السر الدفين ..في اعتقال قرقر ومجدي حسين!
منذ 11 ساعة
عدد القراءات: 1637
كتب: حسين صابر
إصرار عجيب على مواصلة اعتقال (حبس) مجدي حسين ود. مجدي قرقر لمدة تقترب من عامين، ونخبة من قيادات وشباب حزب الاستقلال على رأسهم أسامة الشافعي أمين الحزب في الاسكندرية، وهو موقف لا يخلو من دلالة كاشفة لتوجهات حكم السيسي العسكري. فبينما يدعي هذا الحكم انه ضد الاخوان فحسب، إذا هو يعادي مجمل التيار الاسلامي وبينما يدعي انه ضد الارهاب وليس الاسلام يتضح انه يعادي كل من يخالفه في الرأي خاصة إذا كان ذا توجه اسلامي مهما كان منبت الصلة عن العنف والارهاب. وأصبح النظام يستهدف المخالفين في الرأي عموماً وهذا أعلى مستوى من مستويات الاستبداد (تحريم الخلاف مع الحاكم).
وأتوقف اليوم عند حزب الاستقلال، والحقيقة أن عداء النظام له واصراره على مواصلة اعتقال رئيس وأمين عام الحزب علامة إرهاب واضحة، وليس لأنه مؤيد للاخوان، بل- ويالا المفارقة- لأن حزب الاستقلال مختلف فكريا وسياسيا مع الاخوان !! ستقولون كيف؟ خلاف "الاستقلال" مع الاخوان معروف ومنشور قبل الانقلاب وبعده..بل وصل الأمر إلى حد اعتداء "أمن" الاخوان على شباب الاستقلال اعتداءاً جسدياً، بسبب توزيع بيان (العدالة والاستقلال) الذي يدعو إلى إسقاط كامب ديفيد، وضرب النفوذ الأمريكي الصهيوني في مصر، وضرورة اهتمام الحركة الاسلامية بتوضيح موقفها من العدالة الاجتماعية.(حدث هذا في اعتصام رابعة). والمعروف والثابت والمؤكد ان حزب الاستقلال لم يتورط قولاً أو فعلاً في أي عمل من أعمال العنف والارهاب. وأجهزة الأمن تعرف ذلك جيداً، ولكنها تخشى أن يمثل توجه حزب الاستقلال رؤية بديلة لرؤية الاخوان، يمكن أن تكون بؤرة لحشد وتجميع حركة اسلامية بديلة. فالهدف هو استئصال كافة أنواع وأشكال الحركة الاسلامية (عدا الصورة الذليلة- الكاريكاتير لما يسمى حزب النور الذي خسر احترام الجميع). وبالتالي فإن مواصلة الاصرار على حبس قيادات حزب الاستقلال أصبحت مفضوحة، بل لقد وصل الأمر إلى انسحاب حزب الاستقلال رسمياً منذ قرابة العام من ما يسمى تحالف دعم الشرعية، لاصرار الاخوان على الارتباط بأمريكا والغرب، ومع ذلك يعاقب حزب الاستقلال وتكتب الصحف الرسمية عن قياداته باعتبارها من قيادات "الارهابية" أي ما يحاولون وصم "الاخوان" به. وبغض النظر فنحن أمام محاكم تفتيش القرون الوسطى التي تحاسب الناس على أفكارهم. لا أعلم كثيراً عن التهم الموجهة للدكتور مجدي قرقر، ولكن اتهامه بالارهاب ومحاولة قلب نظام الحكم مسألة تدعو للسخرية والتهكم والضحك ان كان للضحك مجال في هذا الصدد.
فمن يعرف د.قرقرشخصياً أو يتابعه من خلال شاشات التلفزة لن يجد إلا شخصاً هادئاً مسالماً ملتزما بالقانون والدستور ومعارضته لما جرى في (3 يوليو 2013) مجرد رأي لاعلاقة له بعنف أو ارهاب، أما بالنسبة للأستاذ مجدي حسين فقد علمت من أحد المحامين تفاصيل مروعة عن التهم الموجهة إليه. علمت انه في بداية التحقيقات امتنع عن الحديث تماماً وقال لرئيس النيابة إنه سأم من الملاحقة القضائية له على مدار 41 عاما قبل ثورة 2011 وقد أثبتت الأيام براءته من التهم الموجهة إليه وهي كلها اتهامات سياسية، بل أثبتت معظم الأحكام القضائية صحة مواقفه، وبالتالي فهو لا يأبه بأي حكم قضائي يصدر ضده حتى وإن كان بالاعدام!! ولكنه لن يتكلم! والحقيقة فإن الأستاذ مجدي حسين محق، فقد تحول عدد كبير من النخبة إلى رموز ثورة 25 يناير 2011 عدا مجدي حسين، بينما كان هو الوحيد الذي دعا إلى إسقاط مبارك عام 2002، وأول من جمع توقيعات على إقالته يدوياً وعبر الانترنت وجمع 35 ألف توقيع بالفعل وقدم هذه التوقيعات بنفسه إلى مدير مكتب فتحي سرور رئيس مجلس الشعب. ولكن فضائيات الكذب والبهتان حولت عكاشة أو جورج اسحاق وعشرات الأسماء الأخرى إلى رموز لثورة يناير وأسقطوا اسم مجدي حسين. وإذا كان لمجدي حسين أن يتم تجاهله أو التعتيم على دوره خاصة بعد حملته غير المسبوقة أو الملحوقة عن دور أجهزة الاستخبار في إفساد الحياة السياسية، فإن الحد الأدنى من المعاملة المحترمة التي تليق بمثله أن يترك في حاله، وأن يترك يكتب مقالاته- إن أراد على النت، لا معاقبته وإيداعه السجن!
ولكنني علمت أيضاً أن مجدي حسين متهم كمجدي قرقر بالارهاب وقلب نظام الحكم رغم أن العنف الحقيقي لم يزدهر إلا في الفترة التالية لاعتقالهما. ولكن الأهم من ذلك أن أحراز قضيته قد اشتملت على كتاب لعادل حسين رحمة الله عليه صادر في التسعينيات من القرن الماضي ولاعلاقة له بالعنف أو الارهاب. وتيشرت عليه شعار ارحل (4/5) وكان من أنشطة الحزب عام 2008 و4/5 هو تاريخ الاضراب العام الناجح الذي دعا إليه الحزب. وأهم مافي الأحراز كتاب لمجدي حسين صادر عام 1993!! أي قبل اعتقاله بـ 20 سنة. وقد يقول البعض: قد يكون في هذا الكتاب ما يثبت ايمان مجدي حسين بالعنف والارهاب. ولكن من المثير للسخرية انه كتاب يرفض فيه العنف والارهاب وعنوانه (فقه التغيير السياسي في الاسلام) ويبشر فيه بثورة شعبية سلمية لاسقاط نظام مبارك!!
نقول لأهل الحكم في عهد السيسي.. وبغض النظر عن الاتفاق أو الخلاف معكم.. فإن محاربتكم لرموز سياسية محترمة واعتقالهم بدون أي جريمة جنائية، هو أكبر دليل على أنكم انقلاب عسكري. وهي كلمة تثير غضبكم كما تثيركم كلمة (حكم العسكر). وهي بالمناسبة ليست (شتيمة)، فالمهم هو السياسات، فقد كانت ثورة 23 يوليو مجرد انقلاب عسكري في البداية. وحكم الانقاذ في السودان بدأ كانقلاب عسكري. والجنرال شارل ديجول كان قائداً عسكرياً وقائداً للأمة الفرنسية لم تجد مثيلا له من قبله أو بعده.
إن محاربة كل أنواع التيار الاسلامي السلمي إلى حد الاستئصال سياسة حمقاء وغير واقعية، ولن تؤدي إلا إلى نزيف داخلي للأمة. إنه تيار حصل على 50% إلى 77% من الأصوات في انتخابات نزيهة. إنها محاربة لنصف الشعب على أقل تقدير وهو أمر لا يؤدي إلى أي نوع من الاستقرار. ومهما ضربتم التنظيمات المسلحة، فإن كتم الأنفاس وحرية التعبير، ستؤدي إلى تكوين مجموعات صغيرة تضرب هنا وهناك، وقد رأينا ان اسقاط طائرة واحدة ضرب موسما سياحيا بأكمله، ولكن الموضوع أكبر من الاستقرار الأمني، انه موضوع تلاحم الأمة.
لا يمكن أن تتلاحم هذه الأمة بعيداً عن دينها، وهذا هو درس التاريخ، وقد جعلتم الدين مرادفاً للأخوان المسلمين وفي هذا أكبر دعاية لهم.
وأخيرا ..من السخرية أن نقرأ ونسمع كل يوم في الاعلام الرسمي عن المؤامرة الأمريكية ضد مصر بينما العلاقات مع أمريكا (سمن على عسل).. وعدو أمريكا الأول (مجدي حسين) يرسف في الأغلال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق