بالصور والخرائط.. حقيقة ملكية مصر لجزيرة "خيوس" اليونانية
29/08/2016 09:48 م
بكار النوبيمع استمرار أزمة تفريط عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب العسكري، في التراب الوطني وتنازله عن جزيرتي تيران وصنافير في اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية، ونقل السيادة عليها من مصر إلى السعودية، أثيرت مؤخرا قضية التنازل عن جزيرة "خيوس" أو "ثاسوس" لليونان.
وللوقوف على حقيقة الأمر، يستلزم الأمر بحثا متجردا من الهوى، مشفوعا بالولاء لهذا الوطن وعدم التفريط في سيادته على أي ذرة تراب من أرضه ورماله. فلسنا من أولئك الذين يروجون الشائعات بلا بينة أو دليل، ولكن الحق هو قبلتنا التي لا نحيد أو ننحرف عنها. ولا نترك للهوى أو الكراهية مجالا للتحكم والسيطرة في توجهاتنا ومبادئنا؛ امتثالا لأمره تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)}المائدة.
وفي هذا الإطار، يأتي هذا التقرير لتوضيح الحقيقة وجلاء الحق وعدم الانسياق وراء شائعات وأقاويل ليس لها من الحق نصيب.
هل تنازلت الحكومة عن جزيرة لليونان؟
ترجع بداية الأزمة عندما خرج الدكتور عاطف عثمان، مدير عام إدارة الأوقاف والمحاسبة سابقًا، ليعلن عن أن مصر تمتلك العديد من الأوقاف في دول العالم، ومنها أوقاف بالحرمين الشريفين في المملكة العربية السعودية ما زالت موجودة حتى الآن، ولا أعلم أين تذهب عوائدها، ومنها قطعة أرض مساحتها 300 متر بمكة، وكذلك مصر تمتلك أراضٍ بجزيرة "تسيوس" في اليونان، وقصر محمد علي في "قولة" وعددا من الأوقاف خارج مصر.
وأكد عثمان- في تصريحات صحفية- أن الجزيرة مساحتها 50 كلم، وهى كانت هبة من السلطان العثماني لمحمد علي باشا، وقد أوقفها فيما بعد للأعمال الخيرية، مشيرا إلى أن هناك إهدارا لمئات الملايين في أوقاف مصر الموجودة باليونان، كما تملك مصر مَحمّل الركب الشريف في السعودية.
هذه التصريحات أدت إلى انتشار العديد من الأخبار بالمواقع المصرية، تتحدث عن امتناع السلطات اليونانية عن دفع مبلغ مليون دولار كقيمة إيجارية لتلك الأوقاف بالجزيرة للجانب المصري، وذلك عقب توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر واليونان وقبرص، نتج عنها تنازل مصر عن ملكية تلك الجزيرة.
حقائق تاريخية حول الجزيرة
وعن الحقيقة التاريخية لتلك الجزيرة، وعلاقة مصر بها، قال الدكتور عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ الحديث: إن الاسم الحقيقي للجزيرة هو "خيوس"، وهي جزيرة يونانية خالصة، ولا صحة لما يقال بأن الجزيرة مصرية.
وأكد الدسوقي- بحسب "هافينغتون بوست عربي"- أن الوقائع التاريخية التي ربطت الجزيرة بمصر ترجع إلى عام 1825، وذلك عندما صدر "فرمان" (قرار) من السلطان العثماني بمنح تلك الجزيرة إلى جانب جزيرة كريت لمحمد علي؛ مكافأة له على مساعدته في إخماد الثورة اليونانية، التي كانت تطالب باستقلال اليونان عن الحكم العثماني، حيث كانت تخضع له مع بعض من بلدان أوروبا الشرقية.
وذكر أن سيادة محمد علي على تلك الجزيرة انتهت عام 1841، وذلك مع صدور فرمان آخر من السلطان العثماني، والذي حدد ولاية محمد علي في حدود مصر فقط، بعدما اتفق مع عدد من دول أوروبا الكبرى في هذا الوقت على تحجيم قوة محمد علي، وتهديده بالضرب العسكري، بعد أن تم تصنيفه كقوة إقليمية تهدد التوازن الدولي المحدد في اتفاقية مؤتمر فينا عام 1815، والتي تم توقيعها بعد التخلص من نابليون بونابرت.
بيان وزارة الأوقاف
وزارة الأوقاف بحكومة الانقلاب نفت من جانبها تنازل الهيئة عن بعض أملاكها بجزيرة ثاسوس اليونانية، ووصفت ما يشاع بأنه «كذب وافتراء»، مؤكدة عدم تنازلها عن أى من أملاكها باليونان أو بغيرها.
ولتوضيح الموقف، رفض عبد الغنى هندى، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، الخلط بين ترسيم الحدود بين مصر واليونان وبين أملاك الأوقاف، وزعم البعض تنازل الأوقاف عنها».
وأضاف هندى- في تصريحات خاصة لصحيقة «الشروق»- أن «الأوقاف ملك لمصر ولكنها على أرض يونانية، مثلها مثل سفارات الدول المملوكة لدولها، لكنها موجودة فى دولة أخرى».
وأكد هندى أن الجزيرتين ملك اليونان، وأن أملاك الأوقاف هناك ليست على كل مساحة الجزيرتين، وأن الأهم أن الأوقاف التى نملكها موجودة ولكن داخل الأراضى اليونانية.
أملاك الأوقاف باليونان
وتعترف وزارة الأوقاف بأن من أملاكها في اليونان منزل والد محمد علي باشا، الذى صار متحفا، والمدرسة الحربية التى أنشأها محمد علي باليونان، والتى تحولت إلى فندق، وقطعة أرض ملك الأوقاف مساحتها 11.700 متر فى أفضل موقع فى جزيرة «تسس» اليونانية السياحية، حيث تقع هذه المساحة فى مواجهة ميناء الركاب بالجزيرة، إضافة إلى مساحة أخرى قدرها 45 ألف متر وعدد من المنازل والحدائق.
وما يتردد حقا أن الحكومة اليونانية تمتنع عن دفع مستقحات إيجار هذا الوقف الكبير خصوصا من بعد اتفاقية ترسيم الحدود الاقتصادية مع قبرص واليونان، وهو الأمر الذي لم يصدر به نفي من جانب سلطات الانقلاب.
وبحسب مصادر حكومية، فإن الأوقاف تدرس استثمار هذا "الوقف" بالشراكة مع وزارة الاستثمار وبعض الشركات التابعة لها. خصوصا مع انهيار الأوضاع الاقتصادية بصورة غير مسبوقة، الأمر الذي يدفع السيسي وحكومته إلى البحث في الدفاتر القديمة للحصول على أي أموال تسهم في سد عجز الموازنة المزمن، والذي بات خارج السيطرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق