كهنة الإسلام الجدد
بقلم: د.عاصم الفولى
منذ حوالى ساعة
عدد القراءات: 262
الجزء الثالث من سلسلة مقالات كنيسة المسلمين
مصطلح جديد يتردد في الاونة الخيرة: الشيخ فلان الفلاني "من علماء الأوقاف"، وهذا المصطلح خطأ، ولا أريد أن أقول كذب، فلا يوجد تخصص علمي إسمة "الأوقاف" كي ينسب العالم إليه (كما نقول علماء الفيزياء، أو علماء الكيمياء، أو علماء الفقة أو الحديث) أما إذا كانت كلمة الأوقاف تعني الوزارة، وهذا ما يقصدونه بالفعل، فليس في وزارة الأوقاف أية وظائف علمية كي يحمل شاغلها إسم عالم، فكلها وظائف تنفيذية، مدير أو وكيل وزارة .. إلخ، أما إذا كان المقصود أنه رجل حصل على شهادة علمية عالية ويعمل في وزارة الأوقاف فلماذا إذن لا نصف حملة الدكتوراه الذين يعملون في سائر الوزارات بأنهم من علمائها؟ .. لماذا لم نسمع عن واحد من علماء العدل أو علماء التموين أو علماء الداخلية (فمنهم من حصل فعلا على درجات علمية عالية) .. ما الهدف من صك هذا المصطلح الخاطيء، وكان يمكنني أن أقول الكاذب، والإصرار على ترويجه؟
لا يمكننا أن نتصور إلا هدفا واحدا، هو أن يستقر في أذهان الناس أن وزارة الأوقاف هي مؤسسة لها وضع يعطيها حق إصدار الأحكام الشرعية .. هذا باطل من جميع النواحي .
لا يمكننا أن نتصور إلا هدفا واحدا، هو أن يستقر في أذهان الناس أن وزارة الأوقاف هي مؤسسة لها وضع يعطيها حق إصدار الأحكام الشرعية .. هذا باطل من جميع النواحي .
. الأوقاف هي جهة تنفيذية مهمتها إدارة أموال الأوقاف وممتلكاتها، ومؤخرا أعطوا لوزيرها حق
احتكار الترخيص بالخطابة والتدريس في المساجد وما في حكمها أو في أي مكان عام آخر، وقد أوضحنا في مقالنا الأول مخالفة هذا القانون للشريعة الإسلامية، وسنوضح في مقال قادم بإذن الله مخالفته لدستورهم الذي وضعوه بأنفسهم، لكن ما يهمنا أن نؤكده هنا هو أن وزارة الأوقاف لا تمارس أي من مهام العلم الشرعي الإسلامي، ولذلك فإن أحدا من موظفيها إذا أراد أن يرفع من مستواه العلمي فإنه يلتحق بالأزهر، لأن الوزارة لا مجال فيها لممارسة البحث العلمي، فلماذا إذن إبتكروا هذا المصطلح؟
إن أول محاولة قامت بها الحكومة المصرية لإسباغ صفة شرعية على مؤسسة تابعة لها كانت محاولة اللورد كرومر، المعتمد البريطاني والحاكم الفعلي لمصر بعد الإحتلال، فرغم كل الضربات التي تلقاها الأزهر منذ وصل محمد علي إلى السلطة كان ما يزال يحتفظ باستقلاله عن السلطة، فشيخ الأزهر تختاره هيئة كبار العلماء، ومشيخة الأزهر تعتمد على الأوقاف الخاصة به والتي تديرها بنفسها لتدبير إحتياجاتها المالية (وقد استمر هذا الوضع حتى صادر عبد الناصر هذه الأوقاف ليعتمد الأزهر بعد ذلك على التمويل الحكومي)، فأنشأ كرومر مدرسة القضاء الشرعي لتخريج القضاة الشرعيين، وكانوا من قبل يعينون من خريجي الأزهر، وألحقها بوزارة الحقانية (العدل) لتكون تابعة للحكومة التي يسيطر عليها، واستمر هذا الوضع لحوالي عشرين عاما، ثم تمكن الأزهر من إلحاق مدرسة القضاء الشرعي به واسترد حقه في الإشراف على تخريج القضاة الشرعيين.
احتكار الترخيص بالخطابة والتدريس في المساجد وما في حكمها أو في أي مكان عام آخر، وقد أوضحنا في مقالنا الأول مخالفة هذا القانون للشريعة الإسلامية، وسنوضح في مقال قادم بإذن الله مخالفته لدستورهم الذي وضعوه بأنفسهم، لكن ما يهمنا أن نؤكده هنا هو أن وزارة الأوقاف لا تمارس أي من مهام العلم الشرعي الإسلامي، ولذلك فإن أحدا من موظفيها إذا أراد أن يرفع من مستواه العلمي فإنه يلتحق بالأزهر، لأن الوزارة لا مجال فيها لممارسة البحث العلمي، فلماذا إذن إبتكروا هذا المصطلح؟
إن أول محاولة قامت بها الحكومة المصرية لإسباغ صفة شرعية على مؤسسة تابعة لها كانت محاولة اللورد كرومر، المعتمد البريطاني والحاكم الفعلي لمصر بعد الإحتلال، فرغم كل الضربات التي تلقاها الأزهر منذ وصل محمد علي إلى السلطة كان ما يزال يحتفظ باستقلاله عن السلطة، فشيخ الأزهر تختاره هيئة كبار العلماء، ومشيخة الأزهر تعتمد على الأوقاف الخاصة به والتي تديرها بنفسها لتدبير إحتياجاتها المالية (وقد استمر هذا الوضع حتى صادر عبد الناصر هذه الأوقاف ليعتمد الأزهر بعد ذلك على التمويل الحكومي)، فأنشأ كرومر مدرسة القضاء الشرعي لتخريج القضاة الشرعيين، وكانوا من قبل يعينون من خريجي الأزهر، وألحقها بوزارة الحقانية (العدل) لتكون تابعة للحكومة التي يسيطر عليها، واستمر هذا الوضع لحوالي عشرين عاما، ثم تمكن الأزهر من إلحاق مدرسة القضاء الشرعي به واسترد حقه في الإشراف على تخريج القضاة الشرعيين.
هذا يطرح سؤالا: لماذا تريد الحكومة إعطاء صبغة شرعية لمؤسسة تناطح الأوهر وهي قد سيطرت الآن على تمويله وعلى الكثير من شئونه الأخرى؟ .. الإجابة هي أن طبيعة الأزهر كمؤسسة علمية شرعية لا تضمن للحكومة القدرة الكاملة على استخدامه في توجيه عقول المسلمين المتدينين حيث تشاء.
لاحظنا بالطبع خلال العقود الأخيرة أن أساليب الترغيب والترهيب قد أفلحت في تكميم أفواه الغالبية العظمى من علماء الأزهر، لكن أن تمنعه من إبداء رأيا يخالفك شيء، وأن تجعله بوقا لك يروج ما تريده أنت من أفكار هو شيء آخر تماما، فالتنظيم الأكاديمي الذي ينخرط فيه علماء الأزهر لا يسمح للقيادات أن تصدر للأساتذة توجيهات بشأن آرائهم العلمية، فالأستاذ هو أعلى سلطة علمية في مجال تخصصه، والمناصب الإدارية (رئيس القسم والعميد ورئيس الجامعة) لا يحق لها التدخل في البحث العلمي ولا في نتائجه، وأعضاء هيئة التدريس يتم ترقيتهم من خلال اللجان العلمية العليا التي تضم كبار الأساتذة في التخصص وتتولى فحص وتقييم إنتاجهم العلمي، لا يمكن تأخير ترقية الأستاذ المساعد مثلا لأنه لا ينفذ أوامر العميد .. هذه البيئة، برغم كل الضغوط، قادت إلى الوضع الذي نلمسه الآن .. صحيح أن قلة من علماء الأزهر هي التي تتصدى بالرأي الشرعي لتفنيد القرارات السياسية التي تتعارض معه، لكنك في المقابل ستجد أن من يجاهر بلوي عنق النصوص لتبرير كل هذه القرارات السياسية هم أيضا قلة قليلة.
أما العاملون في وزارة الأوقاف فهم كلهم مجرد موظفين عليهم تنفيذ تعليمات قياداتهم وإلا تعرضوا للعقاب، حتى وصل الأمر بهذه القيادات أن تصدر تعليمات بما يجب أن يقال في خطبة الجمعة، وليس فقط ما ينبغي ألا يقال، والقيادات العليا في الوزارة يتم تصعيدها بالاختيار ولا تستمر في وظائفها إلا باستمرار رضاء من اختارهم .. هذا وضع لا يمكن أن تجده في أي جامعة، لذلك إذا كنت حاكما مستبدا وتريد استخدام مؤسسة ما لترويج ما تراه أنت على أنه هو رأي الشرع فلا يمكن أن تطمئن إلى أن الأزهر كمؤسسة سيستمر في الاستجابة لك على الدوام، لكن موظفي الوزارة عجينة طيعة في يد الوزير، والوزير شخصيا يمكن تغييره في يوم وليلة بتعديل وزاري دون أن يملك أحد حق الاعتراض أو حتى مجرد التساؤل.
هذا هو الهدف من محاولة إقناع المصريين أن وزارة الأوقاف هي مؤسسة دينية إسلامية عليهم الاستجابة لتوجيهاتها الشرعية .. صناعة سلطة كنسية إسلامية خاضعة للدولة .. وله الأمر من قبل ومن بعد.
***
***
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق