كارثتان بسبب تلاعب الحكومة في أرقام إيرادات القناة
12/05/2016 06:17 م
بكار النوبياعتبر الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام أن إعلان حكومة الانقلاب عن إيرادات قناة السويس بالجنيه يعد تلاعبا بالأرقام؛ محذرا من أن هذا الإجراء سوف يؤدي إلى كارثتين: الأولى فقدان الثقة في أجواء الاستثمار، والثانية فقدان الثقة في البيانات والأرقام الرسمية التي تعلنها الحكومة محليا وخارجيا.
وتساءل عبد السلام- في مقاله المنشور اليوم الخميس بصحيفة «العربي الجديد» تحت عنوان «حكومة التلاعب بالأرقام»- «بالله عليكم.. ما الرسالة التي ستصل إلى المستثمر الأجنبي والعربي والعالم الخارجي عندما يعرف أن الحكومة المصرية تتلاعب في الأرقام الرسمية بهدف تجميلها، وأنها تحول الخسائر إلى أرباح، والانخفاضات إلى ارتفاعات؛ بهدف خداع الرأي العام وإثبات قدرتها على تحقيق إنجازات حتى ولو كانت وهمية، وأن الحكومة- ومن مبدأ المناكفة السياسية لمعارضيها- تستبدل أرقاما رسمية تشير إلى تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 6.9% في شهر أبريل/نيسان الماضي، إلى أرقام تؤكد زيادة الإيرادات بنسبة 9.5% في الشهر نفسه؟».
وتوجه الكاتب بسؤال آخر للحكومة والرأي العام المصري «هل هذا المستثمر الذي ترغب الحكومة المصرية في جذب استثماراته وإقناعه بضرورة ضخ أمواله داخل السوق المحلية، يصدق بعد ذلك الأرقام الرسمية الصادرة عن مؤسسات الدولة، خاصة حينما يرى أن الحكومة تتلاعب وبلا خجل في أرقام قناة السويس، من خلال إعلان إيراداتها بالعملة المحلية بدلاً من الدولار في سابقة غريبة وغير مسبوقة في تاريخ القناة؟».
ويؤكد الخبير الاقتصادي أن ذلك «يحدث على الرغم من أن القاصي والداني يعرف أن الإيرادات يتم تحصيلها من السفن المارة بالعملات الدولية وفي مقدمتها الدولار».
وتساءل الكاتب مجددا: «هل يصدق المستثمر الأجنبي والعربي بعد ذلك نسبة التضخم التي تعلنها الحكومة بداية كل شهر، علما بأن هذه النسبة ضرورية جدا، حيث تدخل ضمن بنود تكلفة المشروعات الاستثمارية، ويحدد المستثمر على أساسها القدرة الشرائية للجمهور المستهدف، ومدى تحمل المستهلك أي زيادة في الأسعار؟.. وهل يصدق المستثمر أرقام الحكومة المتعلقة بحجم الاستثمارات الأجنبية، وعدد الشركات التي يتم تأسيسها شهريا، وتأكيداتها المستمرة أنها في زيادة متواصلة على الرغم من أنه لا يوجد على أرض الواقع ما يدعم هذه التأكيدات؟»
ويشير الكاتب إلى أن المواطن البسيط بالطبع فقد الثقة أصلا في بيانات الحكومة، التي باتت لا تعبر مطلقا عن الواقع، فأسعار السلع تشهد زيادات قياسية بسبب الصعود الصاروخي للدولار، وزيادة الجمارك على نحو 614 سلعة، وعدم وجود رقابة قوية على الأسواق، واستفحال جريمة الاحتكارات خاصة للسلع الغذائية.. وعلى الرغم من ذلك تخرج علينا جهات رسمية، أول أمس، لتقول إن معدل التضخم الأساسي انخفض على أساس شهري بنحو 1.24% في أبريل/نيسان الماضي، مقابل ارتفاع 1.62% في شهر مارس/آذار الماضي!.
ويبدي الكاتب كذلك اندهاشه من بيانات "المركزي للإحصاء"، مضيفا «كما يخرج علينا الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ليؤكد ارتفاع معدل التضخم الشهري لأسعار المستهلكين 1.5% فقط في شهر أبريل الماضي، مقارنة بشهر مارس الماضي، على الرغم من أن التجار أنفسهم ومسؤولي الغرف التجارية اعترفوا بأن الزيادات الأخيرة في الأسعار تتراوح ما بين 25 و40% خلال الشهرين الماضيين، وفي بعض السلع أكثر من 50%، وذلك بسبب انخفاض سعر الدولار رسميا بنحو 14.5% مقابل الدولار».
ويتساءل عبد السلام: «ما العيب في أن تخرج علينا الحكومة وتقول، إن إيرادات قناة السويس تراجعت؟». ويشير الكاتب إلى أن الحكومة غير مسؤولة أصلا عن هذا التراجع، بل الأسباب تكمن في بطء التجارة الدولية وركود الاقتصاد الصيني، وتراجع واردات الصين، خاصة المتجهة للاتحاد الأوروبي، وتهاوي أسعار النفط والغاز عالميا، وتفضيل السفن العملاقة المرور عبر رأس الرجاء الصالح بهدف خفض النفقات.
ويشدد الكاتب على أنه «لا أرى عيبا في ذلك، لكن العيب أن تخرج الحكومة وتعلن عن إيرادات القناة بالجنيه المصري وليس بالدولار، كما جرت العادة طوال تاريخ القناة، وذلك حتى تثبت كذبة كبيرة هي أن الإيرادات زادت ولم تتراجع».
ويختم الكاتب «والعيب أيضا أن تخرج الحكومة لتؤكد أن معدل التضخم أقل من 10% رغم الارتفاعات القياسية في الأسعار، وذلك حتى لا تثير قلق المودعين في البنوك، وتدفع بعضهم لسحب ودائعه خوفا من تآكلها؛ لأن معدل التضخم يزيد عن أسعار الفائدة السائدة في القطاع المصرفي».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق