القيامة وأيضا لأن الأمريكان واليهود قد اخترقوها حتى الأعماق على مدار 40 سنة وهم يدركون أن مصر هي الجائزة الكبرى ومن يحوزها باستقرار ستكون له المنطقة بأسرها. ولكن لن نطيل في هذه النقطة لأننا غطيناها في مقالات عديدة سابقة ونحن نريد أن نتوقف عند النقطة الفقهية الأساسية وهي مسألة "الشرك"، وأن الموقف من أمريكا ليس مسألة سياسية تحتمل وجهات نظر بل هي مسألة ايمانية.
وما ينطبق على مصر ينطبق بطبيعة الحال على سائر الدول العربية والاسلامية التي يقع معظمها في أوضاع مشابهة. ونحن نركز على مصر لسبب إضافي وهو انتشار دين عبادة أمريكا كما سنوضح، بحيث يمكن أن تقول أن دحر هذا "الدين" هو مفتاح إنطلاقها وعودتها سيرتها الأولى إلى حالتها الطبيعية، منارة للعرب والمسلمين، بل ولكل العالمين.. مصر التي تحولت إلى الرجل المريض الشحاذ على يد حكامها من السادات إلى السيسي.
والآن باسم الانفتاح ثم السلام ثم العولمة أصبحت مجرد خادم لأمريكا، موضوعنا الفقهي لايتعلق بمصر دون غيرها، ولكن أهمية مصر تعطي وزنا خطيراً لهذه الرؤية الفقهية.
مصر خضعت تدريجياً منذ 1974 للإرادة الأمريكية- الصهيونية، وأصبحت المرجعية الأمريكية هي الحاكمة لا دستور البلاد ولا الشريعة الاسلامية، أمريكا هي المشرفة على أهم شئ وهو الأمن الخارجي والداخلي (الجيش– الشرطة) والاقتصاد والتشريع والسياسة الخارجية وكان الخلاف الوحيد دائما حول سرمدية الحاكم، فالحاكم يريد أن يبقى في الحكم مدى الحياة ويورثه لأبنائه وأمريكا تخشى من هذا الأسلوب خوفاً على النظام ومن ثم خوفا على مصالحها. ولكن أين هي عبادة أمريكا في كل ذلك ..(يتبع)
ملاحظة:
مصر التي أعشقها وأبكيها في أيامي الأخيرة حزينا أن أرى ثورتها تنكسر والشعب في قبضة اعلام فاجر، وأنا أكتب في الوقت الضائع انتظر السجن في أي لحظة والبلاغات تنهمر على من كل حدب وصوب وأنا حزين أن عجزت أنا وصحبىَ أن نوقف مسلسل الانهيار في ظل حالة من التعتيم الاعلامي الفضائي وقد وصل الأمر إلى حد إغلاق الجريدة المطبوعة. ولم يبق لنا إلا الانترنت حتى إشعار آخر.. وقبل أن أواصل البحث الفقهي لابد أن أرثي لحال مصر وهي في حالة التبعية لأمريكا، مصر التي قال عنها هيروديت:{حكم مصر أمازيس عام 570 قبل الميلاد وكان بها ألف مدينة آهلة بالسكان، وصدرت في عهده قوانين رائعة كذلك القانون الذي يفرض على كل مصري أن يبني سنوياً موارد عيشه كحاكم الولاية، ومن لايفعل ذلك ولم يثبت انه يعيش عيشة مشروعة كان عقابه الموت. وقد نقل صولون الأثيني هذا القانون المصري ووضعه للأثنيين الذين يطبقونه الآن} هذا الكلام كتب بعد 100 سنة من عهد أمازيس، وهو لايدرس في مدارسنا!!
في عهد امازيس كانت قبرص تابعة لمصر وتدفع الجزية، في عهد مرسي والسيسي استولت قبرص على غاز مصر الطبيعي من باطن البحر المتوسط!! وكثيرا ما كانت قبرص في كل العهود تابعة لمصر!!
وحتى عندما استولى البطالمة على مصر تمصروا وحولوا الاسكندرية إلى عاصمة بلاد البحرالأبيض المتوسط الأدبية والعلمية وأنشأ المتحف والمكتبة التي تحولت إلى تجمع للعلماء في الفلك والطبيعة وأطباء وكانوا يتقاضون مرتبات من الخزانة العامة، ولم يكونوا يعلموا طلاباً في البداية، بل توفروا على البحوث والدراسات وإجراء التجارب، ثم بدأت مرحلة إلقاء المحاضرات للطلاب. وتعتبر هذه المكتبة وهذا المعهد والجامعة أول مؤسسة في التاريخ أقامتها دولة للعمل على تقدم الآداب والعلوم. وفي عام 53 م أصبحت مصر مركزاً صناعياً أساسيا حيث اذهرت فيها الصناعات خاصة المنسوجات والأصباغ والورق الذي أصبحت تصنع منه أنواع متعددة تسد حاجة عالم البحر الأبيض كله، بينما واصلت دور المورد الأساسي للقمح لسائر الامبراطورية الرومانية وما كان لروما أن تحكم دون أن تكون مصر معها، وكانت كنيسة الاسكندرية هي أهم كنيسة في العالم بل أول كنيسة لأن روما تأخرت في تبني المسيحية. وعندما زار هادريان امبراطور روما الاسكندرية عام 130 م كان منبهرا باعتبارها أكثر تقدما من روما فقال: (إنها مدينة غنية تتمتع بالثراء والرخاء ولايوجد بها عاطل عن العمل فالبعض يعمل في صناعة الزجاج وآخرون يعملون في صناعة الورق وكثيرون يعملون إما في صناعات النسيج أو في أي حرفة أو صناعة أخرى: حتى أصحاب العاهات من العجزة والخصيان والعميان كل له عمله حتى من فقدوا أيديهم لا يقضون حياتهم عاطلين)!
هذه مجرد شذرات في مراحل تاريخية غير مطروقة وإلا فإن قيمة ووزن مصر تملأ المجلدات عبر التاريخ.
لاحظوا أن أمريكا تكتسب صداقة شعوب شرق اوروبا بسهولة لأنهم تحت نفس المظلة العقائدية، فيهربون من التبعية لروسيا إلى أمريكا، وإذا نجح النموذج الروسي التنموي فستعود هذه الشعوب إلى أحضان روسيا بدون حرب أو دبابات أو احتلال، حيث تجمعهم المسيحية الأرثوذكسية أو السلافية كثقافة ولغة أو القرب الجغرافي.
ولاشك أن الاستراتيجية الأمريكية قائمة على فكرة الاستيلاء على كل الكرة الأرضية وهي فكرة تجمع بين البروتستانت الانجيليين واليهود، ولكن في إطار هذه الاسترتيجية فإن أمة الاسلام هي العدو والعقبة رقم واحد في هذا السبيل. وقد شرحت أسباب ذلك بالتفصيل في دراسة (أمريكا طاغوت العصر) وأقول باختصار:
(1)لأن المشروع الحضاري الاسلامي هو مشروع عالمي ويطرح بديل متكامل لرؤية الغرب ويستهدف بدوره الكرة الأرضية كلها!! ولكن بالدعوة والحسنى وليس بالغزو والاكراه والأساطيل والصواريخ، كما نرى الآن الاسلام ينتشر في كل أركان الأرض وفي عقر دارالغرب بدون أي خطة مركزية أو تخطيط، بل في ظل حالة من خبل حكام المسلمين أو معظمهم. أما الحضارات الكونفوشيوسية والهندوكية والبوذية واللاتينية فهي مشروعات محلية غير قابلة بحكم تركيبتها للتصدير، بل تتعرض هذه الحضارات لموجات مؤثرة من الفكر الغربي تعيد صياغتها بصورة مقبولة وغير عدائية مع المشروع الغربي، على الأقل في المدى المنظور لذلك ليس من قبيل الصدفة أن تعين الادارة الأمريكية برنارد لويس اليهودي الصهيوني مستشاراً لوزير الدفاع الأمريكي "البنتاجون"، وأن يبحث الكونجرس الأمريكي دراساته المعادية للاسلام والمسلمين.. ويتردد أنه يقرها سراً، ومن أقواله المنشورة: (إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون لايمكن تحضيرهم وإذا تركوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمر الحضارات وتقوض المجتمعات ولذلك فإن الحل السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والاسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود أفعالهم ويجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك: إما أن نضعهم تحت سيادتنا أو ندعهم ليدمروا حضارتنا، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية. وخلال هذا الاستعمار تقوم أمريكا بالضغط على قيادتهم الاسلامية دون مجاملة ولا لين ولا هوادة ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الاسلامية الفاسدة.(حديث صحفي في 20/5/2005) وقد كتب برنارد لويس خطة تقسيم الدول العربية وهي التي يجري تنفيذها الآن على أرض الواقع وسنعود إليها.
(2)السبب الثاني لهذا العداء المميت ضد الاسلام: الموقع الاستراتيجي لما يسمى الشرق الأوسط. والذي يتعين على أي قوة عظمى تريد السيطرة على العالم أن تسيطر عليه بحكم موقعه المتوسط، وهي المنطقة الممتدة من مصر إلى أفغانستان ومن تركيا إلى اليمن والصومال، و95% من سكان هذه المنطقة مسلمون.
(3)الموقع الاستراتيجي الديني حيث توجد المقدسات الدينية الأساسية في هذه المنطقة : الجزيرة العربية وفلسطين. وبشكل أخص القدس، فهي العاصمة الروحية للامبراطورية العظمى في العالم دائماً. فأمريكا واليهود يقولون أن القدس هي عاصمة الحضارة اليهودية المسيحية، ونحن نقول إنها العاصمة الروحية للمسلمين بعد مكة والمدينة.
(4)جَد في القرن العشرين سبب رابع وهو ظهور أكبر مخزون احتياطي للنفط في هذه المنطقة الاسلامية المتوسطة بالاضافة للثروات الأخرى، وبالتالي أصبحت السيطرة على هذه المنطقة ضرورية للقوة العظمى المهيمنة.
ماذا يجري في مصر؟!
نحن نركز في هذه الورقة على مصر لأنها محور المنطقة، ولأنها بلدنا الذي نعيش فيه ونحبه وسنسأل عنه يوم القيامة وأيضا لأن الأمريكان واليهود قد اخترقوها حتى الأعماق على مدار 40 سنة وهم يدركون أن مصر هي الجائزة الكبرى ومن يحوزها باستقرار ستكون له المنطقة بأسرها. ولكن لن نطيل في هذه النقطة لأننا غطيناها في مقالات عديدة سابقة ونحن نريد أن نتوقف عند النقطة الفقهية الأساسية وهي مسألة "الشرك"، وأن الموقف من أمريكا ليس مسألة سياسية تحتمل وجهات نظر بل هي مسألة ايمانية.
وما ينطبق على مصر ينطبق بطبيعة الحال على سائر الدول العربية والاسلامية التي يقع معظمها في أوضاع مشابهة. ونحن نركز على مصر لسبب إضافي وهو انتشار دين عبادة أمريكا كما سنوضح، بحيث يمكن أن تقول أن دحر هذا "الدين" هو مفتاح إنطلاقها وعودتها سيرتها الأولى إلى حالتها الطبيعية، منارة للعرب والمسلمين، بل ولكل العالمين.. مصر التي تحولت إلى الرجل المريض الشحاذ على يد حكامها من السادات إلى السيسي.
والآن باسم الانفتاح ثم السلام ثم العولمة أصبحت مجرد خادم لأمريكا، موضوعنا الفقهي لايتعلق بمصر دون غيرها، ولكن أهمية مصر تعطي وزنا خطيراً لهذه الرؤية الفقهية.
مصر خضعت تدريجياً منذ 1974 للإرادة الأمريكية- الصهيونية، وأصبحت المرجعية الأمريكية هي الحاكمة لا دستور البلاد ولا الشريعة الاسلامية، أمريكا هي المشرفة على أهم شئ وهو الأمن الخارجي والداخلي (الجيش– الشرطة) والاقتصاد والتشريع والسياسة الخارجية وكان الخلاف الوحيد دائما حول سرمدية الحاكم، فالحاكم يريد أن يبقى في الحكم مدى الحياة ويورثه لأبنائه وأمريكا تخشى من هذا الأسلوب خوفاً على النظام ومن ثم خوفا على مصالحها. ولكن أين هي عبادة أمريكا في كل ذلك ..(يتبع)
ملاحظة:
مصر التي أعشقها وأبكيها في أيامي الأخيرة حزينا أن أرى ثورتها تنكسر والشعب في قبضة اعلام فاجر، وأنا أكتب في الوقت الضائع انتظر السجن في أي لحظة والبلاغات تنهمر على من كل حدب وصوب وأنا حزين أن عجزت أنا وصحبىَ أن نوقف مسلسل الانهيار في ظل حالة من التعتيم الاعلامي الفضائي وقد وصل الأمر إلى حد إغلاق الجريدة المطبوعة. ولم يبق لنا إلا الانترنت حتى إشعار آخر.. وقبل أن أواصل البحث الفقهي لابد أن أرثي لحال مصر وهي في حالة التبعية لأمريكا، مصر التي قال عنها هيروديت:{حكم مصر أمازيس عام 570 قبل الميلاد وكان بها ألف مدينة آهلة بالسكان، وصدرت في عهده قوانين رائعة كذلك القانون الذي يفرض على كل مصري أن يبني سنوياً موارد عيشه كحاكم الولاية، ومن لايفعل ذلك ولم يثبت انه يعيش عيشة مشروعة كان عقابه الموت. وقد نقل صولون الأثيني هذا القانون المصري ووضعه للأثنيين الذين يطبقونه الآن} هذا الكلام كتب بعد 100 سنة من عهد أمازيس، وهو لايدرس في مدارسنا!!
في عهد امازيس كانت قبرص تابعة لمصر وتدفع الجزية، في عهد مرسي والسيسي استولت قبرص على غاز مصر الطبيعي من باطن البحر المتوسط!! وكثيرا ما كانت قبرص في كل العهود تابعة لمصر!!
وحتى عندما استولى البطالمة على مصر تمصروا وحولوا الاسكندرية إلى عاصمة بلاد البحرالأبيض المتوسط الأدبية والعلمية وأنشأ المتحف والمكتبة التي تحولت إلى تجمع للعلماء في الفلك والطبيعة وأطباء وكانوا يتقاضون مرتبات من الخزانة العامة، ولم يكونوا يعلموا طلاباً في البداية، بل توفروا على البحوث والدراسات وإجراء التجارب، ثم بدأت مرحلة إلقاء المحاضرات للطلاب. وتعتبر هذه المكتبة وهذا المعهد والجامعة أول مؤسسة في التاريخ أقامتها دولة للعمل على تقدم الآداب والعلوم. وفي عام 53 م أصبحت مصر مركزاً صناعياً أساسيا حيث اذهرت فيها الصناعات خاصة المنسوجات والأصباغ والورق الذي أصبحت تصنع منه أنواع متعددة تسد حاجة عالم البحر الأبيض كله، بينما واصلت دور المورد الأساسي للقمح لسائر الامبراطورية الرومانية وما كان لروما أن تحكم دون أن تكون مصر معها، وكانت كنيسة الاسكندرية هي أهم كنيسة في العالم بل أول كنيسة لأن روما تأخرت في تبني المسيحية. وعندما زار هادريان امبراطور روما الاسكندرية عام 130 م كان منبهرا باعتبارها أكثر تقدما من روما فقال: (إنها مدينة غنية تتمتع بالثراء والرخاء ولايوجد بها عاطل عن العمل فالبعض يعمل في صناعة الزجاج وآخرون يعملون في صناعة الورق وكثيرون يعملون إما في صناعات النسيج أو في أي حرفة أو صناعة أخرى: حتى أصحاب العاهات من العجزة والخصيان والعميان كل له عمله حتى من فقدوا أيديهم لا يقضون حياتهم عاطلين)!
هذه مجرد شذرات في مراحل تاريخية غير مطروقة وإلا فإن قيمة ووزن مصر تملأ المجلدات عبر التاريخ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق