أزمة مصر الاقتصادية أعمق من تخفيض الجنيه.. تعرف على أسباب الانهيار
منذ 4 ساعة
عدد القراءات: 2015
ظل البنك المركزي المصري منذ تولي طارق عامر، سلطة المحافظ، يُجدف ضد التيار، يعلن عن أسعار صرف لا تمت للواقع بصلة. وكانت أولى قرارات عامر بعد توليه السلطة، رفع قيمة الجنيه المصري بقيمة 20 قرشاً في مواجهة الدولار الأمريكي، وهو قرار لم يبن على أسس اقتصادية، وهاجمه اقتصاديون ورجال أعمال باعتباره لا يعبر عن واقعهم.
لكن السوق السوداء كان لها مساراً آخر، وأهدر عامر عبر مزادات البنك المركزي الأسبوعية، ملايين الدولارات في ظل سياسة حماية سعر الجنيه، ثم لجأ أخيراً تحت وطأة استمرار تراجع الموارد الدولارية لمصر، إلى الالتقاء بشركات الصرافة، والاتفاق على سعر بالسوق السوداء لا يتجاوز 9.25 جنيه للدولار.
وبعدها اتخذ المركزي قراراً بتخفيض قيمة الجنيه المصري بـ 112 قرشاً، أي بنسبة 14.5%، وكان لذلك رد فعله في السوق السوداء، على عكس حسابات الأول بمحاولة التقريب بين السعرين، حسب "الأناضول". قضية خفض سعر الجنيه المصري لن تتوقف عند هذا الحد، وستظل حاضرة ليسجل الجنيه المزيد من التراجع أمام الدولار وباقي العملات الأخرى، ما لم تعالج المشكلة من جذورها، فانخفاض سعر الجنيه، عرض لمرض، فما هو أصل المرض، وما هي النتائج المترتبة على استمرار انخفاض قيمة الجنيه؟
أصل مشكلة خفض قيمة الجنيه
دفعت مصر ثمناً غالياً منذ عقود، من خلال تراجع قيمة عملتها، والسبب يرجع إلى تخلي اقتصادها عن قواعده الإنتاجية، وعدم إصلاحها، والتمادي في تجذير الأداء الريعي، وتشجيع المضاربات، منذ منتصف السبعينيات، سواء كانت تلك المضاربات في مجال العملات الأجنبية، أو الأراضي والعقارات، أو البورصة.
استكملت مصر خطاها السلبية في المجال الإنتاجي بخصخصة القطاع العام، دون أن يقوم القطاع الخاص (المصري أو الأجنبي) أو الاستثمارات الحكومية، بتعويض تلك المؤسسات الإنتاجية، فغالبية الشركات التي تم بيعها في مصر منذ منتصف التسعينيات هي الشركات الرابحة، وبدلاً من أن تقوم الحكومة بإصلاح ما يعتريها من معوقات، وإطلاق طاقاتها الإنتاجية، لجأت لأسوأ صور الخصخصة وهو بيع المؤسسات.
ناهيك عن الفساد الذي تم في عمليات الخصخصة، وما رسخه من ثقافة سلبية في الحياة الاقتصادية، وكذلك إتاحة فرصة سهلة للشركات الأجنبية للسيطرة على أسواق العديد من السلع بالسوق المصرية، مثل الأسمنت والمنظفات الصناعية، والعديد من السلع الغذائية، وشركات الاتصالات، ومجال الخدمات المالية، من خلال بيع حصص الحكومة في البنوك المشتركة، وكذلك بيع بنك الإسكندرية.
وبعد ثورة 25 يناير 2011، ذهبت التوقعات، لتلافي تلك السلبيات الاقتصادية، وعم الأمل ببناء قاعدة إنتاجية تنطلق بالاقتصاد المصري لمواجهة ما يعانيه من تحديات.
لكن جاء يوليو/تموز 2013 عندما تمت الإطاحة بأول رئيس مصري منتخب، محمد مرسي، ليبدد تلك الآمال، وتوسعت البلاد أكثر في التكريس لزيادة الإنفاق الاستهلاكي، من خلال حزمة من السياسات الاقتصادية التي شجعت على ترك المجالات الإنتاجية في أهم قطاعين، وهما الصناعة والزراعة، لحساب الاستيراد وممارسة التجارة.
ويكفي أن نعلم من بيانات وزارة التخطيط المصرية، أن الناتج المحلي الإجمالي يعتمد بنسبة 95% منه على الاستهلاك، فقوانين الضرائب تساوي بين من يربح الملايين من الأنشطة الريعية، والكسب السريع، وبين من يصنع وينتج ويحصل معدلات ربح لا تتجاوز نسبة 15% في أحسن الأحوال.
ولن تنجح مصر في مواجهة مشكلة انخفاض قيمة الجنيه المصري، وغيرها من الأعراض الاقتصادية السلبية، مثل ارتفاع معدلات التضخم بأكثر من 12% سنوياً، أو مواجهة الفقر الذي يضم أكثر من 26% من الشعب، أو البطالة التي تشمل نحو 4 مليون مصري، أو استمرار زيادة عجز الميزان التجاري بنحو 40 مليار دولار سنوياً.
ومن الأعراض الأخرى، عجز الموازنة الذي يصل لنحو 36 مليار دولار، إلا إذا غيرت من طبيعة المعادلة الاقتصادية، وركزت بشكل رئيس على الأنشطة الإنتاجية، والاستفادة بشكل كبير من الموارد المحلية، والاعتماد على زيادة القيمة المضافة، والتحول نحو سياسة الإحلال محل الواردات.
إن صانع السياسة الاقتصادية بمصر، الذي لا تؤرقه معلومة أن صناعة الحديد تعمل بطاقة 30%، لا يصلح للقيام بأعباء اقتصاد يجب عليه أن يلبي احتياجات شعب يصل عدد سكانه لنحو 95 مليون نسمة، فضلاً عن مكانة مصر الإقليمية والدولية. ومشكلة الطاقة العاطلة في هذا البلد محيرة، ففي الوقت الذي تتدعي فيه مصر عجز الاستثمارات، تواجه قضية وجود مصانع في مختلف المجالات بالقطاعين العام والخاص، تعمل في أحسن الأحوال بنسبة 40% من طاقتها.
النتائج المترتبة على انخفاض سعر الجنيه
عند الحديث عن النتائج المتربة على انخفاض الجنيه، وهي كلها نتائج سلبية، علينا أن نستحضر واقع الاقتصاد المصري، الذي يعاني من تراجع الموارد الدولارية، من مختلف الروافد، سواء من الصادرات السلعية، أو البترول، أو قناة السويس، أو السياحة، أو تحويلات العاملين بالخارج.
وبالتالي لن يكون أمام الحكومة في الأجل القصير، فرصة لتحقيق حالة من التوازن بين الطلب والعرض على الدولار، والنتيجة الحتمية، هي انتظار مزيد من الانخفاض في قيمة الجنيه.
إن التقويم السريع لقرار خفض قيمة الجنيه بنسبة 14.5%، منذ أيام، سيكون له تبعات زيادة فاتورة الواردات بنفس القيمة لما سيتم استيراده وفق الأسعار الجديدة، وسيؤدي ذلك إلى ما يعرف بالتضخم المستورد. ومن ناحية أخرى سيدفع هذا الانخفاض إلى زيادة قيمة تكاليف الإنتاج بمصر، نظراً للاعتماد على مستلزمات الإنتاج من الخارج.
وبالتالي المجتمع المصري ينتظر موجه معقدة من التضخم، قد تصل إلى ما يزيد عن 20% على ما هو عليه خلال الشهور الستة القادمة.
كما ستُحمل الموازنة العامة للدولة بأعباء جديدة، فكانت وزارة المالية قد وجهت المؤسسات الحكومية، لأن تعد موازنة العام المالي 2016/2017 في ضوء سعر للدولار بحدود 8.25 جنيهات، أما وأن السعر الرسمي الآن وصل إلى 8.95 جنيهات للدولار، فسوف تتحمل الموازنة هذا الفارق في الأسعار، لتزيد من قيمة العجز المستهدف.
ومن جهة أخرى ستزيد أعباء الدين الخارجي بشكل كبير، بقيمة انخفاض قيمة الجنيه. فضلًا عن تبعات ما يتم إدراجه بالموازنة لتمويل السلع المدعمة، سواء من القمح أو النفط، فنحن أمام دوامة من التبعات السلبية، التي تكرس لأزمة مصر الاقتصادية. لقد برهن الاقتصاد المصري غير مرة بأنه غير مؤهل للاستفادة من تخفيض قيمة الجنيه، سواء في الثمانينيات أو التسعينيات، أو حتى في عام 2003 والتي أعلنت فيها حكومة عاطف عبيد، عن تحرير أو التعويم الجزئي للجنيه.
وفي إطار تعقيدات التبعات لقرار المركزي لخفض الجنيه المصري، تأتي مشكلة المدخرين المصريين، والذين ستنخفض ثرواتهم بالتبعية بنسبة تخفيض قيمة الجنيه، أي 14.5%، وهي نسبة تتجاوز أي نسبة فائدة تمنحها البنوك المصرية على المدخرات.
فضلًا عن توقع أن يتجه المدخرون إلى الدولرة، أو شراء العقارات أو الذهب ليحافظوا على ما تبقى لهم من مدخرات، ليسلمنا هذا إلى مشكلة انخفاض نسبة المدخرات المحلية بمصر لنحو 6% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أن متطلبات التنمية تفرض أن تصل هذه النسبة إلى 30% على الأقل لاستيعاب الداخلين الجدد سنوياً لسوق العمل، والمقدر عددهم بنحو 850 ألف فرد.
التعويم المدار
التعويم المطلق لأية عملة غير موجود في الواقع، مهما انحدرت قيمة العملة، ولكن هناك ما يعرف بالتعويم المدار، وهو ما تتبعه أمريكا وغالبية الدول الرأسمالية، وكذلك الحال في واقع الأزمة المصرية، سيكون سعر الجنيه تحت وطأة التراجع الاقتصادي الداخلي، وكذلك استمرار تراجع الموارد الدولارية المرتبطة بالخارج، وعليه سوف تستمر أزمة انخفاض قيمة الجنيه، وترتفع معدلات تعويمه وفق هذه المعادلة.
منذ 4 ساعة
عدد القراءات: 2015
ظل البنك المركزي المصري منذ تولي طارق عامر، سلطة المحافظ، يُجدف ضد التيار، يعلن عن أسعار صرف لا تمت للواقع بصلة. وكانت أولى قرارات عامر بعد توليه السلطة، رفع قيمة الجنيه المصري بقيمة 20 قرشاً في مواجهة الدولار الأمريكي، وهو قرار لم يبن على أسس اقتصادية، وهاجمه اقتصاديون ورجال أعمال باعتباره لا يعبر عن واقعهم.
لكن السوق السوداء كان لها مساراً آخر، وأهدر عامر عبر مزادات البنك المركزي الأسبوعية، ملايين الدولارات في ظل سياسة حماية سعر الجنيه، ثم لجأ أخيراً تحت وطأة استمرار تراجع الموارد الدولارية لمصر، إلى الالتقاء بشركات الصرافة، والاتفاق على سعر بالسوق السوداء لا يتجاوز 9.25 جنيه للدولار.
وبعدها اتخذ المركزي قراراً بتخفيض قيمة الجنيه المصري بـ 112 قرشاً، أي بنسبة 14.5%، وكان لذلك رد فعله في السوق السوداء، على عكس حسابات الأول بمحاولة التقريب بين السعرين، حسب "الأناضول". قضية خفض سعر الجنيه المصري لن تتوقف عند هذا الحد، وستظل حاضرة ليسجل الجنيه المزيد من التراجع أمام الدولار وباقي العملات الأخرى، ما لم تعالج المشكلة من جذورها، فانخفاض سعر الجنيه، عرض لمرض، فما هو أصل المرض، وما هي النتائج المترتبة على استمرار انخفاض قيمة الجنيه؟
أصل مشكلة خفض قيمة الجنيه
دفعت مصر ثمناً غالياً منذ عقود، من خلال تراجع قيمة عملتها، والسبب يرجع إلى تخلي اقتصادها عن قواعده الإنتاجية، وعدم إصلاحها، والتمادي في تجذير الأداء الريعي، وتشجيع المضاربات، منذ منتصف السبعينيات، سواء كانت تلك المضاربات في مجال العملات الأجنبية، أو الأراضي والعقارات، أو البورصة.
استكملت مصر خطاها السلبية في المجال الإنتاجي بخصخصة القطاع العام، دون أن يقوم القطاع الخاص (المصري أو الأجنبي) أو الاستثمارات الحكومية، بتعويض تلك المؤسسات الإنتاجية، فغالبية الشركات التي تم بيعها في مصر منذ منتصف التسعينيات هي الشركات الرابحة، وبدلاً من أن تقوم الحكومة بإصلاح ما يعتريها من معوقات، وإطلاق طاقاتها الإنتاجية، لجأت لأسوأ صور الخصخصة وهو بيع المؤسسات.
ناهيك عن الفساد الذي تم في عمليات الخصخصة، وما رسخه من ثقافة سلبية في الحياة الاقتصادية، وكذلك إتاحة فرصة سهلة للشركات الأجنبية للسيطرة على أسواق العديد من السلع بالسوق المصرية، مثل الأسمنت والمنظفات الصناعية، والعديد من السلع الغذائية، وشركات الاتصالات، ومجال الخدمات المالية، من خلال بيع حصص الحكومة في البنوك المشتركة، وكذلك بيع بنك الإسكندرية.
وبعد ثورة 25 يناير 2011، ذهبت التوقعات، لتلافي تلك السلبيات الاقتصادية، وعم الأمل ببناء قاعدة إنتاجية تنطلق بالاقتصاد المصري لمواجهة ما يعانيه من تحديات.
لكن جاء يوليو/تموز 2013 عندما تمت الإطاحة بأول رئيس مصري منتخب، محمد مرسي، ليبدد تلك الآمال، وتوسعت البلاد أكثر في التكريس لزيادة الإنفاق الاستهلاكي، من خلال حزمة من السياسات الاقتصادية التي شجعت على ترك المجالات الإنتاجية في أهم قطاعين، وهما الصناعة والزراعة، لحساب الاستيراد وممارسة التجارة.
ويكفي أن نعلم من بيانات وزارة التخطيط المصرية، أن الناتج المحلي الإجمالي يعتمد بنسبة 95% منه على الاستهلاك، فقوانين الضرائب تساوي بين من يربح الملايين من الأنشطة الريعية، والكسب السريع، وبين من يصنع وينتج ويحصل معدلات ربح لا تتجاوز نسبة 15% في أحسن الأحوال.
ولن تنجح مصر في مواجهة مشكلة انخفاض قيمة الجنيه المصري، وغيرها من الأعراض الاقتصادية السلبية، مثل ارتفاع معدلات التضخم بأكثر من 12% سنوياً، أو مواجهة الفقر الذي يضم أكثر من 26% من الشعب، أو البطالة التي تشمل نحو 4 مليون مصري، أو استمرار زيادة عجز الميزان التجاري بنحو 40 مليار دولار سنوياً.
ومن الأعراض الأخرى، عجز الموازنة الذي يصل لنحو 36 مليار دولار، إلا إذا غيرت من طبيعة المعادلة الاقتصادية، وركزت بشكل رئيس على الأنشطة الإنتاجية، والاستفادة بشكل كبير من الموارد المحلية، والاعتماد على زيادة القيمة المضافة، والتحول نحو سياسة الإحلال محل الواردات.
إن صانع السياسة الاقتصادية بمصر، الذي لا تؤرقه معلومة أن صناعة الحديد تعمل بطاقة 30%، لا يصلح للقيام بأعباء اقتصاد يجب عليه أن يلبي احتياجات شعب يصل عدد سكانه لنحو 95 مليون نسمة، فضلاً عن مكانة مصر الإقليمية والدولية. ومشكلة الطاقة العاطلة في هذا البلد محيرة، ففي الوقت الذي تتدعي فيه مصر عجز الاستثمارات، تواجه قضية وجود مصانع في مختلف المجالات بالقطاعين العام والخاص، تعمل في أحسن الأحوال بنسبة 40% من طاقتها.
النتائج المترتبة على انخفاض سعر الجنيه
عند الحديث عن النتائج المتربة على انخفاض الجنيه، وهي كلها نتائج سلبية، علينا أن نستحضر واقع الاقتصاد المصري، الذي يعاني من تراجع الموارد الدولارية، من مختلف الروافد، سواء من الصادرات السلعية، أو البترول، أو قناة السويس، أو السياحة، أو تحويلات العاملين بالخارج.
وبالتالي لن يكون أمام الحكومة في الأجل القصير، فرصة لتحقيق حالة من التوازن بين الطلب والعرض على الدولار، والنتيجة الحتمية، هي انتظار مزيد من الانخفاض في قيمة الجنيه.
إن التقويم السريع لقرار خفض قيمة الجنيه بنسبة 14.5%، منذ أيام، سيكون له تبعات زيادة فاتورة الواردات بنفس القيمة لما سيتم استيراده وفق الأسعار الجديدة، وسيؤدي ذلك إلى ما يعرف بالتضخم المستورد. ومن ناحية أخرى سيدفع هذا الانخفاض إلى زيادة قيمة تكاليف الإنتاج بمصر، نظراً للاعتماد على مستلزمات الإنتاج من الخارج.
وبالتالي المجتمع المصري ينتظر موجه معقدة من التضخم، قد تصل إلى ما يزيد عن 20% على ما هو عليه خلال الشهور الستة القادمة.
كما ستُحمل الموازنة العامة للدولة بأعباء جديدة، فكانت وزارة المالية قد وجهت المؤسسات الحكومية، لأن تعد موازنة العام المالي 2016/2017 في ضوء سعر للدولار بحدود 8.25 جنيهات، أما وأن السعر الرسمي الآن وصل إلى 8.95 جنيهات للدولار، فسوف تتحمل الموازنة هذا الفارق في الأسعار، لتزيد من قيمة العجز المستهدف.
ومن جهة أخرى ستزيد أعباء الدين الخارجي بشكل كبير، بقيمة انخفاض قيمة الجنيه. فضلًا عن تبعات ما يتم إدراجه بالموازنة لتمويل السلع المدعمة، سواء من القمح أو النفط، فنحن أمام دوامة من التبعات السلبية، التي تكرس لأزمة مصر الاقتصادية. لقد برهن الاقتصاد المصري غير مرة بأنه غير مؤهل للاستفادة من تخفيض قيمة الجنيه، سواء في الثمانينيات أو التسعينيات، أو حتى في عام 2003 والتي أعلنت فيها حكومة عاطف عبيد، عن تحرير أو التعويم الجزئي للجنيه.
وفي إطار تعقيدات التبعات لقرار المركزي لخفض الجنيه المصري، تأتي مشكلة المدخرين المصريين، والذين ستنخفض ثرواتهم بالتبعية بنسبة تخفيض قيمة الجنيه، أي 14.5%، وهي نسبة تتجاوز أي نسبة فائدة تمنحها البنوك المصرية على المدخرات.
فضلًا عن توقع أن يتجه المدخرون إلى الدولرة، أو شراء العقارات أو الذهب ليحافظوا على ما تبقى لهم من مدخرات، ليسلمنا هذا إلى مشكلة انخفاض نسبة المدخرات المحلية بمصر لنحو 6% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أن متطلبات التنمية تفرض أن تصل هذه النسبة إلى 30% على الأقل لاستيعاب الداخلين الجدد سنوياً لسوق العمل، والمقدر عددهم بنحو 850 ألف فرد.
التعويم المدار
التعويم المطلق لأية عملة غير موجود في الواقع، مهما انحدرت قيمة العملة، ولكن هناك ما يعرف بالتعويم المدار، وهو ما تتبعه أمريكا وغالبية الدول الرأسمالية، وكذلك الحال في واقع الأزمة المصرية، سيكون سعر الجنيه تحت وطأة التراجع الاقتصادي الداخلي، وكذلك استمرار تراجع الموارد الدولارية المرتبطة بالخارج، وعليه سوف تستمر أزمة انخفاض قيمة الجنيه، وترتفع معدلات تعويمه وفق هذه المعادلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق