الأداء الأخلاقي للمقاومة يفضح زيف الدعاية الصهيونية
بقلم: بقلم : جبريل عوده
منذ 4 ساعة
عدد القراءات: 27
مرة أخرى تحقق إنتفاضة القدس التي يخوضها الشعب الفلسطيني إنتصاراً على الكيان الصهيوني في المعركة الأخلاقية , خلال عملية إيتمار قرب بلدة بيت فوريك في نابلس شمال الضفة الغربية تمكن المقاومين من السيطرة على سيارة المستوطنين , وقاموا بإطلاق النار بشكل مباشر على إثنين من غلاة المستوطنين الصهاينة , وتركوا الأطفال دون أن يصيبهم أذى , وكان الأمر عن قصد ودراية كاملة , حيث تعمد المقاومين عدم قتل أطفال المستوطنين , ليؤكدوا أن رسالة المقاومة الفلسطينية أسمى وأرقى من وصفها "بالإرهاب" كما يروج لذلك كيان الإحتلال الصهيوني وحلفائه , حيث أفاد بذلك المقاوم يحيى الحاج حامد أحد المتهمين بالعملية خلال تمديد إعتقاله من قبل المحكمة الصهيونية , قائلاً نحن لم نقتل الأطفال ولكن أنتم أحرقتم الطفل علي دوابشة .
ولقد ترك هذا المشهد أثره العميق في المجتمع الصهيوني وشاهدنا تفاعل هذا الحدث عبر وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الإجتماعي , وبعث الفعل الأخلاقي رسائل في إتجاهات عدة, ولعل هذا ما أزعج الإحتلال الصهيوني وحاول التغطية على الأمر بالقول أن الأطفال كانوا في الكرسي الخلفي لذا لم تصبهم الرصاصات , ولكن التحقيقات الصهيونية أكدت أن المقاومين نزلوا من سيارتهم وأطلقوا النار من مسافة صفر على البالغين وتركوا الأطفال .
ولعل عبقرية المشهد المقاوم ورقيه الأخلاقي , فرض على بعض الصهاينة الحديث عن هذا الأمر , ومنهم ألون بن دافييد المراسل العسكري للقناة العبرية العاشرة والمحلل العسكري بالقناة الثانية الصهيونية روني دانييل , واللذان تحدثا بنفس المعنى حول عدم قتل الأطفال في إيتمار بأن ذلك كان بمثابة رسالة تعبر عن إنسانيتهم وأنهم ليسوا حيوانات، وأنهم لا يقتلون الأطفال مثلما فعل المستوطنون في دوما مع عائلة دوابشة" .
وجاءت عملية السموع جنوب الخليل والتي قتل فيها إثنين من الصهاينة وأصيب خمسة آخرين , حيث ترجل المقاومون إلى السيارة المستهدفة , وكان بإمكانهم قتل الأطفال والصبية الذين كانوا في السيارة , إلا انهم لم يفعلوا وهكذا يتأكد للمتابعين أن هذا السلوك الحضاري لم يكن من باب الصدفة في عملية إيتمار بل أنه يأتي بناء على قناعات راسخة في نفوس المقاومين , فالمقاومين هم أصحاب رسالة طاهرة وقضية عادلة , يسعون لإسترداد أرضهم وتطهير مقدساتهم من براثن الإحتلال البغيض, ويسعون في مواجهتهم لقتال ومنازلة الجنود والمستوطنين , وهم ليس بهواة القتل وسفك الدماء , وهذا ما أكده المقاوم البطل بلال غانم أحد منفذي عملية الباص بالقدس المحتلة بتاريخ 13 -10 -2015م بأن امتناعهم عن قتل الأطفال وكبار السن من المستوطنين، لـ"إيمانه أن المقاومة الفلسطينية تقوم على أسس دينية وحضارية".
وقال المقاوم بلال غانم، في رسالة له من داخل السجن، إننا "لم نحرص على القتل العشوائي في العملية التي قمنا بتنفيذها في القدس لقد قمنا بإنزال مجموعة من الأطفال، وكبار السن قبل الشروع في تنفيذ العملية"، مشيرًا أن "هذا الفعل من قٍبلنا، جاء لقناعتنا بعدالة قضيتنا، وعدم سعينا لسفك الدماء، إلا وفق قواعد الشرع والمقاومة الحضارية".
وأوضح المقاوم بلال غانم في رسالته أن "الأمن الصهيوني رفض أن يضمن لائحة الاتهام هذه الزاوية، كي لا يظهر قتال الفلسطينيين القائم على البعد الحضاري في مواجهة الاحتلال"، ولقد رد الشاباك الصهيوني عليه قائلاً : لن نظهركم ملائكة في عملياتكم أمام العالم".
في المشهد المقابل يمارس الإحتلال الصهيوني ومستوطنيه عملية القتل والتنكيل والإعدام الميداني وتعطيل عمليات الإسعاف للجرحى حتى إستشهادهم , فلقد قامت مليشيات المستوطنين المسلحة بإحراق الطفل محمد أبو خضير بالقدس المحتلة في جريمة بربرية تكشف الحقد الأعمي الذي تحمله صدورهم على الفلسطيني , وكررت مليشيات المستوطنين جريمتها بإحراق عائلة دوابشة في دوما قرب نابلس , ولقد فتك المستوطنين بآخرين من الصهاينة لملامحهم القريبة من العرب , كما يكشف مشهد مهاجمة المستوطنين وضباط الشرطة الصهيونية للطفل أحمد مناصرة في القدس المحتلة , وهو ملقى على الأرض مصاب بجراح خطيرة مدى فظاعة التصرف الهمجي ضد طفل لاحول له ولا قوة , ومشهد طالبة المدرسة مرح البكري وهم يحاصرونها بعشرات الأسلحة الرشاشة المصوبة نحوها وهي مصابة برصاص جنود الإحتلال, والحالات كثيرة في عملية القتل الميداني الذي إستهدف الأطفال والشباب والفتيات الفلسطينيين , ولقد مارس جنود الإحتلال القتل بدم بارد على الحواجز بالشبهة أو الشكل , هؤلاء الجنود من المفروض أن يكونوا مدربين على ضبط النفس وتقييم الموقف بشكل جيد , إلا أن الرعب والخوف والهزيمة النفسية جعلت منهم أدوات للقتل , فترى جنود الإحتلال يقفون على الحواجز وأياديهم على الزناد مستعدون لإطلاق النار عند أي حركة , وهذا ما حدث بإعدام العجوز كوثر الشعراوي والتي تجاوزت 70 عاما لمجرد مرورها بسيارتها في شارع بالخليل يتواجد فيه جنود الإحتلال .
الجوانب المشرقة في أداء المقاومة الفلسطينية والتي تكشف البعد الأخلاقي والحضاري للباحثين عن الحرية والمطالبين بإنهاء الإحتلال في فلسطين , تؤكد على عدالة القضية وتكشف زيف الإحتلال الصهيوني وروايته الخبيثة في تشويه مقاومة ونضال شعبنا الفلسطيني , وتعقد المقارنة بين دولة الكيان الصهيوني التي تقوم بممارسة الإرهاب والقتل والإعدام الميداني وتقوم مؤسساتها الأمنية والعسكرية بدعم مليشيات المستوطنين أثناء إرتكاب جرائمها ضد شعبنا الفلسطيني , وبين المقاومين الذين يملكون كل هذا الرقي الأخلاقي في معركتهم مع الإحتلال , هذه الإشراقات في مقاومة شعبنا ونضاله يجب أن يروج لها إعلاميا وإبرازها بشكل أكبر من ذلك , لأن الجوانب الأخلاقية للمعركة مهمة في حشد المؤيدين والأنصار والداعمين لمسيرة الحرية والإنعتاق من الإحتلال التي يمضي بها شعبنا الأبي ومقاومته الباسلة .
14 -11-2015م
كاتب ومحلل سياسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق