"25 يناير".. خذلها شنودة وانقلب عليها تواضروس
20/01/2016 09:43 م
كتب: أسامة حمدان
في نظر البعض تمثل ثورة 25 يناير "تورتة" كبيرة، دفع الثوار ثمنًا باهظًا في مقابلها، ولا يزال رافضو الانقلاب يدفعون إلى اليوم، بينما نال العسكر من هذه "التورتة" المكسرات، ونال رجال الأعمال الشيكولاتة، وذهبت "الكنيسة" بالكريمة، أما "الشمعة" فقد أخذها الشعب!
في 25 يناير 2011 دعت الطوائف المسيحية المِصْرية الثلاث (الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية) إلى مقاطعة مظاهرات "جمعة الغضب"، وعدم النزول للشارع مدعية أنها لا تعرف هدفها ومن يقف خلفها.
كما دعا شنودة" -المقرب من المخلوع مبارك- إلى التهدئة في ثاني أيام المظاهرات وهو يلقي عظته الأسبوعية في الكنيسة بالعباسية، مشددًا على أن الكتاب المقدس نهى عن الخروج على الحاكم، متساويًا مع عمائم العسكر المنتشرة في مساجد مِصْر، مثل أسامة القوصي وياسر برهامي.
وعلى الرغم من ذلك، فقد شارك عدد من الشباب المسيحي، ونشطاء مسيحيون معروفون مثل عضو حزب الوفد رامي لكح في بعض المسيرات، فيما أدان المفكر المسيحي "رفيق حبيب" موقف الكنيسة بدعوة المسيحيين إلى مقاطعة الاحتجاج، ولكنه أكد أن مشاركة المسيحيين في التظاهرات تتزايد يومًا بعد يوم.
بعد ذلك أعلن "شنودة" صراحة عن تأييده للمخلوع مبارك يوم الأحد 27 يناير، كما أشاد بدور الجيش القوي في "حماية البلاد والتصدي للخارجين عن القانون"، رغم شكواه المتكررة باضطهاد المسيحيين على يد السلطة طوال 60 عامًا!
واليوم الأربعاء وقبيل حلول الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، دعا "تواضروس الثاني" بطريرك الكرازة المرقسية، إلى النزول إلى الميادين ودعم "السيسي" ضد موجة ثورية محتملة، ورفع شعار العسكر البائس وترديد هتافهم الأجوف "تحيا مصر".
دور شديد الخطورةوفي وقت سابق أصدر "المجلس الثوري المِصْري" في تركيا، بيانا قبيل الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، اعتبر "أن الكنيسة الأرثوذكسية تمارس دورًا شديد الخطورة في تفتيت المجتمع المِصْري، والضغط على وتر الطائفية، واستغلال حالة الظلم والاستبداد العام في مِصْر وإسقاطها على الملف الطائفي للمسيحيين المِصْريين".
وقال البيان: "على مر تاريخ مِصْر.. بل المنطقة بأكملها لم يجد المسيحيون وأتباع الديانات السماوية الأخرى احترامًا وحرية أكثر مما وجدوه داخل الحضارة الإسلامية، رغم المحاولات المتكررة من بعض قيادات المؤسسات المتحدثة باسمهم مساعدة قوى الاستبداد والاحتلال في بلادنا".
ودعا البيان "مسيحيي مصر الفقراء مثل بقية المصريين للكف عن مساندة النظام، كما ندعوهم للوقوف في ذات الصف معنا في نضالنا".
دور طائفيوعلى الرغم من أن ثورة 25 يناير كانت تبشر بقدوم عصر جديد من المشاركة الشعبية في تفاعلات المجال العام، وتنير الطريق أمام مختلف فئات الشعب وطوائفه في ممارسة حق التعبير عن الرأي، والاختيار المباشر دون تدخل من العسكر، إلا أنه سرعان ما اختفت تلك الطموحات في أول مشهد سياسي بعد الإطاحة بمبارك، عندما لعبت الكنيسة دورًا طائفيًّا في استفتاء 19 مارس 2011 على التعديلات الدستورية، وصدرت الكنيسة للمشهد السياسي أن الاستفتاء على الهوية، وحاولت الزج بالجميع في الاستقطاب الطائفي، فكان البعض مع التعديلات والبعض الآخر ضد التعديلات.
وازداد الأمر سوءًا بتدبير "العسكر" عدة أحداث عنف طائفي؛ حيث وقعت اعتداءات على كنائس وممتلكات مسيحية، بدأت بحادثة هدم كنيسة "صول" في الجيزة في مارس 2011، ثم هدم كنيسة المريناب بأسوان في سبتمبر 2011، ثم وقع حادث ماسبيرو في أكتوبر 2011، وهو الحادث الطائفي الأسوأ في الفترة الانتقالية عقب تنحي مبارك، الذي كان له أسوأ الأثر على مدى المشاركة العامة للمسيحيين بعيدًا عن وصاية الكنيسة.
وفي هذا الحادث تحديدًا كان جليًّا مشهد "المدرعات" وهى تهرس أجساد المسيحيين، المحتشدين أمام مبنى "ماسبيرو"، بعدما دعاهم القس "فلوباتير جميل" وجعل منهم محرقة للمجلس العسكري، إلا أن "تواضراس" بالغ في تأييده ودعمه الانقلاب إلى الحد الذي جعله يبرئ جنازير المدرعات، ويصف حادث ماسبيرو بأنه "خدعة كبيرة" انخدع فيها المسيحيون من قبل الإخوان!
وما يثير العجب أنه قال: "الإخوان استدرجوا المسيحيين لمواجهة مع الشرطة العسكرية من شبرا، ثم تركوهم في ماسبيرو ليواجهوا مصيرهم".
وللهروب من دم أتباعه الذي تلطخت به "مدرعات" العسكر، قال: "إنه لا يجوز التوقف أمام حادث واحد.. علينا المطالبة بالتحقيق القضائي دون أن ننجر لشكل طائفي بعد تغير كل المسئولين عن الوضع وقتها"!!
وحتى يشتت الأنظار عن جرائم شريكه العسكري في الانقلاب، قال: "تم الاعتداء على المقر الكتدرائي في زمن الإخوان لأول مرة في التاريخ الإسلامي كله".
وشهدت الفترة الانتقالية التي أعقبت ثورة يناير مشاركة المسيحيين في تأسيس أحزاب سياسية، والانضمام إليها، مثل حزب "المصريين الأحرار" الذي أسسه رجل الأعمال المسيحي نجيب ساويرس، والحزب "المصري الديمقراطي الاجتماعي"، وحزب جماعة الإخوان المسلمين "الحرية والعدالة"، الذي انضم إليه القيادي الداعم للشرعية الدكتور "رفيق حبيب".
وبعد مرحلة الصعود الكبير للإسلاميين في الانتخابات البرلمانية، جاء محمد مرسي رئيسًا للجمهورية في الانتخابات الرئاسية 2012، كأول رئيس مدني منتخب ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، ومع تفاقم الأزمة بين مرسي ومعارضيه، انحازت الكنيسة إلى جبهة الانقلاب العسكري، وتعمدت زيادة حدة الاستقطاب والتراشق الطائفي.
وتعمد تواضروس استغلال "فزاعة" الإرهاب، واللعب على وتر مصالح الكنيسة، ودفعت محصلة هذه العوامل المسيحيين الذين نزلوا الشارع الثوري، إلى العودة إلى أحضان الكنيسة مجددا، واكتمل ذلك مع تولي "تواضروس" الثاني منصب بطريركية الكرازة المرقسية في نوفمبر 2012.
وبات الدور السياسى لـ"تواضروس" واضحًا مرة أخرى وبشدة، خاصة بعد الحشد المسيحي في 30 يونيو، وصولا إلى مشهد الثالث من يوليو 2013 الذي شهد الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، بحضور تواضروس في تفاصيل المشهد، إلى جانب وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي، وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وآخرين.
كتب: أسامة حمدان
في نظر البعض تمثل ثورة 25 يناير "تورتة" كبيرة، دفع الثوار ثمنًا باهظًا في مقابلها، ولا يزال رافضو الانقلاب يدفعون إلى اليوم، بينما نال العسكر من هذه "التورتة" المكسرات، ونال رجال الأعمال الشيكولاتة، وذهبت "الكنيسة" بالكريمة، أما "الشمعة" فقد أخذها الشعب!
في 25 يناير 2011 دعت الطوائف المسيحية المِصْرية الثلاث (الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية) إلى مقاطعة مظاهرات "جمعة الغضب"، وعدم النزول للشارع مدعية أنها لا تعرف هدفها ومن يقف خلفها.
كما دعا شنودة" -المقرب من المخلوع مبارك- إلى التهدئة في ثاني أيام المظاهرات وهو يلقي عظته الأسبوعية في الكنيسة بالعباسية، مشددًا على أن الكتاب المقدس نهى عن الخروج على الحاكم، متساويًا مع عمائم العسكر المنتشرة في مساجد مِصْر، مثل أسامة القوصي وياسر برهامي.
وعلى الرغم من ذلك، فقد شارك عدد من الشباب المسيحي، ونشطاء مسيحيون معروفون مثل عضو حزب الوفد رامي لكح في بعض المسيرات، فيما أدان المفكر المسيحي "رفيق حبيب" موقف الكنيسة بدعوة المسيحيين إلى مقاطعة الاحتجاج، ولكنه أكد أن مشاركة المسيحيين في التظاهرات تتزايد يومًا بعد يوم.
بعد ذلك أعلن "شنودة" صراحة عن تأييده للمخلوع مبارك يوم الأحد 27 يناير، كما أشاد بدور الجيش القوي في "حماية البلاد والتصدي للخارجين عن القانون"، رغم شكواه المتكررة باضطهاد المسيحيين على يد السلطة طوال 60 عامًا!
واليوم الأربعاء وقبيل حلول الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، دعا "تواضروس الثاني" بطريرك الكرازة المرقسية، إلى النزول إلى الميادين ودعم "السيسي" ضد موجة ثورية محتملة، ورفع شعار العسكر البائس وترديد هتافهم الأجوف "تحيا مصر".
دور شديد الخطورةوفي وقت سابق أصدر "المجلس الثوري المِصْري" في تركيا، بيانا قبيل الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، اعتبر "أن الكنيسة الأرثوذكسية تمارس دورًا شديد الخطورة في تفتيت المجتمع المِصْري، والضغط على وتر الطائفية، واستغلال حالة الظلم والاستبداد العام في مِصْر وإسقاطها على الملف الطائفي للمسيحيين المِصْريين".
وقال البيان: "على مر تاريخ مِصْر.. بل المنطقة بأكملها لم يجد المسيحيون وأتباع الديانات السماوية الأخرى احترامًا وحرية أكثر مما وجدوه داخل الحضارة الإسلامية، رغم المحاولات المتكررة من بعض قيادات المؤسسات المتحدثة باسمهم مساعدة قوى الاستبداد والاحتلال في بلادنا".
ودعا البيان "مسيحيي مصر الفقراء مثل بقية المصريين للكف عن مساندة النظام، كما ندعوهم للوقوف في ذات الصف معنا في نضالنا".
دور طائفيوعلى الرغم من أن ثورة 25 يناير كانت تبشر بقدوم عصر جديد من المشاركة الشعبية في تفاعلات المجال العام، وتنير الطريق أمام مختلف فئات الشعب وطوائفه في ممارسة حق التعبير عن الرأي، والاختيار المباشر دون تدخل من العسكر، إلا أنه سرعان ما اختفت تلك الطموحات في أول مشهد سياسي بعد الإطاحة بمبارك، عندما لعبت الكنيسة دورًا طائفيًّا في استفتاء 19 مارس 2011 على التعديلات الدستورية، وصدرت الكنيسة للمشهد السياسي أن الاستفتاء على الهوية، وحاولت الزج بالجميع في الاستقطاب الطائفي، فكان البعض مع التعديلات والبعض الآخر ضد التعديلات.
وازداد الأمر سوءًا بتدبير "العسكر" عدة أحداث عنف طائفي؛ حيث وقعت اعتداءات على كنائس وممتلكات مسيحية، بدأت بحادثة هدم كنيسة "صول" في الجيزة في مارس 2011، ثم هدم كنيسة المريناب بأسوان في سبتمبر 2011، ثم وقع حادث ماسبيرو في أكتوبر 2011، وهو الحادث الطائفي الأسوأ في الفترة الانتقالية عقب تنحي مبارك، الذي كان له أسوأ الأثر على مدى المشاركة العامة للمسيحيين بعيدًا عن وصاية الكنيسة.
وفي هذا الحادث تحديدًا كان جليًّا مشهد "المدرعات" وهى تهرس أجساد المسيحيين، المحتشدين أمام مبنى "ماسبيرو"، بعدما دعاهم القس "فلوباتير جميل" وجعل منهم محرقة للمجلس العسكري، إلا أن "تواضراس" بالغ في تأييده ودعمه الانقلاب إلى الحد الذي جعله يبرئ جنازير المدرعات، ويصف حادث ماسبيرو بأنه "خدعة كبيرة" انخدع فيها المسيحيون من قبل الإخوان!
وما يثير العجب أنه قال: "الإخوان استدرجوا المسيحيين لمواجهة مع الشرطة العسكرية من شبرا، ثم تركوهم في ماسبيرو ليواجهوا مصيرهم".
وللهروب من دم أتباعه الذي تلطخت به "مدرعات" العسكر، قال: "إنه لا يجوز التوقف أمام حادث واحد.. علينا المطالبة بالتحقيق القضائي دون أن ننجر لشكل طائفي بعد تغير كل المسئولين عن الوضع وقتها"!!
وحتى يشتت الأنظار عن جرائم شريكه العسكري في الانقلاب، قال: "تم الاعتداء على المقر الكتدرائي في زمن الإخوان لأول مرة في التاريخ الإسلامي كله".
وشهدت الفترة الانتقالية التي أعقبت ثورة يناير مشاركة المسيحيين في تأسيس أحزاب سياسية، والانضمام إليها، مثل حزب "المصريين الأحرار" الذي أسسه رجل الأعمال المسيحي نجيب ساويرس، والحزب "المصري الديمقراطي الاجتماعي"، وحزب جماعة الإخوان المسلمين "الحرية والعدالة"، الذي انضم إليه القيادي الداعم للشرعية الدكتور "رفيق حبيب".
وبعد مرحلة الصعود الكبير للإسلاميين في الانتخابات البرلمانية، جاء محمد مرسي رئيسًا للجمهورية في الانتخابات الرئاسية 2012، كأول رئيس مدني منتخب ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، ومع تفاقم الأزمة بين مرسي ومعارضيه، انحازت الكنيسة إلى جبهة الانقلاب العسكري، وتعمدت زيادة حدة الاستقطاب والتراشق الطائفي.
وتعمد تواضروس استغلال "فزاعة" الإرهاب، واللعب على وتر مصالح الكنيسة، ودفعت محصلة هذه العوامل المسيحيين الذين نزلوا الشارع الثوري، إلى العودة إلى أحضان الكنيسة مجددا، واكتمل ذلك مع تولي "تواضروس" الثاني منصب بطريركية الكرازة المرقسية في نوفمبر 2012.
وبات الدور السياسى لـ"تواضروس" واضحًا مرة أخرى وبشدة، خاصة بعد الحشد المسيحي في 30 يونيو، وصولا إلى مشهد الثالث من يوليو 2013 الذي شهد الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، بحضور تواضروس في تفاصيل المشهد، إلى جانب وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي، وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وآخرين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق