بالأرقام .. منجم "السكري".. خفايا ثروات مصر المنهوبة في زمن العسكر
31/08/2015 09:48 م
يعد منجم "السكري" من أشهر مناجم الذهب في العالم، حيث يحتوي على أكبر احتياطي من الذهب عالميا، أنتج 377 ألف أوقية ذهب، أي نحو 11 طنا خلال عام 2014، ومن المتوقع أن ينتج 420 ألف أوقية خلال 2015 بما يوازي 7ر11 طن، و470 ألف أوقية خلال 2016 بما يوازي 13 طنا، ليصل إلى طاقته القصوى من حيث الإنتاج وهي 500 ألف أوقية خلال عام 2017، بما يوازي 16 طنا.
المدهش أن مصر في خلال 5 سنوات من 2011 حتى 2015 لم تحصل سوى على 70 مليون دولار فقط، ما يؤكد هيمنة شبكات المافيا التى تنهب ثروات مصر بضراوة ولا تترك لشعبها سوى الفتات في ظل حكم عسكري بغيض يشجع الفساد ويحمي الفاسدين، ولعل تعديلات قانون الكسب غير المشروع التى أقرها السيسي خير دليل على ذلك.
معلومات أولية
منجم السُكَّرِيْ هو منجم ذهب ضخم يقع في منطقة جبل السكري الواقعة في صحراء النوبة (جزء من الصحراء الشرقية)، 30 كم جنوبي مرسى علم في محافظة البحر الأحمر المصرية. وهو مرشح لأن يحتل مرتبة بين أكبر ١٠ مناجم ذهب على مستوى العالم. تستغلّه «شركة السكري» وهي شركة مشتركة ما بين هيئة الثروة المعدنية (وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية) و«سنتامين مصر» الّتي يملكها رجل أعمال مصري (ومركز الشركة أستراليا)، بعدما استحوذت على الشركة المستغلّة سابقاً «الشركة الفرعونية لمناجم الذهب».
أسرار غلق المنجم في عهد فاروق
منجم السكري قديم، ومن المدهش أنه في عام ١٩٤٨، قرر الملك فاروق إغلاق المنجم، وكان أحد أكبر مناجم الذهب في العالم وقتها، والاحتفاظ به للأجيال القادمة؛ لأن مصر كانت لديها ما يكفيها من ثروات.
وبحسب صفحة الملك فاروق على فيس بوك، ظلت مصر أكبر دولة ذات غطاء نقدي من الذهب في العالم حتى عام ١٩٥٣، تليها بريطانيا، وجنوب إفريقيا، ونيوزيلاندا. وظلت مصر كذلك حتى جاء حكم العسكر.. فخرب البلاد وتراجعت مصر وتخلفت في كل مجالات الحياة.
وقال الملك فاروق عبارته الشهيرة بشأن قراره بإغلاق منجم السكري: "هذا من حق الأجيال القادمة حتى ينعموا في خير أجدادهم ويعلموا أننا لم نفرط في ثروات مصر"، ولكن الأجيال القادمة جاء لها حكام العسكر، ففرطوا في ثروات مصر لصالح الشركات الأجنبية في صفقات بزنس مشبوهة من تحت "الترابيزة" ومن فوقها.
120 منجم ذهب في مصر
في يوم الأحد 12 يوليو 2015، كشف مدير عام الشركة الفرعونية للذهب يوسف الراجحى، عن معلومات خطيرة حول احتياطيات منجم السكرى، والتي تقدر بنحو 15.7 مليون أوقية ذهب.
وأوضح "الراجحي" أن منجم السكرى يعد واحدًا من 120 منجم ذهب تاريخي متواجد في مصر. وأفاد بأن احتياطيات منجم السكري تعد من أكبر الاحتياطيات في العالم، خاصة أن العمر المتوقع للمنجم 20 عامًا، وذلك يعد ضعف متوسط أعمار المناجم في إفريقيا، وهو ما يوفر فرصا متجددة للتنمية عن طريق عمليات الاستكشاف المستمرة، على حد قوله.
نهب منظم
وكانت جريدة "اليوم السابع" قد نشرت يوم 4/6/2011م تحقيقا يؤكد النهب المنظم للمنجم تحت عنوان "بالمستندات شركة أسترالية تستنزف ذهب منجم السكرى منذ 17 عاما بموافقة الحكومة.. سامح فهمى منحها حق التنقيب عن الذهب فى 160 كم من 500 متر دون دراسة جدوى". ويؤكد هذا أيضا تصريحات الراجحي لوكالة أنباء الشرق الأوسط يوم 3 يونيو 2015 أنه من المقرر أن يبدأ اقتسام أرباح منجم السكري مع الحكومة المصرية خلال عام 2017 طبقا لأسعار الذهب "الحالية!"، حيث تزيد حصص الأرباح مع زيادة أسعار الذهب، مشيرا إلى أنه لو وصل سعر الذهب إلى 1400 دولار للأوقية ستحصل هيئة الثروة المعدنية على متوسط أرباح سنوية أكثر من 125 مليون دولار، أما في حالة أن يكون سعر الذهب عند 1200 دولار للأوقية فستحصل الهيئة على متوسط أرباح سنوية بين 80 و90 مليون دولار.
وقال: إن الشركة ضخت 607 ملايين دولار في عمليات التوسع في منجم السكري، وأن إجمالي إنتاج الذهب من المنجم بلغ 43ر1 مليون أوقية بما يوازي 5ر44 طن.
فهذه الأرقام تكشف أن مصر تحصل على نسبة ما بين 20 إلى 25% فقط من جملة الإيرادات، فيما تذهب حوالي 80% إلى الشركة التي تغالي بشدة في رفع تكاليف الاستخراج حتى تحقق أعلى قدر من الأرباح، في ظل مسؤولين فاسدين يتورطون في تعاقدات مجحفة بالجانب المصري؛ تحقيقا لمكاسب شخصية، في ظل غياب تام للأجهزة الرقابية وتشجيع متواصل من قيادة الانقلاب للفاسدين عبر تعديل قوانين الكسب غير المشروع لصالح الفسدة.
أرباح خيالية
وكان يوسف الراجحى، مدير عام الشركة الفرعونية للذهب سنتامين، صاحبة امتياز منجم السكرى، أضاف في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط، يوم الأربعاء 3 يونيو 2015، أن منجم السكري أنتج 377 ألف أوقية ذهب أي نحو 11 طنا خلال عام 2014، ومن المتوقع أن ينتج 420 ألف أوقية خلال 2015 بما يوازي 7ر11 طن، و470 ألف أوقية خلال 2016 بما يوازي 13 طنا، ليصل إلى طاقته القصوى من حيث الإنتاج وهي 500 ألف أوقية خلال عام 2017 بما يوازي 16 طنا.
وأكد في تصريحات صحفية، يوم 7 يوليو الماضي لصحيفة "البوابة"، أن المستهدف أن يكون منجم السكري من أكبر 25 منجما في العالم من حيث الإنتاج في ذلك الوقت، متوقعا أن يحقق السكرى سيولة نقدية جيدة بالرغم من أسعار الذهب المنخفضة بالأسواق العالمية لنحو 1200 دولار للأوقية. وأشار "الراجحي" إلى أن شركة "سنتامين" استثمرت نحو 1.1 مليار دولار في منجم السكرى حتى الآن، متوقعا ارتفاع إنتاج المنجم إلى 420 ألف أوقية بدءًا من العام الجارى بتكلفة 950 دولار للأوقية الواحدة، وأن تحقق أرباح 250 دولارا عن كل أوقية وفقًا للأسعار العالمية الحالية.
وتوقع "الراحجي" ارتفاع الأسعار العالمية لأوقية الذهب مرة أخرى خلال الفترة المقبلة لتكون ما بين 1500 و1600 دولار، ما يعنى زيادة أرباح المنجم سنويا بصورة كبيرة.
70 مليون دولار فقط في 5 سنوات!
في عددها الصادر السبت 29 أغسطس، أكدت صحيفة "الوطن" المقربة من أجهزة المخابرات- نقلا عن مصادر لم تسمها- أن مصر حصلت على 70 مليون دولار فقط حصة أرباح مصر من مبيعات الذهب بالمنجم، منذ 2010 وحتى 2015، ما يمثل نسبة 3% فقط من إجمالي قيمة الأرباح البالغة 2.3 مليار دولار خلال نفس الفترة. وأوضحت أن اتفاقية إنتاج الذهب بالمنجم بين الحكومة والشركة الفرعونية (الجانب الأجنبى)، تقضى بحصول مصر على 50% من الأرباح السنوية، بعد التسوية مع الشريك الأجنبى، والخاصة باسترجاع مصاريف البحث والاستكشاف، البالغة 1.5 مليار دولار، إلى جانب تحصيل مصر 5 ملايين جنيه كل 6 أشهر، إتاوة عن إجمالى إنتاج المنجم.
فساد حكومي وإهدار لحقوق مصر
"الشريك الأجنبى يراوغ منذ 2013 وحتى الآن"، هذا ما أكده أيضا تقرير صحيفة الوطن، فالشريك الأجنبي يرفض إجراء التسوية مع الجانب المصرى، ويهدد بوقف إنتاج الذهب، أو اللجوء للتحكيم الدولى، وذلك في ظل عجز فاضح من جانب حكومة الانقلاب. كما أن العقود المبرمة بين الجانب المصري "حكومات مبارك الفاسدة" والشريك الأجنبي للأسف تضمن حق الأجانب وتهدر حقوق مصر، وذلك في مقابل صفقات مشبوهة ومكاسب خيالية لمسؤولين فاسدين أطلق السيسي سراحهم وعدل قوانين الكسب غير المشروع ضمانا لعدم حبسهم، ولتذهب مصر وأجيالها إلى الجحيم!.
ويتحجج الشريك الأجنبي بأنهم فقدوا 60% من رؤوس أموالهم بعد أحداث ثورة يناير، ويفجر التقرير مفاجأة من العيار الثقيل، كاشفا أن «الشركة الفرعونية» وهي الشريك الأجنبي لا تزال تعيِّن كل موظفى الشركة، بمن فيهم المدير المالى، لضمان الولاء والطاعة، ما يعتبر إهدارا لحق الدولة القانونى فى تعيين المدير المالى ورئيس مجلس الإدارة.
من جانبه، فجَّر الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، عن كارثة تتعلق بالمنجم، وأضاف “النحاس”، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج “مباشر مصر” المذاع على فضائية “الفراعين”، أن صاحب الشركة حينما تولي التنقيب عن الذهب بالمنجم قيم قيمة الذهب الاحتياطي بالمنجم لمدة عشرين عامًا مستقبليا، ثم ثمن شركته في البورصة العالمية، وبسبب عجز الدولة عن استغلال المنجم بشكل جيد لن تستطيع الاستفادة من الذهب الموجود بالمنجم على الوجه الأمثل.
وقال محمد مصطفى النحاس، المدير المالي الأول لمنجم السكري السابق: إنه تقدم بمذكرة متضمنة كل المخالفات والانتهاكات التي تم ممارستها تجاه أموال الشركة ووجود تهرب ضريبي بنحو 30 مليون دولار, إلى رئيس هيئة الثروة المعدنية, ومصلحة الضرائب ورئاسة الجمهورية. وقال: "مصر لم تحصل على أي أرباح منذ بدء إنتاج المنجم في 2010 سوى على 3% إتاوة إنتاج من قيمة 2.300 مليار دولار هي حجم مبيعات الذهب حتى مايو 2015".
وفي يوم الا^ثنين 24 أغسطس 2015، طالب علي بركات، الرئيس السابق لمجلس إدارة شركة "سنتامين" العاملة في مجال استخراج الذهب من منجم السكري, المسؤولين في الدولة وخاصة وزارة البترول في حكومة الانقلاب بحماية مقدرات الشعب وحقوق الأجيال الحالية والقادمة في منجم السكري، وذلك من خلال تعيين مدير مالي للشركة لفرض رقابة الدولة على أموال الشركة, والحيلولة دون نهب أموالها. وقال إن الشريك الأجنبي يغل يده وينفرد بتعيين كل موظفي الشركة، بمن فيهم المدير المالي طوال السنوات الماضية، مما يعد مخالفة صريحة لقانون هيئة الاستثمار وإهدارا لحق الدولة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق