الأحد، 17 يناير 2016

مجدي حسين يكتب: الأمة تناديكم.. فلماذا لا تلبون النداء؟ مقتطفات من كتاب "العصيان المدني رؤية إسلامية"

مجدي حسين يكتب: الأمة تناديكم.. فلماذا لا تلبون النداء؟

مقتطفات من كتاب "العصيان المدني رؤية إسلامية"

 منذ 32 دقيقة
 عدد القراءات: 121
مجدي حسين يكتب: الأمة تناديكم.. فلماذا لا تلبون النداء؟

نعيد نشر بعض المقتطفات من كتاب "العصيان المدنى رؤية إسلامية" للمجاهد مجدي احمد حسين رئيس حزب الاستقلال ورئيس تحرير جريدة الشعب والمعتقل حالياً بـ"مقبرة العقرب والذي تم نشره عام 2008.


كل باحث ومحلل ودارس أو مراقب موضوعى يرى الآن - بلا لبس - أن مصر تمر بأزمة طاحنة، وأن نظام الحكم يحتضر وهو ما يؤدى إلى حالة من التحلل والتعفن فى المجتمع ككل عملا بقول الله عز وجل: )وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتْ الأَرْضُ( (البقرة: 251)، أى لولا مقاومة الفساد والظلم لاستشرت الأوبئة بالمعنى الطبيعى والاجتماعى فى المجتمع.
واحتضار النظام لا يعنى موته الفورى بالضرورة كما هو الأمر فى حالة الإنسان الفرد، فالنظم الاستبدادية تملك من بعض أسباب الحياة دائما، وخاصة فى فترات النهاية، أهمها التوسع فى استخدام كافة وسائل العنف المتاحة لديها، ولكن السبب الأهم فى إطالة عمر النظام المحتضر غياب البديل الذى يخوض معه المعركة بشكل صائب، ويجمع حوله كل قوى المقاومة للتخلص من الرأس الفاسد الذى يعم فساده الأرض، والطريف أو المثير للانتباه أن هذا ما تفعله خلية النحل بشكل جماعى عندما تفسد النحلة الملكة أو تضعف، فيتم استبدالها بملكة أخرى "عفية" صالحة لقيادة الخلية! 
والمقصود باحتضار النظام السياسى هو انتهاء فترة صلاحيته, فهذا النظام باتفاق الآراء وإجماع الأمة لم يعد قادرا على إدارة البلاد بالحد الأدنى من الرشاد، بل هو يعمل فى أوصال البلاد تدميرا وتقطيعا، وأداؤه بالسلب وليس بالإيجاب مهما كانت نسبة الإيجاب بسيطة. ومن نافلة القول أن نقول إن هذا النظام يخالف فى سياساته الداخلية والخارجية جوهر الشريعة الإسلامية: فهو يوالى أعداء الأمة دون أبناء الأمة فى الداخل والخارج، وهو يخاصم كل القيم التى أمر بها الله سبحانه وتعالى فى مختلف تنزيلاته وعبر كل أنبيائه: العدالة والرحمة والمساواة أمام القانون وإعمار الأرض لصالح المجموع وليس لصالح فئة من المترفين، احترام كرامة الإنسان.. إلخ.
فهذا النظام فاقد الشرعية من الناحية الشرعية الإسلامية، ومن الناحية الشرعية الدستورية الوضعية حتى بإعمال الدستور الحالى وحتى بعد تعديله. فالدستور لا ينص مثلا على أن زوجة الرئيس هى الرجل الثانى فى النظام، ولم ينص على أن ابن الرئيس هو الرجل الثانى أو الثالث فى النظام، والدستور لم ينص على لجنة السياسات ولا على الحزب الوطنى أصلا!! ومن ناحية السياسة الخارجية فإن الدستور ينص فى البند الأول على أن مصر جزء لا يتجزأ من الأمة العربية؛ فهل ما يفعله النظام مع غزة وفلسطين وسوريا، ومن قبل مع العراق ولبنان وليبيا والسودان، يتفق مع الدستور؟! خاصة مع تحويل العلاقات مع الكيان الصهيونى والولايات المتحدة إلى نوع من العلاقات المقدسة التى لا تمس مهما فعلوا بالأمة العربية ومهما فعلوا بمصر ذاتها!!
كما أن النظام غير شرعى من وجه ثالث هو الوجه العملى (أو ما يسميه الفقه الإسلامى: المصلحة)؛ فإن هذا النظام عاجز عن توفير الغذاء والكساء والمسكن لكل مواطن، بمعنى أن فساد سياساته وفساد كباره أدى إلى حالة غير مبررة من الجدب والفقر والإفقار والمرض والجهل (انهيار التعليم)، فنحن لسنا فى حالة حرب، بل إن هذا النظام (من 1975 وحتى الآن) قامت شرعيته العملية على أساس أنه سيدخل البلاد فى حالة من الرخاء بعيدا عن الحروب التى عشنا فيها لسنوات، وكانت النتيجة التى لا تحتاج لبرهان وكثير تحليلات: عدم ضمان لقمة خبز "حاف" - شربة ماء نظيفة -  فرصة عمل للشباب - فرصة زواج للفتاة (13 مليون عانس) - مسكن للشباب - غياب الإحساس بالأمن نتيجة تعديات الشرطة على المواطنين قبل السياسيين.
     باختصار أصابتنا كل المصائب الممكنة: الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات. وقد أجمع الفقهاء أن مقاصد الشريعة الأساسية: حماية الدين والعقل والمال والنسل والنفس. فليقل لى أحد إن مقصدا واحدا من هذه المقاصد يتحقق فى بلادنا. وأنا لا أتحدث هنا عن رغبة جارفة فى إقامة نظام إسلامى فى مصر، وهى رغبة لا أنفيها وتهمة تشرفنى، ذلك أننى أعتقد أن النظام الإسلامى يجب أن يقام عندما تنضج الظروف له وعندما تختاره الأمة بمحض إرادتها، ولكن بالتأكيد لدينا رغبة جارفة فى إنقاذ البلاد من المستنقع الذى هوت إليه وأصبحنا نعانى منه جميعا حتى على المستوى الفردى، فمن يأمن على نفسه من طعام يأكله أو مشرب يشربه على سبيل المثال. وذلك عملا بقول الله عز وجل: )وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ( (الأنفال: 25)، أو فى قوله تعالى: )ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ( (الروم: 41).
إن إسقاط هذا النظام أصبح ضرورة شرعية بأبسط المعانى: هو ضرورة لحفظ النفس والعرض والمال والنسل والعقل والدين.
     إن إسقاط النظام دخل فى أضيق خانة يتحدث عنها القانونيون (دفاع مشروع عن النفس)، ولم يعد يحتاج الأمر لعميق تحليلات، فقد أصبح ضرورة فطرية وإعمالا لقانون بافلوف: قانون المنعكس الشرطى، بل مجرد رد الفعل المادى البسيط، فأنت عندما تلسع بالنار تسحب يدك من النار فورا بلا تفكير.
هذا على مستوى المشروعية، وهذا ينقلنا إلى النقطة الثانية: مسألة القدرة. أول شروط التغيير الإعلان عن عدم مشروعية النظام ودعوة الشعب للعمل على تغييره. فالتغيير السلمى يعتمد على جموع الشعب، وبالتالى فإن شرح ذلك للشعب وتحريضه على المشاركة فى التغيير السلمى ضرورة لإحداث هذا التغيير. يجب عدم وضع احتمال الفشل كعقبة فى سبيل التغيير، فما دمنا اتفقنا على التشخيص السابق للنظام فإن السكوت على بقائه إثم صريح، وبالتالى فإن رفضه والمطالبة بتغييره هى أفضل ما يمكن للإنسان أن يتعبد به ويتقرب إلى الله عز وجل: )كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ( (آل عمران: 110).
     وجاء فى الحديث الشريف ما يعد وصفا دقيقا وتفصيليا لحالتنا الراهنة: (والذى نفسى بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن أن يبعث الله عليكم عقابا من عنده ثم لتدعُونّه فلا يستجيب لكم).
     (لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتحضن على الخير أو ليسحتنكم "ليستأصلنكم" الله جميعا بعذاب، أو ليأمرن عليكم شراركم، ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم) الحديثان من مسند أحمد، والأحاديث فى هذا المعنى كثيرة فى البخارى ومسلم وباقى الكتب التسعة.
إذن إذا تحركنا لتغيير النظام (بالأوصاف التى ذكرناها فى البداية) فنحن نمارس واجبنا الدينى، وفى صميم العبادة لله سبحانه وتعالى، فنحن فى حالة من الأمان النفسى الكامل ولا نخشى فى الله لومة لائم، كذلك فإننا نعول عليه سبحانه وتعالى، فهو الصاحب الأصلى للقضية وما نحن إلا وكلاءه وجنده، فهو رئيس الحزب الحقيقى الذى ننتمى له، ونحن الأعضاء على أساس السمع والطاعة (حزب الله)، وهنا تأتى قضية الاعتماد على الله بعد الأخذ بالأسباب، وهنا يأتى دور الدعاء الذى كثيرا ما يستخدم فى غير موضعه؛ فنظن أن الدعاء يكفى بديلا للجهاد أو حلا للمشكلة الاجتماعية. ولنسمع قول الله عز وجل: )وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ( (البقرة: 186), إذن الاستجابة للدعاء مشروطة بالاستجابة لتعاليم الله وعلى رأسها الجهاد (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) - (خير الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله).
وهذا الشق الغيبى: (الاعتماد على الله والدعاء له وتوفيق الله) هو ما لا يحسب له الطغاة حسابا، ويأتى مقتلهم من خلاله لأنهم لا ينظرون إلا للحسابات المادية، والشعوب عندما تنفجر فإنها تتفجر بطاقات من عند الله ومن روح الله التى نفخها فى الإنسان لدى خلقه فيسقط عادة فى يد الطغاة.
إذن هذه هى الخطوة الأولى: الإعلان عن عدم مشروعية النظام وضرورة تغييره بالوسائل السلمية، بغض النظر عن موازين القوى المادية، فهذا الإعلان يدخل تحت بند قول الحق الذى لا يجوز طرح نصفه أو ربعه أو أى جزء منه. وهذا ما فعله نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام, فعندما طرحوا فساد مرجعية النظم الحاكمة لم يكن لديهم تنظيمات كبرى أو صغرى، ونشأت هذه التنظيمات بعد ذلك، وغالبا بعد رحيل هؤلاء الأنبياء عن عالمنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عاجل | إذاعة الجيش الإسرائيلي: صفارات الإنذار دوت تحذيرا من صواريخ باليستية أطلقت من لبنان على منطقة تل أبيب

عاجل | إذاعة الجيش الإسرائيلي: صفارات الإنذار دوت تحذيرا من صواريخ باليستية أطلقت من لبنان على منطقة تل أبيب 14/10/2024|آخر تحديث: 14/10/20...