هل تعمد "الطيب" هدم نظرية السيسي والكنيسة حول "الإرهاب الإسلامي"؟
04/03/2017 09:58 م
قبل عقد مؤتمر "الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل"، الذي عقده الأزهر الشريف في الفترة من 28 فبراير إلى 1 مارس 2017م، بمشاركة قرابة 50 دولة، طرحت العديد من التساؤلات حول توقيته وأسبابه وأهدافه، وأسباب حشر اسم "مجلس حكماء المسلمين" الذي أسسته الإمارات لمنافسة هيئة علماء المسلمين للشيخ القرضاوي.
ومع أن توصيات المؤتمر جاءت مناسبة للزفة التي سبقت المؤتمر، إلا أن المتفحص لكلمة شيخ الأزهر أحمد الطيب، التي جاءت حادة وصادمة للوفود المسيحية والرسمية، سوف يلحظ بوضوح أن الكلمة جاءت كرد فعل على نظرية السيسي التي يسعى لترويجها دوما، وكررها في لقائه مع المستشارة الألمانية، أول أمس، من ادعائه بأن مشاكل العالم سببها "الإرهاب الإسلامي".
فقد تصور كثيرون أن اجتماع شيخ الأزهر بالسيسي، قبل عقد المؤتمر، هو تبريد للخلافات بينهما، التي تتلخص في سعي السيسي للتدخل في كل شيء بما فيه الدين، مثل الإفتاء بحرمة الطلاق الشرعي، ورفض شيخ الأزهر سحب الاختصاص الديني من المشيخة.
ولكن جاءت كلمة شيخ الأزهر لتطرح عدة تساؤلات حول ما إذا كان الطيب تعمد إحراج السيسي والرد على تصريحات قيادات الكنيسة والغرب بشأن ادعاءات "الإرهاب الإسلامي"، والتغاضي عن الإرهاب المسيحي واليهودي.
فقد هدم شيخ الأزهر بكلمته نظرية الإرهاب الإسلامي، التي ظل السيسي يروج لها لينال رضا الغرب و"الرز"، وقال الطيب إنه لا يوجد إرهاب إسلامي، واتهم الغرب ومجموعات مسيحية ويهودية وعلمانية بتبني الإرهاب وتغاضي الغرب عنهم.
شيخ الأزهر قال في كلمته: إن "الإرهاب والعنف المسيحي واليهودي ضد المسلمين يمر في بقاع الدنيا بردًا وسلامًا على العالم الغربي".
وكان السيسي قد تحدث في أكثر من مناسبة عما وصفه بـ"التطرف والإرهاب" المنسوب للمسلمين، وهاجم الإسلام والمسلمين في ذكرى المولد النبوي عام 2015، مدعيا أن "هناك نصوصا تم تقديسها على مدار مئات السنين تعادي الدنيا كلها"، متسائلًا: "يعني 1.6 مليار هيقتلوا الدنيا كلها اللي فيها 7 مليار علشان يعيشوا هم؟"، وذلك في ربط واضح بين الإرهاب والإسلام.
وظهر خلال كلمات المؤتمر خلافات في الرؤى، حيث حمل شيخ الأزهر في كلمته الغرب وتيارات علمانية وملحدة أسباب التوترات والصراعات والحروب، وهاجم ازدواجية الغرب في اتهام الإسلام بالتطرف، وأنه هو "أداة التدمير"، وإغفال "صور العنف المسيحي واليهودي".
فيما تركزت كلمات بعض الشخصيات والوفود الأخرى على تكرار اتهام "الإرهاب"، والتطرف الإسلامي بالمسئولية، والدعوة لتجديد الخطاب الديني.
وتحدث البابا تواضروس الثاني في كلمته عن أن "مصر والمنطقة العربية عانت- وما زالت تعاني- من الفكر المتطرف الناتج عن الفهم الخاطئ للدين، الذي أدى إلى عنف وإجرام وارهاب".
وفي تعليق ضمني على نزوح مسيحيي العريش، زعم أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن مسيحيي الشرق "يتعرضون لخطة ممنهجة تهدف لإفراغ بلادهم منهم".
توقيت المؤتمر
جاء عقده بالتزامن مع أزمة نزوح قرابة 135 أسرة مسيحية من سيناء، ولذلك تناولت مناقشاته "العيش المشترك ومحاربة الطائفية"، وحرص الأزهر على إبراز ترتيبه مع الكنيسة الأرثوذوكسية المصرية، وأهمية "التعايش المشترك بين المسلمين والمسيحيين".
كما جاء عقب لقاء مفاجئ بين قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي وشيخ الأزهر، بعد أزمة "الطلاق الشفوي"، وكرر خلاله السيسي– بحسب بيان رئاسة الانقلاب – طلبه "محاربة الفكر المتطرف من خلال تجديد الخطاب الديني".
لماذا الإمارات وكنائس الشرق الأوسط؟
حرصت الصفحة الرسمية للأزهر ومفتي مصر، خلال كلمته، على إبراز دور "مجلس حكماء المسلمين" الذي تموله الإمارات، والتي سبق أن رتبت مؤتمرا مشابها مع مجلس الكنائس العالمي، 30 سبتمبر و1 أكتوبر 2015 في سويسرا، حضره شيخ الأزهر أيضا.
وتأسس مجلس حكماء المسلمين في أبوظبي، في يوليه 2014، بهدف "تعزيز السلم في العالم الإسلامي وتولى رئاسته الشيخ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والشيخ عبد الله بن بيه.
ولكن تقارير أخرى- منها تقرير للكاتب البريطاني "جيمس دورسي" بموقع Your Middle East- ترى أن تأسيس مجلس حكماء المسلمين (MCE) جاء لمواجهة "اتحاد علماء المسلمين" الذي يقوده الشيخ القرضاوي، وأن هدفه هو "تعزيز قبول المسلمين السنة بالطاعة للحاكم"، على عكس مجلس القرضاوي الذي دعم الربيع العربي.
الكنيسة تراجع مناهج الأزهر!
وفضح "الأنبا آرميا"، عضو المجمع المقدس بالكنيسة الأرثوذكسية، ما يجري في الكواليس، قائلا: إن "لجنة التعليم ببيت العائلة المصرية راجعت مناهج وزارة التربية والتعليم، وأوضحت تعليقاتها عليها، ولكن لم تعرض علينا المناهج الأزهرية لمراجعتها"، في إشارة إلى احتمال وجود تطرف بها، وضرورة تجديد خطابها، ما أثار انتقادات على مواقع التواصل.
وهو ما يمثل تطورا خطيرا، حيث تسعى كنيسة الأقلية في مصر لمراجعة مناهج الأزهر الذي يمثل الأغلبية المسلمة، وهو ما كان ليحدث لولا تجرؤ السيسي على الأزهر والعلماء والدين الإسلامي.
وهو ما يمثل تطورا خطيرا، حيث تسعى كنيسة الأقلية في مصر لمراجعة مناهج الأزهر الذي يمثل الأغلبية المسلمة، وهو ما كان ليحدث لولا تجرؤ السيسي على الأزهر والعلماء والدين الإسلامي.
وجاءت كلمة شيخ الأزهر تنتقد ظاهرة الإسلاموفوبيا، حيث تحدث عن "الكيل بمكيالين، بين المحاكمة العالمية للإسلام من جانب، وللمسيحية واليهودية من جانب آخر".
واتهم شيخ الأزهر الغرب بالازدواجية، وأنه يشوه صورة الإسلام ويتجاهل التطرف المسيحي واليهودي"، بقوله: "لقد مرت بسلام أبشع صور العنف المسيحي واليهودي في فصلٍ تامٍ بين الدِّين والإرهاب.. وتورط بعض المؤسسات الدينية في إبادة واغتصاب ما يزيد عن مائتي ألفٍ من مسلمي ومسلمات البوسنة، بينما يُحبس الإسلام وحده في قفص الاتهام وتتم إدانته".
لا جدال على أن شيخ الأزهر يده ملوثة بدماء ضحايا نظام السيسي، الذين قتلوا بدم بارد بمباركة الشيخ للانقلاب، وصمته على المجازر، ولا يجب أن يفسر خطابه الأخير على أنه صحوة متأخرة بقدر ما هي محاولة للإبقاء على مؤسسته "الأزهر" مستقلة نسبيا عن تغول السيسي عليها.
ولكن مجرد تصور أن يكون خطابه تحديا للسيسي كما تحداه في مسألة الطلاق الشفوي، تشير إلى مزيد من التفكك لنظام الانقلاب، وانقلاب المتحالفين على بعضهم البعض، حين يعض طرف يد طرف آخر أو يتعدى عليها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق