الانقلاب يواجه تظاهرات الميادين في 30 يونيو بتفجير موكب النائب العام
29/06/2015 07:55 م
كتب: أنور خيري
قبل يوم واحد من الانطلاق الفعلي للموجة الثورية المتصاعدة "نكسة 30 يونيو.. انزل غير مسارك"، وفي محاولة لتصعيد غضب قطاع القضاة والحقوقيين في الداخل والخارج، بعد سلسلة انتقادات واسعة لأحكام القضاء المسيس التي أغضبت المجتمعات قبل الحكومات الغربية وبعض دول الشرق الأوسط، يأتي التفجير الذي استهدف موكب النائب العام، ليعبر عن فشل منظومة دولة الانقلاب التي أدمنت الإدارة بالأزمات، للخروج من أزماتها المتفاقمة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، وتوريط وتشويه صورة معارضي الانقلاب العسكري في مصر، وإلصاق تهم الإرهاب بهم بـ"العافية"، رغم إعلان قيادات جماعة الإخوان المسلمين ومؤيدي العمل الثوري رفضهم العنف كمسار لإسقاط الانقلاب العسكري.
وأصيب النائب العام الانقلابي هشام بركات، بانفجار عبوة استهدفت سيارته، بالقرب من منزله في منطقة مصر الجديدة بالقاهرة.
وأكدت مصادر قضائية في مكتب النائب العام أنه "تم نقل بركات إلى مستشفى النزهة بمصر الجديدة، وخضع لعملية جراحية عاجلة .
وأفاد تقرير فريق النيابة العامة الذي انتقل إلى مسرح الواقعة تدمير سيارات عدة خاصة، وإصابة نحو 7 أشخاص تم نقلهم جميعًا إلى المستشفيات، بعضهم حالته خطيرة".
إلى ذلك، ذكرت مصادر أمنية في مديرية أمن القاهرة أن "التفجير استهدف موكب النائب العام إثر مغادرته منزله؛ حيث زرعت القنبلة بالقرب من سور الكلية الحربية.
يعد النائب العام أرفع مسئول يُستهدف بعملية تفجير منذ محاولة اغتيال وزير الداخلية الانقلابي السابق محمد إبراهيم عام 2013 من قبل جماعة "أنصار بيت المقدس"، المسماة حاليا بـ"وﻻية سيناء" التابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية"، حسبما تفيد الجهات الحكومية. فيما كان هدف إزاحته حاضرًا في عقل السيسي ونظامه للتخلص من خطاياه السياسية، بحسب مقربين منه، وتم إزاحته بالإقالة والإبعاد القسري لخارج مصر.
وتأتي محاولة اغتيال النائب العام بعد يوم من إصدار جماعة "وﻻية سيناء" شريطًا مصورًا لعملية اغتيالهم 5 من وكلاء النيابة العامة في شمال سيناء الشهر الماضي؛ الأمر الذي تكرر في حادثة اغتيال وزير الداخلية، حيث غالبًا ما يتم استدعاء مثل تلك التسجيلات المجهولة.
بينما يشكك خبراء أمنيون في روايات داخلية الانقلاب حول جماعة "بيت المقدس"، والتي غالبًا ما يتم إلصاق العمليات القذرة التي تستهدف رسائل مخابراتية لأطراف في السلطة، في إطار صراع الأجنحة الأمنية في نظام الحكم.
ويدلل المراقبون على ذلك بتفجير مديرية أمن الدقهلية، التي تم إخلاء الحراسات الأمنية قبل التفجير بوقت قليل، واعتراف أحد رجال الأمن السريين بضلوعه في الحادث، ومن قبل ذلك تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية، لإخضاع بابا الكنيسة والضغط على أقباط المهجر لوقف ضغوطهم على نظام المخلوع حسني مبارك، وخدمة "إسرائيل" بمزيد من الضغوط على حماس ومحاولة توريطها في التفجير، بل وصل الأمر لعمل الأجهزة الأمنية لصالح مصالح شخصية لنجلي مبارك وخلافاتهم المالية مع حسين سالم، بتفجيرات شرم الشيخ الشهيرة.
ويدعم مسار توجيه الاتهام للأجهزة الأمنية بضلوعها في الحادث موقع الحادث بجوار الكلية الحربية، وهي من الأماكن الكثيفة التأمين من قبل الداخلية والشرطة العسكرية، والتي يصعب على أي أحد الاقتراب منه سوى الجهات الأمنية فقط.
بجانب سرعة نشر صحيفة "اليوم السابع" مجموعة من الفيديوهات والصور من موقع الحادث، بشكل لافت لانتباه مجتمع الصحفيين والمحللين السياسيين، الذين شككوا في معرفة بعض الأجهزة الأمنية وثيقة الصلة بصحيفة اليوم السابع بمواعيد الانفجارات.
من المستفيد؟!
ويحقق تفجير اليوم العديد من الفوائد، والتي غالبًا ما تكشف الجهة المسئولة عنه، انطلاقًا من أنه إذا أردت أن تعرف الجاني فابحث عن المستفيد.
- يدفع التفجير نحو مزيد من الضغوط على الجهات القضائية والنيابة العامة لتشديد إجراءاتها وأحكامها وقراراتها ضد المعارضين السياسيين، من باب الانتقام.
- التمهيد لمزيد من العمليات الأمنية لتصفية خلافات سياسية أو إخضاع بعض المترددين أو المتحفظين نحو مزيد من الفجور السياسي والمجتمعي لصالح النظام الحاكم.
- خلق مبررات لمزيد من عمليات الانتقام السياسي في سيناء وفي غيرها من مناطق مصر بعد عامين من الفشل في خلق استقرار سياسي.
- قد تسوغ مثل تلك العمليات التي تستهدف شخصيات كبيرة في النظام الحاكم أقدام السلطات الانقلابية على تنفيذ بعض أحكام الإعدام بحق قيادات الإخوان المسلمين، مستغلين تركيز الإعلام على الإرهاب والإرهابيين، ليبدو الإعدام كرد فعل على تلك العمليات، وخاصة التي تستهدف القضاء.
شيطنة الخصوم السياسيين كانت حاضرة بقوة في المتابعات الإعلامية بما يوحي بأنها مستهدفة لمواجهة الحراك الثوري، في الذكرى الثانية للانقلاب على الشرعية، فأبرزت "بوابة الأهرام" تصريحات العقيد حاتم صابر، خبير مكافحة الإرهاب الدولي، التي أكد فيها "أن حادث استهداف موكب النائب العام ينقلنا إلى حروب الجيل الخامس، وأن الملامح المميزة لتلك المرحلة هي التوسع في الاغتيالات وزيادة استخدام المفرقعات وتسليح الجماعات التي كانت تدعي الثورية والسلمية"، وذلك دون أن تعلن أي جهة عن مسئوليتها عن الحادث.
وقال صابر الذي تولى من قبل رئاسة أركان المجموعة 777 قتال بالقوات الخاصة: إن التطور النوعي في تلك العملية يعد نهاية لمرحلة "العمليات النفسية" التي كانت ضمن الجيل الرابع للحروب.
كما يعبر الحادث عن عمل المنظومة الأمنية وفق "استراتيجية التوتر"، ويتخذها وسيلة لفرض هيمنة عسكرية وأمنية وسياسية واقتصادية معينة، وهي استراتيجية اتبعتها كل الأنظمة الاستبدادية تقريبا، بل وبعض الأنظمة الديمقراطية، لتخويف قطاعات عريضة من الشعب واستثمار هذا الخوف والهلع؛ إما للرضوخ والقبول بالإجراءات القمعية التي تمارسها الأنظمة السلطوية، أو لانتخاب تيار بعينه في الأنظمة الديمقراطية.
هذه الاستراتيجية تعني باختصار قيام الأنظمة المراد تدعيمها بعمل عمليات عنف دموية، ونسبتها إلى تيارات إرهابية وهمية أو مصطنعة False flagged terrorist، بغرض إحكام هذه الأنظمة السيطرة على الحكم عبر سياسات قمعية متشددة تروج لها حملات دعائية ضخمة ونشر معلومات مغلوطة ومضللة واعتماد تكنيكات الحرب النفسية كي يؤيد الرأي العام هذه الأفعال، أو على الأقل يقف على الحياد.
واستخدم الجيش الجزائري تلك الاستراتيجية عقب الانقلاب الذي قام به على الانتخابات والمسار الديمقراطي عام 1992 بعد أن أثمرت الجولة الأولى عن فوز الإسلاميين؛ حيث اتضح بعد ذلك أن كثيرًا من أعمال القتل والعنف التي حدثت في الجزائر كانت بتدبير من الجيش نفسه!! والذي نسبها بطبيعة الحال للمتطرفين الإسلاميين، ولا يستبعد ضلوع السلطات المصرية في نشر الخوف والتوتر في ربوع الوطن وخلق أعداء للشعب؛ كي تتمكن من فرض مزيد من السيطرة والقمع على شعب يعاني الفقر والبطالة، فيما يرتع عسكريوه في النعم من إعفاءات ضريبية وزيادات استثنائية لفئات القضاة والجيش والشرطة.
وتبقى تلك الحادثة محاولة لتمرير ذكريات مريرة على الشعب المصري الذي يرنو للخلاص من دولة عسكر مبارك، الأشد قسوة عليه، ولوأد المسار الثوري ووقف تفاعلاته!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق