رسالة طالب البريطانية المعتقل تبث أجواء يناير من جديد وسط زملائه
منذ 8 ساعة
عدد القراءات: 525
في المعتقل المكان مظلم كأرواحنا التي فقدت ألوانها.. ضيق كأنفاسي.. قذر كجسدي الذي لم تمسه الماء منذ ايام , رائحة لا تُطاق.. لا حمام هنا! - فقط - جردل في الركن لقضاء الحاجة.. جردل ملطخ بأشياء أعرفها جيداً لكني لا أريد تصديق ما أراه.
رسالة مسربة للطالب أيمن علي موسي ، طالب في الفرقة الثانية بهندسة الجامعة البريطانية ومدرب كرة ماء في نادي هليوبوليس، والمعتقل منذ 6 اكتوبر 2013 بأحداث رمسيس وحكم عليه بالسحن 15سنة .
يصف أيمن موسي المشهد قائلاً : أشعر بحبل مشنقة يلتف حول روحي ،نظر إلى ممتلكاتي.. بطانيتين باليتين تعتليهم الصراصير، مصحف، زجاجة ماء، و ذكريات مشوشة ، يسألني أحد جيراني الجدد إن كان معي مخدرات.. أرد نافياً.. يسمعنا آخر فيجيبه بالإيجاب.. يتفقون على سعر القرص ثم يعرض عليّ بضاعته.. فأرفض شاكراً..
ويستطرد: أذهب إلى البطاطين لأحاول النوم.. أخلع ما في قدمي كي أتوسده.. أتقلب.. لا أستطيع النوم!!أفكر.. أفكر في جيراني و كيف وصل بهم الحال لما هم عليه.. أنصاف أحياء.. كل ما يفكرون فيه هو كيف يقضي يومه.. كيف يخدع عقارب الساعة المتحجرة و يجعلها تدور كالنحلة.. فيأخذ المخدرات فهي الحل المثالي في هذه الحالة.. أو الحل الأسهل.. وبتابع : أتعجب من سهولة دخولها هنا في أظلم مكان في السجون.. في الحبس الإنفرادي.. و صعوبة أو استحالة دخول كتاب.. بل ورقة! تساءلت كثيراً إن كانوا هؤلاء هم قوى الشر، أم هم ضحايا سنوات إستيطان هذه الأماكن؟
سنوات من تعاطي المخدرات التي تحولت من وسيلة لقضاء اليوم إلى غاية يعيش من أجلها.. يبيع من يبيع من أجل جرعته التي تزداد يومياً.. و يتحول من إنسان بأحلام و آمال إلى وحش دموي! كيف للداء أن يتضخم في المستشفى؟ أليس هذا المكان مشفى للإجرام!
"أقوم من مكاني ممسكاً بالمصحف.. أذهب ناحية النظارة - شباك الباب - أقتبس بعض الضوء.. أقرأ ما تيسر لي و أرجع لأحاول النوم..أتقلب.. لا فائدة.. أندم على عدم قبول البضاعة من جاري.. أفتخر من صمودي بعد تذكري لحرمانيتها و أضرارها على الصحة و المجتمع.. و أخشى من ذهاب هذا الصمود!
"أقف في مكاني.. محدقاً.. أقفز عدة مرات دون أي سبب! أتوقف.. أسير عشوائياً في الزنزانة.. أقف أمام إحدى اللوحات الأربعة اللاتي أتوسطهن.. أحاول قراءة ما عليها.. لم يكن هناك شيء واضح سوى بعض الجمل مثل: "من أجل الجدعنة اتحبست أنا"و أخرى "عائلة النسر مجبتش راجل"..أضحك مما أقرأ، فهؤلاء، لهم ثوريتهم الخاصة!
" أضرب الحائط عدة مرات بقبضتي.. أحاول النوم.. فأنام! أستيقظ على آذان الفجر..في هذا المكان!
كان كل شيء كما هو، ينقصه بعض الوقت الذي مضى - بدون مخدرات أذهب إلى النظارة لأسأل عن الساعة.. لم يرد عليّ أحد.. أحيانا يكون التفكير أسوء من المخدرات!
كيف أمضي هذه الساعة؟ تساءلت ناظراً حولي، رأيت علبة الجبن، هممت إليها ثم توقفت متراجعاً عندما تذكرت عدم وجود حمام.. أسمع نكبيرات العيد بوضوح من بعيد.. من العنابر المجاورة.. من عند زملائي.. زملائي الذين صاروا عائلة أخرى لي.. حرمت من عائلتين هذا العيد!شعرت بدوران الأرض حول الشمس، و دورانها حول
نفسها.. ودوراني حول نفسي!
عيد سعيد" ناجيت بها روحي.. قبل أن تُعدَم!
عيد سعيد" ناجيت بها روحي.. قبل أن تُعدَم!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق