حرب السيسي على "موافي وشفيق وعنان وآل مبارك" قبل 2018.. تفاصيل صادمة!
15/03/2017 04:00 م
كتب محمد مصباح:
في محاولة لتعويم السيسي على الصعيد السياسي، لتمريره من انتخابات الرئاسة المقررة في 2018، التي ستكون كسابقتها بلا شرعية، ولا مشروعية، ولا منافسين.. بدأت أجهزة المخابرات عملية «هندسة» ما يسمى بالانتخابات الرئاسية القادمة "الهزلية" التي ستجرى في عام 2018، وتفصيلها على مقاس عبد الفتاح السيسي.
عصا "موسى"
ومؤخرا بدأت تلوح في الأفق حملات تظبيط الأجواء للسيسي، وذلك، عبر مداخلة تلفزيونية من الإعلامي المقرب من الأجهزة الأمنية، خاصة «المخابرات العامة»، أحمد موسى، مع اللواء مراد موافي، وقيام موسى بنشر بيان أكد فيه أن «موافي» اعتزل الحياة السياسية «تمامًا».
وقال «موافي» -في البيان الذي نشره «موسى»- «بداية.. أشكر كل شخص لديه نوايا طيبة تجاهي. ثانيًا: إنني اعتزلت العمل السياسى والتنفيذي ولست طامعًا فى أى شىء، وليس لدى استعداد للقيام بأي عمل سياسي أو تنفيذي وقد أديت الضريبة لكل وطني بكل نزاهة وأمانة واحترام وأحمد الله أنني قدمت لوطني كل ما يستحقه بأمانة وإخلاص وشرف حتى آخر وقت فى جميع المواقع التي كلفت بها».
وتابع: «ثالثًا.. لن أكون فى أي حزب سياسي الآن أو مستقبلًا أو أى وظيفة تنفيذية كما أننى لست فى حاجة لأية مناصب.. فقد أنهيت مهمتي على أكمل وجه، وتحملت مسئولية فى مرحلة صعبة للغاية. رابعًا.. أؤكد لا توجد لدي أي حملات كما يتردد عبر الإعلام، وأقول لمن يتطوع بمثل هذه الحملات كفاكم مزايدات على تاريخي، وأطلب من الجميع أن يتركوني في حالي كى أمارس حياتى كأي مواطن طبيعي».
بهذه الكلمات، أنهى اللواء مراد موافي، رئيس المخابرات العامة الأسبق، عمله السياسي، وانزوى بعيدًا عن ضجيج الحياة السياسية التي أصبحت «محفوفة» بالمخاطر، خاصة أن النظام الحالي لن يقبل بمعارضة سياسية، أو شخصيات تنافسه على إدارة الدولة، أو حتى مرشحين محتملين «أقوياء» في انتخابات الرئاسة.
ربما كانت تلك الكلمات للجنرال السابق، تكشف عن «زهده» في الحياة والعمل السياسي، أو حتى تولي المناصب السياسية، ولكن تبدو غير مقنعة لعدد كبير من المتابعين للشأن السياسي؛ فالرجل طرح اسمه كمرشح رئاسي في انتخابات 2014، قبل أن ينسحب ويفضل عدم الترشح أمام عبد الفتاح السيسي، وكانت تلك الانتخابات أقرب للاستفتاء منه للانتخابات.
اغتيال شفيق
الانسحاب المفاجئ للواء مراد موافي من العمل السياسي يثير الجدل؛ لا سيما أن هذا الاعتزال جاء بعد عودته من الإمارات، والحديث عن لقائه بالفريق أحمد شفيق، والتنسيق بينهما بشأن الانتخابات الرئاسية القادمة، وهو ما يطرح تساؤلا معتبرا:" هل مارست الأجهزة السياسية ضغوطًا على اللواء مراد موافي لينسحب من الحياة السياسية؟".
وهو ما يؤكد صحته مقربون من المرشح الرئاسي الخاسر بانتخاباات 2012، أحمد شفيق، مشيرين إلى لقاء جمع موافي وشفيق بشأن اتفاقهما على تدشين جبهة موحدة ضد السيسي في انتخابات رئاسية، وهو الأمر الذي ربما يكون سببًا في غضب «الأجهزة السيادية» من اللواء مراد موافي، والتدخل لإجباره على اعتزال العمل السياسي.
كما أنه من المعروف في الأوساط العسكرية، أن اللواء مراد موافي، الذي خرج من رئاسة المخابرات العامة عام 2012، بعد قتل 16 جنديًا في شهر رمضان، في سيناء.. ولموافي عداوات مع قيادات عسكرية بارزة، مثل المشير محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع الأسبق، كان سببها أن «موافي» فكر في الانتخابات الرئاسية عام 2014، ورفض إعلان دعم سامي عنان، رئيس الأركان الأسبق، حال عدم خوض «السيسي» للانتخابات الرئاسية.
آل مبارك
وفي سياق متصل، دخلت مصر، بعد حكم التبرئة النهائي الصادر يوم الخميس الماضي بحق المخلوع حسني مبارك، فصلاً حساساً في معركة رسم صورة مستقبلية لتنافس حامي الوطيس على حكم مصر بين جبهتين عريضتين: عبدالفتاح السيسي، وأفراد أسرة الرئيس المخلوع حسني مبارك، في ظل تراجع دور الأحزاب والقوى السياسية وتنامي سيطرة الجيش على الحياة الاقتصادية. وتبرئة مبارك تندرج ضمن ثلاثة عوامل رئيسية شهدتها الساحة السياسية المصرية مؤخراً في إطار هذا الصراع بين المعسكرين المسيطرين على ما يسمى "الدولة العميقة".
العامل الأول هو ما تدفع في اتجاهه بعض الأجهزة المحيطة بالسيسي لتعديل الدستور لتمديد الفترة الرئاسية الحالية له لتصبح 6 أو 7 سنوات، بحجة معلنة هي أن فترة السنوات الأربع التي تنتهي في يونيو 2018 وتنص المادة 140 من الدستور عليها، لا تكفي لتنفيذ برنامج السيسي. أما الحجج الحقيقية التي تنقلها مصادر حكومية مطلعة تتمثل في أن الدولة لم تعد تفرض سيطرتها بالكامل على سيناء مع استمرار المعارك الميدانية مع تنظيم ولاية سيناء، وهو ما يجعل من الصعب بل من المستحيل إجراء انتخابات رئاسية بعد أقل من عام، بينما لا تستطيع الدولة التنبؤ بموعد نهائي للانتهاء من العمليات العسكرية هناك.
ويستند الراغبون في إرجاء الانتخابات أيضاً إلى ضعف شعبية السيسي حالياً مع عدم وضوح المكاسب الاقتصادية التي وعد بها من برنامج الإصلاح الاقتصادي، واستمرار ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم، بالتوازي مع تراجع شعبيته في صفوف مؤيديه بسبب قضية تيران وصنافير والتنسيق العسكري والاستخباراتي مع إسرائيل، وغيرها من الخطوات السياسية التي أثارت ضده المعسكر الناصري والمؤمن بدور الجيش في الدولة المصرية، بالإضافة إلى فشل السيسي حتى الآن في مواجهة الإرهاب وتحجيمه.
وعلى الرغم من أن النائب إسماعيل نصرالدين الذي كان قد اقترح هذا التعديل الدستوري قد أعلن إرجاء طرحه رسمياً، إلا أن المؤشرات تؤكد عودة هذا المقترح للضوء مجدداً في فرصة مواتية، خاصة وأنه حاز تأييد الإعلاميين المساندين للنظام. ولم يبد نواب الأكثرية النيابية (دعم مصر) التي تديرها الدائرة المخابراتية-الرقابية المحيطة بالسيسي أي معارضة لهذا المقترح. وإذا أقر البرلمان هذا المقترح قبل بدء إجراءات الانتخابات الرئاسية رسمياً في الربع الأول من العام المقبل، فإن الانتخابات ستؤجل حتماً إلى عام 2020 أو 2021 حسب المدة التي يرغبها السيسي، أو يراها كافية قبل خوض منافسة جديدة.
أما العامل الثاني فهو حصول مبارك على براءة نهائية وباتة من تهمة قتل المتظاهرين خلال أحداث ثورة يناير، بالتزامن مع ارتفاع في مؤشرات شعبيته هو ونجليه علاء وجمال بسبب ضعف أداء السيسي اقتصادياً وأمنياً وسياسياً، وهو ما تعكسه الصفحات الإلكترونية المؤيدة لصعود أحدهما لمنصب الرئاسة عاجلاً أم آجلاً، بل وصل الأمر حد إشادة بعض الخصوم التاريخيين لأسرة مبارك بها، خاصة لالتزام علاء وجمال الصمت الاختياري في انتظار حسم قضية والدهم، وحرصهم على حضور المناسبات الاجتماعية وآخرها حضور علاء مبارك عزاء والد اللاعب الشهير محمد أبوتريكة الذي أدرجه نظام السيسي على قائمة الإرهاب.
وحصول مبارك على البراءة تعني قانوناً أنه ونجليه سيستردون حقوقهم السياسية خلال عامي 2020 و2021 (الفترة ذاتها التي قد تؤجل إليها الانتخابات الرئاسية بالتعديل الدستوري المقترح) وذلك بمضي 6 سنوات على تاريخ انقضاء 3 سنوات لكل منهم في السجن كعقوبة نهائية في قضية الفساد المالي المعروفة إعلامياً بـ"القصور الرئاسية"، مع إمكانية أن يستردوا هذه الحقوق قبل هذا الموعد إذا قبلت المحكمة دعواهم المزمع إقامتها لرد اعتبارهم.
وحسب تقديرات سياسية، لا يبدو مبارك راغباً أو قادراً على مزاولة النشاط السياسي، لكن علاء وجمال –وبصفة خاصة الأخير- ما زالا يحملان الكثير من الطموح السياسي والاقتصادي، لا سيما وأنهما يحظيان بشعبية لا تنكر، وبعلاقات وطيدة ليس فقط مع قيادات الجهاز الحكومي والحزب الوطني المنحل والمحليات والإعلام، بل كذلك بالعديد من قيادات الأجهزة الأمنية والمخابرات، خاصة من استطاعوا الحفاظ على مناصبهم ولم تنل منهم قرارات السيسي التي غيرت بصورة شبه كاملة تكوين هذه الأجهزة، وأحكمت سيطرة أتباعه من ضباط المخابرات الحربية على جهازي المخابرات العامة والرقابة الإدارية.
أما العامل الثالث فهو الحراك الجديد المتمثل في رغبة نظام السيسي في استمالة بعض الكفاءات المحسوبة على نظام مبارك، والقريبة شخصياً من جمال مبارك، وهو حراك معاكس للاتجاه السابق للنظام الذي كان مخاصماً لهذه الكفاءات ومصراً على تهميشها، والاستعانة فقط بأفراد الصفين الثاني والثالث من نظام مبارك وحكومة الجناح النيوليبرالي من الحزب الوطني المنحل. ويمكن رسم صورة واضحة لهذا الحراك بمتابعة بعض الأحداث خلال الشهور الثلاثة الأخيرة، كالتصالح مع وزير الصناعة الأسبق رشيد محمد رشيد تمهيداً لإعادته لمصر، ومغازلة وزير الاستثمار الأسبق محمود محي الدين نائب رئيس البنك الدولي حالياً، وأخيراً استضافة وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي على شاشة القناة الرسمية للدائرة المخابراتية-الرقابية الخاصة بالسيسي، والتي يديرها شخصياً مدير مكتبه عباس كامل.
ويرى مصدر مطلع في إحدى الوزارات السيادية، في تصريحات صحفية، أن هذه التحركات الرسمية من نظام السيسي تعكس فقط قلق النظام من التواصل بين جمال مبارك وبين شخصيات على درجة من الكفاءة أو الشعبية، واستمالة تلك الشخصيات للنظام الحالي حتى وإن لم تلعب دوراً رسمياً.
ويؤكد المصدر أن قلق السيسي شخصياً من عودة أسرة مبارك بأذرعها المالية والإعلامية وتابعيها في مؤسسات الدولة هو سبب تأكيده الدائم على أن المشاكل التي تشهدها مصر هي حصيلة سياسات "العهود السابقة" أو "30 عاماً" قاصداً بذلك فترة حكم مبارك، وأن هذا القلق يترجم برفض حاسم لعودة جمال مبارك أو المقربين منه للمشهد السياسي في صورة أحزاب أو جمعيات. كما يرجع هذا القلق إلى ترك قضية الكسب غير المشروع الخاصة بمبارك ونجليه مفتوحة حتى الآن من دون حسم بالاتهام أو الحفظ على مدار 6 سنوات من بدء التحريات بشأنها، استعداداً لاستخدامها في أي مواجهة سياسية.
ساويرس وأحمد عز
وكان مصدر في وزارة العدل قد كشف في تصريحات صحفية، في سبتمبر الماضي أن "دائرة السيسي رصدت تحركات لجمال مبارك، واتصالات مع عدد من رجال الأعمال منهم ناصف ساويرس الذي كان عضواً بأمانة قطاع الأعمال بالحزب الوطني الحاكم سابقاً، وكذلك أحمد عز الذي أجهض النظام محاولات ترشحه للبرلمان، ورجال أعمال آخرين محدودي مجالات الاستثمار كانوا جميعاً أعضاء ونوابا عن الحزب الوطني المنحل، وتم رصد شروع بعضهم في استثمار أمواله في مشروعات إعلامية من المحتمل استخدامها للترويج لجمال مبارك كمرشح قادم لرئاسة الجمهورية".
وبين تلك الصراعات، تبقى آلام المواطن المصري متصاعدة، بسبب الأزمات الاقتصادية التي لا تنتهي، وعدم استشعار دائرة السيسي بالآلام الحقيقية للمواطنين، بدليل خروج لواءات السيسي كمحمود منصور، منتقدا المواطن الذي يبحث عن التموين والخبز المدعم، منتقدا تخزين 3 زجاجات زيت بالنملية!!
في محاولة لتعويم السيسي على الصعيد السياسي، لتمريره من انتخابات الرئاسة المقررة في 2018، التي ستكون كسابقتها بلا شرعية، ولا مشروعية، ولا منافسين.. بدأت أجهزة المخابرات عملية «هندسة» ما يسمى بالانتخابات الرئاسية القادمة "الهزلية" التي ستجرى في عام 2018، وتفصيلها على مقاس عبد الفتاح السيسي.
عصا "موسى"
ومؤخرا بدأت تلوح في الأفق حملات تظبيط الأجواء للسيسي، وذلك، عبر مداخلة تلفزيونية من الإعلامي المقرب من الأجهزة الأمنية، خاصة «المخابرات العامة»، أحمد موسى، مع اللواء مراد موافي، وقيام موسى بنشر بيان أكد فيه أن «موافي» اعتزل الحياة السياسية «تمامًا».
وقال «موافي» -في البيان الذي نشره «موسى»- «بداية.. أشكر كل شخص لديه نوايا طيبة تجاهي. ثانيًا: إنني اعتزلت العمل السياسى والتنفيذي ولست طامعًا فى أى شىء، وليس لدى استعداد للقيام بأي عمل سياسي أو تنفيذي وقد أديت الضريبة لكل وطني بكل نزاهة وأمانة واحترام وأحمد الله أنني قدمت لوطني كل ما يستحقه بأمانة وإخلاص وشرف حتى آخر وقت فى جميع المواقع التي كلفت بها».
وتابع: «ثالثًا.. لن أكون فى أي حزب سياسي الآن أو مستقبلًا أو أى وظيفة تنفيذية كما أننى لست فى حاجة لأية مناصب.. فقد أنهيت مهمتي على أكمل وجه، وتحملت مسئولية فى مرحلة صعبة للغاية. رابعًا.. أؤكد لا توجد لدي أي حملات كما يتردد عبر الإعلام، وأقول لمن يتطوع بمثل هذه الحملات كفاكم مزايدات على تاريخي، وأطلب من الجميع أن يتركوني في حالي كى أمارس حياتى كأي مواطن طبيعي».
بهذه الكلمات، أنهى اللواء مراد موافي، رئيس المخابرات العامة الأسبق، عمله السياسي، وانزوى بعيدًا عن ضجيج الحياة السياسية التي أصبحت «محفوفة» بالمخاطر، خاصة أن النظام الحالي لن يقبل بمعارضة سياسية، أو شخصيات تنافسه على إدارة الدولة، أو حتى مرشحين محتملين «أقوياء» في انتخابات الرئاسة.
ربما كانت تلك الكلمات للجنرال السابق، تكشف عن «زهده» في الحياة والعمل السياسي، أو حتى تولي المناصب السياسية، ولكن تبدو غير مقنعة لعدد كبير من المتابعين للشأن السياسي؛ فالرجل طرح اسمه كمرشح رئاسي في انتخابات 2014، قبل أن ينسحب ويفضل عدم الترشح أمام عبد الفتاح السيسي، وكانت تلك الانتخابات أقرب للاستفتاء منه للانتخابات.
اغتيال شفيق
الانسحاب المفاجئ للواء مراد موافي من العمل السياسي يثير الجدل؛ لا سيما أن هذا الاعتزال جاء بعد عودته من الإمارات، والحديث عن لقائه بالفريق أحمد شفيق، والتنسيق بينهما بشأن الانتخابات الرئاسية القادمة، وهو ما يطرح تساؤلا معتبرا:" هل مارست الأجهزة السياسية ضغوطًا على اللواء مراد موافي لينسحب من الحياة السياسية؟".
وهو ما يؤكد صحته مقربون من المرشح الرئاسي الخاسر بانتخاباات 2012، أحمد شفيق، مشيرين إلى لقاء جمع موافي وشفيق بشأن اتفاقهما على تدشين جبهة موحدة ضد السيسي في انتخابات رئاسية، وهو الأمر الذي ربما يكون سببًا في غضب «الأجهزة السيادية» من اللواء مراد موافي، والتدخل لإجباره على اعتزال العمل السياسي.
كما أنه من المعروف في الأوساط العسكرية، أن اللواء مراد موافي، الذي خرج من رئاسة المخابرات العامة عام 2012، بعد قتل 16 جنديًا في شهر رمضان، في سيناء.. ولموافي عداوات مع قيادات عسكرية بارزة، مثل المشير محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع الأسبق، كان سببها أن «موافي» فكر في الانتخابات الرئاسية عام 2014، ورفض إعلان دعم سامي عنان، رئيس الأركان الأسبق، حال عدم خوض «السيسي» للانتخابات الرئاسية.
آل مبارك
وفي سياق متصل، دخلت مصر، بعد حكم التبرئة النهائي الصادر يوم الخميس الماضي بحق المخلوع حسني مبارك، فصلاً حساساً في معركة رسم صورة مستقبلية لتنافس حامي الوطيس على حكم مصر بين جبهتين عريضتين: عبدالفتاح السيسي، وأفراد أسرة الرئيس المخلوع حسني مبارك، في ظل تراجع دور الأحزاب والقوى السياسية وتنامي سيطرة الجيش على الحياة الاقتصادية. وتبرئة مبارك تندرج ضمن ثلاثة عوامل رئيسية شهدتها الساحة السياسية المصرية مؤخراً في إطار هذا الصراع بين المعسكرين المسيطرين على ما يسمى "الدولة العميقة".
العامل الأول هو ما تدفع في اتجاهه بعض الأجهزة المحيطة بالسيسي لتعديل الدستور لتمديد الفترة الرئاسية الحالية له لتصبح 6 أو 7 سنوات، بحجة معلنة هي أن فترة السنوات الأربع التي تنتهي في يونيو 2018 وتنص المادة 140 من الدستور عليها، لا تكفي لتنفيذ برنامج السيسي. أما الحجج الحقيقية التي تنقلها مصادر حكومية مطلعة تتمثل في أن الدولة لم تعد تفرض سيطرتها بالكامل على سيناء مع استمرار المعارك الميدانية مع تنظيم ولاية سيناء، وهو ما يجعل من الصعب بل من المستحيل إجراء انتخابات رئاسية بعد أقل من عام، بينما لا تستطيع الدولة التنبؤ بموعد نهائي للانتهاء من العمليات العسكرية هناك.
ويستند الراغبون في إرجاء الانتخابات أيضاً إلى ضعف شعبية السيسي حالياً مع عدم وضوح المكاسب الاقتصادية التي وعد بها من برنامج الإصلاح الاقتصادي، واستمرار ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم، بالتوازي مع تراجع شعبيته في صفوف مؤيديه بسبب قضية تيران وصنافير والتنسيق العسكري والاستخباراتي مع إسرائيل، وغيرها من الخطوات السياسية التي أثارت ضده المعسكر الناصري والمؤمن بدور الجيش في الدولة المصرية، بالإضافة إلى فشل السيسي حتى الآن في مواجهة الإرهاب وتحجيمه.
وعلى الرغم من أن النائب إسماعيل نصرالدين الذي كان قد اقترح هذا التعديل الدستوري قد أعلن إرجاء طرحه رسمياً، إلا أن المؤشرات تؤكد عودة هذا المقترح للضوء مجدداً في فرصة مواتية، خاصة وأنه حاز تأييد الإعلاميين المساندين للنظام. ولم يبد نواب الأكثرية النيابية (دعم مصر) التي تديرها الدائرة المخابراتية-الرقابية المحيطة بالسيسي أي معارضة لهذا المقترح. وإذا أقر البرلمان هذا المقترح قبل بدء إجراءات الانتخابات الرئاسية رسمياً في الربع الأول من العام المقبل، فإن الانتخابات ستؤجل حتماً إلى عام 2020 أو 2021 حسب المدة التي يرغبها السيسي، أو يراها كافية قبل خوض منافسة جديدة.
أما العامل الثاني فهو حصول مبارك على براءة نهائية وباتة من تهمة قتل المتظاهرين خلال أحداث ثورة يناير، بالتزامن مع ارتفاع في مؤشرات شعبيته هو ونجليه علاء وجمال بسبب ضعف أداء السيسي اقتصادياً وأمنياً وسياسياً، وهو ما تعكسه الصفحات الإلكترونية المؤيدة لصعود أحدهما لمنصب الرئاسة عاجلاً أم آجلاً، بل وصل الأمر حد إشادة بعض الخصوم التاريخيين لأسرة مبارك بها، خاصة لالتزام علاء وجمال الصمت الاختياري في انتظار حسم قضية والدهم، وحرصهم على حضور المناسبات الاجتماعية وآخرها حضور علاء مبارك عزاء والد اللاعب الشهير محمد أبوتريكة الذي أدرجه نظام السيسي على قائمة الإرهاب.
وحصول مبارك على البراءة تعني قانوناً أنه ونجليه سيستردون حقوقهم السياسية خلال عامي 2020 و2021 (الفترة ذاتها التي قد تؤجل إليها الانتخابات الرئاسية بالتعديل الدستوري المقترح) وذلك بمضي 6 سنوات على تاريخ انقضاء 3 سنوات لكل منهم في السجن كعقوبة نهائية في قضية الفساد المالي المعروفة إعلامياً بـ"القصور الرئاسية"، مع إمكانية أن يستردوا هذه الحقوق قبل هذا الموعد إذا قبلت المحكمة دعواهم المزمع إقامتها لرد اعتبارهم.
وحسب تقديرات سياسية، لا يبدو مبارك راغباً أو قادراً على مزاولة النشاط السياسي، لكن علاء وجمال –وبصفة خاصة الأخير- ما زالا يحملان الكثير من الطموح السياسي والاقتصادي، لا سيما وأنهما يحظيان بشعبية لا تنكر، وبعلاقات وطيدة ليس فقط مع قيادات الجهاز الحكومي والحزب الوطني المنحل والمحليات والإعلام، بل كذلك بالعديد من قيادات الأجهزة الأمنية والمخابرات، خاصة من استطاعوا الحفاظ على مناصبهم ولم تنل منهم قرارات السيسي التي غيرت بصورة شبه كاملة تكوين هذه الأجهزة، وأحكمت سيطرة أتباعه من ضباط المخابرات الحربية على جهازي المخابرات العامة والرقابة الإدارية.
أما العامل الثالث فهو الحراك الجديد المتمثل في رغبة نظام السيسي في استمالة بعض الكفاءات المحسوبة على نظام مبارك، والقريبة شخصياً من جمال مبارك، وهو حراك معاكس للاتجاه السابق للنظام الذي كان مخاصماً لهذه الكفاءات ومصراً على تهميشها، والاستعانة فقط بأفراد الصفين الثاني والثالث من نظام مبارك وحكومة الجناح النيوليبرالي من الحزب الوطني المنحل. ويمكن رسم صورة واضحة لهذا الحراك بمتابعة بعض الأحداث خلال الشهور الثلاثة الأخيرة، كالتصالح مع وزير الصناعة الأسبق رشيد محمد رشيد تمهيداً لإعادته لمصر، ومغازلة وزير الاستثمار الأسبق محمود محي الدين نائب رئيس البنك الدولي حالياً، وأخيراً استضافة وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي على شاشة القناة الرسمية للدائرة المخابراتية-الرقابية الخاصة بالسيسي، والتي يديرها شخصياً مدير مكتبه عباس كامل.
ويرى مصدر مطلع في إحدى الوزارات السيادية، في تصريحات صحفية، أن هذه التحركات الرسمية من نظام السيسي تعكس فقط قلق النظام من التواصل بين جمال مبارك وبين شخصيات على درجة من الكفاءة أو الشعبية، واستمالة تلك الشخصيات للنظام الحالي حتى وإن لم تلعب دوراً رسمياً.
ويؤكد المصدر أن قلق السيسي شخصياً من عودة أسرة مبارك بأذرعها المالية والإعلامية وتابعيها في مؤسسات الدولة هو سبب تأكيده الدائم على أن المشاكل التي تشهدها مصر هي حصيلة سياسات "العهود السابقة" أو "30 عاماً" قاصداً بذلك فترة حكم مبارك، وأن هذا القلق يترجم برفض حاسم لعودة جمال مبارك أو المقربين منه للمشهد السياسي في صورة أحزاب أو جمعيات. كما يرجع هذا القلق إلى ترك قضية الكسب غير المشروع الخاصة بمبارك ونجليه مفتوحة حتى الآن من دون حسم بالاتهام أو الحفظ على مدار 6 سنوات من بدء التحريات بشأنها، استعداداً لاستخدامها في أي مواجهة سياسية.
ساويرس وأحمد عز
وكان مصدر في وزارة العدل قد كشف في تصريحات صحفية، في سبتمبر الماضي أن "دائرة السيسي رصدت تحركات لجمال مبارك، واتصالات مع عدد من رجال الأعمال منهم ناصف ساويرس الذي كان عضواً بأمانة قطاع الأعمال بالحزب الوطني الحاكم سابقاً، وكذلك أحمد عز الذي أجهض النظام محاولات ترشحه للبرلمان، ورجال أعمال آخرين محدودي مجالات الاستثمار كانوا جميعاً أعضاء ونوابا عن الحزب الوطني المنحل، وتم رصد شروع بعضهم في استثمار أمواله في مشروعات إعلامية من المحتمل استخدامها للترويج لجمال مبارك كمرشح قادم لرئاسة الجمهورية".
وبين تلك الصراعات، تبقى آلام المواطن المصري متصاعدة، بسبب الأزمات الاقتصادية التي لا تنتهي، وعدم استشعار دائرة السيسي بالآلام الحقيقية للمواطنين، بدليل خروج لواءات السيسي كمحمود منصور، منتقدا المواطن الذي يبحث عن التموين والخبز المدعم، منتقدا تخزين 3 زجاجات زيت بالنملية!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق