أسرار 3 تغريدات أمريكية مشبوهة لقتل أردوغان ليلة الانقلاب
03/08/2016 11:34 ص
كتب- بكار النوبي:
شن الإعلام التركي هجومًا حادًا على مركز الدراسات الإستراتيجية والأمنية الأمريكي "ستراتفور" على خلفية التغريدات المتعاقبة المثيرة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر ليلة الانقلاب الفاشل في 15 يوليو الماضي حدد فيها موقع طائرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأتاح هذه الإحداثيات للمتورطين في الانقلاب العسكري وهو ما يؤكد دور المركز المشبوه في المساهمة في محاولة قتل أو اعتقال الرئيس التركي لإنجاح الانقلاب.
ونشرت وكالة الأناضول التركية تقريرًا موسعًا بعنوان "مركز ستراتفور... نافذة ضبابية للاستخبارات الأمريكية ويد خفية وراء الانقلابات"، وتساءل التقرير "كيف تمكن المركز من تحديد موقع طائرة أردوغان وبالتالي نشره على الملأ وتحويله إلى هدف في مرمى الانقلابيين؟".
تغريدات مثيرة ومشبوهة
يقول التقرير: "ليلة المحاولة الانقلابية نشر مركز ستراتفور ثلاث تغريدات، حدد في كل منها موقع طائرة الرئيس التركي أردوغان، كانت بمثابة توجيه للانقلابيين من أجل اغتياله واستهدافه، وفي الوقت نفسه أثارت أسئلة كثيرة عند الرأي العام، حول المركز، وأسباب الضبابية والغموض التي تلفه، في مصدر المعلومات، والتمويل والعلاقات، والأشخاص وماضيهم الاستخباراتي".
أولى تغريدات المركز حدد خلالها على الفور، موقع طائرة أردوغان فوق بحر مرمرة، أتبعها على الفور بتغريدة ثانية حدد فيها موقع طائرة أردوغان بأنها على مشارف إسطنبول و"احتمال" أنها تتهيَّأ للنزول، أما التغريدة الثالثة فأكد فيها نزول طائرته في مطار أتاتورك، وأرفقها بخريطة تحدد خلالها موقع مطار أتاتورك.
وحاولت الأناضول الاستفسار من مسؤولي المركز عن سبب نشر هذه التغريدات على موقع التواصل الاجتماعي، في بلد يشهد محاولة انقلابية، وعن الآلية التي استدلوا من خلالها على موقع الطائرة، تهربوا من الإجابة بشكل مباشر على هذه الأسئلة.
وبحسب التقرير لم يكتفِ مركز "ستراتفور" بنشر التغريدات، بل شارك خبرا كاذبا لقناة "إم إس إن بي سي" الأمريكية، ومفاده أن "أردوغان يطلب اللجوء من ألمانيا".
ولم يقتصر الأمر على ذلك، ففي اليوم التالي للمحاولة الانقلابية، أي في 16 يوليو، نشر مركز "ستراتفور" سيرة ذاتية للرئيس أردوغان، تضمنت معلومات كاذبة، من بينها، أنَّ سبب سجن أردوغان عام 1999، كان على خلفية " تحريضه على العنف، والكراهية الدينية والعرقية".
أما الثانية، فهي "عمل أردوغان طيلة عام 2000 على إضعاف قوة الجيش التركي"، وقدم إيماءات ضمن السيرة الذاتية توحي للقارئ، بأن لأردوغان عداوة شخصية مع الجيش، وهذا الأمر بحد ذاته يسوق لدى القارئ، أسباب تدفعه لشرعنة المحاولة الانقلابية.
وبعد ردود أفعال غاضبة من جهات دولية تعبر عن الرأي العام العالمي، حذف المركز الذي يعد أحد محركات الرأي العالمي، نبأ "طلب أردوغان اللجوء من ألمانيا" من تويتر.
مؤامرة على تركيا
ويرى أحمد أويصال الأستاذ في جامعة مرمرة التركية، بحسب الأناضول أن منشورات مركز ستراتفور، أمسية المحاولة الانقلابية، بأنها سعي للإيقاع بأردوغان في أيدي الانقلابيين، وليست مادة إعلامية للنشر".
وأردف أويصال "إنَّ تحديد موقع الرئيس الأمريكي ونشره في مثل هذه الحالات ، أمر لايمكن أن تقوم به ستراتفور، فهذا الأمر يعد خيانة للوطن من قبل وسائل الإعلام الأمريكية، أما حين ينطبق الأمر علينا فيصبح الأمر حرية إعلامية".
وأشار أويصال إلى العلاقة التي تربط زعيم منظمة الكيان الموازي "فتح الله غولن" برئيس الاستخبارات الأمريكية الأسبق، غراهام فولر، قائلاً "إنَّ ما جرى في تركيا، أصبح بعد حين محاولة انقلابية، وفي مصر فعلوا نفس الشيء، عندما ينجح الانقلاب، يُظهرون أنفسهم وكأنهم يتعاملون مع أمر واقع أمامهم، يقولون بأنهم لا علم لهم بالمحاولة الانقلابية في تركيا، ولا يمكن للاستخبارات الغربية، أن تكون بدون أي معلومات حول المحاولة الانقلابية، بل هم وراءها، ونحن نرى بشكل واضح أنَّ غراهام فولر، ورجال استخباراته السابقين، ضالعون في المحاولة الانقلابية التي شهدتها تركيا.
عمل مخابراتي لا بحثي
وحول طبيعة عمل مركز ستراتفور، يرى الأستاذ في جامعة يلدرم بيازيد، بيرول آق كون، أنها في الظاهر تبدو ذات شفافية، إلا أنَّ الضبابية والغموض التي تلف الواقفين خلفها تثير أسئلة الاستفهام كثيرة حولها.
ويبين آق كون أنَّ نشر ستراتفور للأخبار أمسية المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا، ساعة بساعة وبسرعة، يظهر أنَّ طبيعة عملها هو أنها ظلُّ للاستخبارات الأمريكية.
وقال آق كون "من الواضح أن المراد كان نجاح الانقلاب في تركيا، إنَّ مؤسسة ستراتفورد معروفة بأنها الحديقة الخلفية أو الظل غير الرسمي للاستخبارات الأمريكية، مثل هذه المؤسسات لا تكون مستقلة، فكيف لها أن تحدد وتنشر على الملأ موقع طائرة أردوغان وتحوِّله لهدف في مرمى الانقلابيين".
وأشار آق كون إلى أنَّ المعلومات التي كانت تنشرها ستراتفورد ليست من تجميعها، بل معلومات قامت الاستخبارات الأمريكية بتزويدها إياها، قائلاً " بعد الساعة الثانية (بعد منتصف الليل)، بدأوا (ستراتفور) بنشر معلومات حول تقهقر الانقلابيين، هؤلاء إما أنَّهم على تواصل مباشر مع الانقلابيين، أو أنَّ أجهزة استخباراتية كانت تزودهم بالمعلومات، وهؤلاء بإظهار موقع طائرة أردوغان، لم يكونوا يقدمون أخبارًا أو معلومات، بل كانوا يحاولون إدارة حدث(...) لو كان الأمر في الولايات المتحدة، لما تجرأوا على نشر موقع الرئيس الأمريكي، أو لما كانوا علموا بمكانه في الأصل.
وطرح آق كون احتمال تجنيد ستراتفور لعملاء من الجيش التركي، على غرار عميلها في الجيش اللبناني، الذي كشفت عنه وثائق ويكيليكس، وقال أيضا" إنَّ الموظف المناسب لهم في تركيا، يأتي من الأشخاص الذي يعادون أردوغان، وعليه فإنَّ من أهم مزايا منظمة فتح الله غولن، هي عالميتها وقدرتها على جمع المعلومات واستخدام قوة المركز لتسويق هذه المعلومات".
معلومات حول "ستراتفور"
مؤسس المركز هو "جورج فريدمان"، يهودي، من أصل مجري، يعد من "المحافظين الجدد" ومعروف بمعاداته للإسلام، وتأييده لدولة إسرائيل. وتنحى فريدمان، عن إدارة المركز، عام 2015، ليحل مكانه، ديفيد سيكورا، مؤسس موقع المبيع عبر الهاتف " Digby" حوَّل سيكورا موقع "Digby" إلى موقع كبير في فترة وجيزة، وجيء به لإدارة المركز على الرغم من قلة خبرته في قضايا الاستخبارات وتكنولوجيا الحروب، إلا أنه يعد خبيرًا في عالم الرقميات والتجسس الرقمي.
ومن المديرين المسؤولين في المركز، "جون ساثير" عميل الاستخبارات الأمريكية لمدة 25 عامًا، والمشارك في العديد من العمليات الاستخباراتية حول العالم، أصبح في نوفمبر 2015 مسؤول الاستخبارات في ستراتفور.
وتولى "بريت بويد"، منصب نائب مسؤول الاستخبارات في المركز، وهو من قادة القوات الخاصة الأمريكية سابقًا وشارك في العمليات العسكرية للجيش الأمريكي في العراق.
أما رئيس التحرير في المركز، ديفيد جودسون، فقد أمضى ثماني سنوات في تركيا، عمل خلالها منسقا عاما في جريدة "ريفيرانس" التابعة لمجموعة دوغان الإعلامية، ثم مديرا للنشر في صحيفة "حرييت ديلي نيوز".
ومن كبار محللي الشأن الأمني ومكافحة الإرهاب في ستراتفور، "سكوت ستيوارد"، عمل في وزارة الخارجية الأمريكية، قرابة 10 سنوات، كعميل خاص، ويعد ستيوارد خبيرا في التنظيمات الإرهابية وطريقة عملها وتكتيكاتها.وتبقى المعلومات عن بقية موظفي المركز، غامضة، إلا أنَّ مؤشرات تظهر ارتباطها مع عملاء وأجهزة استخبارات دول كثيرة، تدور حولها أسئلة استفهام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق