"نكبة اليرموك".. شاهد عيان على جرائم الأسد وداعش
05/07/2016 01:34 م
كتب- أسامة حمدان:
الثورة في سوريا تتميز بالأرقام المذهلة، فهناك أكثر من 9 ملايين شخص وهم بحاجة إلى مساعدة إنسانية مستمرة، وهناك 9 ملايين من المشردين في داخل وطنهم، فيما فر مليونان إلى دول الجوار، ويضاف إلى هذه الأرقام أكثر من 150.000 شخص قتلوا منذ اندلاع الحرب التي دمرت معظم مدن البلاد.
وخلال الأزمة قامت الأمم المتحدة بتوجيه عدد من النداءات لإغاثة اللاجئين والمشردين السوريين إلا أن مجلس الأمن لم يكن قادرا على تشكيل الأحداث بسبب الموقف الروسي الداعم لنظام الأسد وإلى حد قريب الموقف الصيني.
وفي مخيم اليرموك مشاهد بائسة لظروف صعبة يعيشها اللاجئين الفلسطينيين، حيث تعرضوا للقصف والحصار والتجويع، ما أجبرهم على مواصلة رحلة اللجوء إلى دول أخرى من العالم.
حال مخيم اليرموك واحد من عشرات المخيمات والتجمعات الفلسطينية التي تعرضت للتدمير من قبل النظام السوري وميليشياته ولا يتمتلك من الرصيد إلا الاسم الذي "تشحذ" عليه خلال مسيرتها التاريخية، والحال ان الفلسطينيين في سوريا تحولوا إلى هائمين على وجوههم في كل أصقاع الأرض، وإلى طلبة لجوء ينافسون السوريين على أبواب السفارات الأجنبية التي باتت تنتقي منهم من تشاء وتقذف الى البحر حيث شواطئ أوروبا من تشاء منهم.
عدد من سكان المخيم رووا قصصا ومآسي تعرضوا لها داخل مخيم اليرموك الذي أنشيء عام 1956 في ضواحي العاصمة السورية، وفرض عليه النظام السوري حصارا "جزئيا" تحول إلى حصار "كلي" عام 2013، لتستمر رحلة الحصار بعد أن دخله تنظيم "الدولة الإسلامية" داعش المخابراتي عام 2015.
بداية الأزمة
إبراهيم العلي من سكان المخيم (1969-2015) غادر والداه فلسطين في عمر مبكرة، وولد ودرس ونشأ وتزوج في المخيم، لكنه خرج منه. يقول إن والدته شهدت نكبة عام 1948 ونكبة اليرموك، لكنها ترى أن نكبة المخيم كانت أشد وطأة.
استوعب المخيم كل الهجرات الفلسطينية -وفق العلي- كما لجأ إليه بداية الأزمة السورية أناس من درعا وحمص وريف دمشق وغيرها من المناطق السورية.
16 ديسمبر 2012 قصفت طائرات النظام السوري مسجد عبد القادر الحسيني داخل مخيم اليرموك، ما تسبب في سقوط عشرات القتلى، وفي صباح اليوم التالي بدأ نزوح أكثر من 80% من سكان المخيم، في مشهد شبيه بنكبة عام 1948.
الباحث والصحفي الفلسطيني ياسر علي يؤكد أنه بعد ضرب مسجد عبد القادر الحسيني الذي كان يأوي بداخله أيضا نازحين سوريين، وُجه إنذار لأهل المخيم بالخروج منه بحجة أنه سيتعرض لهجوم.
مشهد الخروج الجماعي من مخيم اليرموك، وصفه بحسرة من تحدثوا لحلقة "فلسطين تحت المجهر" ومنهم إبراهيم العلي الذي يقول إنه لن ينسى ذلك المشهد، وخاصة ذلك الوالد الذي فقد ابنته حنين بين الجموع وظل ينادي عليها ويبكي.
موقف بشع
من جهتها، تحدثت الطفلة حنين العلي بحسرة عن مشهد النزوح من المخيم، ووصفته بالموقف البشع، حيث كان الناس يلقون نظرة أخيرة وهم يخرجون، وبأنها تركت روحها وقلبها هناك.
ونفس الشيء أشار إليه سليم شنار من سكان المخيم (1963-2012) بقوله إن الناس لم يعلموا إلى أين يذهبون في تلك اللحظة.
رئيس الهيئة الفلسطينية في المعارضة السورية أيمن أبو هاشم تساءل من جهته عن ما إذا كان خروج الفلسطينيين من المخيم بفعل قصف النظام السوري أو الخوف من الاشتباكات، أم كان هناك "طابور خامس يعمل في المخيم لتهريب الناس وتشجيعهم على النزوح".
وتحدث سكان المخيم أيضا عن الحصار والتجويع الذي تعرضوا له من طرف النظام السوري وتنظيم الدولة، وتقول فضيلة عباس (1978-2015) إنها لم تجد ما تطعم به طفلها.
بينما يؤكد أحمد حسين من مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا أن سكان المخيم كانوا لا يجدون سوى شربة توابل، وكانوا يعيشون على أعشاب وحشائش بعضها سامة تسببت في حالات وفاة.
ويقول طارق حمود الذي عمل في المخيم (2005-2011) إن الحصار ولّد مشاكل اجتماعية وجنائية، ويروي قصة اللاجئة الفلسطينية التي لم تتحمل بسبب الضغط النفسي الواقع عليها صرخات طفلها الجائع، فانهالت عليه ضربا حتى فارق الحياة، ويقول إن هناك تفاصيل من المعاناة لم ينقلها الإعلام.
ووفق إحصاء لمجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، فقد قضى 184 من سكان المخيم نتيجة الحصار حتى نهاية عام 2015 من بينهم 21 طفلا. وبلغ عدد إجمالي ضحايا المخيم 1055 حتى أبريل 2015، وذلك بين قصف وقنص وإعدام.
ويعبر بعض من خرجوا من المخيم -مثل الشابة حنين ونالين- عن الذكريات في مخيم اليرموك وبأنه كان حضنا دافئا للفلسطينيين، وبأنه وطنهم الصغير، بينما يقول إبراهيم العلي إنه في غياب الحاضنة العربية بات للفلسطينيين خيارات محدودة منها الهجرة لأوروبا، وأصبح لدى المهاجر الفلسطيني قناعة بأن العودة لفلسطين تتحقق من أي بلد، وبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين بداية عام 2011 في مخيم اليرموك حوالي 145 ألف لاجئ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق