"ملوك الطوائف".. الجهات السيادية سرطان يأكل مصر جمعة الشوال
04/06/2016 04:10 م
كتب- أسامة حمدان:
مع التوسع بدور جهاز أمن الدولة منذ أن كان
يرأسه "حبيب العادلي" قبل أن يصبح وزير الداخلية، وتحول جهاز أمن الدولة
للتبعية المباشرة لرئيس الجمهورية وتضخمه، حيث كان من أسباب تضخمه أنه كان
يسجل أيضًا لقيادات الجيش.
والطريف هنا أن قيادات الجيش كانت تعلم بشأن
تلك التسجيلات وأصبح معروفًا على نطاق واسع الآن أن اقتحام مقرات أمن
الدولة عقب ثورة يناير مباشرة كان بالأساس لحصول "جهات سيادية" على تلك
التسجيلات لقيادات الجيش وهو ما تم لهم (تقريبًا)!
الأجهزة السيادية
الدولة المصرية ما هي إلا عبارة عن أجهزة
أمنية متعددة متناقضة ومتضاربة المصالح، و"الرئيس" منذ انقلاب جمال عبد
الناصر هو الوسيط بين كل تلك الأجهزة يحكم تناقضاتها ويوازن بينها، فمهمة
الرئيس - وهو دوماً عسكري- الأولى قبل أي شيء آخر هو إقامة توازن قوى بين
الأجهزة السيادية يمنع تغول أحدها على الآخر.
ومسمى "سيادية" عبارة غامضة لا تحمل تعريف
واضح لا لكينونتها ولا لدورها ولكنها تُستخدم كناية عن ثلاث أجهزة هي جهاز
المخابرات العامة وجهاز المخابرات الحربية وجهاز الأمن الوطني -أمن الدولة
سابقًا-، ويُفترض أن التعريف النظري لدور هذه الأجهزة هو أنها معنية بجمع
وتحليل المعلومات لحماية الوطن وأمنه القومي من محاولات التجسس أو غيره من
الأمور التي تمس أمن الوطن وهو ما يعني أنها تقوم بدور فيه من النُبل
والشرف ما يجعل المواطنين ممتنين لهم.
ومع انقلاب عبد الفتاح السيسي وظهور ما عُرف
بالتسريبات تأكد وبدليل من ألسنتهم أن كل شيء في الدولة مُقسم على هذه
الأجهزة الثلاثة، فكل جهاز يُدير أذرعه وفقًا لمصالحه وما يسعى للحصول عليه
ولا يقف الأمر عن الإدارة وحسب بل يمتد إلى الصراع فيما بينهم للحصول على
مساحة أكبر.
اللواء "عباس كامل"!
هو النموذج الصارخ والأكثر وضوحًا لتدخل
الأجهزة السيادية في كل مناحي الحياة السياسية وكل شيء في الدولة، فقد ظهر
اسم الرجل لأول مرة في أول تسريب نُشر للسيسي ليُصبح هو بعد ذلك محور كل
التسريبات ورغم قلة المعلومات عن الرجل إلا أن التسريبات أظهرت دوره ودور
جهازه المحوري في إدارة الدولة داخليًا وإقليميًا.
ومن أشهر التسريبات التي تؤكد ضلوع هذه
الأجهزة في تسيير الحياة السياسية، التسريب الذي تحدث فيه كامل طالبًا
جزءًا من الأموال التي تم تحويلها لحساب حركة "تمرد"، التي كانت تجمع
توقيعات لإسقاط الرئيس محمد مرسي وتخوفه من تسرب بعض المعلومات الهامة في
هذا الصدد .
كما يُظهر تسريب آخر سؤال كامل أحد مساعديه
بشأن بث حلقة تلفزيونية للإعلامي "عبد الرحيم علي" تخص المرشح الرئاسي
السابق حمدين صباحي ويظهر في الاتصال اسم مدير إدارة الشؤون المعنوية
بالقوات المسلحة اللواء محسن عبد النبي كحلقة وصل مع الإعلاميين .
ولم تتوقف التسريبات الخاصة بالإعلاميين عند
هذا الحد بل امتدت إلى ظهور تسريب يُوضح تكليف بعض الإعلاميين بمهمة تحسين
صورة قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي وذلك قبيل دخوله مسرحية الانتخابات
الرئاسية، وإلى جانب ذلك فإن التسريبات أوضحت أيضًا تدخل هذه الأجهزة في
عمل القضاء، حيث ظهر تسريب يُفسر كيف تم إخفاء الرئيس محمد مرسي والتلاعب
بالأوراق لإحكام القضية.
كذلك التسريب الآخر الخاص بقضية "سيارة
الترحيلات" والتي قتل فيها "حاجه وتلاتين واحد" على حد قول كامل وقد طلب
كامل في هذا التسريب بضرورة إقناع القاضي للعدول عن موقفه ولذلك حفاظًا على
مستقبل الضابط المتهم في هذه القضية.
تسميم الحياة العامة
وقد امتد تدخل الأجهزة السيادية إلى صلب
الحياة السياسية وهو الانتخابات البرلمانية الأخيرة فقد كانت هذه الأجهزة
محركة لكل خطوات الانتخابات بداية من تحديد موعدها وتأجيله لأكثر من مرة
وصولا إلى اختيار المرشحين وتشكيل القوائم، ومع انعقاد البرلمان نشوب
الخلافات بين الأعضاء بدأت الاتهامات تتقاذف فيما بينهم حول تنفيذهم لأوامر
جهات سيادية بدون توضيح مسمى هذه الجهات.
وعلى سبيل المثال لا الحصر تحدث النائب في
برلمان الدم "مصطفى بكري" عن تدخل جهات سيادية في انتخابات وكيل مجلس
النواب وإدارتها لائتلاف "في حب مصر" وقد انعقدت اللجنة العليا لحزب الوفد
لمناقشة الأمر ذاته، ولكن الأمر في حقيقته لا يعدو كونه خلاف بين الأجهزة
السيادية، فمصطفى بكري يُعد من أحد رجالات مبارك وله من يوجهه، ولهذا السبب
اتهم ائتلاف في حب مصر الذي يوجهه جهاز آخر.
وقد علق حازم عبد العظيم عضو الحملة
الانتخابية لـ"السيسي" على خطاب الأخير الذي قاله في البرلمان وتحدث فيه عن
ضرورة أن يكون حر قائلًا: "بحاول أصدق الرئيس والله، لكن عندما يتحدث عن
أهمية أن يكون البرلمان حر وأنا أعلم وهو يعلم أن جهات سيادية تدخلت في
تشكيل قوائم فلن أصدقه"، وهو ما يؤكد أن الجميع خاضع لأوامر سيادية حتى وإن
اختلفت مسميات هذه الأجهزة.
تبقى حقيقة هامة جديرة بالذكر وهى أن غياب
موقع رئيس الجمهورية عقب ثورة يناير، أشعل الصراع بين الأجهزة السيادية على
الموارد والنفوذ، ولم يعالجه وجود رئيس منتخب هو الدكتور " محمد مرسي"،
حيث لم يتم التعامل معه كرئيس على محمل الجد، بل بعهده تزايد الصراع بين
تلك الأجهزة، بسبب وجود وافد أو لاعب جديد متمثل في الإخوان، يريد أن يجعل
هذه الأجهزة السيادية في خدمة الشعب !
التعليقات / عدد التعليقات (0)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق