"سيجنال" للمحادثات المشفرة تخرج لسانها للرقابة المصرية والإماراتية على الإنترنت
24/12/2016 02:35 م
كتب- كريم محمد:
معركة لم تستغرق سوى أيام قليلة بين الرقابة على الإنترنت في مصر، وشركة Open Whisper Systems المطوّرة لتطبيق المحادثات المشفرة الشهير "سيجنال"، التي يصعب تجسس الحكومات عليها، انتهت بتوجيه "ضربة فنية"، من تطبيق المحادثات الشهير، عبر تحديث جديد تم تنفيذه خصيصًا له لتجاوز منع الولوج إليه في مصر واﻹمارات.
قصة هذه المعركة أعادت الأمل للصحفيين والنشطاء أكثر مستخدمي هذا التطبيق، في اتصالات آمنة يصعب التجسس عليها عبر شركات الاتصالات المصرية، في أعقاب سلسلة من الخطوات المصرية للرقابة على الإنترنت.
القصة بدأت بشكوى صحفيين ونشطاء يستخدمون تطبيق "سيجنال" المشابهة لواتس آب في المحادثات الآمنة، قبل أسبوع، من تعذر الوصول للتطبيق عن طريق شركات المحمول المصرية، وكشف شركة "Whisper Systems"، عبر حسابها على "تويتر"، رسميًّا، أن مصر حظرت تطبيق الدردشة المشفر سيجنال.
وكتبت شركة "أوبن ويسبر سيستمز" التي تقوم بتطوير تطبيق "سيجنال" انه بعد تحقيقات أجرتها تبين أن مصر تحجب استخدام سيجنال وتحظر الوصول إليه، وأن عدد من مقدمي خدمات اﻹنترنت في مصر قاموا بتعطيل الاتصال بخدمات "سيجنال" وموقعها اﻹلكتروني.
وأضافت الشركة، عبر حسابها على تويتر، أنها بصدد إضافة تحديثات لتجاوز الرقابة إلى التطبيق خلال اﻷسابيع المقبلة، موضحة أنه يمكن للمستخدمين استخدام متصفح «تور» Tor، أو الشبكة الخاصة الافتراضية VPN للولوج للتطبيق حتى الانتهاء من التحديثات.
وقال موكسي مارلينسبايك مؤسس تطبيق "سيجنال"، والذي طور تكنولوجيا تشفير الرسائل بين طرفي الاتصال، والتي تستخدم في جميع محادثات "واتساب" الآن، إن الحكومة المصرية حظرت تطبيق التواصل الصوتي والكتابي المشفر بـ"سيجنال".
كما أشار تقرير لـ(مدونة ماذربورد) إلى واقعة حجب التطبيق في مصر ضمن القيود على الإنترنت.
ولم يُقدَم الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات أو وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أي تفسير للحظر، أو يردون على شكاوى منع سيجنال في مصر، ولم تقم أي من الشركات المزودة لخدمات الاتصالات في مصر بإصدار أي توضيح بخصوص سيجنال.
واكتفى أحد موظفي شركة "تي داتا" بالقول ردا على حجبهم تطبيق "سيجنال"، أن "الأمور على ما يرام ولا يوجد تغيير"، وهو ما نفته إدارة شركة "أوبن ويسبر سيستمز"، كاشفة وجود حظر من قبل شركات المحمول في مصر للتطبيق.
وقال موظف اخر في شركة "لينك"، أن "الشركات كثيرا ما تحاول حظر كل تطبيقات التواصل مثل واتس اب وتليجرام وسيجنال وغيرها لأسباب اقتصادية، تتعلق بتوقف المصريين عن استعمال خدمات المحمول مثل الرسائل والاتصالات العادية، واللجوء للتطبيقات المجانية، ما كبدها خسائر كبيرة.
كسر الحظر وإخراج اللسان للرقابة المصرية
ولم يمر سوى يومين على المعركة، حتى أعلنت شركة "أوبن ويسبر سيستمز" أنها قامت بتحديث التطبيق خصيصا لمصر والإمارات للتغلب على الحظر؛ بحيث لو حاولت هذه الدولة حظر التطبيق مرة أخرى سيكون عليها منع الدخول موقع جوجل نفسه، بحسب بيان الشركة، وهو أمر يصعب الحظر مرة أخرى.
وأعلنت الشركة عن التحديث، عبر موقعها الرسمي، مع صورة من مصر وضعت عليها رسمين، أحدهما يعبر عن الحظر، والآخر يخرج لسانه، في إشارة لإخراجها لسانها للحظر في مصر والإمارات.
وبدأ التطبيق الذي كان موقوفًا بدأ بالفعل العمل منذ الجمعة 23 ديسمبر بشكل طبيعي في مصر، بعدما كان الدخول عليه قد تعرقل.
وصمم هذا التطبيق للحفاظ على الخصوصية؛ حيث يعتمد على التشفير من البداية إلى النهاية، بما يمنع اعتراض محادثات المستخدم من أي طرف ثالث، ويُستخدم من قبل الصحفيين والنشطاء لإجراء المكالمات الصوتية بجودة عالية، كما أنه مدعم التطبيق بخاصية الدردشة، التي تتيح للمستخدم التحدث مع أصدقائه بكل سهولة.
ويتوفر التطبيق بشكل مجاني، ويمكن تحميله من متاجر التطبيقات على هواتف آيفون وأندرويد، ويعمل بنفس طريقة واتس آب، إذ يتم التسجيل برقم الهاتف ليظهر لك أصدقاؤك المسجلين بالتطبيق.
ويمكن هذا التطبيق الصحفيين من خلال البحث عن المحتوى المرئي عن طريق موقع التواصل الاجتماعي "إنستجرام" على حسب الدولة، من الوصول للتدوينات المرتبطة بـ"هشتاج" معين أو حساب شخصي معين، أو مكان من خلال الخريطة التفاعلية.
فضلاً عن حفظ أي تدوينة على "فيسبوك" و"إنستجرام" سواء صور أو فيديوهات، لمساعدة الصحفي في كتابة المحتوى الخاص به، وتتيح له أخذ الكود الخاص بأي محتوى على أداة "سيجنال" واستخدامه في الموقع الخاص به.
كيف تجاوز "سيجنال" الرقابة؟
بحسب ما أوردته الشركة المُطوّرة لتطبيق سيجنال من تفاصيل عبر موقعها، فقط استخدمت تقنية النطاق الموجّه (Domain Froting) لتجاوز الرقابة عليه مصر والإمارات.
حيث فقد الشركة بالالتفاف حول الرقابة المفروضة على التطبيق عن طريق إخفاء حركة مرور البيانات بين المستخدم والتطبيق داخل اتصالات مُشفّرة بوساطة استخدام منصة Google App Engine، التي تم تصميمها لاستضافة التطبيقات على خوادم شركة جوجل.
حيث توفّر منصة جوجل إمكانية لمطوري البرمجيات وتطبيقات الهواتف الذكية من إعادة توجيه البيانات من النطاق google.com إلى أيّ نطاق آخر يريده المطوّر والعكس، بشكل آمن وغير ظاهر.
وبموجب هذا التطوير الجديد الذي طرحته Open Whisper Systems يُمكّن للمستخدمون في مصر والإمارات أن يستخدموا تطبيق سيجنال كما لو كانوا يستخدموا موقع محرك البحث جوجل، وأن على الحكومات التي تريد حجب سيجنال أن تحجب خدمات جوجل أولا.
تاريخ القيود المصرية على الانترنت
ووضعت مصر مؤخرًا قيودًا على مواقع التواصل، منها مشروع قانون جرائم الانترنت الجديد الذي يتكون من 59 مادة تضمن عقوبات رادعة لمرتكبي الجرائم عبر شبكة الإنترنت، ومشروع آخر لوزارة الداخلية لـ"رصد المخاطر اﻷمنية لشبكات التواصل الاجتماعي"، رفضت هيئة مفوضي الدولة، دعوى من "مؤسسة حرية الفكر والتعبير"، لوقف تنفيذه.
وفي أكتوبر الماضي أصدر المرصد المفتوح لاعتراضات الشبكات OONI، وهو معمل بحث تقني تابع لمتصفح «تور» Tor، تقريرًا لتحقيق أجروه بعدما لاحظوا شذوذًا في عمل الشبكات في مصر.
واتهم التقرير السلطات المصرية بحجب الدخول إلى عدد من المواقع، وخنقًا لاتصالات https، واضطراب اتصالات متصفح «تور»، باﻹضافة إلى تدفق عمدي لمواد إعلانية وبرمجيات خبيثة عبر هجوم "الشخص في الوسط"، أو ما يسمي بالإنجليزية Man-in-the-middle attack، يتم عبر شبكة تي إي داتا.
و«الشخص في الوسط» هو هجوم يسمح لها بالنفاذ إلى حزم البيانات أثناء تمريرها عبر الشبكة بين المُرسِل والمستَقبِل، بما يتضمن إمكانية الاطلاع على المحتوى الذي يقرؤه المستخدمون، وكذلك مراسلاتهم الخاصة، وبياناتهم الشخصية، وانتحال هويّات المواقع والأفراد، والاستحواذ على بيانات سريّة.
وفي مارس 2015، نشرت شركة جوجل بيانًا أعلنت فيه أن شركة مصرية أحدثت اختراقًا أمنيًا استشعره مهندسوها، عبارة عن استغلال الشهادة الرقمية لإجراء اعتداء إلكتروني من نوع "هجوم الشخص في الوسط".
بدائل ﻹجراء محادثات آمنة
وبرغم التغلب علي الحظر في مصر والامارات، قدم نشطاء طرح بدائل للتطبيق امنة في التراسل الالكتروني، والبرامج التي يجب تحميلها ليتم فك الحظر والتعامل مع التطبيق بشكل طبيعي، والتي سبق أن نبهتهم لها شركة Whisper Systems، ومنها استخدم Hola VPN من على غوغل.
وأبرز هذه البدائل من التطبيقات التي يمكنها تأدية نفس الوظيفة في إرسال واستقبال رسائل، كما طرحها نشطاء، وأحمد غربية، المتخصّص في تقنية المعلوماتية والخصوصية الرقمية هي:
(أولاً): تطبيق Telegram لكن الخبراء التقنيين لا ينصحون كثيرًا باستخدامه بسبب رفض أصحاب المشروع تحقيق مصدرهم الكودي.
(ثانيًا): تطبيق Ring «رينج وهو برنامج من تطبيقات التراسل السّري، يستخدم ﻹجراء المكالمات وتبادل الوسائط والمحادثات عبر تقنية تسمى Open distributed hash table أو OpenDHT، ولكنه أصعب قليلًا من استخدام برامج المحادثات العادية.
وميزته، بالإضافة إلى كونه حرّ مفتوح المصدر، أنّه لا يعتمد على خواديم مركزية لتمرير الرسائل بين المتراسلين.
(ثالثًا): تطبيق Silence الخاص برسائل SMS التقليدية ورسائل الميديا MMS، ويَستخدِمُ لتمرير الرسائلِ عبر شبكةَ الهاتف المحمول لا شبكةَ الإنترنت، وميزاته أنه يعمل بلا إنترنت، وحرّ مفتوح المصدر، الرسالة منه بنفس السعر المعتاد.
(رابعًا): تطبيق Rumble، وهو تطبيق يمرر الرسائل النَّصيّة مباشرة بين التلفونات المحمولة من جهاز إلى جهاز، ومفيد في الاعتصامات والإضرابات وفي المناطق التي ليست فيها شبكة تلفون محمول، أو قُطعت.
ويتميز بانه يعمل في حالات قطع الإنترنت كلّها وشبكات المحمول، كليا أو في مناطق محدّدة.
(خامسًا): تطبيق kontalk، وهو تطبيق محادثات يوفر وسيلة اتصال آمنة.
(سادسًا): تطبيق "واتس اب"،WhatsApp، الذي طبق مؤخرًا خدمة تشفير المحادثات، يظل هو البديل، ولكن مشكلته أنه يتبع فيسبوك ويخلو من امكانية التحقيق بين أطراف التحادث.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق