محمد درويش يكشف "المسكوت عنه" ويكتب: اقتصاد مبارك.. يأتيكم برعاية السيسي
منذ 8 ساعة
عدد القراءات: 1019
قال الكاتب محمد درويش إن رأس السلطة في مصر لم يتغير بفضل السياسية الاقتصادية الموروثة من عهد المخلوع مبارك التي لا تتغير، بل يزيد توحشها ضد الفقراء والطبقات المطحونة.
وأشار إلى انحيازات الدولة دائمًا في قراراتها الاقتصادية، من الشكوى الدائمة من عجز الموازنة وتزايد الأجور – "مش قادر أديك" نموذجًا – إلى رفع الدعم عن الطاقة.
وأضاف بأن قضايا الفساد التي تورط فيها مسئولون قبل الثورة، وبعدها، تحاول الحكومة التستر عليها من خلال قانون للتصالح وآخر لتحصين عقود الاستثمار التي توقعها الدولة مع المستثمرين.
وفضح الكاتب العديد من المشاريع التي أسندت للجيش بالأمر المباشر ووصل سعر الوحدة لمليون جنيه مع أنها أنشأت لمحدودي الدخل ليضيع الإسراف الحكومي في مشروعات فاشلة، يستمر التسوّل من دول الخليج التي تدعم سياسات الثورة المضادة في مصر داخليًّا وخارجيًّا.
وإليكم نص المقال:
منذ يناير 2011 يتغير رأس السلطة في مصر، وينتقل الحكم من المجلس العسكري إلى الإخوان المسلمين، ويعود مرة أخرى إلى العسكر وممثلهم عبد الفتاح السيسي، لكن السياسية الاقتصادية الموروثة من عهد المخلوع مبارك لا تتغير، بل يزيد توحشها ضد الفقراء وأصحاب الدخول الأدنى لصالح تحالف رجال الأعمال الذي يحكم من وراء ستار.
تظهر انحيازات الدولة دائمًا في قراراتها الاقتصادية، من الشكوى الدائمة من عجز الموازنة وتزايد الأجور – "مش قادر أديك" نموذجًا – إلى رفع الدعم عن الطاقة واستمراره للصناعات كثيفة الاستهلاك، نهايةً بوقف دعم القطن.
في المقابل، تظل امتيازات الطبقة الحاكمة محصنة ضد قرارات التقشف المتتالية، ولا أحد يتحدث عن موازنة الجيش التي تنمو باستمرار، أو دعم الصادرات وفساد رجال الأعمال قبل وبعد الثورة، ولا الأموال والأراضي المنهوبة وكيفية استردادها.
وحتى قضايا الفساد التي تورط فيها مسئولون قبل الثورة، وبعدها، تحاول الحكومة التستر عليها من خلال قانون للتصالح وآخر لتحصين عقود الاستثمار التي توقعها الدولة مع المستثمرين، لينحصر الخلاف بين السارقين إذا تنازعوا حول الغنيمة.
وعلى مدار السنوات الماضية، تواصل الطبقة الحاكمة إهدار موارد الدولة في مشروعات لا تجدي ولا يستفيد منها غير الشركات الكبرى التي تنفذ أعمال بالمليارات في مشروعات فاشلة مجهولة العائد والفائدة؛ مثال على ذلك مشروع "دار مصر" الذي أعلنت عنه وزارة الإسكان لتوفير وحدات لمتوسطي الدخل، ووصل سعر الوحدة فيه إلى 700 ألف جنيه في القاهرة الجديدة، فيما كان أقل سعر هو 255 ألف في مدينتيّ بدر والسادات لأقل مساحة للوحدة 100 متر مربع.
وذلك رغم أن مصر تعاني من عجز في الوحدات السكنية الموجهة لمحدودي الدخل، تُقدّره الدولة بـ 6 ملايين وحدة، بجانب طلب سنوي مُقدّر بـ300 ألف وحدة جديدة، وتنفذ مشروع لإنشاء مليون وحدة على مدار خمس سنوات تقدم إليه أكثر من 5 ملايين مواطن، ويعاني من تأخر مراحل تنفيذه؛ بسبب غياب التمويل.
الوزارة أسندت تنفيذ مشروع "دار مصر" إلى الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة لتنفيذ 150 ألف وحدة، على 4 مراحل باستثمارات 42 مليار جنيه، ورغم أنها لا تملك السيولة الكافية لتنفيذ مشروع المليون وحدة لمحدودي الدخل المتعثر، فإنها قررت توجيه المليارات لبناء وحدات لمن يعتبرهم الوزير متوسطي الدخل، ويصل دخلهم الشهري إلى 15 ألف جنيه، ويمكنهم أن يستغنوا عن 5 آلاف جنيه شهريًّا لسداد أقل قسط شهري في وحدات الوزارة بجانب مقدم يصل إلى 20% من سعر الوحدة.
مشروع آخر يُعتبر مثالا للنصب العلني؛ حيث أعلنت القوات المسلحة عن مشروع مشترك مع شركة "آرابتك" الإماراتية لتنفيذ مليون وحدة للشباب، وبعد تعثر المشروع أحيل إلى وزارة الإسكان ليتحول لإسكان متوسط بأسعار السوق، وتحصل الوزارة على حصة عينية من الوحدات مقابل الأرض التي توفرها للشركة.
المشروع وقت الإعلان عنه، قالت الشركة إن تكلفته تبلغ 280 مليار جنيه، ما يعادل 40 مليار دولار، رغم أن رئيس الشركة قال إن تكلفة التنفيذ ستنخفض 50% بواقع 25% لخصم ثمن الأرض المجانية، و25% أخرى لأن الشركة ستنفذ الوحدات بأنظمة بناء حديثة، ورغم ذلك فالتكلفة 280 مليار وهو ما يرفع ثمن الوحدة إلى 280 ألف جنيه، يُضاف إليها سعر الأرض وتكلفة الترفيق.
وفي المؤتمر الصحفي لتدشين المشروع، قال اللواء طاهر عبد الله، الرئيس السابق للهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، إن السيسي قال "لو تقدم 2 مليون للحجز في المشروع وفروا لهم الوحدات"، ولكن رحل عبد الله بفضيحة جهاز الكفتة لعلاج الإيدز، وجاء السيسي إلى الرئاسة وتحول المشروع إلى استثمار هادف للربح.
ما سبق يُضاف إلى المشروعات القومية التي تحصل عليها القوات المسلحة بالأمر المباشر، ولا توجد أية رقابة عليها، سواء لتنفيذ طرق أو إنشاء وحدات سكنية أو حفر قناة السويس الجديدة.
وفي ميزانية العام المالي الجاري، ارتفعت مخصصات القوات المسلحة بحوالي 30%، لتقفز من 34.2 مليار جنيه في العام المالي 2013/2014 إلى 44.4 مليار جنيه في العام المالي 2014 /2015 بزيادة 10.2 مليار جنيه.
مخصصات القوات المسلحة تُدرج في باب "المصروفات الأخرى"، الذي ارتفع من 38 مليارا في العام المالي الماضي إلى 49 مليار جنيه في العام المالي الجديد، ويسمي واضعو الموازنة نفقات القوات المسلحة باسم "المصروفات الأخرى والاحتياطيات العامة".
هذه المليارات العشرة التي حصلت عليها القوات المسلحة جاء معها ارتفاع تكلفة النقل والانتقالات العامة الحكومية من 2.6 مليار جنيه إلى 2.9 مليار جنيه، وبند النفقات الخدمية المتنوعة من 2.4 مليار جنيه إلى 2.8 مليار جنيه، أما بند البريد والاتصالات والمراسلات الحكومية فقد ارتفع من 343 مليون جنيه إلى 911 مليون جنيه في عصر الإنترنت و"الحكومات الذكية"!
وفي المقابل، تراجع دعم تنمية الصعيد من 600 مليون جنيه في العام المالي الماضي إلى 200 مليون فقط في العام المالي الجاري، وانخفض دعم التأمين الصحي من 2.6 مليار جنيه إلى 811.4 مليون جنيه.
ورغم ذلك تتحدث الحكومة عن عجز الموازنة المتفاقم وضرورة تخفيض الدعم. حتى بعد الهبوط الحاد لأسعار البترول في الأسواق العالمية سينخفض دعم الطاقة وفقًا لتقديرات الحكومة من 100 إلى 70 مليار جنيه، ولكن خطة الترشيد لم تطل الأغنياء ولا المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة.
وفي ظل الإسراف الحكومي في مشروعات فاشلة، يستمر التسوّل من دول الخليج التي تدعم سياسات الثورة المضادة في مصر داخليًّا وخارجيًّا، وتنفذ توجيهات ملك السعودية، ورغم ذلك قال السيسي "مش هاخد حاجة من جيب حد غصب عنه، ولا بسيف الحياء، القيم الدينية تمنعني من هذا"، بدلا من أن يتحدث عن استعادة الأموال المنهوبة بحكم القانون ويفرض ضرائب على الأرباح والثروات التي تكونت عبر فساد السنوات الماضية.
النظام الحاكم لا يواجه حلفاءه رجال الأعمال، أو أن يقلص من المزايا التي يحصلون عليها، وكلما تفاقمت الأزمة الاقتصادية تتجه الدولة نحو خفض الدعم و"ترشيد الاستهلاك" لتزداد المعاناة على الأفقر والأكثر احتياجًا.
وأشار إلى انحيازات الدولة دائمًا في قراراتها الاقتصادية، من الشكوى الدائمة من عجز الموازنة وتزايد الأجور – "مش قادر أديك" نموذجًا – إلى رفع الدعم عن الطاقة.
وأضاف بأن قضايا الفساد التي تورط فيها مسئولون قبل الثورة، وبعدها، تحاول الحكومة التستر عليها من خلال قانون للتصالح وآخر لتحصين عقود الاستثمار التي توقعها الدولة مع المستثمرين.
وفضح الكاتب العديد من المشاريع التي أسندت للجيش بالأمر المباشر ووصل سعر الوحدة لمليون جنيه مع أنها أنشأت لمحدودي الدخل ليضيع الإسراف الحكومي في مشروعات فاشلة، يستمر التسوّل من دول الخليج التي تدعم سياسات الثورة المضادة في مصر داخليًّا وخارجيًّا.
وإليكم نص المقال:
منذ يناير 2011 يتغير رأس السلطة في مصر، وينتقل الحكم من المجلس العسكري إلى الإخوان المسلمين، ويعود مرة أخرى إلى العسكر وممثلهم عبد الفتاح السيسي، لكن السياسية الاقتصادية الموروثة من عهد المخلوع مبارك لا تتغير، بل يزيد توحشها ضد الفقراء وأصحاب الدخول الأدنى لصالح تحالف رجال الأعمال الذي يحكم من وراء ستار.
تظهر انحيازات الدولة دائمًا في قراراتها الاقتصادية، من الشكوى الدائمة من عجز الموازنة وتزايد الأجور – "مش قادر أديك" نموذجًا – إلى رفع الدعم عن الطاقة واستمراره للصناعات كثيفة الاستهلاك، نهايةً بوقف دعم القطن.
في المقابل، تظل امتيازات الطبقة الحاكمة محصنة ضد قرارات التقشف المتتالية، ولا أحد يتحدث عن موازنة الجيش التي تنمو باستمرار، أو دعم الصادرات وفساد رجال الأعمال قبل وبعد الثورة، ولا الأموال والأراضي المنهوبة وكيفية استردادها.
وحتى قضايا الفساد التي تورط فيها مسئولون قبل الثورة، وبعدها، تحاول الحكومة التستر عليها من خلال قانون للتصالح وآخر لتحصين عقود الاستثمار التي توقعها الدولة مع المستثمرين، لينحصر الخلاف بين السارقين إذا تنازعوا حول الغنيمة.
وعلى مدار السنوات الماضية، تواصل الطبقة الحاكمة إهدار موارد الدولة في مشروعات لا تجدي ولا يستفيد منها غير الشركات الكبرى التي تنفذ أعمال بالمليارات في مشروعات فاشلة مجهولة العائد والفائدة؛ مثال على ذلك مشروع "دار مصر" الذي أعلنت عنه وزارة الإسكان لتوفير وحدات لمتوسطي الدخل، ووصل سعر الوحدة فيه إلى 700 ألف جنيه في القاهرة الجديدة، فيما كان أقل سعر هو 255 ألف في مدينتيّ بدر والسادات لأقل مساحة للوحدة 100 متر مربع.
وذلك رغم أن مصر تعاني من عجز في الوحدات السكنية الموجهة لمحدودي الدخل، تُقدّره الدولة بـ 6 ملايين وحدة، بجانب طلب سنوي مُقدّر بـ300 ألف وحدة جديدة، وتنفذ مشروع لإنشاء مليون وحدة على مدار خمس سنوات تقدم إليه أكثر من 5 ملايين مواطن، ويعاني من تأخر مراحل تنفيذه؛ بسبب غياب التمويل.
الوزارة أسندت تنفيذ مشروع "دار مصر" إلى الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة لتنفيذ 150 ألف وحدة، على 4 مراحل باستثمارات 42 مليار جنيه، ورغم أنها لا تملك السيولة الكافية لتنفيذ مشروع المليون وحدة لمحدودي الدخل المتعثر، فإنها قررت توجيه المليارات لبناء وحدات لمن يعتبرهم الوزير متوسطي الدخل، ويصل دخلهم الشهري إلى 15 ألف جنيه، ويمكنهم أن يستغنوا عن 5 آلاف جنيه شهريًّا لسداد أقل قسط شهري في وحدات الوزارة بجانب مقدم يصل إلى 20% من سعر الوحدة.
مشروع آخر يُعتبر مثالا للنصب العلني؛ حيث أعلنت القوات المسلحة عن مشروع مشترك مع شركة "آرابتك" الإماراتية لتنفيذ مليون وحدة للشباب، وبعد تعثر المشروع أحيل إلى وزارة الإسكان ليتحول لإسكان متوسط بأسعار السوق، وتحصل الوزارة على حصة عينية من الوحدات مقابل الأرض التي توفرها للشركة.
المشروع وقت الإعلان عنه، قالت الشركة إن تكلفته تبلغ 280 مليار جنيه، ما يعادل 40 مليار دولار، رغم أن رئيس الشركة قال إن تكلفة التنفيذ ستنخفض 50% بواقع 25% لخصم ثمن الأرض المجانية، و25% أخرى لأن الشركة ستنفذ الوحدات بأنظمة بناء حديثة، ورغم ذلك فالتكلفة 280 مليار وهو ما يرفع ثمن الوحدة إلى 280 ألف جنيه، يُضاف إليها سعر الأرض وتكلفة الترفيق.
وفي المؤتمر الصحفي لتدشين المشروع، قال اللواء طاهر عبد الله، الرئيس السابق للهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، إن السيسي قال "لو تقدم 2 مليون للحجز في المشروع وفروا لهم الوحدات"، ولكن رحل عبد الله بفضيحة جهاز الكفتة لعلاج الإيدز، وجاء السيسي إلى الرئاسة وتحول المشروع إلى استثمار هادف للربح.
ما سبق يُضاف إلى المشروعات القومية التي تحصل عليها القوات المسلحة بالأمر المباشر، ولا توجد أية رقابة عليها، سواء لتنفيذ طرق أو إنشاء وحدات سكنية أو حفر قناة السويس الجديدة.
وفي ميزانية العام المالي الجاري، ارتفعت مخصصات القوات المسلحة بحوالي 30%، لتقفز من 34.2 مليار جنيه في العام المالي 2013/2014 إلى 44.4 مليار جنيه في العام المالي 2014 /2015 بزيادة 10.2 مليار جنيه.
مخصصات القوات المسلحة تُدرج في باب "المصروفات الأخرى"، الذي ارتفع من 38 مليارا في العام المالي الماضي إلى 49 مليار جنيه في العام المالي الجديد، ويسمي واضعو الموازنة نفقات القوات المسلحة باسم "المصروفات الأخرى والاحتياطيات العامة".
هذه المليارات العشرة التي حصلت عليها القوات المسلحة جاء معها ارتفاع تكلفة النقل والانتقالات العامة الحكومية من 2.6 مليار جنيه إلى 2.9 مليار جنيه، وبند النفقات الخدمية المتنوعة من 2.4 مليار جنيه إلى 2.8 مليار جنيه، أما بند البريد والاتصالات والمراسلات الحكومية فقد ارتفع من 343 مليون جنيه إلى 911 مليون جنيه في عصر الإنترنت و"الحكومات الذكية"!
وفي المقابل، تراجع دعم تنمية الصعيد من 600 مليون جنيه في العام المالي الماضي إلى 200 مليون فقط في العام المالي الجاري، وانخفض دعم التأمين الصحي من 2.6 مليار جنيه إلى 811.4 مليون جنيه.
ورغم ذلك تتحدث الحكومة عن عجز الموازنة المتفاقم وضرورة تخفيض الدعم. حتى بعد الهبوط الحاد لأسعار البترول في الأسواق العالمية سينخفض دعم الطاقة وفقًا لتقديرات الحكومة من 100 إلى 70 مليار جنيه، ولكن خطة الترشيد لم تطل الأغنياء ولا المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة.
وفي ظل الإسراف الحكومي في مشروعات فاشلة، يستمر التسوّل من دول الخليج التي تدعم سياسات الثورة المضادة في مصر داخليًّا وخارجيًّا، وتنفذ توجيهات ملك السعودية، ورغم ذلك قال السيسي "مش هاخد حاجة من جيب حد غصب عنه، ولا بسيف الحياء، القيم الدينية تمنعني من هذا"، بدلا من أن يتحدث عن استعادة الأموال المنهوبة بحكم القانون ويفرض ضرائب على الأرباح والثروات التي تكونت عبر فساد السنوات الماضية.
النظام الحاكم لا يواجه حلفاءه رجال الأعمال، أو أن يقلص من المزايا التي يحصلون عليها، وكلما تفاقمت الأزمة الاقتصادية تتجه الدولة نحو خفض الدعم و"ترشيد الاستهلاك" لتزداد المعاناة على الأفقر والأكثر احتياجًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق