توثيقا للتاريخ قبل تزييفه(4/4).. حزب الاستقلال (العمل سابقا) وإرهاصات الثورة
بقلم: د. مجدي قرقر
منذ 3 يوم
عدد القراءات: 1180
كتبت هذه المقالة في يناير 2013 ونحن نعيد نشرها تضامنا مع د. مجدي قرقر الأمين العام لحزب الاستقلال والمغيب حاليا وراء أسوار السجن بدون تهم واضحة وحقيقية
تناولنا فى المقالات الثلاثة السابقة دور حزب العمل فى التمهيد لثورة25 يناير المباركة، وأشرنا إلى أن هذه الثورة كانت امتدادا لنضال سنوات طويلة تزيد على الثلاثة عقود، توجت بنضال شامل ومتواصل فى السنوات السبع الأخيرة بعد سقوط مبارك.
وشعار حزب العمل الجديد "بالإيمان والعمل نبنى مصر"، ويمكن تلخيص برنامج حزب العمل فى عشر كلمات:
1) استقلال فى مواجهة التبعية
2) طهارة اليد فى مواجهة الفساد
3) التنمية فى مواجهة الركود
4) الحرية فى مواجهة الاستعباد
5) الشورى فى مواجهة الاستبداد
6) العدالة الاجتماعية فى مواجهة الظلم الاجتماعى
7) تأصيل هوية مصر العربية الإسلامية فى مواجهة التغريب
8) مشاركة المرأة فى العمل العام
9) دور أقباط مصر المسيحيين.
10) خصوصية العلاقة مع السودان.
وبرنامج حزب العمل ليس شعارات ترفع، أو كلمات تقرأ بل هو برنامج عمل، ليس برنامجا للمستقبل فقط بل برنامج تم تفعيله فى الماضى والحاضر، ونستهدف تفعيله فى المستقبل للخروج بمصر من الهوة التى أوقعها فيها النظام البائد.
*****
1- استقلال فى مواجهة التبعية
هذه هى القضية المحورية فى برنامج حزب العمل. تمتد جذور حزب العمل إلى حزب مصر الفتاة ومؤسسها أحمد حسين، والتى تمتد جذورها إلى جمال الدين الأفغانى والثورة العرابية وأحمد عرابى وعبد الله النديم ومصطفى كامل ومحمد فريد، تلك المدرسة التى تضافرت فيها الوطنية مع الإسلام، ومن هنا كانت أقصر كلمات أحمد حسين من على منبر الأزهر الشريف عام 1948 "من أراد أن يذهب إلى فلسطين فليتبعنى"، ليقود كتيبة الشهيد مصطفى الوكيل إلى فلسطين، التى مولها الأستاذ إبراهيم شكرى رئيس حزب العمل المؤسس، ومن هنا كانت مشاركة كوادر مصر الفتاة للفدائيين وكوادر الإخوان المسلمين على خط القناة فى بداية الخمسينيات فى مواجهة الاحتلال البريطانى.
ولقد كانت القضية المحورية لجريدة الشعب هى قضية فلسطين -قضية العرب والمسلمين- وكان كاتبها المميز على صفحات الشعب الطبيب المسيحى / رؤوف نظمى (محجوب عمر) أحد أطباء ومقاتلى فتح فى فلسطين المحتلة فى الستينيات من القرن الماضى، حتى إن جريدة الشعب الأسبوعية كانت الجريدة المصرية الأولى فى الثمانينيات والتسعينيات التى تتناول القضية الفلسطينية، سابقة فى ذلك الصحف اليومية كافة، بما فيها الأهرام.
وكانت المعركة الأم التى خاضتها جريدة الشعب على مدار خمسة عشر عاما قبل إغلاقها وعلى موجتين: الأولى فى نهاية الثمانينيات والثانية فى منتصف التسعينيات وحتى بداية الألفية الثالثة -تاريخ إغلاقها- هى معركة التصدى للتطبيع ورأس حربته فى مصر يوسف والى -أمين الحزب الحاكم البائد ونائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة لعشرات السنين- والذى اتهمته "الشعب" بالخيانة وقتل المصريين وإصابتهم بالأمراض الفتاكة: الالتهاب الكبدى والفشل الكلوى والسرطان.
وكان فارس المعركة الأولى ضد يوسف والى وما يمثله الكاتب الصحفى صلاح بديوى، وانضم إليه فى الثانية فرسان الشعب الأستاذ مجدى أحمد حسين، والأستاذ عادل حسين، وفنان الكاريكاتير عصام حنفى. ليحكم على ثلاثتهم -باستثناء الأستاذ عادل حسين- بالحبس ثلاث سنوات ولتغلق جريدة الشعب وهم ما زالوا فى سجون مبارك -سجون الحلف الصهيونى الأمريكى- بعد أن أهدر قضاة مبارك الوثائق التى تدين ساعده الأيمن.
وقبلها بسنوات كانت معركة جريدة الشعب ضد كامب ديفيد، وضد مد مياه النيل للكيان الصهيونى، وقاد هذه الحملة الأساتذة الدكاترة حلمى مراد والشافعى بشير.وكانت أيضا معركة حزب العمل ضد العدوان الأمريكى على العراق عام 1991 وعام 2003، وكانت معركة الشعب الأخيرة قبل إغلاقها مباشرة ضد "الهريم الذهبى - الماسونى"الذى أراد فاروق حسنى وضعه على قمة هرم خوفو مع استقبال الألفية الثالثة لميلاد المسيح عليه السلام. ولا ننسى هنا مواقف الرئيس المؤسس إبراهيم شكرى الداعمة لفلسطين وذهابه إلى طرابلس لبنان 1981 إبان حصار المقاومة وموقفه المدافع عن الشهيد سليمان خاطر فى الأزهر الشريف.
كانت قضية التصدى للحلف الصهيونى الأمريكى ورأس حربة التطبيع -يوسف والى- وكنزهم الاستراتيجى -مبارك- هى القضية الأم، والتى أغلقوا بسببها جريدة الشعب فى مايو 2000، وجمدوا نشاط حزب العمل، وأرادوا أن يحرمونا هذا الشرف بافتعال أسباب أخرى مثل التعاون مع جماعة الإخوان المسلمين أو إثارة الشباب برواية"وليمة لأعشاب البحر".
*****
2- طهارة اليد فى مواجهة الفساد
خاضت جريدة الشعب معركتها الشهيرة "قضية الفساد الكبرى" فى منتصف التسعينيات والتى بدأت بفتح ملف حوت مدينة نصر، والذى أهدى الوحدات السكنية لرموز النظام الفاسد، وتصدى الأستاذ مجدى أحمد حسين رئيس تحرير الشعب لرئيس الوزراء عاطف صدقى بمقالته الشهيرة "تفسد السمكة من رأسها"، ولرئيس الديوان زكريا عزمى ووزير الداخلية حسن الألفى وأبنائه وغيرهم كثيرين، وكان مصير مجدى حسين الذى دخل عش الدبابير السجن -كالعادة- ورافقه فى هذه المرة الكاتب الصحفى محمد هلال.
قبلها بسنوات فتحت جريدة الشعب ملف الفساد فى قطاع البترول فى عهد وزير البترول الأسبق عبد الهادى قنديل، وقاد المعركة د. حلمى مراد والمهندس محمد طالب زارع والأستاذ عادل حسين -رحمهم الله أجمعين- وكانت مانشيتات جريدة الشعب"حاكموا حرامى البترول" ويقصدون وزير البترول.
قبل وفاة المهندس محمد طالب زارع عام 2010 بأسابيع أهدانى ملفا به بعض مقالاته بجريدة الشعب فى منتصف التسعينيات يفضح فيها خطوات الحكومة لتصدير الغاز للكيان الصهيونى، وهى القضية التى لم تفتح إلا بعد ذلك بعشر سنوات على الأقل.
*****
3- التنمية فى مواجهة الركود
حوّل مبارك مصر إلى بركة راكدة بحجة الاستقرار، وكان يردد كثيرا أن مشكلة شعب مصر أنه يأكل كثيرا وينجب كثيرا -وكأنه هو الذى يرزقه ويدبر مأكله- ولا يجد حرجا أن يخاطب شباب الجامعة "هذه السنة سوداء والسنة القادمة أكثر سوادا".. ومن هنا فقد خاض الحزب والجريدة معارك كثيرة ومتوالية ضد سياسات الحزب البائد الاقتصادية، وضد تصفية القطاع العام، وضد العلاقة مع صندوق النقد والبنك الدولى، وكان كتاب الأستاذ عادل حسين "الاقتصاد المصرى من الاستقلال إلى التبعية" مرجعا مهما فى مواجهة هذا النظام التابع.
*****
4- الحرية فى مواجهة الاستعباد
إننا نشرف فى حزب العمل باعتبارنا امتدادا للثورة العرابية وزعيمها-نبت هذا الأرض- زعيم الفلاحين أحمد عرابى، ومن بعده زعيم مصر الشاب مصطفى كامل، واللذين كان الإسلام والوطنية عنصران حاكمان فى مسيرتهما. إننا نؤمن بمقولة سيدنا عمر مخاطبا والى مصر والتى استلهمها عرابى فى خطابه لخديوى مصر "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا"، ومن هنا كان موقفنا ضد النظام البائد الذى حول مصر إلى "عزبة" واعتبار كل ما عليها إرثا له، ومن هنا كان دور جريدة الشعب للتصدى لكل هذه الممارسات الشاذة، وكان مقال عادل حسين الذى أسقط زكى بدر"انزعوا السكين من يد هذا المجنون"، ومن هنا كان دفاع حزب العمل وجريدته عن حقوق الإنسان والحريات ومساندة الجماعات الإسلامية التى تجاوز النظام فى عقابها وفى تصفيتها، ومن هنا كانت وقفاته الدائمة مع المظلومين.
ويرفض حزب العمل الاستبداد والاستعباد، ويستهدف عودة السيادة للشعب واحترام إرادته فى انتخاب حكامه وعزلهم وتداول السلطة، فالحريات السياسية والعقائدية جزء لا يتجزأ من مشروعنا الحضارى.
وطالب الحزب بإنهاء حالة الطوارئ والقوانين المقيدة للحريات وضمان نزاهة الانتخابات، فالحرية هى القيمة الأسمى التى كان ينشدها حزب العمل لشعب مصر ضد استعباد مبارك وعائلته وزبانيته لهذا الشعب الأبى.
*****
5- الشورى فى مواجهة الاستبداد
ولعل المقال الأول فى هذه السلسلة من المقالات قد أشار إلى دور حزب العمل وقياداته وجهادهم بالكلمة وبالنفس فى مواجهة النظام البائد، وأكتفى بالإشارة هنا إلى مقال الأستاذ عادل حسين بعد سقوط الرئيس الرومانى شاوشيسكو مخاطبا مبارك"التغيير أو شاوشيسكو"، وكتابه مع الدكتور حلمى مراد "لا لمبارك"، والوثيقة التى حررها المجاهد مجدى أحمد حسين عام 2002 والدكتور صلاح صادق والتى تطالب برحيل مبارك، وجمع عشرات الآلاف من التوقيعات عليها وتسليمها لمجلس الشعب، وتأسيس "الجبهة الوطنية للتغيير" مع بدايات 2004، ثم حركة(كفاية) والمشاركة الفاعلة مع انتفاضة القضاة 2006، وانتفاضة إبريل 2008 التى كان لكوادر حزب العمل النصيب الأكبر فى اعتقالاتها، ولم تهدأ التظاهرات إلا بثورة 25يناير 2011.
لقد كانت محصلة التصدى للاستبداد هى هذه الثورة المباركة التى بذر بذرتها الشيوخ ورواها الشباب بدمائهم ورعاها الشعب.
*****
6- العدالة الاجتماعية فى مواجهة الظلم الاجتماعى
قيمة العدل الاجتماعى تحظى بأولوية متقدمة فى برنامج حزب العمل، ولقد كتب الشهيد سيد قطب كتابه المشتهر "العدالة الاجتماعية فى الإسلام" فى الأربعينيات وقت أن كان أحد كتّاب صحيفة "مصر الفتاة" و"الاشتراكية" وقبل انضمامه لجماعة الإخوان المسلمين، وأسس الزعيم أحمد حسين "الحزب الاشتراكى"، وكان الأستاذ إبراهيم شكرى النائب الوحيد للحزب الاشتراكى ولم يكن قد قرأ كلمة واحدة عن الاشتراكية المادية -وفقا لتصريحاته- لأن الاشتراكية التى يؤمن بها كانت تقوم على العدل الاجتماعى فى الإسلام. ومن هذا المنطلق كتب الأستاذ أحمد حسين كتابه المشتهر "الاشتراكية التى نؤمن بها". ولقد أعد الدكتور حلمى مراد والأستاذ إبراهيم شكرى مشروع قانون "الإصلاح الزراعى" وتقدم به إبراهيم شكرى للبرلمان قبل الثورة ليرفضه البرلمان ويسخر منه الوزير الوفدى عبد الفتاح حسن؛ لأن شكرى سيكون من أوائل من يطبق عليهم القانون، فما كان من شكرى إلا أن عاد إلى موطن رأسه -شربين- ليوزع أرض أسرته على الفلاحين الذين يزرعونها بعد أن باعها لهم بأسعار الأربعينيات على أقساط لمدة 40 عاما، وكأنه قد وزعها عليهم مجانا. وبعائد البيع الزهيد أنشأ مصنعا للبلاستيك وآخر للمسامير فى منطقة المرج، هكذا أرادتها القيادة التاريخية لحزب العمل، "الأرض لمن يزرعها والرأسمالية الوطنية تصنع مصر"، وأخذت ثورة يوليو بمقترحات الحزب الاشتراكى، ولكنها لم تعط المقابل لملاك الأرض ليتجهوا للصناعة، مما دفع بهم لرفع قضايا تعويض كسبوها خلال السنوات القليلة الماضية.
وعندما أصدرت حكومة العهد البائد فى نهاية التسعينيات قانونا لتحرير العلاقة فى الأراضى الزراعية بين الملاك والمستأجرين من الفلاحين دون إعطاء فترة انتقالية مناسبة لجأ الفلاحون إلى أحد الأحزاب اليسارية ورفض رئيس الحزب لقاءهم فاتجهوا لحزب العمل الذى انتصر لمطالبهم.
*****
تأصيل هوية مصر العربية الإسلامية فى مواجهة التغريب
فتح المجاهد مجدى أحمد حسين -رئيس تحرير جريدة الشعب- فى نهاية التسعينيات ملف إصدارات هيئة الكتاب ووزارة الثقافة، منددا بالمنهج التغريبى الذى تنتهجه وزارة الثقافة، كما خاض الحزب وجريدة الشعب العديد من المعارك ضد الفن المسف المتغرب وغير الملتزم، وكانت آخر معارك الشعب والحزب والتى كانت بمنزلة القشة التى قصمت ظهر البعير هى فضح إصدار وزارة الثقافة المتمثل فى رواية "وليمة لأعشاب البحر"، والتى سخرت من ذات الله ومن القرآن الكريم. وكان نتاج هذه الحملة تحريك شباب الجامعات وفى مقدمتهم شباب جامعة الأزهر اللذين انتفضوا غيرة على دينهم.
*****
أربعة مقالات حاولنا فيها قراءة جهاد حزب العمل فى مواجهة النظام البائد انتصارا لشعب مصر العظيم وفى المقدمة منه المقهورون والمظلومون والمطحونون، لا نزايد على أحد ولا ننتظر جزاء من أحد، لأننا نبتغى مرضاة الله برفعة هذا الوطن، وحتى يكون توثيقا للتاريخ قبل تزييفه.
اللهم اجعل سائر عملنا خالصا لوجهك ولخير هذا الوطن، والحمد لله من قبل ومن بعد.
وشعار حزب العمل الجديد "بالإيمان والعمل نبنى مصر"، ويمكن تلخيص برنامج حزب العمل فى عشر كلمات:
1) استقلال فى مواجهة التبعية
2) طهارة اليد فى مواجهة الفساد
3) التنمية فى مواجهة الركود
4) الحرية فى مواجهة الاستعباد
5) الشورى فى مواجهة الاستبداد
6) العدالة الاجتماعية فى مواجهة الظلم الاجتماعى
7) تأصيل هوية مصر العربية الإسلامية فى مواجهة التغريب
8) مشاركة المرأة فى العمل العام
9) دور أقباط مصر المسيحيين.
10) خصوصية العلاقة مع السودان.
وبرنامج حزب العمل ليس شعارات ترفع، أو كلمات تقرأ بل هو برنامج عمل، ليس برنامجا للمستقبل فقط بل برنامج تم تفعيله فى الماضى والحاضر، ونستهدف تفعيله فى المستقبل للخروج بمصر من الهوة التى أوقعها فيها النظام البائد.
*****
1- استقلال فى مواجهة التبعية
هذه هى القضية المحورية فى برنامج حزب العمل. تمتد جذور حزب العمل إلى حزب مصر الفتاة ومؤسسها أحمد حسين، والتى تمتد جذورها إلى جمال الدين الأفغانى والثورة العرابية وأحمد عرابى وعبد الله النديم ومصطفى كامل ومحمد فريد، تلك المدرسة التى تضافرت فيها الوطنية مع الإسلام، ومن هنا كانت أقصر كلمات أحمد حسين من على منبر الأزهر الشريف عام 1948 "من أراد أن يذهب إلى فلسطين فليتبعنى"، ليقود كتيبة الشهيد مصطفى الوكيل إلى فلسطين، التى مولها الأستاذ إبراهيم شكرى رئيس حزب العمل المؤسس، ومن هنا كانت مشاركة كوادر مصر الفتاة للفدائيين وكوادر الإخوان المسلمين على خط القناة فى بداية الخمسينيات فى مواجهة الاحتلال البريطانى.
ولقد كانت القضية المحورية لجريدة الشعب هى قضية فلسطين -قضية العرب والمسلمين- وكان كاتبها المميز على صفحات الشعب الطبيب المسيحى / رؤوف نظمى (محجوب عمر) أحد أطباء ومقاتلى فتح فى فلسطين المحتلة فى الستينيات من القرن الماضى، حتى إن جريدة الشعب الأسبوعية كانت الجريدة المصرية الأولى فى الثمانينيات والتسعينيات التى تتناول القضية الفلسطينية، سابقة فى ذلك الصحف اليومية كافة، بما فيها الأهرام.
وكانت المعركة الأم التى خاضتها جريدة الشعب على مدار خمسة عشر عاما قبل إغلاقها وعلى موجتين: الأولى فى نهاية الثمانينيات والثانية فى منتصف التسعينيات وحتى بداية الألفية الثالثة -تاريخ إغلاقها- هى معركة التصدى للتطبيع ورأس حربته فى مصر يوسف والى -أمين الحزب الحاكم البائد ونائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة لعشرات السنين- والذى اتهمته "الشعب" بالخيانة وقتل المصريين وإصابتهم بالأمراض الفتاكة: الالتهاب الكبدى والفشل الكلوى والسرطان.
وكان فارس المعركة الأولى ضد يوسف والى وما يمثله الكاتب الصحفى صلاح بديوى، وانضم إليه فى الثانية فرسان الشعب الأستاذ مجدى أحمد حسين، والأستاذ عادل حسين، وفنان الكاريكاتير عصام حنفى. ليحكم على ثلاثتهم -باستثناء الأستاذ عادل حسين- بالحبس ثلاث سنوات ولتغلق جريدة الشعب وهم ما زالوا فى سجون مبارك -سجون الحلف الصهيونى الأمريكى- بعد أن أهدر قضاة مبارك الوثائق التى تدين ساعده الأيمن.
وقبلها بسنوات كانت معركة جريدة الشعب ضد كامب ديفيد، وضد مد مياه النيل للكيان الصهيونى، وقاد هذه الحملة الأساتذة الدكاترة حلمى مراد والشافعى بشير.وكانت أيضا معركة حزب العمل ضد العدوان الأمريكى على العراق عام 1991 وعام 2003، وكانت معركة الشعب الأخيرة قبل إغلاقها مباشرة ضد "الهريم الذهبى - الماسونى"الذى أراد فاروق حسنى وضعه على قمة هرم خوفو مع استقبال الألفية الثالثة لميلاد المسيح عليه السلام. ولا ننسى هنا مواقف الرئيس المؤسس إبراهيم شكرى الداعمة لفلسطين وذهابه إلى طرابلس لبنان 1981 إبان حصار المقاومة وموقفه المدافع عن الشهيد سليمان خاطر فى الأزهر الشريف.
كانت قضية التصدى للحلف الصهيونى الأمريكى ورأس حربة التطبيع -يوسف والى- وكنزهم الاستراتيجى -مبارك- هى القضية الأم، والتى أغلقوا بسببها جريدة الشعب فى مايو 2000، وجمدوا نشاط حزب العمل، وأرادوا أن يحرمونا هذا الشرف بافتعال أسباب أخرى مثل التعاون مع جماعة الإخوان المسلمين أو إثارة الشباب برواية"وليمة لأعشاب البحر".
*****
2- طهارة اليد فى مواجهة الفساد
خاضت جريدة الشعب معركتها الشهيرة "قضية الفساد الكبرى" فى منتصف التسعينيات والتى بدأت بفتح ملف حوت مدينة نصر، والذى أهدى الوحدات السكنية لرموز النظام الفاسد، وتصدى الأستاذ مجدى أحمد حسين رئيس تحرير الشعب لرئيس الوزراء عاطف صدقى بمقالته الشهيرة "تفسد السمكة من رأسها"، ولرئيس الديوان زكريا عزمى ووزير الداخلية حسن الألفى وأبنائه وغيرهم كثيرين، وكان مصير مجدى حسين الذى دخل عش الدبابير السجن -كالعادة- ورافقه فى هذه المرة الكاتب الصحفى محمد هلال.
قبلها بسنوات فتحت جريدة الشعب ملف الفساد فى قطاع البترول فى عهد وزير البترول الأسبق عبد الهادى قنديل، وقاد المعركة د. حلمى مراد والمهندس محمد طالب زارع والأستاذ عادل حسين -رحمهم الله أجمعين- وكانت مانشيتات جريدة الشعب"حاكموا حرامى البترول" ويقصدون وزير البترول.
قبل وفاة المهندس محمد طالب زارع عام 2010 بأسابيع أهدانى ملفا به بعض مقالاته بجريدة الشعب فى منتصف التسعينيات يفضح فيها خطوات الحكومة لتصدير الغاز للكيان الصهيونى، وهى القضية التى لم تفتح إلا بعد ذلك بعشر سنوات على الأقل.
*****
3- التنمية فى مواجهة الركود
حوّل مبارك مصر إلى بركة راكدة بحجة الاستقرار، وكان يردد كثيرا أن مشكلة شعب مصر أنه يأكل كثيرا وينجب كثيرا -وكأنه هو الذى يرزقه ويدبر مأكله- ولا يجد حرجا أن يخاطب شباب الجامعة "هذه السنة سوداء والسنة القادمة أكثر سوادا".. ومن هنا فقد خاض الحزب والجريدة معارك كثيرة ومتوالية ضد سياسات الحزب البائد الاقتصادية، وضد تصفية القطاع العام، وضد العلاقة مع صندوق النقد والبنك الدولى، وكان كتاب الأستاذ عادل حسين "الاقتصاد المصرى من الاستقلال إلى التبعية" مرجعا مهما فى مواجهة هذا النظام التابع.
*****
4- الحرية فى مواجهة الاستعباد
إننا نشرف فى حزب العمل باعتبارنا امتدادا للثورة العرابية وزعيمها-نبت هذا الأرض- زعيم الفلاحين أحمد عرابى، ومن بعده زعيم مصر الشاب مصطفى كامل، واللذين كان الإسلام والوطنية عنصران حاكمان فى مسيرتهما. إننا نؤمن بمقولة سيدنا عمر مخاطبا والى مصر والتى استلهمها عرابى فى خطابه لخديوى مصر "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا"، ومن هنا كان موقفنا ضد النظام البائد الذى حول مصر إلى "عزبة" واعتبار كل ما عليها إرثا له، ومن هنا كان دور جريدة الشعب للتصدى لكل هذه الممارسات الشاذة، وكان مقال عادل حسين الذى أسقط زكى بدر"انزعوا السكين من يد هذا المجنون"، ومن هنا كان دفاع حزب العمل وجريدته عن حقوق الإنسان والحريات ومساندة الجماعات الإسلامية التى تجاوز النظام فى عقابها وفى تصفيتها، ومن هنا كانت وقفاته الدائمة مع المظلومين.
ويرفض حزب العمل الاستبداد والاستعباد، ويستهدف عودة السيادة للشعب واحترام إرادته فى انتخاب حكامه وعزلهم وتداول السلطة، فالحريات السياسية والعقائدية جزء لا يتجزأ من مشروعنا الحضارى.
وطالب الحزب بإنهاء حالة الطوارئ والقوانين المقيدة للحريات وضمان نزاهة الانتخابات، فالحرية هى القيمة الأسمى التى كان ينشدها حزب العمل لشعب مصر ضد استعباد مبارك وعائلته وزبانيته لهذا الشعب الأبى.
*****
5- الشورى فى مواجهة الاستبداد
ولعل المقال الأول فى هذه السلسلة من المقالات قد أشار إلى دور حزب العمل وقياداته وجهادهم بالكلمة وبالنفس فى مواجهة النظام البائد، وأكتفى بالإشارة هنا إلى مقال الأستاذ عادل حسين بعد سقوط الرئيس الرومانى شاوشيسكو مخاطبا مبارك"التغيير أو شاوشيسكو"، وكتابه مع الدكتور حلمى مراد "لا لمبارك"، والوثيقة التى حررها المجاهد مجدى أحمد حسين عام 2002 والدكتور صلاح صادق والتى تطالب برحيل مبارك، وجمع عشرات الآلاف من التوقيعات عليها وتسليمها لمجلس الشعب، وتأسيس "الجبهة الوطنية للتغيير" مع بدايات 2004، ثم حركة(كفاية) والمشاركة الفاعلة مع انتفاضة القضاة 2006، وانتفاضة إبريل 2008 التى كان لكوادر حزب العمل النصيب الأكبر فى اعتقالاتها، ولم تهدأ التظاهرات إلا بثورة 25يناير 2011.
لقد كانت محصلة التصدى للاستبداد هى هذه الثورة المباركة التى بذر بذرتها الشيوخ ورواها الشباب بدمائهم ورعاها الشعب.
*****
6- العدالة الاجتماعية فى مواجهة الظلم الاجتماعى
قيمة العدل الاجتماعى تحظى بأولوية متقدمة فى برنامج حزب العمل، ولقد كتب الشهيد سيد قطب كتابه المشتهر "العدالة الاجتماعية فى الإسلام" فى الأربعينيات وقت أن كان أحد كتّاب صحيفة "مصر الفتاة" و"الاشتراكية" وقبل انضمامه لجماعة الإخوان المسلمين، وأسس الزعيم أحمد حسين "الحزب الاشتراكى"، وكان الأستاذ إبراهيم شكرى النائب الوحيد للحزب الاشتراكى ولم يكن قد قرأ كلمة واحدة عن الاشتراكية المادية -وفقا لتصريحاته- لأن الاشتراكية التى يؤمن بها كانت تقوم على العدل الاجتماعى فى الإسلام. ومن هذا المنطلق كتب الأستاذ أحمد حسين كتابه المشتهر "الاشتراكية التى نؤمن بها". ولقد أعد الدكتور حلمى مراد والأستاذ إبراهيم شكرى مشروع قانون "الإصلاح الزراعى" وتقدم به إبراهيم شكرى للبرلمان قبل الثورة ليرفضه البرلمان ويسخر منه الوزير الوفدى عبد الفتاح حسن؛ لأن شكرى سيكون من أوائل من يطبق عليهم القانون، فما كان من شكرى إلا أن عاد إلى موطن رأسه -شربين- ليوزع أرض أسرته على الفلاحين الذين يزرعونها بعد أن باعها لهم بأسعار الأربعينيات على أقساط لمدة 40 عاما، وكأنه قد وزعها عليهم مجانا. وبعائد البيع الزهيد أنشأ مصنعا للبلاستيك وآخر للمسامير فى منطقة المرج، هكذا أرادتها القيادة التاريخية لحزب العمل، "الأرض لمن يزرعها والرأسمالية الوطنية تصنع مصر"، وأخذت ثورة يوليو بمقترحات الحزب الاشتراكى، ولكنها لم تعط المقابل لملاك الأرض ليتجهوا للصناعة، مما دفع بهم لرفع قضايا تعويض كسبوها خلال السنوات القليلة الماضية.
وعندما أصدرت حكومة العهد البائد فى نهاية التسعينيات قانونا لتحرير العلاقة فى الأراضى الزراعية بين الملاك والمستأجرين من الفلاحين دون إعطاء فترة انتقالية مناسبة لجأ الفلاحون إلى أحد الأحزاب اليسارية ورفض رئيس الحزب لقاءهم فاتجهوا لحزب العمل الذى انتصر لمطالبهم.
*****
تأصيل هوية مصر العربية الإسلامية فى مواجهة التغريب
فتح المجاهد مجدى أحمد حسين -رئيس تحرير جريدة الشعب- فى نهاية التسعينيات ملف إصدارات هيئة الكتاب ووزارة الثقافة، منددا بالمنهج التغريبى الذى تنتهجه وزارة الثقافة، كما خاض الحزب وجريدة الشعب العديد من المعارك ضد الفن المسف المتغرب وغير الملتزم، وكانت آخر معارك الشعب والحزب والتى كانت بمنزلة القشة التى قصمت ظهر البعير هى فضح إصدار وزارة الثقافة المتمثل فى رواية "وليمة لأعشاب البحر"، والتى سخرت من ذات الله ومن القرآن الكريم. وكان نتاج هذه الحملة تحريك شباب الجامعات وفى مقدمتهم شباب جامعة الأزهر اللذين انتفضوا غيرة على دينهم.
*****
أربعة مقالات حاولنا فيها قراءة جهاد حزب العمل فى مواجهة النظام البائد انتصارا لشعب مصر العظيم وفى المقدمة منه المقهورون والمظلومون والمطحونون، لا نزايد على أحد ولا ننتظر جزاء من أحد، لأننا نبتغى مرضاة الله برفعة هذا الوطن، وحتى يكون توثيقا للتاريخ قبل تزييفه.
اللهم اجعل سائر عملنا خالصا لوجهك ولخير هذا الوطن، والحمد لله من قبل ومن بعد.
توثيقا للتاريخ قبل تزييفه.. حزب الاستقلال (العمل سابقا) وإرهاصات الثورة (3/4)
تناولنا فى المقالين السابقين، دور حزب العمل فى التمهيد لثورة 25 يناير المباركة، وأشرنا إلى أن هذه الثورة كانت امتدادا لنضال سنوات طويلة تزيد على ثلاثة عقود، توجت بنضال شامل ومتواصل فى السنوات السبع الأخيرة قبل سقوط مبارك أثناء إلقاء خطاب العرش أمام مجلسى الشعب والشورى فى نوفمبر 2003.
وأشرنا إلى الوثيقة التى حررها المجاهد مجدى أحمد حسين عام 2002 والدكتور صلاح صادق -رحمه الله، التى تطالب برحيل مبارك، وتشكيل «الجبهة الوطنية للتغيير» مع بدايات 2004 مع كثير من القوى الوطنية، ثم المشاركة فى تأسيس الحركة المصرية من أجل التغيير «كفاية»، ثم انتفاضة القضاة 2006 عقب تزوير انتخابات 2005، وانتفاضة أبريل 2008، وفى القلب منها انتفاضة عمال المحلة الكبرى، ثم الحركات الاحتجاجية التى اجتاحت ربوع مصر ولم تهدأ إلا بانخراطها فى ثورة 25 يناير 2011.
وأشرنا إلى معارك جريدة «الشعب»منذ عام 1981، التى خاضتها ضد التبعية والاستبداد والفساد والظلم الاجتماعى وتضييع الهوية، وكان رأس الحربة قبل إغلاقها، رئيس تحريرها الأستاذ مجدى أحمد حسين الذى قدم من حياته سنوات وسنوات قضاها فى سجون مبارك.
وكانت المعركة الكبرى هى قضية التطبيع الزراعى التى اشتهرت بـ«قضية الخيانة»، وكانت السبب الرئيسى فى تجميد نشاط الحزب وإغلاق جريدته فى مايو عام 2000، وإن كان النظام قد أبى علينا أن يعطينا هذا الشرف؛ فجاء التجميد والإغلاق بعد معركة الجريدة الخاصة برواية «وليمة لأعشاب البحر».
ورغم تجميد نشاط الحزب وإغلاق جريدته، فإن قيادات وأعضاء وكوادر الحزب رفضوا قرار التجميد وجعلوا من بيوتهم مقارَّ للحزب، وجعلوا من الشوارع والمساجد قاعات للحزب يعقدون فيها مؤتمراتهم وفعالياتهم.
سنعرض هنا الفعاليات السياسية التى نفذها الحزب فى عامين من جملة 34 عاما هى عمر الحزب.. نعرض عامى2002 – 2003، رغم أن نشاط الحزب كان فيهما مجمدا وجريدته مغلقة.
*****
التظاهرات
سنعرض هنا فعاليات نظمتها القوى الوطنية وكان فى القلب منها حزب العمل.
عقب الاجتياح الصهيونى للأراضى الفلسطينية، كان يوم الاثنين الأول من أبريل 2002 يوما للغضب فى القاهرة؛ حين دعت القيادات الوطنية بكل أطيافها السياسية إلى تظاهرة أمام جامعة القاهرة لتتوجه إلى مقر السفارة الصهيونية بالقرب من الجامعة. وبالفعل، تجمعت القيادات السياسية الفاعلة أمام جامعة القاهرة، ونجحت فى إخراج طلاب الجامعة خارج أسوارها ليلتحموا فى أكبر تظاهرة شهدتها مدينة القاهرة منذ العدوان الأمريكى على العراق فى بداية التسعينيات. وتدخلت قوات الأمن لمنع آلاف المتظاهرين من الوصول إلى السفارة الصهيونية، وأطلقت الشرطة قنابل الغاز الخانق ففرّقت جموع الغاضبين المشاركين فى المسيرة. وعبّر المتظاهرون عن غضبهم، وطالبوا الجيوش العربية بالتحرك، ورددوا هتافات ضد الرئيس الأمريكى والإدارة الأمريكية والأنظمة العربية، وطالبوا بطرد السفير الصهيونى من مصر وإغلاق سفارة العدو.
حمل المشاركون فى التظاهرة الأعلام الفلسطينية واللافتات التى تندد بالمذابح التى يرتكبها الجيش الصهيونى فى الأراضى الفلسطينية، وردد المتظاهرون هتافات ضد المطبعين، وطالبوا بإقالة المسئولين المتعاونين مع العدو.
وفشلت قوات الأمن فى فضها حتى السابعة مساء؛ إذ التحم طلاب المدارس -بما فيها المدارس الابتدائية بمنطقة «بين السرايات» الشعبية ومنطقة الدقى المحسوبة على المناطق الراقية- بطلبة الجامعات والقيادات السياسية. ولم توقف القنابل المتظاهرين؛ إذ واصل طلاب جامعة القاهرة الهتاف، واشتبكوا مع القوات التى حاولت الاعتداء عليهم. وانتقلت التظاهرات إلى منطقة «بين السرايات»، وهاجموا مطعم ماكدونالدز الأمريكى ودمروه، ثم توجه بعض الطلاب إلى الدقى؛ حيث التحموا بتلاميذ المدارس فى تظاهرة حاشدة، وحاولوا التوجه إلى ميدان التحرير، إلا أن قوات الأمن اعترضت طريقهم.. لقد كان يوما للغضب لم تشهده القاهرة منذ فترة طويلة.
وفى التوقيت نفسه، خرج مئات الطلبة عنوة من بوابات الجامعة الأمريكية فى قلب القاهرة بمسيرة إلى السفارة الأمريكية؛ للاحتجاج على انحياز أمريكا إلى الكيان الصهيونى، قبل أن تطوقهم قوات الأمن وتمنعهم من التقدم. وكذا فى جامعة الإسكندرية، وفى مدينة الإسماعيلية، تظاهر مئات المحامين داخل مبنى مجمع المحاكم بمشاركة المئات من موظفى المجمع والمواطنين.وفى مدينة العريش، خرج ما يزيد على خمسة آلاف من طلاب المدارس الابتدائية والإعدادية فى تظاهرات طافت شوارع المدينة، وحمل الطلاب الأعلام المصرية والفلسطينية، وطالبوا بالتوجه إلى رفح المصرية لمساندة الفلسطينيين.
واستمرت هذه الفعاليات حتى15 مايو 2002، ذكرى النكبة، فى الجامعات والمساجد وكاتدرائية المسيحيين الأرثوذكس بالقاهرة وفى كافة المدن المصرية.
الثلاثاء 18 يونيو 2002:تظاهر صحفيو وكتاب جريدة «الشعب» أمام المبنى الجديد لنقابة الصحفيين بوسط القاهرة– شارع عبد الخالق ثروت، على هامش الاحتفال بيوم الصحفى؛ احتجاجا على استمرار إغلاق جريدتهم للعام الثانى على التوالى، وهتفوا ضد المتعاونين مع الكيان الصهيونى فى السلطة الذين يحولون دون عودتها بالمخالفة للدستور، رغم صدور 13 حكما قضائيا بعودتها، واستقبلوا بهذه التظاهرة ضيوف النقابة من الصحفيين ووزراء الإعلام العرب الذين حضروا الاحتفال وشرحوا لهم جريمة إغلاق الجريدة، وأظهروا لهم كيف أن الحكومة كسرت 70قلما لا قلما واحدا، إرضاء للكيان الصهيونى والحليف الأمريكى. وارتدى صحفيو الشعب أوشحة سوداء باسم الجريدة، استنكارا لموقف النظام، ورفعوا لافتات أمام باب النقابة تفضح حكومة مصر التى سمحت لجريدة «النبأ» الجنسية بالصدور، وأصرت على منع جريدة «الشعب»من الصدور، ووزعوا بيانا وقّعه رئيس تحرير الجريدة.
السبت 15 فبراير 2003: فى إجازة عيد الأضحى المبارك، دعا حزب العمل إلى سلسلة بشرية تعلن عن غضبها، على كورنيش النيل، أمام فندق «شبرد» بالقاهرة فى مواجهة السفارتين الأمريكية والبريطانية.
الخميس 27/2/2003: أكبر تظاهرة شهدتها مصر طوال العقود السابقة؛ إذ احتشد ما يزيد على مائتى ألف مواطن باستاد القاهرة الرياضى تنديدا بالعدوان الأمريكى المتوقع على العراق. وشارك فى التظاهرة كافة القوى والأحزاب السياسية، إضافة إلى النقابات المهنية والعمالية ولجان دعم الانتفاضة ومناصرة الشعبين الفلسطينى والعراقى.
الجمعة 14 مارس 2003:مسيرة شعبية من عشرين ألف متظاهر تتحرك، عقب صلاة الجمعة، من الجامع الأزهر الشريف إلى حديقة الخالدين بالدرّاسة، أعقبها مؤتمر شعبى مفتوح بتقاطع شارعى الأزهر وصلاح سالم.
الخميس 20 مارس 2003: بدء العدوان الأمريكى الهمجى على العراق، وبعده بساعة أو ساعتين، احتلت جماهير مصر أكبر ميادين القاهرة تنديدا بالعدوان وبتخاذل الحكام العرب. واستمر التظاهر إلى ما بعد منتصف الليل. أحاطت قوات الأمن بحى جاردن سيتى، خاصة الشوارع المحيطة بالسفارتين الأمريكية والبريطانية؛ لمنع وصول الجماهير الغاضبة إليهما. حدثت مصادمات مع الجماهير التى حاولت الوصول إلى السفارتين، خاصة بعد أن شاركهم طلاب الجامعة الأمريكية تظاهراتهم.
الجمعة 21 مارس 2003: عمّ الغضب الشعبى كل مساجد مصر، وفى المقدمة منها الجامع الأزهر الشريف؛ فبعد الصلاة تحرك عشرات الآلاف، وفى مقدمتهم قيادات وكوادر حزب العمل، فى مسيرة حاشدة باتجاه ميدان التحرير. تصدت قوات الأمن للمتظاهرين واستمر الصدام حتى الليل، واعتقلت ما تسمى «قوات مكافحة الشغب» مئات المتظاهرين.
الثلاثاء 20 مايو 2003:الثامنة مساء، نظم حزب العمل مع لجنة الحريات بنقابة الصحفيين -التى كان يرأسها وقتئذ الأستاذ مجدى أحمد حسين- ندوة تحدث فيها شيخ قضاة مصر المستشار يحيى الرفاعى رحمه الله حول «الإصلاح السياسى والقضائى المطلوب لإنقاذ مصر من الانهيار»، أشار فيها إلى الحكم التاريخى الذى فضح ادعاءات النظام وعدم مشروعية هذا النظام القائم على تزوير الانتخابات وإفساد القضاء؛ إذ قضت محكمة النقض ببطلان كل الانتخابات التى شارك فى الإشراف عليها موظفو هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية التابعون للسلطة التنفيذية، واستنكرت المحكمة «عدم الالتزام بالدستور والقانون الذى جعل هذه المهمة مقصورة على القضاة فحسب». وأكد «الرفاعى» إفساد المجلس الأعلى للهيئات القضائية بإقحام غير القضاة ليكون لهم الأغلبية، كما أن استخدام موظفى هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية يعد عدوانا على استقلال القضاء، وأشار إلى أن الدولة التى ترفض تنفيذ الأحكام تفقد مشروعية وجودها، وعليها أن تعلن أنها مستعمرة لا تؤمن بالقرآن ولا تحكم بدستور ولا قانون.
الثلاثاء 3 يونيو 2003: شكلت القوى الوطنية والشعبية والديمقراطية وفدا شعبيا حاشدا توجه إلى مجلس الشعب المصرى لتسليم بيان احتجاج على زيارة مجرم الحرب جورج بوش واجتماعه بالرئيس المصرى.
28 سبتمبر 2003: تظاهرة بميدان التحرير فى الذكرى الثالثة لانتفاضة الأقصى الباسلة.
*****
الجامع الأزهر الشريف وباقى مساجد مصر
دعا أمين عام حزب العمل إلى مؤتمر حاشد لمناصرة الشعوب الإسلامية يُعقد بالجامع الأزهر عقب صلاة الجمعة 8مارس 2002، واستجابت القوى القومية والإسلامية لهذه الدعوة لنصرة انتفاضة تحرير فلسطين السليبة من الكيان الصهيونى الغاصب ومساندة العراق ضد التهديدات الأمريكية التى طالت إيران وأفغانستان أيضا. وامتدت الاستجابة إلى شيخ الأزهر الشيخ سيد طنطاوى -رغم مواقفه المترددة- الذى أعلن موقفا واضحا ضد العدوان الصهيونى، مؤكدا حق الشعب الفلسطينى فى الكفاح والاستشهاد لتحرير أرضه السليبة.
بلغت هذه المؤتمرات والتظاهرات ذروتها فى الأسابيع التالية عقب الاجتياح الصهيونى للأراضى الفلسطينية فى الأول من أبريل 2002.
ومنذ هذا اليوم، لم يتوقف حزب العمل عن حشد أعضائه مع الآلاف من أبناء مصر فى صلاة الجمعة. ورغم إغلاق قوات الأمن شارع الأزهر من ميدان الأوبرا وحتى طريق صلاح سالم بطول ثلاثة كيلومترات لتقليل أعداد المصلين وإرهابهم.. رغم هذا احتشد الآلاف من أبناء مصر فى صلاة الجمعة لحضور المؤتمر الأسبوعى بالجامع الأزهر الشريف والتظاهر فى صحن المسجد؛ إذ تمنع قوات الأمن المدججة بالسلاح الجماهير من الخروج خارج المسجد، كما تمنع العناصر النشطة منهم من دخول المسجد وإرهابهم لعدم المشاركة فى أنشطة الحزب.
وما إن عُقدت هذه المؤتمرات والتظاهرات بساحة الأزهر الشريف، حتى انطلقت فى كافة مساجد مصر، خاصة الكبيرة منها.
واستمرت مؤتمرات وتظاهرات حزب العمل بالجامع الأزهر الشريف أسبوعيا وطوال ست سنوات، حتى أصدر مجلس شعب الحزب الوطنى قانونا يستهدف به حزب العمل بمنع التظاهر فى دور العبادة.
ست سنوات؛ أى ما يزيد عن3012 أسبوعا لم يهدأ فيها حزب العمل فى مواجهة تبعية وفساد واستبداد النظام البائد.
وعلى سبيل المثال؛ فلقد شهد صحن وساحة الجامع الأزهر الشريف، ظهر يوم 26 يوليو، تظاهرة ضخمة بعد صلاة الجمعة نددت بالمذبحة التى ارتكبها السفاحون الصهاينة فى مدينة غزة، والتى نفذها جيش الكيان الصهيونى باستخدام آلة الحرب الأمريكية. وما إن انتهى المصلون من الصلاة حتى ارتفعت الهتافات فى كافة أرجاء المسجد منددة بالتحالف الصهيونى الأمريكى وبالتآمر الدولى ضد فلسطين، ومتوعدة الصهاينة والأمريكان بالانتقام.
حاول شيخ الأزهر تهدئة جموع المصلين فى كلمة له بعد الصلاة، لكن دون جدوى، فلم يصمت المتظاهرون إلا بعد عقد مؤتمرها الحاشد. حاول الأمن منع المؤتمر بإطفاء الأنوار ووقف مراوح الهواء عن العمل. ورغم حرارة الجو وسخونته، ورغم منع الميكرفون عن المتحدثين، استمرت جماهير المصلين ما يزيد عن ساعة بعد الصلاة للاستماع لكلمات المتحدثين التى تخللتها الهتافات.
تحدث أمين عام حزب العمل وبعض القيادات السياسية والإسلامية، ونددوا فى كلماتهم باللقاءات مع المسئولين الصهاينة وبالمباحثات الأمنية مع العدو الصهيونى، وأشاروا إلى ضرورة الجهاد بالنفس والمال وكلمة الحق وإلى ضرورة دعم إخواننا فى فلسطين وعدم موالاة الكافرين.
وفى الجمعة التالية، واصلت جموع المصلين بالأزهر الشريف هتافاتها عقب صلاة الجمعة، معربين عن استنكارهم خطاب بوش وتأييدهم المقاومة الفلسطينية والعمليات الاستشهادية، داعين إلى دعم الجهاد واستخدام سلاح المقاطعة ضد السلع الأمريكية والصهيونية. وفى ظل تلك الهتافات، ألقى الأستاذ مجدى حسين كلمته التى استنكر فيها خطاب بوش وتطاوله على أمتنا وتبنيه الكامل لكل ما يتطلع إليه الصهاينة، واستنكر تدخل بوش فى الشأن الداخلى الفلسطينى والدعوة إلى القضاء على المنظمات الجهادية وتحريض الأنظمة العربية لمراقبة أجهزة الإعلام وإيقاف كل ما يمكن أن يدعم المقاومة، مضيفا أن هذا الخطاب عرّى الوجه الأمريكى، وكشف حقيقته وأكد أن أمريكا لا يمكن أن تكون وسيطا؛ فهى عدو أصيل.
نشرت قناة «سى إن إن»تقريرا مصورا للكاتب والصحفى الصهيونى «توماس فريدمان» من داخل الأزهر الشريف يقول فيه: «أخذت إذنا بدخول الجامع الأزهر وقت صلاة الجمعة، واستمعت فيه لخطبة روحية عظيمة من شيخ الجامع الأزهر. وما إن انتهى شيخ الجامع من خطبته حتى استولى المتطرفون على المسجد، ثم عرض صورة لمؤتمر الحزب داخل المسجد».
طال المقال للمرة الثالثة ولم يكتمل؛ فنستأذنكم فى مقال أو مقالين آخرين.
اللهم اجعل سائر عملنا خالصا لوجهك ولخير هذا الوطن.. والحمد لله من قبل ومن بعد.
توثيقا للتاريخ قبل تزييفه.. حزب الاستقلال (العمل سابقا) وإرهاصات الثورة (2/4)
وأشرنا إلى الوثيقة التى حررها المجاهد مجدى أحمد حسين عام 2002 والدكتور صلاح صادق -رحمه الله، التى تطالب برحيل مبارك، وتشكيل «الجبهة الوطنية للتغيير» مع بدايات 2004 مع كثير من القوى الوطنية، ثم المشاركة فى تأسيس الحركة المصرية من أجل التغيير «كفاية»، ثم انتفاضة القضاة 2006 عقب تزوير انتخابات 2005، وانتفاضة أبريل 2008، وفى القلب منها انتفاضة عمال المحلة الكبرى، ثم الحركات الاحتجاجية التى اجتاحت ربوع مصر ولم تهدأ إلا بانخراطها فى ثورة 25 يناير 2011.
وأشرنا إلى معارك جريدة «الشعب»منذ عام 1981، التى خاضتها ضد التبعية والاستبداد والفساد والظلم الاجتماعى وتضييع الهوية، وكان رأس الحربة قبل إغلاقها، رئيس تحريرها الأستاذ مجدى أحمد حسين الذى قدم من حياته سنوات وسنوات قضاها فى سجون مبارك.
وكانت المعركة الكبرى هى قضية التطبيع الزراعى التى اشتهرت بـ«قضية الخيانة»، وكانت السبب الرئيسى فى تجميد نشاط الحزب وإغلاق جريدته فى مايو عام 2000، وإن كان النظام قد أبى علينا أن يعطينا هذا الشرف؛ فجاء التجميد والإغلاق بعد معركة الجريدة الخاصة برواية «وليمة لأعشاب البحر».
ورغم تجميد نشاط الحزب وإغلاق جريدته، فإن قيادات وأعضاء وكوادر الحزب رفضوا قرار التجميد وجعلوا من بيوتهم مقارَّ للحزب، وجعلوا من الشوارع والمساجد قاعات للحزب يعقدون فيها مؤتمراتهم وفعالياتهم.
سنعرض هنا الفعاليات السياسية التى نفذها الحزب فى عامين من جملة 34 عاما هى عمر الحزب.. نعرض عامى2002 – 2003، رغم أن نشاط الحزب كان فيهما مجمدا وجريدته مغلقة.
*****
التظاهرات
سنعرض هنا فعاليات نظمتها القوى الوطنية وكان فى القلب منها حزب العمل.
عقب الاجتياح الصهيونى للأراضى الفلسطينية، كان يوم الاثنين الأول من أبريل 2002 يوما للغضب فى القاهرة؛ حين دعت القيادات الوطنية بكل أطيافها السياسية إلى تظاهرة أمام جامعة القاهرة لتتوجه إلى مقر السفارة الصهيونية بالقرب من الجامعة. وبالفعل، تجمعت القيادات السياسية الفاعلة أمام جامعة القاهرة، ونجحت فى إخراج طلاب الجامعة خارج أسوارها ليلتحموا فى أكبر تظاهرة شهدتها مدينة القاهرة منذ العدوان الأمريكى على العراق فى بداية التسعينيات. وتدخلت قوات الأمن لمنع آلاف المتظاهرين من الوصول إلى السفارة الصهيونية، وأطلقت الشرطة قنابل الغاز الخانق ففرّقت جموع الغاضبين المشاركين فى المسيرة. وعبّر المتظاهرون عن غضبهم، وطالبوا الجيوش العربية بالتحرك، ورددوا هتافات ضد الرئيس الأمريكى والإدارة الأمريكية والأنظمة العربية، وطالبوا بطرد السفير الصهيونى من مصر وإغلاق سفارة العدو.
حمل المشاركون فى التظاهرة الأعلام الفلسطينية واللافتات التى تندد بالمذابح التى يرتكبها الجيش الصهيونى فى الأراضى الفلسطينية، وردد المتظاهرون هتافات ضد المطبعين، وطالبوا بإقالة المسئولين المتعاونين مع العدو.
وفشلت قوات الأمن فى فضها حتى السابعة مساء؛ إذ التحم طلاب المدارس -بما فيها المدارس الابتدائية بمنطقة «بين السرايات» الشعبية ومنطقة الدقى المحسوبة على المناطق الراقية- بطلبة الجامعات والقيادات السياسية. ولم توقف القنابل المتظاهرين؛ إذ واصل طلاب جامعة القاهرة الهتاف، واشتبكوا مع القوات التى حاولت الاعتداء عليهم. وانتقلت التظاهرات إلى منطقة «بين السرايات»، وهاجموا مطعم ماكدونالدز الأمريكى ودمروه، ثم توجه بعض الطلاب إلى الدقى؛ حيث التحموا بتلاميذ المدارس فى تظاهرة حاشدة، وحاولوا التوجه إلى ميدان التحرير، إلا أن قوات الأمن اعترضت طريقهم.. لقد كان يوما للغضب لم تشهده القاهرة منذ فترة طويلة.
وفى التوقيت نفسه، خرج مئات الطلبة عنوة من بوابات الجامعة الأمريكية فى قلب القاهرة بمسيرة إلى السفارة الأمريكية؛ للاحتجاج على انحياز أمريكا إلى الكيان الصهيونى، قبل أن تطوقهم قوات الأمن وتمنعهم من التقدم. وكذا فى جامعة الإسكندرية، وفى مدينة الإسماعيلية، تظاهر مئات المحامين داخل مبنى مجمع المحاكم بمشاركة المئات من موظفى المجمع والمواطنين.وفى مدينة العريش، خرج ما يزيد على خمسة آلاف من طلاب المدارس الابتدائية والإعدادية فى تظاهرات طافت شوارع المدينة، وحمل الطلاب الأعلام المصرية والفلسطينية، وطالبوا بالتوجه إلى رفح المصرية لمساندة الفلسطينيين.
واستمرت هذه الفعاليات حتى15 مايو 2002، ذكرى النكبة، فى الجامعات والمساجد وكاتدرائية المسيحيين الأرثوذكس بالقاهرة وفى كافة المدن المصرية.
الثلاثاء 18 يونيو 2002:تظاهر صحفيو وكتاب جريدة «الشعب» أمام المبنى الجديد لنقابة الصحفيين بوسط القاهرة– شارع عبد الخالق ثروت، على هامش الاحتفال بيوم الصحفى؛ احتجاجا على استمرار إغلاق جريدتهم للعام الثانى على التوالى، وهتفوا ضد المتعاونين مع الكيان الصهيونى فى السلطة الذين يحولون دون عودتها بالمخالفة للدستور، رغم صدور 13 حكما قضائيا بعودتها، واستقبلوا بهذه التظاهرة ضيوف النقابة من الصحفيين ووزراء الإعلام العرب الذين حضروا الاحتفال وشرحوا لهم جريمة إغلاق الجريدة، وأظهروا لهم كيف أن الحكومة كسرت 70قلما لا قلما واحدا، إرضاء للكيان الصهيونى والحليف الأمريكى. وارتدى صحفيو الشعب أوشحة سوداء باسم الجريدة، استنكارا لموقف النظام، ورفعوا لافتات أمام باب النقابة تفضح حكومة مصر التى سمحت لجريدة «النبأ» الجنسية بالصدور، وأصرت على منع جريدة «الشعب»من الصدور، ووزعوا بيانا وقّعه رئيس تحرير الجريدة.
السبت 15 فبراير 2003: فى إجازة عيد الأضحى المبارك، دعا حزب العمل إلى سلسلة بشرية تعلن عن غضبها، على كورنيش النيل، أمام فندق «شبرد» بالقاهرة فى مواجهة السفارتين الأمريكية والبريطانية.
الخميس 27/2/2003: أكبر تظاهرة شهدتها مصر طوال العقود السابقة؛ إذ احتشد ما يزيد على مائتى ألف مواطن باستاد القاهرة الرياضى تنديدا بالعدوان الأمريكى المتوقع على العراق. وشارك فى التظاهرة كافة القوى والأحزاب السياسية، إضافة إلى النقابات المهنية والعمالية ولجان دعم الانتفاضة ومناصرة الشعبين الفلسطينى والعراقى.
الجمعة 14 مارس 2003:مسيرة شعبية من عشرين ألف متظاهر تتحرك، عقب صلاة الجمعة، من الجامع الأزهر الشريف إلى حديقة الخالدين بالدرّاسة، أعقبها مؤتمر شعبى مفتوح بتقاطع شارعى الأزهر وصلاح سالم.
الخميس 20 مارس 2003: بدء العدوان الأمريكى الهمجى على العراق، وبعده بساعة أو ساعتين، احتلت جماهير مصر أكبر ميادين القاهرة تنديدا بالعدوان وبتخاذل الحكام العرب. واستمر التظاهر إلى ما بعد منتصف الليل. أحاطت قوات الأمن بحى جاردن سيتى، خاصة الشوارع المحيطة بالسفارتين الأمريكية والبريطانية؛ لمنع وصول الجماهير الغاضبة إليهما. حدثت مصادمات مع الجماهير التى حاولت الوصول إلى السفارتين، خاصة بعد أن شاركهم طلاب الجامعة الأمريكية تظاهراتهم.
الجمعة 21 مارس 2003: عمّ الغضب الشعبى كل مساجد مصر، وفى المقدمة منها الجامع الأزهر الشريف؛ فبعد الصلاة تحرك عشرات الآلاف، وفى مقدمتهم قيادات وكوادر حزب العمل، فى مسيرة حاشدة باتجاه ميدان التحرير. تصدت قوات الأمن للمتظاهرين واستمر الصدام حتى الليل، واعتقلت ما تسمى «قوات مكافحة الشغب» مئات المتظاهرين.
الثلاثاء 20 مايو 2003:الثامنة مساء، نظم حزب العمل مع لجنة الحريات بنقابة الصحفيين -التى كان يرأسها وقتئذ الأستاذ مجدى أحمد حسين- ندوة تحدث فيها شيخ قضاة مصر المستشار يحيى الرفاعى رحمه الله حول «الإصلاح السياسى والقضائى المطلوب لإنقاذ مصر من الانهيار»، أشار فيها إلى الحكم التاريخى الذى فضح ادعاءات النظام وعدم مشروعية هذا النظام القائم على تزوير الانتخابات وإفساد القضاء؛ إذ قضت محكمة النقض ببطلان كل الانتخابات التى شارك فى الإشراف عليها موظفو هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية التابعون للسلطة التنفيذية، واستنكرت المحكمة «عدم الالتزام بالدستور والقانون الذى جعل هذه المهمة مقصورة على القضاة فحسب». وأكد «الرفاعى» إفساد المجلس الأعلى للهيئات القضائية بإقحام غير القضاة ليكون لهم الأغلبية، كما أن استخدام موظفى هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية يعد عدوانا على استقلال القضاء، وأشار إلى أن الدولة التى ترفض تنفيذ الأحكام تفقد مشروعية وجودها، وعليها أن تعلن أنها مستعمرة لا تؤمن بالقرآن ولا تحكم بدستور ولا قانون.
الثلاثاء 3 يونيو 2003: شكلت القوى الوطنية والشعبية والديمقراطية وفدا شعبيا حاشدا توجه إلى مجلس الشعب المصرى لتسليم بيان احتجاج على زيارة مجرم الحرب جورج بوش واجتماعه بالرئيس المصرى.
28 سبتمبر 2003: تظاهرة بميدان التحرير فى الذكرى الثالثة لانتفاضة الأقصى الباسلة.
*****
الجامع الأزهر الشريف وباقى مساجد مصر
دعا أمين عام حزب العمل إلى مؤتمر حاشد لمناصرة الشعوب الإسلامية يُعقد بالجامع الأزهر عقب صلاة الجمعة 8مارس 2002، واستجابت القوى القومية والإسلامية لهذه الدعوة لنصرة انتفاضة تحرير فلسطين السليبة من الكيان الصهيونى الغاصب ومساندة العراق ضد التهديدات الأمريكية التى طالت إيران وأفغانستان أيضا. وامتدت الاستجابة إلى شيخ الأزهر الشيخ سيد طنطاوى -رغم مواقفه المترددة- الذى أعلن موقفا واضحا ضد العدوان الصهيونى، مؤكدا حق الشعب الفلسطينى فى الكفاح والاستشهاد لتحرير أرضه السليبة.
بلغت هذه المؤتمرات والتظاهرات ذروتها فى الأسابيع التالية عقب الاجتياح الصهيونى للأراضى الفلسطينية فى الأول من أبريل 2002.
ومنذ هذا اليوم، لم يتوقف حزب العمل عن حشد أعضائه مع الآلاف من أبناء مصر فى صلاة الجمعة. ورغم إغلاق قوات الأمن شارع الأزهر من ميدان الأوبرا وحتى طريق صلاح سالم بطول ثلاثة كيلومترات لتقليل أعداد المصلين وإرهابهم.. رغم هذا احتشد الآلاف من أبناء مصر فى صلاة الجمعة لحضور المؤتمر الأسبوعى بالجامع الأزهر الشريف والتظاهر فى صحن المسجد؛ إذ تمنع قوات الأمن المدججة بالسلاح الجماهير من الخروج خارج المسجد، كما تمنع العناصر النشطة منهم من دخول المسجد وإرهابهم لعدم المشاركة فى أنشطة الحزب.
وما إن عُقدت هذه المؤتمرات والتظاهرات بساحة الأزهر الشريف، حتى انطلقت فى كافة مساجد مصر، خاصة الكبيرة منها.
واستمرت مؤتمرات وتظاهرات حزب العمل بالجامع الأزهر الشريف أسبوعيا وطوال ست سنوات، حتى أصدر مجلس شعب الحزب الوطنى قانونا يستهدف به حزب العمل بمنع التظاهر فى دور العبادة.
ست سنوات؛ أى ما يزيد عن3012 أسبوعا لم يهدأ فيها حزب العمل فى مواجهة تبعية وفساد واستبداد النظام البائد.
وعلى سبيل المثال؛ فلقد شهد صحن وساحة الجامع الأزهر الشريف، ظهر يوم 26 يوليو، تظاهرة ضخمة بعد صلاة الجمعة نددت بالمذبحة التى ارتكبها السفاحون الصهاينة فى مدينة غزة، والتى نفذها جيش الكيان الصهيونى باستخدام آلة الحرب الأمريكية. وما إن انتهى المصلون من الصلاة حتى ارتفعت الهتافات فى كافة أرجاء المسجد منددة بالتحالف الصهيونى الأمريكى وبالتآمر الدولى ضد فلسطين، ومتوعدة الصهاينة والأمريكان بالانتقام.
حاول شيخ الأزهر تهدئة جموع المصلين فى كلمة له بعد الصلاة، لكن دون جدوى، فلم يصمت المتظاهرون إلا بعد عقد مؤتمرها الحاشد. حاول الأمن منع المؤتمر بإطفاء الأنوار ووقف مراوح الهواء عن العمل. ورغم حرارة الجو وسخونته، ورغم منع الميكرفون عن المتحدثين، استمرت جماهير المصلين ما يزيد عن ساعة بعد الصلاة للاستماع لكلمات المتحدثين التى تخللتها الهتافات.
تحدث أمين عام حزب العمل وبعض القيادات السياسية والإسلامية، ونددوا فى كلماتهم باللقاءات مع المسئولين الصهاينة وبالمباحثات الأمنية مع العدو الصهيونى، وأشاروا إلى ضرورة الجهاد بالنفس والمال وكلمة الحق وإلى ضرورة دعم إخواننا فى فلسطين وعدم موالاة الكافرين.
وفى الجمعة التالية، واصلت جموع المصلين بالأزهر الشريف هتافاتها عقب صلاة الجمعة، معربين عن استنكارهم خطاب بوش وتأييدهم المقاومة الفلسطينية والعمليات الاستشهادية، داعين إلى دعم الجهاد واستخدام سلاح المقاطعة ضد السلع الأمريكية والصهيونية. وفى ظل تلك الهتافات، ألقى الأستاذ مجدى حسين كلمته التى استنكر فيها خطاب بوش وتطاوله على أمتنا وتبنيه الكامل لكل ما يتطلع إليه الصهاينة، واستنكر تدخل بوش فى الشأن الداخلى الفلسطينى والدعوة إلى القضاء على المنظمات الجهادية وتحريض الأنظمة العربية لمراقبة أجهزة الإعلام وإيقاف كل ما يمكن أن يدعم المقاومة، مضيفا أن هذا الخطاب عرّى الوجه الأمريكى، وكشف حقيقته وأكد أن أمريكا لا يمكن أن تكون وسيطا؛ فهى عدو أصيل.
نشرت قناة «سى إن إن»تقريرا مصورا للكاتب والصحفى الصهيونى «توماس فريدمان» من داخل الأزهر الشريف يقول فيه: «أخذت إذنا بدخول الجامع الأزهر وقت صلاة الجمعة، واستمعت فيه لخطبة روحية عظيمة من شيخ الجامع الأزهر. وما إن انتهى شيخ الجامع من خطبته حتى استولى المتطرفون على المسجد، ثم عرض صورة لمؤتمر الحزب داخل المسجد».
طال المقال للمرة الثالثة ولم يكتمل؛ فنستأذنكم فى مقال أو مقالين آخرين.
اللهم اجعل سائر عملنا خالصا لوجهك ولخير هذا الوطن.. والحمد لله من قبل ومن بعد.
توثيقا للتاريخ قبل تزييفه.. حزب الاستقلال (العمل سابقا) وإرهاصات الثورة (2/4)
تعرضنا فى مقالنا السابق إلى إرهاصات ثورة 25 يناير المباركة وأشرنا إلى إن هذه الثورة كانت امتدادا لنضال سنوات طويلة تزيد على الثلاثة عقود، توجت بنضال شامل ومتواصل فى السنوات السبع الأخيرة بعد سقوط مبارك أثناء إلقاء خطاب العرش أمام مجلسى الشعب والشورى فى نوفمبر 2003.
وأشرنا إلى الوثيقة التى حررها المجاهد مجدى أحمد حسين عام 2002 والمغفور له بإذنه الأستاذ الدكتور صلاح صادق -محامى الشعب والفقراء- والتى تطالب برحيل مبارك، وتشكيل "الجبهة الوطنية للتغيير" مع بدايات 2004 مع الكثير من القوى الوطنية ثم المشاركة فى تأسيس الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) ثم انتفاضة القضاة 2006 عقب تزوير انتخابات 2005 وانتفاضة إبريل 2008 وفى القلب منها انتفاضة عمال المحلة الكبرى ثم الحركات الاحتجاجية التى اجتاحت ربوع مصر ولم تهدأ إلا بانخراطها فى ثورة 25 يناير 2011.
وأشرنا إلى معارك جريدة الشعب منذ عام 1981 والتى خاضتها ضد التبعية والاستبداد والفساد والظلم الاجتماعى وتضييع الهوية والتى تصاعدت عام 1986 بكتيبتها المجاهدة التى تقدمها الأستاذ عادل حسين -رحمه الله- وكان رأس الحربة رئيس تحريرها - قبل إغلاقها - الأستاذ مجدى أحمد حسين والذى قدم من حياته سنوات وسنوات قضاها فى سجون مبارك.
وعرضنا نماذج لبيانات حزب العمل ومقالات أمينه العام فى الفترة من فبراير 2002 حتى سبتمبر 2003 قبل سقوط مبارك فى مجلس الشعب فى نوفمبر 2003 وقبل أن يبدأ تفكير أى من القوى السياسية فى إقالته أو تنحيته أو حتى عدم التمديد له. ولنتابع كتابات مجدى حسين أمين عام الحزب -وقتها- بعد هذا التاريخ.
Black diamond (cards) لماذا لا يصدق الناس مبارك فى موضوع التوريث؟ - ثلاث ضمانات رئيسية حتى يمكن إغلاق هذا الملف الأسود. (إعفاء جمال مبارك من مسئولية لجنة السياسات بالحزب الوطنى. - تعيين نائب لرئيس الجمهورية من غير أفراد الأسرة الحاكمة - أن يعلن صراحة أنه سيعتزل السياسة بعد هذه الدورة التى تنتهى فى أكتوبر 2005)، وأن يفتح باب الترشيح مبكرًا بين أكثر من مرشح للانتخاب الحر المباشر على موقع رئاسة الجمهورية. - أن يعلن اعتزال أسرته (وعلى رأسهم "السيدة سوزان ثابت، وعلاء وجمال") العمل العام من الآن.- 9 يناير 2004 ( تم هذا قبل تعديل المادة 76 بجعل منصب رئيس الجمهورية بالانتخاب بديلا عن الاستفتاء بستة عشر شهرا وقبل أحد عشر شهرا من تظاهرة كفاية)
Black diamond (cards) إعفاء مبارك من منصبه أصبح واجبًا وطنيًّا ودستوريًّا - 4 مواد بالدستور تنظم وتحتم تعيين نائب للرئيس. - ترك البلاد فى حالة فراغ دستورى يعكس انعدام الإحساس بالمسئولية تجاه مصر وشعبها. - إدخال البلاد فى حالة من الارتباك لإحياء فكرة توريث الحكم، ولن تسمح الأمة بهذا العبث. - سينتهى حكم مبارك وستعود مصر سيرتها الأولى زعيمة العروبة ومنارة الإسلام.- 25 فبراير 2004
ونراجع بعض بيانات حزب العمل خلال الفترة من 2001 وحتى 2006 والتى عاصرت انتفاضة الأقصى المباركة فى أكتوبر 2000 - العدوان الأمريكى على العراق - انتخابات الرئاسة 2005 - انتفاضة القضاة 2006.
¨ نداء.. من أجل إعداد مصر لمواجهة التهديدات الإسرائيلية والأمريكية - مقاومة ودحر الحملة الصليبية واجب شرعى وقومى ووطنى - 15 أكتوبر 2001
¨ انكسرت موجة الهجوم الأمريكى الصهيوني لكن لنحذر المؤامرات - هجوم القوى المجاهدة يحقق الانتصارات والحكومات مطالبة بتوحيد مواقفها - 15 فبراير 2002
¨ بيان إلى الأمة - العمليات الاستشهادية أعلى مراتب الجهاد - 5 يوليو 2002 - وقّع عليه ما يزيد على الثلاثين من علماء الأمة وتم تلاوته بالجامع الأزهر الشريف فى الجمعة التالية له وتحت حصار الأمن لقيادات الحزب.
¨ إقالة والى ومحاكمته ومواجهة المخططات الأمريكية – الصهيونية لتقسيم السودان، وإبادة شعب العراق، وتهجير الشعب الفلسطينى قضايا لم تعد تحتمل الصمت أو التأجيل أو المماطلة ومصداقية النظام على المحك! - 8 سبتمبر 2002
¨ التاريخ لن يرحم أحدا يصمت أو يضعف فى مواجهة العدوان الصهيونى الأمريكى الراهن والقادم ضد العراق و فلسطين - 10 يناير 2003
¨ التراجع الأمريكى وتعدد الأقطاب فى العالم بات حقيقة - 14 مارس 2003
¨ إلى طلاب مصر.. اخرجوا فى مسيرات جماعية وتحركوا لإغلاق سفارة الشيطان الأمريكى - البيان الأول 20 مارس 2003 - إبان العدوان الأمريكى على العراق.
¨ اليوم المسيرات من كل المساجد إلى ميدان التحرير - مواصلة حصار سفارة الشيطان الأمريكى بدءا من الساعة الثانية ظهرا - البيان الثانى 20 مارس 2003 - احتشد لأول مرة ما يزيد على العشرين ألف مصرى دعما للعراق فى ميدان التحرير وتحركت مسيرة الحزب من الجامع الأزهر الشريف حتى ميدان التحرير فى الوقت الذى رفضت فيه بعض القوى التحرك من الأزهر للميدان.
¨ الحكومة المصرية مطالبة بإطلاق الحريات أمام الشعب لمساندة العراق وفلسطين.. واعتقال المصريين تطور خطير - 21 مارس 2003
¨ نطالب بوقف أى تسهيلات لقوات العدوان وإغلاق قناة السويس أمام سفن العدو وفك الحصار حول العراق فورا وفتح الباب للمتطوعين للذهاب الى العراق وفلسطين- 4 إبريل 2003
¨ نطالب بانتخاب رئيس الجمهورية انتخابا حرا مباشرا بين أكثر من مرشح يتنافسون على مرضاة الأمة من خلال برامج انتخابية ملزمة - 29 نوفمبر 2003 ثم كان بيان حزب العمل الذى صدر خلال تلك الفترة رافضا لرئاسة مبارك وكان بذلك حزب العمل أول حزب يدعو لإنهاء حكم مبارك – وفرق كبير بين رفض التمديد والمطالبة بإنهاء حكمه - وكذلك فإن معظم ما جاء فى هذا البيان أصبح برنامجًا للهبة الشعبية التى بدأت فى 12/12/2004، تحت شعار "لا للتمديد... لا للتوريث". والذى نص على ما يلى:
1. رحيل مبارك والأسرة الحاكمة من الحكم.
2. دورتان بحد أقصى لأى رئيس جمهورية.
3. إلغاء حالة الطوارئ والإفراج عن كافة المعتقلين.
4. إلغاء التعديل المزور للمادة 76 من الدستور، وإعادة صياغتها بما يسمح لكافة القوى السياسية بالترشيح للرئاسة.
5. إقرار قانون السلطة القضائية، والإشراف القضائى الكامل على الانتخابات.
6. إطلاق حرية تشكيل الأحزاب وإصدار الصحف.
¨ غابت الدولة وملأ فراغها إما فاسد أو عاجز أو مغتصب للسلطة - 30 إبريل 2006
¨ ارفعوا أيديكم عن القضاة - حرية الشعب رهن باستقلال القضاء - 17 نوفمبر 2006
¨ أكذوبة العهد الذى لم يقصف فيه قلم - استمرار إغلاق جريدة الشعب وقصف مائة قلم لست سنوات - نموذج صارخ للعدوان على القضاء والحريات - 25 فبراير 2006
*****
ولم يقتصر نشاط حزب العمل وكوادره على النقاش وإصدار البيانات بل نزلوا بها إلى الشارع والمقار والمساجد، وشهد الجامع الأزهر مؤتمرا أسبوعيا لقيادات الحزب - طوال ست سنوات من أول إبريل 2002 تاريخ الاجتياح الصهيونى للأراضى الفلسطينية وحتى مايو 2008 بعد صدور قانون خاص من مجلس الشعب المزور بمنع التظاهر فى دور العبادة - يشد على يد الأمة ويحذر من الأخطار التى تتهددها ومن السكوت على الاستبداد والفساد وشهد بهذه المؤتمرات العدو قبل الصديق.
وعلى صعيد مقاومة حكم الاستبداد والطغيان قام الحزب بجمع توقيعات جماهيرية مطالبة بإنهاء حكم مبارك، تجاوزت الخمسين ألف توقيع، وكان يتم تظاهرات أمام مجلس الشعب برفض حكم مبارك تحت شعار "لا لمبارك" وتسليم التوقيعات دوريًّا لمجلس الشعب فى الفترة من يوليو 2003 وحتى يوليو 2004 حين قامت الشرطة بمحاصرة المجلس ومنعتنا من تسليم المزيد من التوقيعات.
وأشير هنا إلى حوار سجله أخى العزيز شوقى رجب دار بينه وبين أحد شباب حركة كفاية فى إحدى التظاهرات عندما سأله شوقى: هل تذكر أول مره سمعت فيها هتافا ضد مبارك فأومأ برأسه مؤكدا (نعم أذكر، إن أول هتاف سمعته بسقوط مبارك كان من أعضاء حزب العمل أثناء استجواب مجدى حسين فى البلاغ المقدم ضده من يوسف والى عام 2000 (فسأله شوقى: هل تذكر ما قلته وقتها فقال (نعم أتذكر كنت أعجب كيف تملكون هذه الجرأة فى الهتاف بسقوط مبارك وتذكرت أيضا أول هتاف أسمعه قبل هذا اليوم ينادى بسقوط مبارك؛ كان هذا الهتاف فى المؤتمر الصحفى الذى عقد فى مقر السيدة زينب فى مايو 2000).. ولكننى أضيف هنا أن من أوائل المنادين بسقوط مبارك كان المجاهد الدكتور محمد زارع أمين عام مساعد الحزب وأحد قياداته فى مدينة ميت غمر عام 2002 عقب لقاء حضره الدكتور سعد الدين إبراهيم والمهندس محمد فريد حسنين عندما هتف "يسقط يسقط حسنى مبارك"، كما أذكر هنا آخر حكم فى قضايا حزب العمل ضد تجميد نشاطه وعقب صدور الحكم من المحكمة الإدارية العليا بتحويل قضايا الحزب إلى -ثلاجة- المحكمة الدستورية فانتفض أعضاء وقيادات الحزب هاتفين بسقوط مبارك وعائلته ونظامه فى طرقات وبهو المحكمة الإدارية العليا. وأتذكر هنا بدايات "كفاية" ووقفتها الصامتة الأولى ووضع شعار كفاية على الأفواه، وكسر الأستاذ مجدى حسين لجدار الصمت بالصلاة ثم الدعاء، كما أذكر هنا كيف كان يعاتب المهندس كمال خليل من قيادات كفاية عندما كان يهتف بسقوط مبارك عام 2005.
وأشرنا إلى الوثيقة التى حررها المجاهد مجدى أحمد حسين عام 2002 والمغفور له بإذنه الأستاذ الدكتور صلاح صادق -محامى الشعب والفقراء- والتى تطالب برحيل مبارك، وتشكيل "الجبهة الوطنية للتغيير" مع بدايات 2004 مع الكثير من القوى الوطنية ثم المشاركة فى تأسيس الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) ثم انتفاضة القضاة 2006 عقب تزوير انتخابات 2005 وانتفاضة إبريل 2008 وفى القلب منها انتفاضة عمال المحلة الكبرى ثم الحركات الاحتجاجية التى اجتاحت ربوع مصر ولم تهدأ إلا بانخراطها فى ثورة 25 يناير 2011.
وأشرنا إلى معارك جريدة الشعب منذ عام 1981 والتى خاضتها ضد التبعية والاستبداد والفساد والظلم الاجتماعى وتضييع الهوية والتى تصاعدت عام 1986 بكتيبتها المجاهدة التى تقدمها الأستاذ عادل حسين -رحمه الله- وكان رأس الحربة رئيس تحريرها - قبل إغلاقها - الأستاذ مجدى أحمد حسين والذى قدم من حياته سنوات وسنوات قضاها فى سجون مبارك.
وعرضنا نماذج لبيانات حزب العمل ومقالات أمينه العام فى الفترة من فبراير 2002 حتى سبتمبر 2003 قبل سقوط مبارك فى مجلس الشعب فى نوفمبر 2003 وقبل أن يبدأ تفكير أى من القوى السياسية فى إقالته أو تنحيته أو حتى عدم التمديد له. ولنتابع كتابات مجدى حسين أمين عام الحزب -وقتها- بعد هذا التاريخ.
Black diamond (cards) لماذا لا يصدق الناس مبارك فى موضوع التوريث؟ - ثلاث ضمانات رئيسية حتى يمكن إغلاق هذا الملف الأسود. (إعفاء جمال مبارك من مسئولية لجنة السياسات بالحزب الوطنى. - تعيين نائب لرئيس الجمهورية من غير أفراد الأسرة الحاكمة - أن يعلن صراحة أنه سيعتزل السياسة بعد هذه الدورة التى تنتهى فى أكتوبر 2005)، وأن يفتح باب الترشيح مبكرًا بين أكثر من مرشح للانتخاب الحر المباشر على موقع رئاسة الجمهورية. - أن يعلن اعتزال أسرته (وعلى رأسهم "السيدة سوزان ثابت، وعلاء وجمال") العمل العام من الآن.- 9 يناير 2004 ( تم هذا قبل تعديل المادة 76 بجعل منصب رئيس الجمهورية بالانتخاب بديلا عن الاستفتاء بستة عشر شهرا وقبل أحد عشر شهرا من تظاهرة كفاية)
Black diamond (cards) إعفاء مبارك من منصبه أصبح واجبًا وطنيًّا ودستوريًّا - 4 مواد بالدستور تنظم وتحتم تعيين نائب للرئيس. - ترك البلاد فى حالة فراغ دستورى يعكس انعدام الإحساس بالمسئولية تجاه مصر وشعبها. - إدخال البلاد فى حالة من الارتباك لإحياء فكرة توريث الحكم، ولن تسمح الأمة بهذا العبث. - سينتهى حكم مبارك وستعود مصر سيرتها الأولى زعيمة العروبة ومنارة الإسلام.- 25 فبراير 2004
ونراجع بعض بيانات حزب العمل خلال الفترة من 2001 وحتى 2006 والتى عاصرت انتفاضة الأقصى المباركة فى أكتوبر 2000 - العدوان الأمريكى على العراق - انتخابات الرئاسة 2005 - انتفاضة القضاة 2006.
¨ نداء.. من أجل إعداد مصر لمواجهة التهديدات الإسرائيلية والأمريكية - مقاومة ودحر الحملة الصليبية واجب شرعى وقومى ووطنى - 15 أكتوبر 2001
¨ انكسرت موجة الهجوم الأمريكى الصهيوني لكن لنحذر المؤامرات - هجوم القوى المجاهدة يحقق الانتصارات والحكومات مطالبة بتوحيد مواقفها - 15 فبراير 2002
¨ بيان إلى الأمة - العمليات الاستشهادية أعلى مراتب الجهاد - 5 يوليو 2002 - وقّع عليه ما يزيد على الثلاثين من علماء الأمة وتم تلاوته بالجامع الأزهر الشريف فى الجمعة التالية له وتحت حصار الأمن لقيادات الحزب.
¨ إقالة والى ومحاكمته ومواجهة المخططات الأمريكية – الصهيونية لتقسيم السودان، وإبادة شعب العراق، وتهجير الشعب الفلسطينى قضايا لم تعد تحتمل الصمت أو التأجيل أو المماطلة ومصداقية النظام على المحك! - 8 سبتمبر 2002
¨ التاريخ لن يرحم أحدا يصمت أو يضعف فى مواجهة العدوان الصهيونى الأمريكى الراهن والقادم ضد العراق و فلسطين - 10 يناير 2003
¨ التراجع الأمريكى وتعدد الأقطاب فى العالم بات حقيقة - 14 مارس 2003
¨ إلى طلاب مصر.. اخرجوا فى مسيرات جماعية وتحركوا لإغلاق سفارة الشيطان الأمريكى - البيان الأول 20 مارس 2003 - إبان العدوان الأمريكى على العراق.
¨ اليوم المسيرات من كل المساجد إلى ميدان التحرير - مواصلة حصار سفارة الشيطان الأمريكى بدءا من الساعة الثانية ظهرا - البيان الثانى 20 مارس 2003 - احتشد لأول مرة ما يزيد على العشرين ألف مصرى دعما للعراق فى ميدان التحرير وتحركت مسيرة الحزب من الجامع الأزهر الشريف حتى ميدان التحرير فى الوقت الذى رفضت فيه بعض القوى التحرك من الأزهر للميدان.
¨ الحكومة المصرية مطالبة بإطلاق الحريات أمام الشعب لمساندة العراق وفلسطين.. واعتقال المصريين تطور خطير - 21 مارس 2003
¨ نطالب بوقف أى تسهيلات لقوات العدوان وإغلاق قناة السويس أمام سفن العدو وفك الحصار حول العراق فورا وفتح الباب للمتطوعين للذهاب الى العراق وفلسطين- 4 إبريل 2003
¨ نطالب بانتخاب رئيس الجمهورية انتخابا حرا مباشرا بين أكثر من مرشح يتنافسون على مرضاة الأمة من خلال برامج انتخابية ملزمة - 29 نوفمبر 2003 ثم كان بيان حزب العمل الذى صدر خلال تلك الفترة رافضا لرئاسة مبارك وكان بذلك حزب العمل أول حزب يدعو لإنهاء حكم مبارك – وفرق كبير بين رفض التمديد والمطالبة بإنهاء حكمه - وكذلك فإن معظم ما جاء فى هذا البيان أصبح برنامجًا للهبة الشعبية التى بدأت فى 12/12/2004، تحت شعار "لا للتمديد... لا للتوريث". والذى نص على ما يلى:
1. رحيل مبارك والأسرة الحاكمة من الحكم.
2. دورتان بحد أقصى لأى رئيس جمهورية.
3. إلغاء حالة الطوارئ والإفراج عن كافة المعتقلين.
4. إلغاء التعديل المزور للمادة 76 من الدستور، وإعادة صياغتها بما يسمح لكافة القوى السياسية بالترشيح للرئاسة.
5. إقرار قانون السلطة القضائية، والإشراف القضائى الكامل على الانتخابات.
6. إطلاق حرية تشكيل الأحزاب وإصدار الصحف.
¨ غابت الدولة وملأ فراغها إما فاسد أو عاجز أو مغتصب للسلطة - 30 إبريل 2006
¨ ارفعوا أيديكم عن القضاة - حرية الشعب رهن باستقلال القضاء - 17 نوفمبر 2006
¨ أكذوبة العهد الذى لم يقصف فيه قلم - استمرار إغلاق جريدة الشعب وقصف مائة قلم لست سنوات - نموذج صارخ للعدوان على القضاء والحريات - 25 فبراير 2006
*****
ولم يقتصر نشاط حزب العمل وكوادره على النقاش وإصدار البيانات بل نزلوا بها إلى الشارع والمقار والمساجد، وشهد الجامع الأزهر مؤتمرا أسبوعيا لقيادات الحزب - طوال ست سنوات من أول إبريل 2002 تاريخ الاجتياح الصهيونى للأراضى الفلسطينية وحتى مايو 2008 بعد صدور قانون خاص من مجلس الشعب المزور بمنع التظاهر فى دور العبادة - يشد على يد الأمة ويحذر من الأخطار التى تتهددها ومن السكوت على الاستبداد والفساد وشهد بهذه المؤتمرات العدو قبل الصديق.
وعلى صعيد مقاومة حكم الاستبداد والطغيان قام الحزب بجمع توقيعات جماهيرية مطالبة بإنهاء حكم مبارك، تجاوزت الخمسين ألف توقيع، وكان يتم تظاهرات أمام مجلس الشعب برفض حكم مبارك تحت شعار "لا لمبارك" وتسليم التوقيعات دوريًّا لمجلس الشعب فى الفترة من يوليو 2003 وحتى يوليو 2004 حين قامت الشرطة بمحاصرة المجلس ومنعتنا من تسليم المزيد من التوقيعات.
وأشير هنا إلى حوار سجله أخى العزيز شوقى رجب دار بينه وبين أحد شباب حركة كفاية فى إحدى التظاهرات عندما سأله شوقى: هل تذكر أول مره سمعت فيها هتافا ضد مبارك فأومأ برأسه مؤكدا (نعم أذكر، إن أول هتاف سمعته بسقوط مبارك كان من أعضاء حزب العمل أثناء استجواب مجدى حسين فى البلاغ المقدم ضده من يوسف والى عام 2000 (فسأله شوقى: هل تذكر ما قلته وقتها فقال (نعم أتذكر كنت أعجب كيف تملكون هذه الجرأة فى الهتاف بسقوط مبارك وتذكرت أيضا أول هتاف أسمعه قبل هذا اليوم ينادى بسقوط مبارك؛ كان هذا الهتاف فى المؤتمر الصحفى الذى عقد فى مقر السيدة زينب فى مايو 2000).. ولكننى أضيف هنا أن من أوائل المنادين بسقوط مبارك كان المجاهد الدكتور محمد زارع أمين عام مساعد الحزب وأحد قياداته فى مدينة ميت غمر عام 2002 عقب لقاء حضره الدكتور سعد الدين إبراهيم والمهندس محمد فريد حسنين عندما هتف "يسقط يسقط حسنى مبارك"، كما أذكر هنا آخر حكم فى قضايا حزب العمل ضد تجميد نشاطه وعقب صدور الحكم من المحكمة الإدارية العليا بتحويل قضايا الحزب إلى -ثلاجة- المحكمة الدستورية فانتفض أعضاء وقيادات الحزب هاتفين بسقوط مبارك وعائلته ونظامه فى طرقات وبهو المحكمة الإدارية العليا. وأتذكر هنا بدايات "كفاية" ووقفتها الصامتة الأولى ووضع شعار كفاية على الأفواه، وكسر الأستاذ مجدى حسين لجدار الصمت بالصلاة ثم الدعاء، كما أذكر هنا كيف كان يعاتب المهندس كمال خليل من قيادات كفاية عندما كان يهتف بسقوط مبارك عام 2005.
كما دعونا فى وقت مبكر -فى بدايات 2004- لإقامة جبهة وطنية عريضة تضم كافة القوى الوطنية والإسلامية (الجبهة الوطنية للتغير)، ودعونا لانتزاع حق تأسيس المنظمات السياسية والجماهيرية دون إذن السلطات، وعلى هذا الصعيد حدثت تطورات بالغة الأهمية من أواخر 2004 حتى وحتى ثورة 25 يناير 2011.
وكنا ندرك بطبيعة الحال أن إقالة مبارك لن تتم بدون حركة شعبية واسعة، ومن خلال التظاهر المتواتر حتى العصيان المدنى الشامل، ولا شك أن السنوات السبع السابقة للثورة كانت حافلة بكافة أشكال التظاهر والاعتصام والإضراب، وتبنى الحزب فى نهايتها الدعوة للعصيان المدنى التى أطلقها المستشار طارق البشرى فى إحدى دراساته، فقام حزب العمل بطباعتها وتوزيعها على نطاق واسع وتحويلها إلى برنامج عمل طرحه على القوى الوطنية، وتواصلت كل التحركات بفضل من الله ونعمة حتى تم الخلاص من هذا الحكم الذى انتهى عمره الافتراضى قبل الثورة بسنواته، فـ"مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ" كما كان يقول أخى المناضل عبد الحليم قنديل.
*****
إن الجهر بالحق هو السلاح الماضى لأى حركة شعبية ذات رسالة، وقد رأى حزب العمل دومًا أن يقوم بهذا التكليف الشرعي، الذى لا يستند أبدًا لتوازن القوى المادية مع أهل الباطل؛ فمعسكر الحق من المفترض أن يصدع بما يؤمر من الله عز وجل، بغض النظر عن حالة القوة والضعف من الناحية المادية فأعظم الجهاد هو كلمة حق عند سلطان جائر.
لقد كان جزاء حزب العمل بعد ثورة شعب مصر المباركة جزاء سنمار من المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى تولى إدارة شئون البلاد بعد ثورة 25 يناير المباركة، رغم أن حزب العمل شارك فى تمهيد الأرض للثورة وبذر بذرتها، ولكننا قمنا بها ابتغاء وجه الله وخير هذا الوطن.
هذا هو حزب العمل وهذا بعض من تاريخ نضاله، ويبقى الكثير من معاركه التى خاضها ولم نعرض لها، لعل مقال قادم يسمح بذلك.
والحمد لله رب العالمين، وتهنئة لشعب مصر العظيم بثورته المباركة.
*****
إن الجهر بالحق هو السلاح الماضى لأى حركة شعبية ذات رسالة، وقد رأى حزب العمل دومًا أن يقوم بهذا التكليف الشرعي، الذى لا يستند أبدًا لتوازن القوى المادية مع أهل الباطل؛ فمعسكر الحق من المفترض أن يصدع بما يؤمر من الله عز وجل، بغض النظر عن حالة القوة والضعف من الناحية المادية فأعظم الجهاد هو كلمة حق عند سلطان جائر.
لقد كان جزاء حزب العمل بعد ثورة شعب مصر المباركة جزاء سنمار من المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى تولى إدارة شئون البلاد بعد ثورة 25 يناير المباركة، رغم أن حزب العمل شارك فى تمهيد الأرض للثورة وبذر بذرتها، ولكننا قمنا بها ابتغاء وجه الله وخير هذا الوطن.
هذا هو حزب العمل وهذا بعض من تاريخ نضاله، ويبقى الكثير من معاركه التى خاضها ولم نعرض لها، لعل مقال قادم يسمح بذلك.
والحمد لله رب العالمين، وتهنئة لشعب مصر العظيم بثورته المباركة.
*****
توثيقا للتاريخ قبل تزييفه.. حزب الاستقلال (العمل سابقا) وإرهاصات الثورة (1/4)
توثيقا للتاريخ قبل تزييفه.. حزب الاستقلال (العمل سابقا) وإرهاصات الثورة (1/4)
تحتفل مصر بالذكرى الثانية لثورة شعبها المجيدة، ثورة 25 يناير 2011، ولقد ترددت كثيرا فى كتابة هذا المقال لسببين، أولهما أننى أنأى بنفسى وبحزبى عن الدخول فى جدل حول ثورة 25 يناير وفى نسبتها لأنها ملك لكل شعب مصر بذر بذرتها الشيوخ وزرعها الأبناء ورعاها الشعب وشارك الجميع فى الحصاد والاحتفال. لقد كان الشباب شرارة الثورة، فاستشهد منهم من استشهد، وجرح من جرح. فى يوم 25 يناير. بدأ الشباب تظاهراتهم بالمئات وإذا بهم ينتهون فى ميدان التحرير بعشرات ثم مئات الآلاف والملايين.
والسبب الثانى فى ترددى أن مصر لم تعد بحاجة إلى الكتابة بقدر حاجتها إلى العمل، حاجتها إلى العمل أكثر من حاجتها إلى القلم، فما بالنا إذا كانت الكتابة عن أحداث شاهدناها أو شاركنا فى صناعتها والكتابة عنها قد تحتمل شبهة الذاتية أو الحزبية أو عدم الموضوعية، كما أنه من الأفضل أن ننتظر حتى تؤتى الثورة ثمارها كاملة غير منقوصة، ولكن ما العمل إذا كان بعض الكتّاب قد كتبوا وأسقطوا وقائع مهمة تجعل تاريخ الحركة الوطنية مبتورا دونها؟ ما العمل إذا كان بعض الشباب قد ظن أنه صانع الثورة ومفجرها وصاحب الحق الوحيد فى حصاد ثمارها بعد أن أسقط عقودا طويلة من النضال؟
إن دور من شهد الأحداث أن يرويها بأمانة ودون نقصان ثم يتركها للمؤرخين لروايتها وتحليلها، ولكن ما كتب طوال الفترة الماضية لم يراعِ كل هذه الاعتبارات.
إن هذه الثورة لم تهبط بالبراشوت ولكنها امتداد لنضال سنوات طويلة تزيد على الثلاثة عقود، توجت بنضال شامل ومتواصل فى السنوات السبع الأخيرة بعد سقوط مبارك فى أثناء إلقاء خطاب العرش أمام مجلسى الشعب والشورى فى نوفمبر 2003.
حرر المجاهد مجدى أحمد حسين عام 2002 وثيقة تطالب برحيل مبارك، وكان هو والمغفور له بإذنه الأستاذ الدكتور صلاح صادق -محامى الشعب والفقراء- أول الموقعين عليها، ثم بدأ حزب العمل فى تشكيل "الجبهة الوطنية للتغيير" مع بدايات 2004 والتى اتخذت من مكتب الدكتور صلاح صادق -رحمه الله- مقرا لها، ثم جمّد الحزب الجبهة التى أسسها ليشارك كل القوى الوطنية فى تأسيس الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) ثم انتفاضة القضاة 2006 عقب تزوير انتخابات 2005 وانتفاضة إبريل 2008 وفى القلب منها انتفاضة عمال المحلة الكبرى ثم الحركات الاحتجاجية التى اجتاحت ربوع مصر ولم تهدأ إلا بانخراطها فى ثورة 25 يناير 2011.
إن إرهاصات هذه الثورة بدأتها جريدة الشعب التى نشرف بالكتابة بها مجددا بعد عودتها فى ثياب الثورة والتى أغلقها الرئيس البائد طوال السنوات الإحدى عشرة السابقة لثورة 25 يناير المباركة.
جريدة الشعب خاضت معاركها ضد التبعية والاستبداد والفساد والظلم الاجتماعى وتضييع الهوية بكتيبتها المجاهدة التى تقدمها الأستاذ عادل حسين -رحمه الله- وكان رأس الحربة رئيس تحريرها -قبل إغلاقها- الأستاذ مجدى أحمد حسين والذى قدم من حياته سنوات وسنوات قضاها فى سجون مبارك.
ونستدل هنا ببيانات حزب العمل وكتابات قياداته وكتاب جريدته "الشعب" قبل وبعد تجميد نشاطه وإغلاق جريدته بقرارات إدارية باطلة من نظام مبارك منذ مايو 2000، سأستدل بها لأنها تحت يدى، ولا يعنى هذا إنكار دور القوى السياسية الأخرى عظم دورها أم صغر، خاصة وأنهم أقدر منى على تأريخ دورهم الذى مهد للثورة.
1 – فى مارس 1981 كتب الأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد -أمين عام حزب العمل- مقاله المشتهر "الوضع الدستورى لحرم السيد رئيس الجمهورية" والذى قال المراقبون بشأنه: "إن هذا المقال كان من أهم أسباب دفع اسم الدكتور حلمى مراد إلى مقدمة قائمة المعتقلين عام 1981" فكان أول مقال ضد التوريث.
2 - فى يناير 1983 أصدر الأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد -أمين عام حزب العمل- كتابـه "التغيير أو الضياع" ولنلاحظ هنا استخدام مصطلح التغيير وليس الإصلاح، بما يعنى أن نظام مبارك يستوجب الإزالة والتغيير ولا يصلح معه تنكيس أو إصلاح.
3 – فى ديسمبر 1989 كتب الأستاذ عادل حسين -رئيس تحرير جريدة الشعب- مقاله المشتهر "التغيير أو شاوسيسكو" عقب محاكمة الرئيس الرومانى نيقولاى شاوسيسكو وزوجته إيلينا، وإعدامهما فى نفس اليوم 25 ديسمبر 1989، ومصادرة أملاكهما.
4 – فى سبتمبر 1993 صدر كتاب "لماذا نقول لا فى استفتاء الرئاسة القادم" للأستاذ الدكتور محمد حلمى مراد -نائب رئيس حزب العمل، والأستاذ عادل حسين -أمين عام حزب العمل، وهو تجميع لمقالاتهما بجريدة الشعب فى الفترة من مايو وحتى سبتمبر 1993 وقد صدّرا الكتاب ببيان اللجنة العليا للحزب فى 16 يوليو 1993 برفض اختيار محمد حسنى مبارك لفترة رئاسة ثالثة، وبطلان ترشيح مجلس الشعب القائم وقتها له، حيث حكمت محكمة النقض وقتها بعدم صحة انتخاب أكثر من سبعين من أعضائه، وكان جزاء الدكتور حلمى مراد والأستاذ عادل حسين الحجز فى قسم مصر الجديدة، ومعهما الصحفيان على القماش وصلاح بديوى ولم يمنع الزبانية عمرهما الكبير أو مكانتهما العالية وتركاهما ينامان على "البورش" ليلتين أو أكثر.
ومن بين عناوين المقالات التى تضمنها الكتاب "ترشيح مبارك للرئاسة معيب وينبغى تصحيحه، حقائق التبعية السياسية والاقتصادية التى ينفيها مبارك، زاد الفساد والفقر فى عهدك يا مبارك وهذا وقت الرفض والمقاومة، نحن مثل آخر أيام السادات، الكل ضد الرئيس، ليكن سبتمبر شهر التحرك العام لفرض إرادة الأمة عبر استفتاء حر".
وعلى الرغم من أن حزب العمل عانى من جريمة التجميد غير المشروع منذ مايو 2000، وإيقاف صحيفته المطبوعة "الشعب" التى كانت -إلى حد كبير- لسان حال الشعب المصرى، ورغم ما تعرض له العشرات من أنصاره وشبابه وأعضائه من مطاردات واعتقالات ومحاكمات وتحقيقات فى قضايا لم تتوقف أبدًا، ورغم كل ذلك رأى الحزب أن يواصل مسيرته، وأن ينحاز للحق مهما كلفه ذلك من عنت وويل وثبور.
وكان حزب العمل –كعادته– كتيبة متقدمة للجيش الشعبى، وكان أول من فتح ثغرة فى جدار الخوف من نظام اعتاد أن يستخدم العصا الغليظة لإسكات معارضيه، من سجون ومعتقلات، وحالة طوارئ مستديمة، وإغلاق للصحف والأحزاب والنقابات، وتزوير الانتخابات، والاعتداء على استقلال القضاء.
فى كتاب الأستاذ مجدى أحمد حسين أمين عام حزب العمل وقتها بعنوان "لا" -والذى جمعه بناء على طلب منّى– والذى صدر مع بدايات 2005 وأعيد إصداره بعد الثورة وضمنه مقالاته الافتتاحية بجريدة "الشعب" الإلكترونية فى الفترة الواقعة بين 22/2/2002 إلى 25 /2/2004 – أى خلال عامين وقبل تأسيس حركة كفاية، ومن بين ما كتبه أخى الأستاذ مجدى أحمد حسين ما يلى:
♦ الوضع الدستورى لحرم السيد رئيس الجمهورية (ضد التوريث) 22 فبراير 2002
♦ الرسالة الثانية إلى الرئيس مبارك: (موقفكم لا يليق بمكانة مصر.. ولا يلتزم بتعاليم القرآن.. ولا بالدستور المصرى - إما الالتزام بالموقف الشعبى أو الاستقالة) – (مطالبة بالاستقالة قبل إنهاء فترة الرئاسة الخامسة) 12 فبراير 2002
♦ لا تنسوا أصل المعركة: استئصال شأفة النفوذ الصهيونى الأمريكى من على أرض مصر. – 19 إبريل 2002
♦ مبارك يتحدى الأمة، ويؤكد خيار السلام الإستراتيجى مع الأعداء – 26 إبريل 2002
♦ نشر فكرة العجز أمام أمريكا شرك بالله، ولا بد من طرد عبيد فورًا من منصبه - ضرب حزب العمل كان لصالح الحلف الصهيونى/ الأمريكى.. ونحن لن ننحنى أمام محاكم التفتيش – 3 مايو 2002
♦ مرة أخرى: الوضع الدستورى لحرم السيد رئيس الجمهورية وماذا عن جمال مبارك؟ - 19 مايو 2002 – (ضد التوريث)
♦ الله أكبر.. العراق يصمد أمام أعتى عدوان - اسمعها يا مبارك مرة ثالثة.. مرحبًا بالسجن أو الاستشهاد - إما أن تستمع لكلام الله.. وكلام الشعب، أو ترحل! - 12 مارس 2003 – (مطالبة بالرحيل وليس رفض التمديد)
♦ للمرة الرابعة أدعو الرئيس مبارك إلى تقديم استقالته - (مطالبة بالرحيل وليس التمديد) – 24 مارس 2003 - (مطالبة بالاستقالة وليس رفض التمديد)
♦ انتهت مهلة الـ 48 ساعة ولم يتخذ مبارك قرارًا واحدًا ضد أمريكا.. فلنشدد المطالبة باستقالته الفورية - 27 مارس 2003 - (مطالبة بالاستقالة وليس رفض التمديد)
♦ مبارك يقدم تسهيلات عسكرية وإدارية للعدوان - اخرجوا يوم الجمعة للمطالبة باستقالته ولا تخشوا إلا الله – 2 إبريل 2003 - (مطالبة بالاستقالة وليس رفض التمديد)
♦ الآن نتحرك لإقالة مبارك - أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر - 9 إبريل 2003 - (الانتقال من الاستقالة إلى المطالبة بالتحرك لإقالة مبارك)
♦ تنحية حسنى مبارك - لماذا هو الشعار المركزى الصحيح للحركة الوطنية والإسلامية؟ - 9 مايو 2003 - (الانتقال من الاستقالة إلى المطالبة بالتحرك لإقالة مبارك وتنحيته)
♦ تنحية مبارك. لماذا أصبحت ضرورة حياة؟! - فشلت كل محاولات الإصلاح والترقيع ولا بد من فتح صفحة جديدة - تنزيه الحاكم عن النقد أو العزل.. شرك صريح بالله سبحانه وتعالى – 16 مايو 2003 - (الانتقال من الاستقالة إلى المطالبة بالتحرك لإقالة مبارك وتنحيته)
♦ واصلوا التوقيع على عريضة تطالب باستقالة مبارك - التوقيعات كانت أحد أسلحة الحركة الوطنية قبل الثورة - من أين لجمال مبارك كل هذه الأموال؟! – 25 يوليو 2003 - (مطالبة باستقالة مبارك وليس رفض التمديد)
♦ سقوط مرشح الحكومة لنقيب الصحفيين إنذار شديد اللهجة لأهل الحكم - صحيفة إسرائيلية ترحب بتوريث الحكم لجمال مبارك - 1 أغسطس 2003 – (مطالبة بالاستقالة ورفض للتوريث)
♦ ما هى الشركة العالمية التى يعمل جمال مبارك مستشارًا لها؟ - ألا تكفى كل هذه الحقائق لإقالة مبارك؟ - 8 أغسطس 2003 - (مطالبة بالإقالة ورفض للتوريث)
♦ مبارك يحاصر المقاومة الفلسطينية والعراقية ويبيع الغاز لإسرائيل - جمال مبارك يتعاون مع الشركات العالمية استعدادًا لرئاسة الحزب الحاكم. - ملامح الخطة الشعبية لإقالة مبارك - 29 أغسطس 2003 - (مطالبة بالتحرك لإقالة مبارك ورفض للتوريث)
♦ بيان من حزب العمل إلى الأمة - نطالب بانتهاء حكم مبارك ونرفض توريث الحكم – 6 سبتمبر 2003
كان كل ما سبق قبل أن يسقط مبارك فى مجلس الشعب فى نوفمبر 2003 وقبل أن يبدأ تفكير أى من القوى السياسية فى إقالته أو تنحيته أو حتى عدم التمديد له.
هذا هو حزب العمل وهذا بعض من تاريخ نضاله - ويبقى الكثير من معاركه التى خاضها ولم نعرض لها لعل مقال الأسبوع القادم يسمح بذلك
والحمد لله رب العالمين وتهنئة لشعب مصر العظيم بثورته المباركة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق