14/06/2015 |
رمضان منحة الأولين والآخرين
بقلم: عامر شماخ
أيام معدودة ويحل علينا رمضان، ضيفًا عزيزًا وزائرًا كريمًا، ننتظره من العام إلى العام لإصلاح النفوس، وتهذيب الشعور وترقيق القلوب وزيادة الذكر وحسن الطاعة.
ومن لم يتب إلى الله فى هذا الشهر فهو عبد دنياه ونفسه وشهواته، وأسير قرين سوء مازال يضله ويغويه حتى فاته موسم البر وسوق الطاعة وملتقى الصالحين، الذين يفرحون بإقبال تلك الأيام الطاهرة الشريفة ويحزنون لذهابها. جعل الله -الوهاب- هذا الشهر العظيم المورق غزير الثمر منحة للمسلمين، أولهم وآخرهم، فما كان لأمة سبقت أمتنا مثل هذا الفضل العظيم والعطاء الجسيم، فياله من منٍّ وفضل، ورحمة واصطفاء، وتلك فرصة لمن شرد أو مسه طائف من شيطان، فإن هذا شهر الفضائل كلها، والطاعات جميعها، والرحمات فى أجلى صورها، وأى عطاء أكبر من القرآن الذى أنزل فى هذا الشهر وجُعل له شعارًا وعنوانًا؟! يقول تعالي: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى والْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ومَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ ولِتُكْمِلُوا العِدَّةَ ولِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ولَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185]. ليكن رمضان محطة من محطات مراجعة النفس، وتقييم ما مضي، وترتيب الأوراق، وبداية التغيير الحقيقي، على المستويات كافة، أفرادًا وجماعات، حكامًا ومحكومين، رجالاً ونساءً، كبارًا وصغارًا.. والجميع -بالفعل- بحاجة ماسّة إلى تلك الوقفة، خصوصًا بعد تردى أوضاع الأمة وتفتت دولها وذهاب قوتها، وبعد ظهور أمارات الشقاق والنفاق، وتحول شعوبنا -على أيدى حكام فسقة- من شعوب تتصف بالمروءة والإقدام والوفاء والإيثار، إلى أمة تحاكى أخلاق الغربيين الفاسدة وتنتهج أساليبهم فى الأثرة والخنوع. يربح المؤمن فى هذا الشهر أرباحًا عظيمة، فما من يوم إلا وتكون له تجارة مع الله، ومعلوم أنه -سبحانه- يضاعف الأجر أضعافًا كثيرة تليق بعظمته واتساع ملكه وامتلاء خزائنه، فإذا صام المؤمن فله الأجر الحسن الذى لا يدانيه أجر آخر، «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» وإذا قام كان له أجر يليق بعظمة الخالق وجلال قدره، وهل هناك أفضل من أن يغفر ذنب المؤمن؟ «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه»، وإذا دعا المؤمن كانت الاستجابة، وكان الرشد، وكان الفضل من الله -تعالى-: {وإذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي ولْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186]. إن أحوالنا التى باتت تسر العدو وتحزن الحبيب، جُعلت تلك النفحات الربانية فى دهر الناس لتحويلها من همٍّ إلى فرج، ومن ضيق إلى سعة، ومن محنة إلى منحة، والواجب أن يتــــعـرض لهـا المكـروبون والمهـمومـون والمقهورون والمستضعفون فى الأرض قليلو الحيلة، فإن الرب قادر مقتدر، ظاهر عزيز قهار، بيده الملك وهو على كل شيء قدير، لا يعجزه مكر الماكرين، ولا كيد الكائدين، بل هو -تعالي- فعال لما يريد، أمره بين الكاف والنون، وإن صوت عبد مؤمن تقى نقى يدعو ربه فى ذلة وخشوع ورجاء وخوف، لهو أحب إلى البارى مما سواه، وإذا كان المنان يقبل العاصين المفرطين فرحًا بتوبتهم، فماذا تظن أنه فاعل مع ذلك العبد الأواه المنيب؟! ليعلم المسلمون جميعًا، برهم وفاجرهم، أن رمضان منحة الله، وهديته لعباده، والحمق -كل الحمق- أن ترد هدية الله، بل الواجب أن نفرح بها، فذلك لا يساويه الدنيا إذا اجتمعت لبشر، وهل هناك أعظم من بشرى النبى صلى الله عليه وسلم لمن صاموا هذا الشهر حق صيامه كما جاء فى الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام فإنه لى وأنا أجزى به»؟! فجزاء المنان على قدر جلال وجهه وعظيم سلطانه، مما لا يتخيله إنس أو جان. اللهم اجعلنا ممن يبتغون وجهك الكريم، ويخلصون لك العبادة، ويحسنون طاعتك.. آمين. |
الأحد، 14 يونيو 2015
رمضان منحة الأولين والآخرين
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
عاجل | إذاعة الجيش الإسرائيلي: صفارات الإنذار دوت تحذيرا من صواريخ باليستية أطلقت من لبنان على منطقة تل أبيب
عاجل | إذاعة الجيش الإسرائيلي: صفارات الإنذار دوت تحذيرا من صواريخ باليستية أطلقت من لبنان على منطقة تل أبيب 14/10/2024|آخر تحديث: 14/10/20...
-
محمد العمدة يكتب: السيسي والعسكر ونهب مصر (5) تحقيق جمعة الشوال ...
-
تداول نشطاء قطريون معارضون لنظام تميم بن حمد بن خليفة أل ثانى صورة لقطريين يتناولون مثلجات عليها صورة "ت...
-
00 :00 00 :30 نشرة أخبار 00 :30 01 :00 نشرة أخبار 01 :00 01 :05 نشرة أخبار 01 :05 02 :00 أفلام وثائقية 02 :00 02 :30 نشرة ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق