نكشف سر زيارة وزير الإسكان ومسئول البترول السوريين للقاهرة في يوم واحد
06/12/2015 11:30 ص
كتب - جميل نظميبعد ساعات قليلة من وصول وزير الإسكان والتنمية العمرانية السوري محمد وليد غزال، القاهرة، وصل المدير العام للشركة السورية للنفط طراد صالح السالم إلى القاهرة يوم السبت قادمًا من دمشق، زهي المرة الأولى التي تستقبل فيها مصر مسئولين سياسيين سوريين منذ نحو عامين ونصف.
وتعد زيارة الوزير السوري هي الأولى لمسؤول حكومي سوري، منذ 15 يونيو 2013، عندما قرر الرئيس محمد مرسي، سحب السفير المصري من دمشق، وتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدَين، ثم تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية عام 2013.
فيما قال هاني يونس مستشار وزير الإسكان المصري لوكالة الاناضول ، إنه "لا يوجد أي تنسيق أو أي لقاءات بين وزيري الإسكان المصري والسوري، ولا نعلم أي شيء عن سبب الزيارة أو أهدافها".
ورجحت مصادر حكومية مصرية ، أن تكون زيارة الوزير السوري بهدف مشاركته في بعض فعاليات اتحاد المهندسين العرب لبحث قضايا هندسية في المنطقة العربية.
وأشارت المصادر إلى أن الوزير السوري سيلتقي عددًا من المسؤولين المصريين والعرب لبحث دعم التعاون.
يرجح خبراء أن تحمل الزيارة ، ترتيبات لمشاركة مصرية فاعلة في العمليات العسكرية الروسية السورية على كافة مناطق المقاومة الشعبية..
ويعكس هذا الموقف تطوراً في الموقف المصري الذي يتماشى مع انحياز نظام عبدالفتاح السيسي، للخطة الروسية لبقاء نظام الأسد واعتباره جزءاً من الحل السياسي في سورية، تحت شعار الحفاظ على مؤسسات وكيان الدولة السورية، وهو ما يدعم رؤية السيسي أنّ أحداث ثورات الربيع العربي كانت مخطّطة لهدم الدول العربية والنيل من استقرارها.
ويختلف موقف السيسي، في هذا الإطار، مع الموقف السعودي المتمسك برحيل الأسد، وهو ما يعتبر المشكلة الأساسية بين القاهرة والرياض في الوقت الحالي، والذي أدى إلى إضعاف التواصل بينهما وبرودة العلاقات بصورة ملحوظة، على الرغم من التظاهر عكس ذلك، وإعلان تأسيس مجلس مشترك لإدارة العلاقات بين البلدين.
وكان مجلس الدفاع الوطني المصري ذكر القضية السورية للمرة الأولى، في اجتماعه الأخير، ما طرح بقوة سيناريو التنسيق المصري الروسي المتبادل ضد تنظيم "داعش" بفرعيه في سورية وسيناء ، على المستويَين الاستخباري والعسكري.
وكانت مصر تمتنع سلفاً عن المشاركة في توجيه ضربات للتنظيم في سورية والعراق بدعوى أنها تحارب منفردة فرع التنظيم في سيناء وهو "ولاية سيناء"، إلاّ أن المؤشرات الحالية خصوصاً بعد حادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء، نهاية أكتوبر تشير إلى ذلك التوجه..
ويواجه النظام السوري حصاراً دولياً، إذ لا يستقبل مسؤوليه بشكل رسمي سوى دول معدودة، في مقدمتها إيران وروسيا، على خلفية المجازر التي يرتكبها نظام بشار الأسد ضد مواطنيه، والتي نتج عنها نزوح الملايين من اللاجئين السوريين للبلدان المجاورة، ودول أوروبية.
فيما يفسر المحللون زيارة مسئول مؤسسة البترول السورية بأنها ستقدم ثمن ما يتم الاتفاق عليه سياسيا، بتمويلات نفطية ايرانية سورية، لدعم التراجع في قطاع الطاقة المصري، بعد انتههاء جميع التعاقدات والامداات والمساعدات الخليجية التي انتهت مع نهاية نوفمبر الماضي، والتب كان احرها صفقات بترول سعودي بنحو 2.5 مليار دولار.
ما يدعم ذلك، في ضوء السرية المفروضة على الزيارة الغامضة، الأزمة المالية المتفاقمة في مصر وتنصل الامارات من تقديم مساعدات مفتوحة من مصر، وتصريحات سابقة لسعودين بأن السيسي اذا أراد البترول فعليه أن يدفع ثمنه.
السيسي يتخلى عن أنصاف الحلول نحو الدم
وبدا خلال الفترة الماضية، أن النظام المصري في موقف صعب سياسياً ودبلوماسياً تجاه الأحداث الدائرة في سورية والخلاف الدولي بشأنها، فبينما رفضت السعودية التدخّل الروسي العسكري في سورية بصورة حاسمة، ما زالت القاهرة تبحث عن أنصاف الحلول وتتحدث رسمياً بما يوحي بالحياد تجاه الأزمة السورية.
ففي وقت أعلنت فيه السعودية مع قائمة من الدول مثل الولايات المتحدة وقطر وتركيا وفرنسا، في بيان مشترك، رفضها الكامل للتدخل الروسي، أصدرت الرئاسة المصرية بياناً مقتضباً عن مكالمة هاتفية بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، أكد "تمسك الطرفين بالحل السياسي للأزمات في المنطقة بما يحافظ على استقرار كياناتها ومؤسساتها".
ويبدو أن القاهرة وأبوظبي تحاولان إيجاد موقع حيادي بين روسيا والتحالف الدولي. فعلاقة مصر المتنامية مع روسيا في عهد السيسي، من أحد دعائمها إيمان السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين بضرورة بقاء الدولة السورية ممثلة بنظام بشار الأسد. كما أن السيسي يراهن على روسيا في مساعدة مصر عسكرياً واقتصادياً خلال الفترة المقبلة.
إلا أن الظرف السياسي وحاجة السيسي الماسّة للدعم السعودي المالي، لا تجعله يحظى بالجرأة الكافية للتعبير عن هذا الموقف صراحة، وهو ما أوقعه في حرج بالغ مع الرياض خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو، عندما تحدث بوتين، بلا السيسي، عن ضم مصر للتحالف الروسي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وهو التحالف الذي تنشط فيه روسيا ولا يستهدف "داعش" فقط، بل المعارضة السورية المسلحة.
وسعى السيسي طوال الفترة الماضية، في تقديم الموقف المصري تجاه سورية، لإرضاء السعودية وروسيا، وانطلاقاً من هذا الموقف الحرج خرجت التصريحات الرسمية المصرية، فتارة يكون الحديث عن "حل سياسي يحفظ كيانات ومؤسسات الدول"، وتارة أخرى يتحدث وزير الخارجية المصري عن دعم بلاده للحملة الروسية وحملة التحالف الدولي في آن واحد ضد "داعش".
ولطالما ماطلت السلطات المصرية في إشراك جنودها في التحالف الدولي ضد "داعش"، وذكرت أنها تنشغل في محاربة فرع التنظيم في سيناء، بينما سارعت إلى إرسال جنودها وسفنها وطائراتها للحرب في اليمن.
ووفقاً لمصادر دبلوماسية مصرية، فإن العلاقات بالسعودية ثم بالولايات المتحدة، هي التي تمنع السيسي من إعادة مستوى التمثيل الدبلوماسي المصري لدى النظام السوري إلى ما كان عليه قبل قرار الرئيس محمد مرسي بخفض مستواه.
ولكن على ما يبدو أن السيسي في طريقه لإعادة العلاقات كاملة مع سوريا، بل والتدخل العسكري تحت مسمى محاربة داعش التي تستهدف إسقاط الدولة المصرية والسورية في سيناء وفي سوريا، مستغلا آراء دولية وإقليمية ومحلية تتحدث عن مخاطر الإرهاب، وهو الامر الذي قد يتسبب في فجوة داخل المؤسسة العسكرية، التي يشير خبراء عسكريون أن القيادات الوسطى بالجيش المصري ترفض الحرب في سوريا بجوار قوات بشار الأسد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق